إنت مالك ومالو؟!
فإذا تعرض لك (شافع صغير) وحاولت التصدي له سينبري لك بعضهم وهم يقولون لك:
ــ (عيب كده، الزول ده زي ولدك يا خي)..!
ولو كان ظالمك كبير السن عظيم البطش ضيق الصدر واسع البطن، سيتدخل ناس (باركوها يا جماعة) طالبين منك رفع يدك عنه وهم ينثرون على عينيك رماد التراث السوداني قائلين:
ــ (الزول ده قدر أبوك، إنت ما تحترمو يا ولد)؟!
ستأكل (حقارة الناس في حنانك) وترفع يدك لله شاكياً وأنت تقول في سرّك: (إن شاءالله يموت)..!
قد يموت ظالمك اليوم أو غداً أو حتى (بعد بكرة)، المهم أنه سيختبئ بين ضلفتي قبر بين يدي الخالق ذات يوم يحسبه بعيداً وهو عند الله مقدر ومسطر، فإياك أن تحاول فتح فمك للتعرض له (لامن يموت)، (لأنو الكلام ده عيب).
بربكم متى سأتكلم والتراث السوداني يردعني منذ أن كان الظلم يرقة ثم شرنقة وحشرة ضارة؟!
ومن جلائط الأمثال السودانية التي نعبد أصنامها دون تدبير، ما يهزم القيم التي ندعّي بأننا أحرص خلق الله عليها، فبربكم كيف تكون من أهل الحارة وأنت الذي (حتشيل شيلتك من دار أبوك لو خربت)؟!
وأنت أيها السوداني الشهم، تعتقد وجوباً بأنه (لو غلبك سدها وسّع قدها)، وهذا المثل بالتحديد هو الذي أوجعني حين بعث لي قارئ من الحاج يوسف بالخرطوم بحري يقول بأن بعض (أهل الحارة) كانوا يقودون سيارتهم في سرعة (زي الشيطان اللاحق جن)، ودهسوا صديقاً له حتى تناثر دمه بين قبائل (حفر الزلط)، فهبط الجناة الأشاوس من سيارتهم في خوف لمعاينة الطالب وهو مجندل في دمائه، فحسبوه (مات خلاص وما حينفع تاني)، ولأنهم فجأة تذكروا المثل (لو غلبك سدها وسّع قدها)، حملوا الجريح في السيارة وأختفوا به بين سيقان السيارات الكثيفة في غابة الزلط.
المارة المساكين حسبوا أن (أهل الحارة ديل) سيسعفون الجريح للمستشفى، لكن هيهات، ذهبوا به لمقابر طرفية وألقوا به هناك وهي حي..!
ولأن مثلاً آخر يحاصر الناس الشهمين من التدخل، كان الشاب ينزف في المقابر وكلمّا يقترب منه البعض لإنقاذه ينبري له أولاد الحلال محذرين: (يازول أنت مالك ومالو)؟!
المهم، ربنا كريم، الزول بقى كويس هسّع، ولا نامت أعين (أهل الحارة)..!
آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]