تحقيقات وتقارير

عراك ” روسي – أمريكي ” بسبب السودان

[JUSTIFY]لم أر موقفاً ضعيفاً للدبلوماسية الأمريكية مثل ذلك الذي جرى الثلاثاء الماضي في أروقة مجلس الأمن الدولي.. واشنطن ظلت حريصة على إبداء اهتمام بالاستقرار والسلام في مناطق العالم المختلفة.. ما أن ترفرف حمائم السلام في بقعة من العالم إلا وبرز المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أو المتحدث باسم البيت الأبيض في ثياب المهنئين معبراً عن دعم وتشجيع السلام.. لكن في ذلك اليوم أبت نفس المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن الدولي سوزان رايس إلا أن تعترض بشكل سافر على بيان أجمع عليه (14) عضوا بمجلس الأمن من مجموع (15).. البيان المقترح هدف إلى مباركة التقدم الذي حدث بين السودان وجنوب السودان يوم الثامن من مارس الجاري وما تلى ذلك من تطورات إيجابية متسارعة نحو تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين فقد وافقا على سحب قواتهما من المناطق الحدودية المتنازع عليها خلال أسبوع لتخفيف التوتر وتمهيد الطريق أمام استئناف صادرات النفط، حيث اتفقا فيما بعد في غضون (24) ساعة على جدول زمني لاستئناف التصدير.

المندوب الروسي لدى مجلس الأمن تصدى لنظيرته الأمريكية متهما إياها بانتهاج (سلوك غريب وترديد مزاعم بعيدة عن الواقع).. تقرير مندوب الأمم المتحدة الخاص في السودان وجنوب السودان هايلي منكريوس أمام المجلس كان القاعدة التي استند بنى عليها أعضاء المجلس موقفهم عدا الولايات المتحدة.. التقرير نوّه بالجهود التي تبذلها الخرطوم وجوبا لتنفيذ اتفاق توسط فيه الاتحاد الإفريقي في سبتمبر الماضي لحسم خلافاتهما حول الأمن والحدود والنفط.. بغض النظر عن السبب الحقيقي للمواجهة الأمريكية الروسية في مجلس الأمن، فهناك قناعة لدى أوساط عديدة في الخرطوم بأن رايس تنطلق في مواقفها ضد السودان من (عداء شخصي) تتجاوز به حتى السياسة الأمريكية الخشنة ضد نظام الرئيس عمر البشير.. صحيح أن روسيا لديها خلافات شديدة مع الولايات المتحدة بشأن الملف السوري، لكن أيضاً لسوزان رايس موقف ضد الخرطوم يوصف في أحسن الأحوال بأنه متشدد.. الخرطوم تحفظ لواشنطن موقفها السالب من آخر اتفاق في الدوحة بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة؛ فلم تبد أي ترحيب بالاتفاق على أهميته وتجاهلته بالكامل، بل إن البيت الأبيض كان يتهم الخرطوم بقصف بلدات جنوبية بالطيران وهو الاتهام الذي ظلت تردده جوبا في مواجهة الخرطوم التي نفت بشدة ذلك الاتهام.

سوزان إليزابيث رايس (49 عاما) امرأة مشهود ٌلها بعدم القدرة على التعاطي مع وجهات النظر المخالفة لها، وكذلك جرأتها على اتخاذ قرارات صدامية.. هذا ربما يفسر عدم تمكن الرئيس باراك أوباما من تعيينها وزيرة للخارجية بعد فوزه بالرئاسة في فترة رئاسته الثانية، وهي مستشارته المقربة الوفية التي تشاركه أصوله الإفريقية وولعه بكرة السلة، وقد رافقته منذ أن قرر خوض معركة الرئاسة الأولى، لكنها مع ذلك كانت قد حظيت بمنصب رفيع وهو مندوبة بلادها لدى الأمم المتحدة لتكون أول امرأة سوداء تتولى تلك المهمة.. السودانيون الذين شعروا بالارتياح لإخفاق رايس في تولي حقيبة الخارجية الأمريكية لا ينسون أن رايس كانت من أهم مؤيدي الهجوم الأمريكي على مصنع الشفاء للدواء في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون وكانت حينذاك تشغل منصب مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية.. مسؤول رفيع في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وصفها بـ(المتغطرسة والمتعجرفة والعنصرية والحاقدة) على السودان.

لاشك أن رايس تسعى لأن يصل ملف قضية السودان بشقيه والذي مازال في الإطار الإفريقي إلى مجلس الأمن، وأن الحديث عن انفراج في علاقات البلدين يبعد الملف عن المجلس وبالتالي فقدان الولايات المتحدة القدرة على التأثير في الملف من مقعدها الدائم في مجلس الأمن.. (العراك) الأمريكي الروسي في المجلس سواء في الملف السوري أو الملف السوداني يعيد الجدل الذي ثار في السنوات الأخيرة حول صلاحيات المجلس وآلية اتخاذ القرارات فيه وحق الفيتو للأعضاء الخمسة دائمي العضوية.. كثير من دول العالم أشارت في أكثر من مناسبة إلى أن الأمم المتحدة بشكل عام ومجلس الأمن الدولي تحديداً يمر بواحدة من أخطر الأزمات التي واجهته منذ إنشائه بعد أفراغه من مضمونه وانتزاع صلاحياته ومهامه الأصلية، وهي الحيلولة دون قيام الحروب والمحافظة على الأمن والسلام العالمي خصوصاً في ظل هيمنة الولايات المتحدة على القرار العالمي وانتهاكها المستمر للمواثيق الدولية وعلى رأسها مبدأ تحريم استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات بين الدول خارج إطار الشرعية الدولية.. هذا الواقع الأليم نتج عنه مطالبة أغلبية أعضاء المجتمع الدولي بضرورة إصلاح مجلس الأمن.. الحرب الأنجلو – أمريكية على العراق أشعلتها الولايات المتحدة دون إذن من المجلس في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي كان تحدياً سافراً للأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

الشرق القطرية
ياسر محجوب[/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. الحركات دى قديمة .. منكر وتيوس ده البيديهو راتبه الامم المتحدة والامم المتحدة بتصرف عليها امريكا .. ومقر الامم المتحدة ده ذاته فى امريكا يعنى اكان عضو فيهو وداير تحضر جلسه لازم تقدم لامريكا عشان تديك تاشيرة ..

    صحى الاختشو ماتو