تحقيقات وتقارير

الصين تحكم وأمريكا تتراجع

[JUSTIFY]الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون القوة العظمى القائدة في عام «2030م»، والعالم سيتحرك وفق ما تقرره الصين والهند.. هذا ما أقرّت به الولايات المتحدة في تقريرها الدوري الخامس الصادر عن «مجلس الاستخبارات الوطنية» الامريكية، والذي يرصد أحوال العالم في المستقبل. البحث الذي نشر في «ديسمبر» 2012 تحت عنوان «اتجاهات عالمية 2030: عوالم بديلة»، يفرد في «137» صفحة معلومات استخبارية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية والديموغرافية والالكترونية وموارد الطاقة والموارد الطبيعية.

كما يستعرض تصوراته للأطر التي ستكوِّن شكل الخريطة الدولية والتغيرات التي ستطرأ عليها بعد «17» عاماً.. خلاصة التقرير الأخير تفيد بأنه في العام 2030 «لن تقود العالم قوّة واحدة. لا الولايات المتحدة ولا الصين وحدهما سيتمكنان من فرض هيمنتهما على باقي الدول». التقرير يشرح أن «الإمكانات الفردية المتعاظمة وانتشار القوة بين مختلف الدول وانتقالها من الحكومات إلى الشبكات غير الرسمية ستقلب ميزان القوى التاريخي الذي أعطى الغرب السلطة منذ العام 1750، كي تحلّ آسيا كالقوة الوازنة الجديدة في الاقتصاد العالمي».أما العاملان اللذان سيحددان شكل العالم عام 2030، فهما: التغيرات الديموغرافية وزيادة الطلب على الموارد الطبيعية، حيث يشرح التقرير. «في عام 2030 ستشكل المياه عاملاً للنزاعات داخل الدول وفي ما بينها، أكثر من عاملي الطاقة والمعادن. وسيتزامن تصاعد الطلب على المياه عالمياً مع ازدياد عدد السكان في مناطق مصادرها، أي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها وشمال الصين، ما سيزيد التوتر في تلك المناطق».

التقرير يتوقف طويلاً عند الجانب الأمني وشكل الحروب والأزمات المقبلة و«مستقبل الإرهاب»، ومن اللافت التركيز على منظمتين تحديداً من بين كل المنظمات المسلحة حول العالم، هما «حزب الله» و»حماس»، على «أنهما اللاعبان الأسياسيان غير المنضويين تحت لواء الدولة واللذان سيكونان فاعلين في الحروب المفصلية المقبلة».

العامل الجديد الذي طرأ على تقرير الـ2030 هو «الإسلام السياسي» الذي توقف عنده الباحثون طويلاً وطرحوا أسئلة حول مستقبله وحول المسار الذي سيرسمه للمنطقة التي تقع تحت تأثيره المباشر «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
تقرير «مجلس الاستخبارات الوطنية» الامريكية لم يغفل التقدم التكنولوجي، لكنه يحذر من أن التكنولوجيا ستذهب في اتجاه خدمة تطوير الأسلحة وتسهيل الحصول عليها، وبالتالي توسيع مروحة مستخدميها من المجموعات غير النظامية. وحول انتشار مواقع التواصل الالكتروني وتزايد تأثيرها في مختلف المجالات، يشرح التقرير أن ذلك سيمكِّن القدرات الفردية داخل الدول. اقتصادياً، لا يرى القيِّمون على التقرير انفراجات كاملة في الـ2030، فارتدادات الأزمة المالية العالمية ستستمر بعد 17 عاماً، والدول التي تعاني من الأزمة حالياً لن تكون قد استعادت عافيتها بشكل كامل حينها. «معظم الدول الغربية ستعاني من نمو اقتصادي منخفض سيمتد لأكثر من عقد»، هذا ما يذكره التقرير.

من جهة أخرى، سنشهد على الدور المتصاعد لما يعرف بالـ«ميغا سيتيز» Megacities، وهي المدن التي يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة. واللافت في التقرير الصورة السوداوية التي وضعها الباحثون عن الاتحاد الاوروبي، إذ يخلصون الى أنه «في حال لم يجد الاوروبيون حلاً جذرياً لنموذج الأزمة اليونانية، فإن مستقبل الاتحاد سيكون على المحك».

سياسياً وإستراتيجياً، يرسم التقرير صورة مغايرة للعالم لكن غامضة ومفتوحة الاحتمالات. فمع تبدّل موازين القوى العالمية واضمحلال دور الولايات المتحدة خارج أراضيها، ستبرز تحالفات وصراعات جديدة وربما حروب شاملة. الباحثون الاستخباريون يرون أن شكل العلاقات التي ستحددها الصين مثلاً مع القوى الباقية ومدى تقبُّل الولايات المتحدة لها وتفاعلها معها سيكون لهما تأثير كبير على نسبة التوتر الذي قد تسود مع حلول عام 2030.. «مع توسع رقعة المصالح الخارجية للصين، قد تقرر النخب الصينية مثلاً أن تغيِّر تقاليد السياسة الخارجية للبلد، والتي تنص على عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى أو عدم عقد تحالفات عسكرية أساسية». وتحت عنوان «انتشار السلطة»، يعرض التقرير لائحة بأسماء الدول التي ستبرز كقوى اقتصادية وازنة بنفس أهمية الغرب مثل: كولومبيا، مصر، إندونيسيا، إيران، تركيا، المكسيك، جنوب إفريقيا وغيرها. أما الهند، فيقول التقرير إن نموّها الاقتصادي سيكون كبيراً لكن بطيئاً كالصين. وفي عام 2030 ستكون الهند بمكانة الصين في زمننا الحالي. لائحة أخرى يدرجها التقرير في صفحاته، وهي التي يتنبّأ فيها بـ«الدول الأكثر عرضة للانهيار في 2030»، وهي، حسب الترتيب الوارد: الصومال، بوروندي، اليمن، أوغندا، أفغانستان، مالاوي، الكونغو، كينيا، نيجيريا، النيجر، باكستان، تشاد، هاييتي، إثيوبيا، وبنغلادش.

تقرير : الشؤون الدولية[/JUSTIFY]