حوارات ولقاءات

قطبي المهدي : “علي عثمان” أقرب “للبشير” مني

دافع القيادي بالمؤتمر الوطني د.”قطبي المهدي” عن علاقته بالنائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، واصفاً إياها بالقوية جداً، مؤكداً أنهما لم يفترقا منذ أن كانا طلاباً بمدرسة الخرطوم الثانوية. وقال: (ظللنا طيلة هذه السنين وعلاقتنا روحية وفكرية وتنظيمية)، وأضاف: (في إطار هذه العلاقة القوية نتفق ونختلف مثل كل الناس).
وفند “المهدي” اتهامه بأن دعمه لترشح رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” لدورة ثانية يدفعه تخوفه من مجيء “علي عثمان” للسلطة، وقال في حوار يُنشر بالأسفل إن علاقة “طه” بالبشير أقرب للرئيس مني)، مشيراً إلى أن “علي عثمان” محل ثقة رئيس الجمهورية.

الجزء الأول من الحوار:
حوار / فاطمة مبارك

مرت الساحة السياسية خلال الأيام الفائتة بأحداث كبيرة زادت من التفاعل والحراك الموجود، فحديث بعض قيادات المؤتمر الوطني عن تمسكها بترشح الرئيس “البشير” لدورة رئاسية ثانية أفرز جملة من الآراء والأصوات المعارضة حتى من داخل الحزب الحاكم، وقادت هذه المعركة في النهاية إلى إجراء تعديلات وإبعاد بعضهم، وما زال هذا الموضوع يحظى باهتمام منسوبي الحزب والمراقبين الذين ظلوا يرصدون اتجاهات الرأي حول هذا الموضوع. دكتور “قطبي المهدي” كان أحد قيادات المؤتمر الوطني الذين تصدوا عبر الإعلام لإعادة ترشح الرئيس فيما قابلتها قيادات أخرى من داخل الحزب مستشهدة ببنود القانون التي قالت إنها لا تسمح للبشير بالترشح.. (المجهر) التقت القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور “قطبي المهدي” في حوار تناول الحديث عن ترشح الرئيس، وللأمانة أن الدكتور رفض الحديث بحجة أنه قال رأيه، لكن بعد إصرارنا أكرمنا ببعض الإضاءات حول هذا الموضوع، كما تناول الحوار قضية المحكومين والعلاقة مع الجنوب والحوار الوطني..

{ أنت محسوب على تيار التجديد لكن تمسكك بترشح “البشير” جعل الناس يسألون عن الأسباب التي دعت لتغيير قناعاتك ؟
-أولا لابد أن توضحي أنني لا أريد أن أكرر الحديث في هذا الموضوع ، لكن في تقديري أنا تحدثت فقط عن الحالة السودانية وهي حالة استثنائية تقتضي وجود شخص يتناسب معها، والموضوع الثاني الذي تحدثت فيه أن الحزب يجب أن يعطي نفسه فرصة ليؤهل قيادات جديدة.
{ هذا الحديث يشابه حديثكم حول أن الأحزاب لم تستعد للانتخابات مع أن الفرصة كانت متاحة فلماذا لم يستعد الحزب لموضوع مرشح الرئاسة؟
-إذا كان لديك مرشح مثل الرئيس “البشير” فهذا لا يعني أنك غير مستعد، بالعكس أنت في كامل الاستعداد لديك قيادة مؤهلة ومجربة لكن أنا هنا أتحدث عن المستقبل، فالحزب بعد هذه المرحلة يجب أن يستفيد من الوقت في تأهيل قيادات جديدة.
{ لكن من ناحية قانونية البشير استنفد مدته؟
-لا، أنا تحدثت قبل ذلك عن هذا الأمر والناس عرفت رأيي.
{ أنت قلت في جزء من حديثك إذا وضع دستور جديد سيحدث كذا فهل تتوقع أن يتم تغيير في الدستور؟
-الآن بالدستور الموجود الرئيس “البشير” أخذ فرصة واحدة، فهو ترشح مرة واحدة منذ أن وضع هذا الدستور.
{ مسألة أخذ فرصة أم فرصتين حولها جدل حتى داخل حزبكم؟
-صحيح هناك جدل لكن هذا رأيي أنا، فأنت عندما تضع دستوراً جديداً، الناس ينبغي أن يتعاملون مع الدستور الجديد والدستور حدد فترتين للرئيس وأخذ الفترة الأولى ومن حقه أن يترشح مرة ثانية.
{ قلت كذلك إن الإسلام لم يحدد فترة للحاكم لكن معروف أن الدستور هو عقد أمانة بين المتعاقدين، والقرآن تحدث عن سلطة الناس وهي ملزمة شرعاً؟
-الناس إذا توافقوا على هذا (فأهلاً وسهلاً) لكن أنا بقول ما في شيء يمنع الناس يقبلوا برئيس طالما لديه الاستعداد الكامل لتأدية دوره وتحمل المسؤولية، ما في شيء في الإسلام بيفرض) أن ينتهي دوره في خمس سنوات أو عشر سنوات.
{ هذا في حالة يكون هناك توافق جماعي لكن الآن توجد أصوات معارضة؟
-(خلاص) أنا قلت إذا الناس رأوا عدم صلاحية الرئيس يمكن بعد شهرين يتم عزله.
{ دكتور، صراحة هل تنون إجراء تغيير في الدستور يجعل ترشح “البشير” ممكناً؟
-الاتجاه العام يجري لوضع دستور دائم فقط.
{ أقصد إحداث تغيير يخرجكم من جدل ترشح الرئيس؟
-ترشيح الرئيس لا يحتاج لمادة دستورية.
{ بعض الكتاب المحسوبين على حزب المؤتمر الوطني قالوا إن خطة اختيار الرئيس تمت منذ فترة ؟
-لا أعتقد، لأن هذا الموضوع ينتظر مؤتمر الحزب.
{ بعد صدور الحكم بشأن بعض المشاركين في المحاولة الانقلابية الأخيرة هناك توقعات بالعفو عنهم فماذا تتوقع أنت؟
-إلى أن تستكمل مرحلة التقاضي سيرفع الأمر لرئيس الجمهورية، إما أن يصدق على الأحكام بشكل نهائي أو يكون له رأي آخر، هذا هو المتوقع.
{ نريد أن نتعرف على موقفك من التفاوض مع قطاع الشمال بعد أن قررت الحكومة مفاوضته؟
-أعتقد بالنسبة للحكومة حدثت متغيرات جوهرية بعد اتفاقهم مع حكومة الجنوب، وبدء تنفيذ هذه الاتفاقات هذا غيَّر الموقف من قطاع الشمال لحد كبير، فالحكومة في البداية طالبت بفك الارتباط، المتغيرات التي حدثت أسهمت سواءً بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية فك الارتباط، وهذا أعطى الحكومة ثقة في أنها الآن تتفاوض مع مجموعات سودانية تحمل السلاح، والتفاوض معهم ليس بالشيء الغريب على موقف الحكومة، في الماضي كانت تتحدث عن هؤلاء الناس وهم الفرقتان التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي في جنوب السودان، وما هم إلا فرع لحزب حاكم في دولة أجنبية، الآن هذا الحديث بدأ يتبدل بعض الشيء بعد الاتفاق الأخير ومواقف حكومة الجنوب.
{ ماذا عن موقفك أنت؟
-بالنسبة لي شخصياً معروف أنني ضد التعامل مع أي شخص يحمل السلاح ضد الدولة، أي مخالف سياسي يمكن الحوار والتسامح معه، ولكن شخص يخرج على الدولة ويتصل بإسرائيل ويقتل ويخرب ويضر بأمنها وأمن مواطنيها ويخرج على الدستور فيجب أن يتم التعامل معه وفق القانون في أي بلد في الدنيا هو إرهابي وخائن، هذا رأيي إلا إذا وضع السلاح وقبل بممارسة العمل السياسي حسب الدستور.
{ والسؤال المشروع هل شرع قطاع الشمال في وضع السلاح والتعامل وفق الدستور؟
-من التحولات التي حدثت في موقف الحكومة رغم أن المرجعية الأساسية هى اتفاقية “نيفاشا”، أصبح الآن حتى اتفاق “نافع ـ عقار” إلى حد كبير مقبولاً على ضوء المتغيرات التي حدثت؛ وبالتالي أصبح ممكناً جداً أن يكون محل اعتبار وتقدير، وهذا يقتضي تحول القطاع الى حزب سياسي وأن يضع السلاح وبهذه الصورة يصبح التفاهم معهم مقبولاً حتى بالنسبة لي.
{ هناك حديث عن تغيير الوفد المفاوض مع حكومة الجنوب متى سيتم؟
-بالنسبة للوفد المفاوض مع حكومة الجنوب أعتقد أنه تغير منذ أن استلم الأخ الرئيس ملف المفاوضات هو عدَّل في الوفد أضاف اليه أعضاءً كُثر عزز بهم كفاءة الوفد.
{ مثل من؟
-أضاف اليه وزيري الدفاع والداخلية إلى جانب أن المنهج الحالي للتفاوض يختلف عن المنهج السابق، وهذا ما أدى إلى النتائج الأخيرة، وأعتقد أن الوفد تعزز بكفاءات جيدة والتزم بمنهجية جديدة أوصلتنا إلى هذا الاتفاق.

{ التعديلات التي أجراها الحزب مؤخراً أغضبت بعض عضوية الوطني لأنها لم تأتِ في سياق طبيعي وقادت إلى إبعاد رئيس كتلة البرلمان في الحزب فما ردكم؟
– التعديلات التي حدثت لاشك أنها مطلوبة وجيدة لكنها لا تؤثر بشكل كبير في الوضع القائم لأنها لم تطل القيادة الحقيقية، وما تم حتى الآن هو استبدال أشخاص مكان أشخاص وهذا لا يكفي.
{ ما المطلوب؟
-المطلوب هو هل هؤلاء الأشخاص سيأتون برؤى جديدة ويعملون وفق إستراتيجيات وخطاب جديد، أم أنهم فقط حلوا مكان آخرين، وأعتقد هذا هو المقياس الحقيقي للإصلاح والتغيير.
{ ما يعني أن هناك تعديلات مرتقبة؟
-لا يزال هذا المطلب قائماً.
{ قلت إن التعديلات لم تطل القيادة الحقيقية ماذا تقصد؟
-أقصد القيادة العليا، وليس بالضرورة تغييرها، لكن تأهيل جيل جديد يستطيع أن يتسلم القيادة العليا، هذا لم يحدث.
{ قيل سيُؤتى بك للأمانة السياسية ؟
-لا أعتقد أن هناك مثل هذا الاتجاه لكن حتى إذا كان هناك اتجاه، أنا شخصياً رافض المشاركة في أي مستوى سواءً كان تنظيمياً أو تنفيذياً.
{ ماذا عن الحديث حول شغلك لمنصب رئيس الكتلة في البرلمان ؟
-ليس هناك اتجاه وأيضاً لا أرحب به.
{ على أي أساس تتردد هذه الأيام على المجلس الوطني ؟
-التردد يتم في إطار أعمال أخرى لا علاقة لها بأي موقع.
{ أي أعمال ؟
-أعمال تتعلق بالمؤتمرات التي عقدت أخيراً، خاصة باتحاد البرلمانات الإسلامية وما تفرع عنه من لجان كذلك بعض الاتصالات الأخرى، فأنا أعمل على هذا المستوى.
{ لكن ربما تم تقديم اسمك كمقترح؟
-لا، الذي تم هو استبدال شخص بشخص، والآن يدور جدل حول صحة هذا الإجراء.
{ برأيك هل الإجراء كان صحيحاً ؟
-حسب النظام المعمول به ليس بالإجراء الصحيح، وأنا أتحدث من ناحية إجرائية.
{ إذن ما هى المبررات التي دعت الهيئة القيادية في حزبكم إلى اتخاذ هذا الإجراء؟
-هذا تم تبريره، وقيل إن هذا الإجراء ربما كان تم اتخاذه في فترة سابقة وهو إجراء عادي وهذا وفقاً لقول الحزب، وتتم التعديلات في الأمانات بصورة طبيعية.
{ أنا أسال عن رأيك؟
-لا أريد الخوض في ذلك.
{ تضارب التصريحات بعد إعفاء “غازي” بين الذي تم إعفاؤه والذين اتخذوا قرار الإعفاء، الأمر الذي دلل على وجود ربكة وعدم اتفاق حول مخرجات القرار؟
– أنا استمعت لقيادة الحزب والتصريحات التي صدرت وذكروا أن نشاط “غازي” توقف قبل فترة في المكتب القيادي وأنه قدم استقالته، وهذا حسب ما سمعت منهم وبالتالي التعديل جاء في إطار هذه الملابسات (هذا كلام الحزب).
{ في الاجتماع ذاته قررتم عدم إدلاء العضوية بآرائهم للإعلام، على أن يكون الإدلاء حصرياً على الناطقين، ألا تعتقد أن هذا شكل من أشكال الدكتاتورية الداخلية؟
-أنا كنت ضد هذا الحديث، وأعتقد طالما هناك ناطق رسمي للحزب فهذا يكفي للتمييز بين رأي الحزب ورأي القيادات الشخصي، وأنا تابعت موقف الناطق باسم الحزب الأسبق ويفترض أن يتبين الناس رأي الحزب والمواقف الشخصية للقيادات فما الذي دعا بروفيسور “بدر الدين” وهو شخص محترم ومثقف أن ينزعج من حديث القيادات الأخرى، ولماذا شعر أن دوره لم يعد عالياً؟
{ هذا يعني وجود أصوات معارضة للخطوة ؟
-في النهاية إذا رأى الحزب أصبح مثل خطب (الجمعة) التي تكتبها المخابرات في الدول الديكتاتورية وتوزعها على الأئمة، وبالتالي الناس لا يأبهون بها كثيراً، ويجدون في منطق الآخرين الذين يتحدثون بموضوعية وتحليل جيد ومنطق قوي ويحملون رأي الحزب فهذه ستكون مشكلة الحزب والناطق الرسمي، وأعتقد أن أي قيادي حقيقي لا يمكن أن يقول للصحفي: “لا أعلم أو ممنوع من الكلام”، هذا ليس قيادياً.
{ كيف؟
-القيادي يجب أن يكون له رأي ووجهة نظر سواء قالها داخل أو خارج المؤسسات، وهو يحيل الصحفي لرأي الحزب، وطالما هناك ناطق رسمي يجب أن لا ينزعج الناس، و قيادات الحزب يجب أن تحترم إذا كان لديها وجهة نظر تعبر عنها وهى تعرف تماماً ما هو موقف الحزب، وبالتالي عندما تتحدث، تتحدث بمسؤولية ووعي، طالما هناك ناطق رسمي، لماذا ينزعج الناس؟
{ الجدل ما زال مستمراً؟
-كان هناك جدل لكن ما صدر عن الحزب مؤخراً حسمه حينما قال إننا لا نمنع القيادات عن التحدث للصحف، لكن لدينا ناطقين يعبرون عن الحزب وهذا مقبول.

الجزء الثاني: قيل إن دعمك لترشح الرئيس “البشير” نابع من خوفك بالمجيء بـ”علي عثمان” لا سيما أن العلاقة بينكما يشوبها كثير من التوتر أو كما قيل؟
– أولاً “علي عثمان” أقرب للرئيس مني، بدليل أنه هو الذي يشاركه في الحكم ويتحمل معه المسؤولية طيلة (22) سنة الماضية بكل نجاحاتها وفشلها، وهو محل ثقة الرئيس، وأنا ليس لدى دور في الحكومة.. (مافي عمل رسمي يربطني بالرئيس).
{ نحن نسأل عن علاقتك بـ”علي عثمان”؟
– علاقتي بـ”علي عثمان” قوية جداً لم نتفارق منذ أن كنا طلاباً بالخرطوم الثانوية، وظللنا طيلة هذه السنين، وعلاقتنا روحية وفكرية وتنظيمية، وفي إطار هذه العلاقة القوية نتفق ونختلف مثل كل الناس.
{ ممكن تكون صديقه لكنكما مختلفان سياسياً؟
– (معليش).. هذا لا يعني أنني بعيد عنه. أو لا أحبه. أو بيننا خلافات.
{ قيل إن المشكلة بدأت بينكما منذ أن سلم “علي عثمان” في 1973م اتحاد طلاب الخرطوم لـ”جعفر”؟
– (ضاحكاً).. هذا الكلام غير صحيح.. صحيح طريقتنا في التفكير مختلفة لكن هذا لا يشير إلى أننا (بعيدين) عن بعضنا البعض أو علاقتنا سيئة، وأنا قلت قبل ذلك “علي عثمان” شخص لا يمكن أن تعاديه ولكن يمكن أن تختلف معه، وهذا شيء طبيعي.
{ هناك حديث وسط عضوية حزبكم عن إعادتك للأمانات التنظيمية؟
– أنا لن أشارك سواءً في الحكومة أو الحزب.
{ اتخذت هذا القرار بسبب موقف محدد؟
– أعتقد أنني عملت في الحكومة والحزب وكبرت في السن (خلاص)، لا أريد أن أكون مثل الآخرين.
{ هذا ليس مبرراً كافياً؟
– أنتم لا تعرفونني.. أنا شغال الآن في الحزب ومؤمن بالمؤتمر الوطني جداً، آياً كان رأيي في الحاصل سواءً كان على مستوى السياسات أو القيادات أو المواقف، لكن كتصور أنا مقتنع بالمؤتمر الوطني وأنا عضو فيه، وأكاد أن أكون متفرغاً، (وشغال للحزب) في مستويات كثيرة جداً.
{ الحوار بين “علي عثمان” و”علي الحاج” أعاد أمل الإسلاميين في الوحدة؟
– اللقاءات بين الناس لم تنقطع أصلاً، لأن هؤلاء الناس تجمع بينهم أواصر كثيرة، فكرية وروحية وتاريخية، وكانوا في تنظيم واحد، والخلاف طرأ في القيادة فقط.. العضوية لم يكن بينها خلاف، لذلك الاتصالات سواء كانت في مستواها الاجتماعي أو أحياناً الحوار السياسي كانت موجودة.
{ موجودة على أي أساس؟
– بعضها كان على أساس فردي، وبعضها كان على أساس مجموعات مختلفة.
{ لكن لقاء “علي الحاج” قيل إنه حرك كثيراً من المياه الساكنة؟
– موضوع دكتور “علي الحاج” اكتسب أهمية بسبب وضع الدكتور القيادي في المؤتمر الشعبي، ووضعه التاريخي في الحركة الإسلامية وحكومة الإنقاذ سابقاً، وأعتقد أنه طوّر هذا اللقاء الذي وصفه بأنه كان مجرد لقاء اجتماعي، بعمل مذكرة وزعها على القيادات السياسية كافة في الحكومة والمعارضة، وأعتقد أن هذه مبادرة كبيرة جداً من قيادي في الشعبي (مش باسم الحزب) لكن باسمه، ولها دلالاتها بالتأكيد.
{ عموماً هناك تكهنات في الساحة بأن يقود هذا اللقاء إلى تحولات كبيرة.. فكيف قرأته أنت؟
– أنا لا أقرأ فيه أكثر مما ينبغي.. أعتقد أنه كان حلقة من حلقات التواصل التي ظلت قائمة، قد تمهد الطريق لاتصالات جديدة، لكن حتى الآن حسب ما رُشح من تصريحات قيادة الشعبي لم يحدث اختراق حقيقي في رأي قيادة المؤتمر الشعبي تجاه أي نوع من المصالحة مع المؤتمر الوطني، واليوم سمعنا أن وحدة الإسلاميين ليست أولوية، وليست مهمة بقدر ما أن الوحدة الوطنية هى التي تستحق التركيز والمعالجة.
{ بعض الشعبيين ربطوا نجاح الحوار بقرار الرئيس؟
– المؤتمر الوطني منذ البداية فتح باباً واسعاً للحوار مع المؤتمر الشعبي، والشعبي كان رافضاً، وبالتالي الآن الكرة في ملعب قيادة الشعبي.
{ دكتور صراحة هل هناك ترتيبات فعلية للقاء (الترابي- البشير)؟
– حتى الآن لا توجد.
{ وإلى ماذا تعزو ما يتناقله الناس؟
– هناك تكهنات من قبل الصحف، والسبب هو اللقاء الذي تم بين القياديين في الحزبين، وهذا الأمر أدى إلى تكهنات كثيرة.. مافي شك اللقاء الذي تم كان مهماً، لكن لا أعتقد أنه وصل هذه المرحلة.. هو مجرد مبادرة أولية جداً.
{ “عباس الخضر” تحدث عن أن الساحة موعودة بأخبار سارة فيما يخص حوار الإسلاميين؟
– لا علم لي بالمبادرات الفردية، لكن كلها لن تكون أكبر من مبادرة النائب الأول في لقائه مع “علي الحاج”، وإذا كانت هناك خطوة متوقعة يجب أن تكون على مستوى قيادات أعلى.
{ تتجاوز القواعد؟
– على مستوى القواعد لا توجد مشكلة، حدثت لقاءات كثيرة جداً.. في كثير من الولايات قطع الناس شوطاً كبيراً في موضوع إصلاح ذات البين كما يسمونه، بجانب مبادرة (سائحون) لكن الخلافات كانت على مستوى القيادة، لذلك إذا كان هناك اختراق حقيقي يجب أن يتم على هذا المستوى.
{ ألا يمكن أن تشكل هذه اللقاءات ضغوطاً على القيادات؟
– لا شك أنها تمثل ضغطاً على القيادات بعض الشيء، لكن في النهاية الذي يحسم الأمر هو رأي القيادات.
{ التغيير الذي تمّ في الوفد المفاوض هل غيّر موقف دكتور “قطبي” فيه؟
– بطبيعة الحال.
{ إذن تعتقد أنه يمكن أن يقود إلى نتائج؟
– ما تم حتى الآن عزز الثقة لحد كبير في المزيد من الاستقرار في المناطق الحدودية والتعامل مع الخارجين عن القانون، وحتى الآن الأمور تسير بشكل مرضٍ، ونحن ننتظر أن يقود هذا إلى المزيد من المعالجات، خاصة فيما يتعلق ببعض القضايا مثل وجود أبناء النوبة في الجنوب، ووجود معتقلين من أبناء الشمال مثل “تلفون كوكو”، وتطبيع الوضع في منطقة (الميل 14) بشكل كامل، ويبقى طبعاً موضوع أبيي.. ونرجو أن تنعكس كل إجراءات تعزيز الثقة على المفاوضات القادمة، وموضوع أبيي والمناطق المتنازع حولها.
{ قيل إن هناك اتجاهاً لإجراء عملية تبادل بين معتقلين في الشمال بـ”تلفون كوكو”؟
– “تلفون كوكو” لم يُعتقل لأنه قام بعملية تخريبية في الجنوب ولم يحاكم قضائياً في أية جريمة، وإنما تم اختطافه واعتقاله لأسباب سياسية، وإذا كانت هناك شخصية اعتُقلت في الشمال وحكم عليها قضائياً لارتكابها جرائم فمثل هذا الشخص لا يمكن تبادله مع “تلفون كوكو” لأن هذه حالة مختلفة تماماً.
{ إذن لا نتوقع استبدال “تلفون” بشخصية جنوبية معتقلة في الشمال؟
– ليس لدينا جنوبيون معتقلون سياسياً، لكن كان هناك أسرى عسكريون في المعارك الأخيرة، وأعتقد أن هذا الأمر تم.. نحن أطلقنا ما لدينا من أسرى، وفي هذا الإطار تم بعض التبادل.
{ “إبراهيم الماظ”.. ألم يكن جنوبياً؟
– “إبراهيم الماظ” عضو في المؤتمر الشعبي وتم اعتقاله وهو يحمل السلاح ضد الدولة وحكم عليه قضائياً، لكن “تلفون كوكو” لم يحمل سلاحاً على دولة الجنوب ولا حاربها.. هو مواطن شمالي تم اعتقاله بطريقة تعسفية وغير مبررة، وبعد الانفصال لم يعد مواطناً جنوبياً أو عضواً في الحركة الشعبية لجنوب السودان، ويفترض أن يُطلق سراحه.
{ كيف تقرأ مستقبل (المصفوفة) على ضوء زيارة الرئيس لجوبا؟
– بالنسبة لـ(المصفوفة) أعتقد أنه اتفاق معقول، وبطبيعة الحال (عشان تصل لاتفاق) لابد أن تتم بعض التنازلات، وفيما يتعلق بالتنفيذ هناك ظروف معينة ستحكم البلدين، خاصة الجنوب، بالتأكيد هي التي أدت إلى جدية الجنوبيين في تنفيذ الاتفاق.
{ تقصد الظروف الداخلية؟
– ليس فقط الظروف المحلية، ولكن هناك ظروفاً دولية وإقليمية كان لها الأثر في ذلك.. أعتقد أن النصائح التي وجدتها حكومة الجنوب من بعض الدوائر الخارجية شجعتها على المضي في هذا الاتفاق، ولا تزال حاكمة لحد كبير ومتحكمة على دولة الجنوب للالتزام به.
{ وداخلياً؟
– داخلياً بعض القيادة الجنوبية والمتشددة بالذات أدركت أن العلاقة مع الشمال موضوع أكبر من كراهية الجلابة، والجهات التي كانت تدفع بهم إلى المواجهة وكراهية الشمال غير صادقة في علاقتها معهم، وبالتالي اكتشفوا أهمية وقيمة العلاقة مع الشمال، وهذا كان له أثر في عودة العلاقات إلى وضع طبيعي، وهذان العاملان كان لهما أكبر الأثر في ضمان مستقبل (المصفوفة).
{ أين وصلت دعوتكم للحوار الوطني؟
– أعتقد أن الاتصالات مستمرة مع الأحزاب كافة، وهناك إشارات إيجابية من بعضها وسلبية من بعض المجموعات.. بشكل عام، فكرة الحوار مقبولة من حيث المبدأ.
{ فيما تمثلت الإشارات السالبة؟
– بعضهم يضع اشتراطات مسبقة، والبعض لديه مطالب معينة، وبعضهم جاهز للحوار.
*هل الاشتراطات مقبولة لديكم؟
– بعضها مقبول، والآخر غير مقبول.
{ نود التعرف تفصيلياً على الشروط؟
– مثلاً كان هناك اشتراط لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتم قبوله فوراً وتنفيذه.
{ ماذا عن الشروط الأخرى؟
– بعضهم تكلم عن شروط تعجيزية قد لا تكون مقبولة.
{ مثل ماذا؟
– مثل تغيير الحكومة، وضرورة أن يسلّم المؤتمر الوطني الحكومة إلى حكومة قومية انتقالية فيها كل الحركات والأحزاب المعارضة وغير المعارضة، وهذا واحد من الشروط التعجيزية لأنه يصطدم بالدستور.
{ المعارضة تتحدث عن ضرورة تهيئة الساحة؟
– أعتقد أن الساحة مهيأة تماماً، وليس هناك ما يمنع الناس من الجلوس، وليقولوا كل ما يريدون قوله، لكن بعض الأحزاب تتذرع بأشياء للتهرب من الحوار.
{ ربما تنتظر تنازلات؟
– هذه حاجة غريبة، فالشخص الذي تقول له (تعال) نتفق على أشياء يقول (في الأول أعطيني جزء من السلطة).. تنازل عن السلطة ثم نأتي للتحاور.. الأمور لا تمضي هكذا.. العربة لا توضع قبل الحصان.. والصحيح، ينبغي الجلوس مع الناس وبعد ذلك قول (عايز كذا)، وبعد الاتفاق يمكن التنفيذ.. لكن لا يمكن أن تطلب التنازل عن السلطة أولاً كشرط للحوار.
{ قيل إن حزب الأمة قطع شوطاً في مسألة الحوار؟
– لابد من تهيئة الجو للحوار وأقترح بعض الشروط.
{ كانت مقبولة بالنسبة لكم؟
– أعتقد أن بعضها موجود.. لما الناس تتحدث عن الحريات أنا بستغرب جداً ما هي هذه الحريات التي يطالب بها الناس؟ الحريات متاحة، إذا كان الناس وضعوا مسدساً على الرؤوس ودعوا الناس للحوار معليش، لكن الإنسان فتح لك الفرصة لتقول كل ما تريد.. ما هي العقبات أمام الحوار؟ الحرية متاحة للناس ليقولوا رأيهم بكل صراحة.. لماذا يفتعل الناس شروطاً ليست لها علاقة بالحوار؟!

صحيفة المجهر السياسي