رأي ومقالات

د. عبد الماجد عبد القادر : المشروع الجنوبي الذي قاده قرنق

[JUSTIFY]يبدو أننا في السودان عاطفيون بلا سبب.. ربما لأن الطقس حار وهذا يجعل عواطفنا دائماً حارة وحميمة.. ونقيس المسائل بالعاطفة وليس بالعقل.. مثلاً الجنوب انفصل وذهب إلى حال سبيله «والله حلانا» وتنفسنا الصعداء ووضعنا ذلك الحمل الثقيل من على ظهورنا وبقيت معنا «الخربشة» و«الصقيع» الذي يمكن أن يسببه لنا الجنوبيون إلى أن يهدأوا ويستقروا. ومع ذلك هناك من أبناء جلدتنا من لا يزالون «يبكون» بالدموع على الجنوبيين.. مع أن الجنوبيين سعداء جداً بالاستقلال وسعداء بالخروج من ربقة العبودية والسيادة التي يعتقدون أننا كنا نمارسها عليهم وسعداء بالخروج من هيمنة العروبة والإسلام.. ولا أدري لماذا نتعامل معهم بهذه العواطف «السالبة» والتي لا يوجد عندهم ما يقابلها..

وقبل أيام شاهدنا في قنوات التلفزيون آراء بعض الناس من السودان ومن دولة الجنوب.. وكان كل المتحدثين من الجنوب «عقلانيين» جداً فقد قالوا إنهم يريدون فقط تعاملاً اقتصاديًا يتمثل في إمداد البترول والسلع الغذائية ولا يريدون شيئاً آخر.. أما «جماعتنا» فكادوا يبكون بلسان الحال ولسان المقال.. وتجرأ واحد «من ناسنا» وقال إن «الحالة واحدة» وشعب الجنوب والشمال واحد وأن الخرطوم وجوبا «عنده» واحد وأن الرئيس البشير وسلفا كير «عنده» واحد متساويان لا فرق بين هذا وذاك وأن هذا رئيسه وذاك رئيسه «برضو» وبالطبع لن يقول هذا الكلام زول سوداني عاقل إلا إذا كان «زول جنوبي» ولا تعليق.. وبعض المتحدثين في القنوات الفضائية ذرفوا الدموع ولعنوا الظروف التي فرقت بين ذاك الجنوبي الذي كان يعمل في القصر وزملائه الآخرين.. وذهب بعضهم إلى أن قال إنه فوجئ بأن الجنوبيين يحبون الكسرة والعصيدة والطعام السوداني.. وبعضهم ضرب مثلاً بأحد المستثمرين في جوبا وأنه شمالي ومع ذلك استثمر عشرات الملايين من الدولارات وبعضهم ضرب مثالاً للأخوة العميقة بزواج واحد شمالي من جنوبية في جوبا..

ومن المؤكد أننا لا نحتاج إلى درس عصر لنقول إن الجنوبيين لا بد أن يحبوا الطعام السوداني والمياه المعدنية السودانية والبيبسي كولا والكوكاكولا السودانية لأنهم تعودوا عليها خلال ستين عاماً من الإقامة في السودان.. وليس في الأمر غرابة أن تجد جنوبياً يأكل الكسرة أو العصيدة لأن الفتريتة التي يعمل منها الكسرة هي نفس الفتريتة التي يصنع منها «المريسة» والدول الإفريقية المجاورة لهم تعيش على الذرة الشامية وهؤلاء الناس عاش تسعون في المائة منهم في السودان ولأكثر من ستين عاماً متواصلة وعرفوا خلالها الفول وموية الفول والجبنة وموية الجبنة والطعمية.. ولا بد أنهم يحبون الطحنية والبيبسي كولا السودانية لأنهم هنا أيضاً كانوا يحبونها للدرجة التي أنهم كانوا يخلطونها مع «فتة الفول والبوش» وكون أن يكون هناك مستثمر شمالي أقام فندقاً فهذا المستثمر لم يعد شمالياً لأنه صار جنوبياً بالجنسية حسب علمنا والمعلوم أنه كان يدعم ويتبرع مالياً للحركة الشعبية لكي تضرب السودان وجيشه وأهله.. ولا غرابة على كل حال، والمستثمرون الشماليون على قفا من يشيل في جوبا وفي غيرها.. وأما أن يتزوج شمالي من جنوبية فهذا أمر لا جديد فيه ولا غرابة و«أولاد الملكية» بعشرات الآلاف في جوبا وفي غيرها يقفون شاهداً على زيجات وعلاقات اجتماعية من مثل هذا النوع..

ومن الآن فصاعداً بالله يا جماعة دعونا نكون عقلانيين وعمليين.. فالجنوبيون لم يدخلوا في حالة من العلاقة العاطفية والحب للسودان ولا لأهله.. وإنما كانوا طيلة الستين عاماً الماضية في حالة حرب معنا وتمرد علينا وكانوا يريدون تأسيس دولة وانفصال وقد فعلوا.. وخلال تلك الفترة كانت تربطهم بنا مصالحهم من حيث إنهم يريدون الطعام والكساء والتعليم والعمل.. وقد وجدوه.. والآن يريدون تمرير البترول عبر بلادنا وسيحصلون عليه. هذه هي خلاصة العلاقة.. لا عاطفة فيها ولا أشواق بل «قروش ودولار ومصالح واقتصاد ومنافع ونفط» ودعونا نسمي الأشياء بأسمائها.. فقد كنا مهووسيين بأن الجنوب لن ينفصل وهو هوس مجنون ليس له ما يبرره.. وبعضنا لا يزال يأمل أن ينضم الجنوب مرة أخرى للسودان.. وهو أمر نأمل ألا يحدث ونحن أحياء.. ومن هوسنا أن أولادنا الفنانين والشعراء غنوا للجنوب والجنوبيين طيلة الستين عاماً الماضية ومنهم من قال «منقو قل لا عاش من يفصلنا» وبعضهم قال «حبيبتي جنوبية» ومن قال «يا مسافر جوبا» ومن قال «فيفيان» ومن قال «مافي شمال بدون جنوب» ومن قال «هيا يا شباب ضموا الجنوب» وبالطبع لا يوجد أي جنوبي ولا بالغلط ولو بالسهو أو حتى في الأحلام قال قصيدة في الشمال أو في نسائه أو رجاله.. ولم يقولوا بيتاً من الشعر ولم يقولوا كلمة واحدة ولو بعربي جوبا المكسر ولم يقل أي جنوبي جملة «يا هو أنا واللاهي بهبكم يا أكوانَّا»..

لقد كانت تجربتنا مع الجنوبيين «حرب في دمار في خراب في عدم استقرار» وانتهت الآن بالانفصال.. وليس أمامنا غير التعامل بالتي هي أحسن وفقاً للمعايير الدولية لعلاقة الجوار واستعمال الجوازات والأوراق الثبوتية في السفر والفيزا وشروط التحويل وفتح الاعتمادات في التجارة.

ولا بد أن نفهم تماماً أن المشروع الجنوبي الذي قاده قرنق بدعم أمريكي إسرائيلي مشروع كبير يتمثل في إعادة تركيب خريطة إفريقيا والشرق الأوسط و لم ينتهِ بفصل الجنوب وإنما بدأ به وتفتيت السودان إلى خمس دول وطرد العروبة والإسلام من السودان.. والمشروع بدأ بفصل الجنوب وسوف يستمر إلى أن ينتهي بإرجاع المسلمين والعرب من حيث جاءوا سواء إلى الجزيرة العربية أو اليمن.. ولن أتوقع أن يتم فك الارتباط بين دولة الجنوب والفئات المتمردة إلا بعد تنفيذ كامل البرنامج أو تصالحنا مع امريكا وإسرائيل ولن يتركونا سواء قمنا بترحيل البترول أو فتحنا تسعين معبراً للغذاء بدلاً من تسعة أو منحناهم أربعين حرية بدلاً من حرية واحدة. ويا جماعة بالله خلونا من هذه العواطف الزائفة وعليكم بالمصالح والاقتصاد والمنافع والدولار وسيبونا من حكاية «أنا أكوك تاع إنتكم» وركزوا على «دولار تاع أنا ياهو يجيبو إنت»

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [SIZE=4]مقالك فطير ولا يشبة الدرجة العلمية التي تسبق اسمك المهم في النهاية كلنا افارقة ،، وفي نظر السادة العرب عبيد.. ومننا من يحمل الوسم علي وخدوده او علي جبينة هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه[/SIZE]