رأي ومقالات

المواصلات وآهٍ من المواصلات !!

[JUSTIFY]أجد نفسي حائراً أيها الكاتب العزيز، فيم أكتب؟! لم يبق موضوع لم أتطرق له، ولكن عملاً بالمثل الذي يقول «كتر التكرار يعلم الشطار» أعود لطرق موضوع النقل لماذا تدهور بكل أنواعه، حتى النقل الداخلي «يعني المواصلات» أصبح معضلة لا أحد يستطيع حلها!!

وتتركز مشكلة المواصلات في عدم وجود جهة مسؤولة يمكن القاء اللوم عليها، ولا أدري كيف يتم الترخيص للخطوط وهل يتم ذلك عن دراسة أم خبط عشواء، وما هي الأسس التي عليها يمكن فتح خط مواصلات، وما مدى التزام الحافلة التي تم الترخيص لها في الخط المعني الالتزام به.

وأزمة المواصلات سببها عدة عوامل أساسية، أولها تمركز الوزارات والإدارات في الخرطوم، وأعتقد أن توزيع الوزارات والمصالح الحكومية في المدن الثلاث سوف يخفف من الضائقة المرورية، وهذا أيضاً يتم بدراسة، فالمؤسسة أو الوزارة التي بها نسبة عالية من العاملين يسكنون أم درمان مثلاً يمكن نقلها إلى هناك، وكذا الحال في بحري.

المسألة الثانية في أزمة المواصلات هي أيضاً تتركز في المركزية، إذ ان المواطن الذي يريد الذهاب من الصحافة مثلاً الى سوبا لماذا يأتي إلى منتصف الخرطوم حتى يستطيع الذهاب الى سوبا، وهذا يتطلب دخول أنماط جديدة من وسائل النقل كالترام والترولي باص اللتين تعملان بالكهرباء، لماذا يمثل مركز الخرطوم نقطة العبور داخل ذات الخرطوم؟!

العامل الثالث والرئيس أيضاً هو عدم وجود شركة يمكن مساءلتها عن الأزمة، فكل الحافلات تعمل دون مسائلة، فسائق الحافلة الذي يبدأ العمل في السادسة صباحاً لا يملك القوة البدنية التي تجعله يعمل حتى آخر الليل، لذا تجده ومنذ الساعة الثانية ظهراً قد انزوى بحافلته، لذا تجد المواطنين في ساعات الذروة واقفين في المحطات والشوارع دون جدوى، وما دامت الحافلة ملكاً لمواطن، لا يعقل أن يقوم ذلك المواطن بتعيين سائقين لحافلة واحدة، أما الشركة فملزمة بنظام الورديات، بمعنى أن الباص التابع للشركة يتولى قيادته أكثر من سائق..! لذا يجب أن تقوم استثمارات في النقل العام لتنتظم حركة سير وسائل النقل العام.

وأحد عوامل الأزمة وجود مواقف للمواصلات في مركز المدينة الذي لا يتحمل الزحام، فالحافلات في مركز المدينة لا ينبغي أن تتوقف لزمن طويل حتى يأتي دورها، لذلك في كل عواصم العام ومدنها الكبرى تجد وسائل المواصلات تعمل بالنظام الدائري.

> الخطوط لا تقوم على دراسة، والدراسة بسيطة، فيمكن بواسطة استبيان بسيط يعطى للراكب في شكل أسئلة يجيب عنها، كنقطة البداية التي استغل منها الحافلة ونقطة النهاية، وأي الوسائل استخدم حتى وصل إلى نقطة النهاية، وتجمع هذه البيانات وتحصر وعلى أساسها يتم وضع الخطوط التي عادة بعد الاستقرار تسفر عن إنشاء خطوط جديدة.

لو أن قسماً من الأموال التي صرفت على إنشاء الكباري استثمر في النقل العام لكان جزءاً كبيراً من الأزمة قد حُل، فالكباري تخدم فئة معينة لا تتعدى الخمسة عشرة او العشرين في المائة كحد أقصى من سكان العاصمة، وأعني بذلك أصحاب السيارات الخاصة، فإذا قدرنا عدد السيارات المرخصة في ولاية الخرطوم فلن يتعدى الأربعمائة ألف سيارة بأية حال من الأحوال، وعدد الأسر في العاصمة يقدر بثمانمائة ألف أسرة، من هذا العدد من الاسر خمسة عشر في المائة يملكون سيارة، وليس معنى هذا أن هناك مائة وعشرين ألف أسرة تملك كل منها سيارة، هناك أسر تملك أكثر من خمس سيارات ولا أتحدث عن سيارات الدستوريين الذين يقدرون بالآلاف.

لا أقول هذا الحديث جزافاً، ففي كوبرى الفتيحاب تم حصر السيارات التي تمر به يومياً فوجد أن خمساً وسبعين ألف سيارة تعبر الجسر ذهاباً وإياباً، منها خمس وخمسون ألف حافلة نقل عام، وعشرون ألف سيارة خاصة.

وهذه الإحصائية تقول إن ثلثي سكان أم درمان أو أكثر يستخدمون المواصلات العامة، ولو أجرينا اختباراً على كباري بري والمنشية والنيل الأبيض لزادت النسبة إلى أكثر من الثلثين.

هناك كبارٍ تم إنشاؤها ولم يستفد منها المواطن العادي، فمثلاً كوبري المك نمر ممنوع على المواصلات العامة اجتيازه كما هو الحال في كوبري النيل الأزرق، ورغم أن هذا الكوبري لا يعتبر من كباري المدينة، فهو ليس ملكاً للولاية، إنما المالك الحقيقي له هو سكك حديد السودان طيب الله ثراها.

ما الفائدة التي استفادها المواطن في الخرطوم من كوبري توتي، فعدد قليل من أسر توتي استفادت وهم مالكو السيارات، وربما شكل عليهم عبئاً مادياً إضافياً حيث زادت حركتهم في المساء، وبالتالي زادت منصرفاتهم.

الأموال التي صرفت على كوبري المك نمر وكوبري توتي كان يمكن استثمارها في المواصلات العامة، وبذلك نكون قد حللنا نسبة عالية من الأزمة التي يعاني منها المواطن الذي لا يملك سيارة خاصة.

أما أن نقوم بالترخيص للحافلات والأمجاد والركشات لحل أزمة المواصلات، فإن ذلك يفاقم الأزمة ولا يحلها بل يزيدها تعقيداً، فكل وسائل المواصلات التي ذكرت ليست على التزام قانوني أو أخلاقي يجعلها تشارك في حل الأزمة.

يجب أن تكون هناك جهة مسؤولة عن سير المواصلات العامة، وهذه لا يمكن أن توجد إلا في شكل شركات للنقل، ترام، ترولي باص، حافلات، وحتى شركات تاكسي، هذا إلى جانب تطبيق الفيدرالية في العاصمة المثلثة لتتوزع فيها الوزارات والمؤسسات العامة على المدن الثلاث، وهذا ما يجعل المواطن يتمتع بحركة مرور سلسة وانسيابية لا يشعر فيها بالتعب حين وصوله في الصباح إلى مكان عمله ولا في المساء حين يذهب لمنزله، وسهولة الوصول إلى مكان العمل عامل من العوامل المهمة لرفع الإنتاج.

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. كيف ماتكون في ازمة مواصلات وتكدس مادام الداير اطلع لية جواز !!جواز بس الا اجي من الجزيرة او بورتسودان او حتي الولايات الغربية لي الخرطوم …