وجدي الكردي
آخر حوار مع الراحل..!
فالرتابة وبؤس الخيال الذي يمسك بـ (رقبة) مفاصل حياتنا حتى في طقوس (التمويت) ومواراة الثرى وتدبيج المقالات الباكية وسمكرة (آخر حوار مع الراحل) ونشر (أحدث) صورة له (قبل أن تطلع روحو بعشرين سنة)، كلها (صنع في السودان)، لم يسبقنا عليه أحد في العالمين.
إستمعت أمس الأول لإحدى الإذاعات التي أبت نفسها الإمارة بـ (المزيكا) إلا أن تحتطب في غابة (سيرة) الطيب صالح الوارفة، فاستضافت مجموعة من الباكين بغير ما دموع أو (غبينة) أو حتى (راس)، ليشنفوا آذاننا برحيق صحبتهم لـ (عبقري الرواية العربية) الراحل.
كانت فجيعتي كبيرة (بالجد)، حين وجدت أحدهم يتحدث عن الطيب صالح ورفقته، وكيف حكى له الراحل آخر نكته، ثم أغرق المستمعين في تفاصيل عجيبة حتى كاد يقنعنا بأنه حضر مراسم دفن (حسنة بت محمود) وزوجها المكلوم (ودالريس) بعد فضيحتهما المدوية (آخر الليل) في موسم الهجرة إلى الفحولة، بل أنه لو لا بعض حياء، لحدثنا عن مشاهدته تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين جثة (ودالريس) قبل خروجه من مشرحة (كرمكول)..!
أقول قولي هذا وأنا على يقين بأن (محدثنا) لم يكن له أي كسب يدخله في (خانة) الأدب. ربما يكون مؤهلاً ليدخل الأدب (خانة)، أما الحديث عن (عبقري الرواية العربية)، فهذا هو الهراء بعينه، فكيف يحدثنا (الزول ده) عن (موسم الهجرة إلى الشمال)، وهو لا يعرف حتى الفرق بين موسم طق الصمغ والحنك؟!
والأنكي أن أحدهم تخصص في مسك (كراع عناقريب المشاهير) بأطراف أصابعه وهو يبتسم للكاميرا، لعل صورته تزين صحف الغد وتبرر له مقالاته اللاحقة التي ستأتي تحت عنوان: (كنت قريباً منه)، ولو (مصدقنا أسألوا الصورة الرامية فوق بيتنا).
مؤسف أن ننتظر رحيل الأخيار، لنسرع إلى خلوة الفكي (قوقل) نستجديه رثاءً مدخوراً منذ أيام (طوق الحمامة وقاضي الأنكحة التونسي) ثم نسكب عليه بعضاً من شعر درويش و(معادلتين تلاتة) من قوانين الفيزياء ليأتي الرثاء على شاكلة:
(أيها الموت، كيف أخذت رفيقي، وكيف فات عليك ان حجم الغاز المحصور يتناسب عكسياً مع الضغط الواقع علينا في مقابر حمد النيل)؟!
آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]