وجدي الكردي

هنديا: مجي ماف كرو


هنديا: مجي ماف كرو
كتبت من قبل عن (ضيف افتراضي) حلّ بمنزل أحد أقربائه طلباً للعلاج في (خرطوم المعتصم بالله)، لكنه بدلاً عن الخلود للراحة وتناول أدويته، إنشغل بتعاطي ثلاثة أفلام هندية يومياً بعد كل وجبة، حتى كادت ألسنة (شّفع البيت) أن تتحول إلى مصطبة من سينما الوطنية و(الكهربا قاطعة).
كان ضيفنا يمسك بالريموت كنترول 36 ساعة في اليوم، ليله كنهاره، لايدع لأهل البيت فرصة ليستمتعوا بلقطة واحدة لاتوافق مزاجه الـ (زي الزفت)، فتركوا له (قارب) التلفزيون على (حبل) الريموت ليبحر به (على كيفو)، فتمدد صاحبنا بساقيه الطويلتين على إمتداد الصالون شهراً وإثنتين وثلاثا تعرّف فيها على ألاعيب سونيل الهندي وغنج هيفاء وهبي وحركات نانسي و(عوارة) محمد هنيدي.
طيلة مكوثه على صدور أقربائه في بيتهم (المترين في تلاتة)، تعطلت حركة المرور الأسري تماماً، لا الزوجة نجحت في اشعال (كمينة الحب) لينبعث منها دخان المودة والرحمة، ولا البنات استطعن المذاكرة مع موسيقى العشق الهندي المتصاعد من ريموت الضيف الثقيل المساهر دوماً.
حكمة ربنا، فبعد نشري للمقال، نقل لي قارئ إمتنان والدته لـ (حكايات) لأنها استطاعت الحد من تمدد ضيفها الثقيل.
كيف؟!
قال القارئ ان الأسرة كلها لاحظت إنطفاء الأنوار المنبعثة من الديوان في وقت مبكر، وخلود الضيف (الذي كان ثقيلاً) للسكون بعد أن صمت التلفزيون عن ثرثرته التي امتدت لأشهر طويلة.
قلت له: أنا لم أقصد شخصاً بعينه في مقالتي، لكنه كان ضيفاً افتراضياً (قطعتو من راسي) ليمثل جملة الضيوف الثقلاء الجاثمين على صدور الأسر السودانية خاصة رقيقة الحال منها، ولم أقصد بدعوتي الحط من شأن أكرم خصلة تميزنا عن غيرنا من الأمم، وهي إكرام الضيف والعناية به.
بيوت السودانيين في (خرطوم الجن) لم تعد (حوش حدادي)، كما كانت قبل عشرات السنين، فالغرفة الواحدة صارت بـ (الشئ الفلاني) ما يفرض على الأسرة، مد (سيقان) إيجاراتها حسب (لحاف) راتب رب الأسرة، وبالتالي تقل فرصة الضيوف في التمدد، عدا الثقلاء منهم (زي صاحبنا داك)..!
ثم ان شبكة المواصلات بين المدن والقرى صارت أيسر من (زمان)، فلم لا يعود الضيوف سريعاً لذويهم بعد إنقضاء مراسم الدفن أو العلاج أو العرس؟!
بالمناسبة، العنوان بالهندي يعني (أنا آسف)، وآسف برضو لو طلع العنوان غلط!

آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]