منى سلمان

أكلوا أزواج .. وإتحاسبوا تجار

[ALIGN=CENTER]أكلوا أزواج .. وإتحاسبوا تجار [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]في بعض مذاهب الديانات يشبه الزواج حكم التأبيدة، لا يمكن الفكاك من قيده ألا بالموت، ويسمح البعض من تلك المذاهب بالطلاق للأسباب القوية المقنعة، والتي ليس منها بالطبع أن عين أحد الزوجين قد طارت على شريك جديد ورغب في تجديد شبابه وضخ دماء جديدة في عروقه اليابسة، وتقابل إمكانية الطلاق تلك بمجمل إتفاقات وتسويات قد تُزهد طالب الطلاق عن السير في دروبها، وأول تلك التسويات هو إقتسام الثروة بين الزوجين – أيا كان صاحبها منهما بحجة أن ما إكتسبه أحدهم في سنين الزواج إنما كان بسبب دعم ومساندة الطرف الآخر له وبالتالي يستحق أن يعطى ثمرة جهده في المال، ولذلك نجد أن الكثير من المشاهير والأثرياء يلجأون لإتفاقيات قبل الزواج والتي تقيهم شر إقتسام ما كنزوه (تحت البلاطة) مع شركائهم إذا ما ساءت الأمور ورغبوا في الفركشة.
وفي عوالمنا العربية نجد أن لافتة (القانون لا يحمي المغفلات) ترفع في وجه كل من تتظلم من أنها قضت سنين عمرها وأفنت زهرة شبابها في الكفاح مع زوجها، بعد أن بدأت حياتها معه من الصفر وساندته في الكدح والسعي لكسب الرزق، إما بصبرها على الضنك لحين ميسرة، وإما بمساعدته عمليا بعمل يدها وبفكرها ومشورتها، حتى تصل مركبهم لبر الأمان المالي، وحينها وعندما يرتاح الزوج ويجري المال على يديه، يكون أول ما يذهب إليه فكره هو مكافأة الزوجة الصبورة على دعمها ومساندتها ليس بالطلاق لا سمح الله فهو أكرم من ذلك ولكن بأن يجدد شبابه ويحيي نفسه بزوجة جديدة (صغيرة وجاهلة) يشتريها بحُرِ مال وعرق جبين زوجته القديمة، فالقانون كما قلنا لا يحمي المغفلات.
كانت (مها) واحده من آلاف الفتيات، من الأسر المتوسطة الحال واللاتي أكملن دراسة الثانوي العالي بنجاح، وسعين للعمل في دواوين الحكومة من أجل أن يسهمن بجهدهن المتواضع في مساعدة أسرهن، وبعد الدخول في (الختات) والصناديق تزهو منازلهن المسكينة بشئ من جديد الملايات والمشمعات والستاير والكثير من مزهريات الورد الصناعي.
جمع الحب بين قلب (مها) وزميلها الشاب في نفس المصلحة (نبيل)، جمعهما الحب والآمال الكبيرة رغما عن بساطة الحال وضيق الرزق، فقد كان يعمل في وظيفة عمالية حسب مؤهلاته التي لا تتجاوز إتمام الثانوي العالي وكان من أسرة ليست بأحسن حالا من أسرتها إجتماعيا وماديا .. أتما زواجهما بأبسط الإمكانات وإستقر بهم المقام في عشة صغيرة عبارة عن (نص بيت) مؤجر في أحد الأحياء الطرفيه.
بمرور السنوات وإضافة طفل جديد قبل مرور العامين على سابقه، لم تستطع (مها) المواكبة بين إلتزامات أطفالها وأسرتها المتنامية وبين عملها، فإختارت البقاء في البيت طائعة.
تدهورت ميزانية الأسرة الناشئة بعد إنسحاب مرتب (مها) منها والذي كان يساهم بالنصف في منصرفات البيت، ففكرا معا في إيجاد مصدر رزق إضافي يعينهما .. إقترح (نبيل) تأجير الدكان الصغير الموجود على ناصية منزلهم والإستفادة من وقوعه على شارع رئيسي ليقيم فيه مشروع صغير عبارة عن مطعم لتقديم عشاء الفول والطعمية، تحمست (مها) للفكرة وسارعت بمساندته بصرف (شبكة) زواجها البسيطة لدفع الإيجار وشراء باقي مستلزمات المحل من أدوات لم تستطع توفيرها من مطبخها المتواضع، كقدرة الفول والأطباق والقليل من الكراسي والمناضد والتي كان يمدها (نبيل) أمام المحل لجلوس الزباين، كما إستعان بشاب صغير من مواطني إحدى دول الجوار في إدارة المحل وتظبيت طلبات الفول (المدنكل) والذي كانت (مها) تقضي نهارها ما بين العناية بالبيت والأطفال وبين تنظيف الفول وبله، وفرم الكبكابية، وتجهيز عجين الطعمية، وسلق البيض، وغيره من مستلزمات المحل.
لم تكن (مها) تنعم بالراحة فما أن تنتهي من برنامج الغداء وتبعاته، حتى تتوجه نحو قدرة الفول وصاج الطعمية وعندما يؤذن لصلاة المغرب تكون قد أكملت التجهيزات وما على العامل سوى أن يأخذها للخارج ويقوم بتقديمها للزباين.
تطور العمل بنفس (مها) الحلو ويدها الطاعمة وصار محلهم الصغير قبلة أهل الحي وما جاوره من أحياء (وبقى العشاء الما من دكان نبيل .. ما عشاء) .. توسع العمل حتى إستقال (نبيل) من المصلحة للتفرغ لإدارته، وتوسع في المكان والطلبات بعد إضافة صنفي الدجاج والسمك لقائمة العشاء مع العصائر والتي كانت جميعا تصنع على يد (مها) دون كلل أو ملل، زاد الرزق وتوسع العمل ليفتتح فروع عديدة من المطاعم وإستعان فيها بمجموعات كبيرة من العمال فإرتاحت (مها) من الشقاء بعد أن كبر العيال وإنتقلوا لبيت جميل إشتراه لهم (نبيل) غير بعيد من سكنهم الأول.
لم تدم هناءتها طويلا، فما أن جرى المال على يدي (نبيل) وإمتطى الفارهات من العربات حتى إلتفت يبحث عن من تسعد مقبل أيامه الحلوه.
نزل خبر زواجه من شابة (حلوة وغندورة) على رأسها كالصاعقة، فإنكفأت على ذاتها تلعق جراح الغدر في صبر أيوب، وعندما جاءت إحدى صديقاتهم القديمات من (زمن الشظف)، لآمت تلك الصديقة (نبيل) دون خوف، وعايرته بزواجه على (مها) بعد كل ما جاهدته معه، قالت له في غضب:
ياهو ده حالكم يا الرجال .. ما ليكم أمان .. بقى بعد السوتو ليك (مها) بتجازيها بالضرة؟؟!!
أجابها في إستعلاء المستغني:
أنا ما قصرتا فيها من أي ناحية .. سويت ليها البريحة كلو .. لكن (مها) مرة خملة وما بتعاين لي روحا .. شوفيها مبشتنة كيف؟؟ ووشّها كملان من العافية!!!
أجابته الجارة الصديقة في حنق:
وشّها شوتو نار صاج الطعمية .. البي قروشا مشيت عرستا المرة (أم وشاً سمح)!!!!!! [/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫8 تعليقات

  1. :lool: الاخت مني سلمان – لية منظارك مسلط علي الرجال فقط انت ما شايفة بنات
    جلدتك بيسوا شنوا — المساواه في الظلم عدل —- بس بالغت شديد المرة دي
    لك التحية والتقدير……

  2. الاخت مني سلمان
    شكرا علي مواضيعك
    هل تصدقي كثير من الناس في غفلة عما يدور
    طبعا نتي بتنهزيهم من حين واخر
    الي الامام – وحليفك التوفيق من الله

  3. روعه يا منى والله روعه ، ولا أعتقد أن القراء المتمدنون يفهموا قصتك ويصدقون واقعيتها أكثر من أبناء القرى والفيافى والبراح الواسعه من وطننا المترامى الأطراف ، ما سردتينه هو فى الواقع يطابق حال الكثير من نساءنا الريفيات اللائى أكتوين بمثل تلك قصص وإن أختلف السيناريو فى طريقة التضحيه والإخلاص يبغى الإخراج هو نفسه ، حقيقة كون عدم تقديس المبادىء الزوجيه شائع ليس عندنا فحسب وإنما على كل بنى جلدتنا من المحيطين بنا ولا أعرف السبب أو التحليل فثقافتى قليله وتجربتى فى مجال الحياة الزوجيه قليله جدا ، لكن الكل يعرف أن حفظ الجميل بواسطة الرجل فى تلك الشرائح الزوجية التى تبداء من الصفر قليل ونادر ، الكثيرين يبدءون من الصفر ولمجرد تحسن الحال يبداء الرجل فى التفكير فى الثانيه ، ربما لعادات الزواج ثقافه تقتضى أن لا تقف رغبات الرجل العاطفية عند وجه واحد من النساء … لا أدرى 0

  4. اولا: سلام منو
    الحياه الزوجيه عبارة عن مشاركة بين الزوجين فى كل شئ الحلو والمر وتضحية الزوجه تكون بكامل رغباتها وعن وعى كامل لمقدار التضحية البتمارسه فى سبيل زواجها وابناءها وبيتها وده حال النساء السودانيات من قديم الزمان لكن الرجال طبعا ما كلهم القليل منهم بيسعى لتجديد حياته بزوجه شابه وجميله ربما يكون السبب الرئيسى فى التفكير ده الزوجه نفسها لانها تنسى روحها مع شغل البيت والجرى ورا العيال والمشاغل اليوميه ( اضف الى ذلك شيوع المراءه العامله اضافه لاعباء البيت ) وده على حساب جمال ورونق المراءه من خلال تقليل اهتمامها بنفسها وجمالها

  5. مقال رائع وسرد رائع ومشوق وواقعي و جميل .

    رائعه يا منى ربنا يخليكي

  6. هل المشكلة فى الرجال ام فى اهمال المراة لنفسها؟عارفة يا منى بتخيل لى جوانا كلنا الخوف من مصىر مها مع اختلا ف الاسباب الممكن تكون مبرر لتصرف انانى ينال من كرامتك وتكون كل الحلول مردودها السلبى بينعكس عليك براك .

  7. العزيزة منى سلمان.أشكرك جدا على مواضيعك التى تكتبينها من أحداث وقصص أصبحت من واقع مجتمعنا السودانى .;)
    صراحة أنا من المدمنين على قراءة عمودك سواء فى الموقع أو جريدة حكايات.
    أتمنى لك التوفيق ودائما إلى الأمام.:lool: