وجدي الكردي

صوم يوم وأفطر التاني مجاناً..!


صوم يوم وأفطر التاني مجاناً..!
والله لولا بعض حياء، بل قل لأنها محصنة برعاية الله تعالى وقدرته، لسمعنا في شهر رمضان الذي أنزلت فيه المسلسلات وغرف النوم والإعلانات والمسابقات وكل مناهج الإحتيال التجارية على خلق الله من الصائمين، لسمعنا عروضاً من شاكلة العنوان أعلاه..!
فكل عام حين تسمع لخيول رمضان صهيلاً تعلن عن مقدمه، تنعقد ورش التلفزيون ثم تنفلق الى لجان عليا تنقسم بدورها إلى لجان فرعية تتفتق منها كائنات لجانية دقيقة لا ترى إلاّ بعين معالي المدير المجردة وهي تبشّر الشعب السوداني الهميم ببرامج تأتي لتملأ الشاشة عدلاً بعد أن ملأت جوراً طيلة الـ (حداشر شهر الفاتو)..!
في ذمتكم، هل من شروط رمضان الشرعية التي لا تستقيم إلاّ بها، هذه (الهيصة) البرامجية فارغة المحتوى وبائسة الخيال والإبتكار التي تملأ خياشيم الأثير طيلة الثلاثين يوماً؟!
ومنذ متى صار الشهر الفضيل سوقاً يبيع فيه تجار الغفلة بضاعتهم لخلق الله من الصائمين على طريقة: (وبمناسبة الشهر المعظم تعلن شركة سقط لقط عن تخفيضات هائلة في ساعات الصيام)..!
كل مؤسسات الدولة أحالت الشهر الفضيل لسوق ضخم تبيع فيه (حنانها) للشعب المغلوب بكروت صقيلة يطبعونها في جزيرة صقلية (بالشيء الفلاني)، تبث فيها مشاعرها الدفيقة وتهانيها الرقيقة و(قلة حيلتها) في عمل نافع، ويردفون ذلك بإعلانات مليونية يبشّرون عبرها الغلابة بـ (حقيبة رمضان وكيس الصائم وجراب الحاوي وفطور الشفقان وشنطة المرابط وبقجة الربّاطين ونصيب الأولين والآخرين من خيرات الميزانيات المفتوحة) و:
(مؤسسة بليلة الخيرية تدعوكم لحضور إحتفالها الضخم الذي يشرفه سعادة الوالي بتوزيع (كيسين تلاتة) للفقراء من الصائمين تبثه الجزيرة والسي أن أن والبي بي سي والدبليو سي على الهواء مباشرة)، وهو بالطبع يكلف (المحسنين) ملايين الجنيهات، في الوقت الذي تجد فيه بلح الكيس المحتفى به (معتت)، والزبيب (مدتو منتهية)..!
لقد تطاول الجشع فينا وتمدد بيننا تجار السلع الإستهلاكية المضروبة مستغلين عملائهم من سماسرة المؤسسات لتمرير بضائعهم الكاسدة بإعادة تعبئتها وبيعها في سوق رمضان الكريم، كأنما صارت (الكرتونة إياها) من مناسك الشهر الفضيل، و(إبن اللذينا للأثاث والديكور) يعلن عن تخفيضات هائلة، برضو بمناسبة الشهر الفضيل، كأنما لا يجوز الصيام إلاّ بالتمدد في غرف شهرزاد المستوردة من سعد قشرة الماليزية..!
بالله عليكم أعيدوا للشهر هيبته، ولديوان الزكاة دوره الذي ضاع بين (الكراتين البائسة) وتهافت المؤسسات و(الأرزقية) ونجوم (البر والإحسان) لسرقة (فضله) حتى لم يفضل منه شيء تحمله بين يدي الله يوم لا ينفع (حفل) ولا بنين من (أولاد العلاقات العامة)، ولا إعلان مدفوع القيمة، ثمنه كفيل بإفطار الألوف من البطون الجائعة.

آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]