وجدي الكردي

خط الإشتهاء..!


خط الإشتهاء..!
مثل نشّال حديث عهد بجيوب المساكين، كأنما تعلّم الشغلانة (أمبارح)، أعاد ضبط الريموت لقناة الجزيرة بأصابع مرتجفة حين شاهدني أدخل عليه مكتبه العامر بالإيمان والتقوى و(الباب الجانبي) المختبئ خلف الستائر الكثيفة..!

تنحنح مدعياً الجدية حتى كادت (رقبة) قصبته الهوائية أن تنكسر من شدة السعال، وهو ضرب من (تدليك الصوت)، أو تخشينه لزوم التحدث بغلظة على طريقة الأدعياء من رجال الدين على المنابر، أو كأصوات مقدمي برنامج (وجه النهار)، هل تذكرون ذلك البرنامج الذي كان يسد شرايين القلب من ثقالته؟!

كان مضيفي يتحدث إليّ كأنما يشكو من (سلس بول) في حلقه، يلقي في وجهي بكلمة، ثم يرفع عينيه من تحت رموشه المصبوغة في عناية ليلقي بنظرة على شاشة الجزيرة لإضفاء المزيد من الهيبة والأهمية لنفسه، رغم أنه (شوف عيني)، شاهدت وأنا أدخل عليه ـ قبل أن يخطف الريموت ـ صدر المغنية نانسي عجرم تكاد تنفجر من تحت الشاشة وهي تتلوى مثل قطار من الصوف على قضبان من حرير..!

خرجت منه وأنا أكاد أبصق عليه، وعلى سكرتيرته الملفوفة في عباية سوداء فشلت وهي تلملم أطرافها في إخفاء (بضاعتها السايبة) من تحتها وبين (الزرارة) والأخرى مسافة تكفي كي تبيض فيها العيون الخبيثة وتفرخ.فبالله كيف تحتمل أجساد البعض (تناطح) شخصيتين في جوفها، واحدة تزعم الطُهر وأخرى ترافق الشيطان الرجيم؟!

ثم من هذا العبقري الذي إبتدع وضع التلفزيونات في المكاتب (عشان يعمل فيها زي زولنا ده بعاين في الجزيرة)، رغم أن بقايا ريالته كانت ترسم على جانبي فمه خطوطاً مثل (خط الإشتهاء)، إستوى فيه ذاك المسؤول الكبير مع (عيال المدرسة من المراهقين).!

ومن أين لهم بالوقت للبحلقة في شاشات البلازما، وفي غرفة الإستقبال يتزاحم المساكين من أصحاب المصالح المهدرة والحقوق الضائعة والطامعين في توقيع قلمه الأخضر الكريم، وهم يتوسلون بالسكرتيرة أن تتيح لهم الفرصة لمشاهدته الغالية (التي يتمنونها على الدوام)؟!

حتى نغمات موبايل بعض المسؤولين لا تخلو من النفاق والإدعاء، تسمع رنين (نغمة نوكيا الأصلية) وهم في (مسؤولية من أمرهم) في المكاتب وفي حضرة الوزراء وعلية القوم من المتجهمين العابسين والعابثين، لكن ما أن يخرج الواحد فيهم من مكتبه، إلا ويعيد ضبط موبايله لنغمة (هييي مقدرة راجل المرا حلو حلا)..!

بئس المنافقين هؤلاء..!

آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]