شوقي إبراهيم عثمان

ليفعل الصحفيون إذن بروسترويكا صحفية


ليفعل الصحفيون إذن بروسترويكا صحفية
لقد طالبنا الدكتور نافع علي نافع بتفعيل بروسترويكا صحفية…ولكنه خذلنا..!! ولربما أعتقد الدكتور نافع علي نافع أننا هدفنا إلى دق أسفين ما بينه وما بين علي عثمان نائب رئيس الجمهورية!! ولكن هذا غير صحيح!! أولا لقد نزل هو بنفسه عبر الأثير وبكل ثقله خطف بها الأضواء مناديا بحملة لمحاربة الفساد..حتى قال أنه لن يهانم لو ضرب لصوص المؤتمر الوطني بالرصاص في ميدان أبي جنزير!! فأستبشرنا خيرا وحذرناه ألا يثق في اللوبي الاقتصادي بالمؤتمر الوطني وعليه أن يسارع إلى فك عقال الإعلام!! وقلنا بالحرف أنه سيخسر أية مفاصله مع علي عثمان!! فالرجل يحمل في حقيبته إضافة غلى اللوبي الاقتصادي أيضا كل الأحزاب السلفية الصغيرة التي تتميز بكونها أكثر ضجيجا.

تحمسنا لمساعدة الدكتور نافع في محاربة الفساد ببعض الاقتراحات فكانت مقالة طويلة عالجت كيفية فك أسر الصحافة والصحفيين بأسلوب الصحافة الأمريكية..!! كان بإمكانه أن ينشط الفكرة عبر حزب المؤتمر الوطني خاصة عبر الشباب، كأن يعمل حولها استفتاءً حزبيا على مستوى القاعدة. وما مرت أيام قليلة على المقالة حتى ذهب دكتور نافع لأديس أبابا، وهنالك وقع تلك المذكرة، وسرعان مأ أهتزت الأرض تحت قدميه!! اللوبي الاقتصادي برئاسة علي عثمان لا يسمح للدكتور نافع بتسجيل نقطة لصالحه، نفخوا نفخة أبي زهانة الأقرع أن الحلو مجرم.ولا يمكن الجلوس معه!! بينما كان واضحا أن النظام القائم لا يمكنه أن يدير حربا أهلية داخلية بطول عرض السودان بشريط يشكل طوقا يبدأ من الدمازين وحتى الجنينة!! إذا حدثت هذه الحرب لا ضمان ألا يشارك فيها الشرق، وسيتفكك الجيش السوداني وسيسقط نظام الخرطوم لا محالة!! فهذه ليست حرب انفصال مثل حرب الجنوب وفيها أحترم الشعب السوداني اختيار السودانيين الجنوبيين، بل الحرب القادمة إذا أشتعلت هي حرب لإسقاط النظام ستلهب مشاعر الشعب السوداني، مدعومة من جمهورية جنوب السودان على طول الشريط العرضي، وتمثل كل النقاط على هذا الشريط نقطة هانوي!! لذا بلع اللوبي الاقتصادي تصريحاته الأولى ضد دكتور نافع واتفاقية أديس أبابا وصمت ووضع رأسه في الرمال وأخذ يلمح بالجلوس مع الحلو الخ.

وبما أن الدكتور نافع تراجع من قضية محاربة الفساد، وإننا نأسف كأن تصبح حدود حملته ضد الفساد فقط على مستوى الأثير ولم تأخذ حيز التطبيق، إذن لا مناص أن يواجه المؤتمر الوطني مصيره غلى النهاية. ونهمس في أذنه أن محاربة الفساد يبدأ بتحريك المدعي العام يا سيدي وليس عبر هذا البرلمان الذي صنعته أنت بيديك لقوم لا يستحقون الذي فعلته لهم ولم يحسنوه إليك!! وكان بإمكانك أن تتجاوز تاريخك السياسي القديم وتلعب دورا نوعيا جديدا، فمثلا في لندن هيجت عليك السودانيين بتصريحاتك النارية بلا طائل!! وبلا شك فرح أعداؤك الأقربون وشمتوا فيك، وهم هم حين شموا في الدمازين رياح غير مواتية تنتظمها اللافتات وليست الكراسي هربوا للخرطوم بجلودهم وقطعوا زيارتهم ولم يكملوا الاحتفال هذه هي الأبهة!! أعرف أنك عريبي قح ود عرب وود بلد وشجاع ولا تعرف الدهنسة ولا المناورة، ولست أنت لصا، كما الذين حولك ليسوا لصوصا، ولكن تذكر دائما قولة الإمام علي لأهل المدينة وتخاذلهم عن نصرة الحق: (لو لم تتهاونوا في نصرة الحق وتوهين الباطل، لم يطمع من طمع فيكم ولم يقوى من قوي عليكم من بني أمية).

هل فات الأوان؟ نعم لقد فات الأوان، تبشر هذه التي تسمى بوزيرة دولة للإعلام سناء حمد برجوع الرقابة القبلية للصحف!! أي صحف تبقت ولا تتبع الحكومة يا سيدي؟ ألا يكفي نائب رئيس الجمهورية كل المساحة الإعلامية من إذاعات وفضائيات وكلها حكومية!!؟ لقد سارع نائب رئيس الجمهورية وتخطى قياد الحزب التي تمثلونها عندما دق المسمار الأخير في نعش حرية الصحافة، ولا تسأل أين حديثه ذلك الفضفاض عن نفيه كونه بقرة مقدسة وزعمه بعشرات الصحف المستقلة، وقبوله للنقد من أجل التطور، لقد بلعه كله علي عثمان، ولعله كان للاستهلاك!! وأين: اللي داير يحاسب الفساد يلقانا قدامو؟! بلا شك أن هذه الشابة الصغيرة التي تسمى سناء مديرة شركة سيدكو سابقا تعمل بأمر مباشر من السلطة التنفيذية علي عثمان!!

ونحن لا نتجنى يا سيدي، فنائب رئيس الجمهورية عبر وزير الدولة أحمد كرمنو وبأمره المباشر يأمر مجلس إدارة هيئة الحج والعمرة ألا يخرج موضوع مدير الهيئة أحمد عبد الله للإعلام والصحف هذا هو عين المعيار بمعيارين!! وهذا الأخير المسكين أي أحمد عبد الله تم حرقه ومدير مكتبه بالكامل عبر صحيفة التيار التي تعمل لصالح نائب الرئيس وقد أتحفنا الظافر بطبخات صحفية غثة ومضحكة – وكلها ضرب تحت الحزام للوزير العفيف الدمث أزهري التيجاني المغضوب عليه من نائب الرئيس!! الوزير أزهري التيجاني المنحاز للطرق الصوفية- يلهث خلف منصبه أنصار السنة والسلفيون السروريون وسيهديه لهم نائب رئيس الجمهورية كعربون لوقوفهم معه، ولهذا السبب تعمل صحيفة التيار على تشويه الوزير أزهري التيجاني بقصد حرقه خدمة لنائب رئيس الجمهورية!!

نعم سيدي دكتور نافع علي نافع، نعم لقد فات الأوان. ماذا أنتم فاعلون بقضية النيل الأزرق، وجنوب كردفان وجبال النوبة، ثم آه نسيت بكامل قضية دارفور!! لقد خذلتم الشعب السوداني وساهمتم في فصل الجنوب واعتقدتم أنكم تخلصتم من صداع، ولكن هذه المرة لا أحد يرفع شعار الانفصال!!

ولحرق ياسر عرمان سياسيا أطلقتم حوله أنه زار إسرائيل!! ولكن هل قضية هذه الأقاليم هي ياسر عرمان؟ قطعا لا، وماذا بعد عرمان؟ إذن هي لعبة لكسب الوقت، ولوضع العصي في دواليب العربة، ولكن إلى متى؟ ومع كسب الوقت ظهرت مجددا النغمة القديمة وهي الحل السحري لخداع الشعب السوداني “مجلس أحزاب الوحدة الوطنية” هذه الأحزاب الفكة – جلال الدقير ومسار ونهار وسماني الوسيلة والصادق الهادي المهدي والزهاوي جعلتوهم قطبا تديرون بهم رحي المظالم، وجسرا تعبرون عليهم إلى مغانم المال العام، وسلما للضلالة السياسية، تدخلون بهم الشك على الناس بديموقراطية زائفة، وتقتادون بهم قلوب الجهال. كل هذه التمسك بالسلطة يتم تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية!!

دعني أخبرك سيدي نافع على نافع لا أحد من السودانيين يرفض الشريعة الإسلامية!! ولكن هذه الشريعة الإسلامية هي قميص عثمان، فرجال المؤتمر الوطني الذين حلبوا خيرات البترول، وكل قطيع استوطن نفسه حول بقرة حلوب سودانير، سوداتل الخ، ليسوا على استعداد أبدا للنزول من الكراسي بشكل خاص بعد ذهاب البترول!! فالتضخم والغلاء قادمان والانهيارات الاقتصادية متوقعة، هذا هو السبب في قبضهم على شعارات الشريعة بإسنانهم!! ثم ما هي هذه الشريعة الإسلامية التي يرغبون في تطبيقها؟؟ شريعة السروريين السلفيين الحشويين!؟ ألا تعلم سيدي أنهم ضرب من ضروب الخوارج؟! فهل يعقل أن نسمح لهؤلاء السروريين أن يقيموا دولة حرورية في السودان؟؟ إذا حدث هذا الشيء فأعلم أن دولة السودان ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ستؤرخ الأجيال القادمة أن أول دولة حكمها الخوارج هي دولة السودان الشمالي!!

نعم الشعب السوداني مع الدولة الإسلامية حتى اليسار مع الدولة الإسلامية أي من يسمونهم زورا بالعلمانيين، طالما هذه الدولة الإسلامية تؤمن بالحريات والبحوث الحقيقية في حقائق الإسلام، وتؤمن بالعدل والمواطنة، غير عنصرية، وتؤمن بتأصيل مبدأ الانحياز للفقراء، والضعفاء والمساكين الخ ولكن قبل كل شيء لا يمكنك إنشاء دولة إسلامية بدون رضا كافة الشعب السوداني!! الشعب السوداني هو الذي يختار وليس أنتم!! كل هذه الصفات هي منعدمة في دولتكم!! فمتى أستشرتم الشعب السوداني في أية شيئ؟ في الاقتصاد والخصخصة أو التحرير، أو في السياسة مثل قضية الجنوب قبل الانفصال أو..أو؟ لقد غيبتم الشعب السوداني بالكامل. فدولة إسلامية تقوم أعمدتها على الإكراه هذه تمنيات كذوبة يغزيها ويزينها لكم الشيطان!! حتى شخصي من البعد الألماني أي الاغتراب أيد دولة إسلامية ولكنني كنت مخدوعا عبر إعلامكم الكذوب بشعاراتكم الفوقية. وكنت مستغربا لماذا تضع الولايات المتحدة الأمريكية السودان في قائمة الإرهاب، ولكنني حين مكثت عاما بالكامل في السودان، أكتشفت أن نظامكم الإسلامي قائم على فصيل سلفي إرهابي فعلا ولم أعد أستغرب أن يضع الأوروبيون والولايات المتحدة الأمريكية نظامكم في خانة الإرهاب!! لا يوجد شخص سوداني حقيقي يتعاطف معكم سوى المنافقين والطبالين والمنتفعين والانتهازيين الخ.

إذا لم تستطع أن تعمل يا سيدي بروسترويكا صحفية وأنت نائب رئيس المؤتمر الوطني فليفعلها إذن الصحفيون أنفسهم، هذه سنة الحياة، فلا تغتر أن مفاتيح السلطة في يدك وكأن لن يستطيع أحد انتزاعها منك أو بالأحرى من يد علي عثمان، لقد قال قبلك هذا الكلام كثيرون وأنت خير العارفين!! أين هم الآن؟ اعلم، لا يوجد نظام يرغب أن يكتم صوت شعبه ولا يكون نظاما فاسدا، فالأحرار والنظيفون لا يخافون من الكلام!! يا سيدي لا يمكننا أن نرهن مستقبلنا ومستقبل أبناءنا لدى شخص يناور من أجل تفعيل وحل تناقضاته الذاتية فعلي عثمان يعمل لنفسه ضد الشيخ حسن الترابي!! فما دخلنا نحن بتناقضاته هذه وعقده النفسية أو الفكرية إذا كان لديه فكر حقا؟ وإذا كان أعضاء حزبكم يجيدون فضيلة الصمت سترا على الفساد فلماذا نحن نصمت ولقد خلقنا الله أحرارا وأنتم ترغبون الناس أن يكونوا عبيدا!! كلا لن يحدث هذا أبدا.

فليفعل الصحفيون بروسترويكا صحفية لا تحدها أية حدود، ولا تكبلها قيود، وأول الغيث أن يميزوا أنفسهم، ويطهروا ساحتهم، وليشقوا الساحة الصحفية إلى نصفين واتحادين ونقابتين ومجلسين قوميين للصحافة والمطبوعات. وليعزل الفصيل الديموقراطي الذي يؤمن بحرية الصحافة الفصل الآخر الذي وطن نفسه كصحفي سلطة، ومثقف سلطة الخ بل عليهم أن يعملوا قائمة سوداء صارمة، وليحاصر الفصيل الديموقراطي ذلك الفصيل الانتهازي من الصحفيين.

وبما أن قوة العمل النقابي تعتمد على المال، وإن تركيع المؤتمر الوطني للصحفيين يتم تحت ضغط المعيشة، فليعمل الفصيل الديموقراطي صندوقا مثل صندوق سعد أحمد سعد، ويسمونه صندوق دعم تطبيق الحريات الصحفية. وليكن هذا الصندوق في بنك خارج السودان يساهم فيه كل السودانيون في الخارج من دولار وحتى دولار واحد. من مهام هذا الصندوق أن يدعم كل شيء يتعلق بالصحفيين الأحرار، يرعى شؤونهم المعيشية، مشاكلهم المهنية الخ ولم لا، فإذا كان سعد أحمد سعد لديه صندوق، والأمين الحاج محمد لديه صندوق، وعبد الحي يوسف لديه صندوق، ومحمد عبد الكريم لديه صندوق وثلاثة ألف منظمة خيرية وإغاثية لديها صناديق لجمع العصافير ونهبها بعلم هذه الدولة الإسلامية، وكلها تعمل بدعم من دول الخليج السلفية، فماذا يضير الصحفيين أن يتلقوا الدعم من كل السودانيين في الخارج ومن كل العالم الحر؟

شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
[email]shawgio@hotmail.com[/email]