رأي ومقالات

ضياء الدين بلال : الحركة الشعبية التي يقودها الآن الثلاثي (عقار وعرمان والحلو) لا تملك الأوراق التي كانت في يد قرنق

الصحف تنقل عن بروف إبراهيم غندور تصريحاً مباشراً(مستعدون للحوار حول المنطقتين) وعلى الضفة الأخرى يرد قطاع الشمال على التحية بقذائف الكاتيوشا العمياء التي لا تميز بين الأعداء والمتعاطفين!
ما يجب ألا يغيب عن غندور هو أن القطاع غير مستعد للجلوس على طاولة التفاوض، الآن على الأقل!
السبب ذكرته من قبل في أحد المقالات وهو أن قادة قطاع الشمال هم الأكثر تأثراً بذهنية دكتور جون قرنق وطريقته في التفكير، خاصة في الربط بين عمليات الميدان العسكرية ومتطلبات اللحظة السياسية.
قرنق قبل كل مفاوضات كان يحرص على القيام بعمليات عسكرية شرسة وتنفيذ مهام نوعية حتى لا يجلس للتفاوض على مقعد مبتل!
قبل نيفاشا سيطر قرنق على توريت وقبل أبوجا هجم على جوبا من الداخل وأثناء الاستعداد للتفاوض مع حكومة ما بعد الانتفاضة أسقطت الحركة الشعبية طائرة الفوكر المدنية المقلعة من مطار ملكال!
على هذه المعطيات يكون الرد على إعلان غندور باستعداد الحكومة للتفاوض حول المنطقتين هو أن القطاع غير مستعد للتفاوض إلا بعد إحراز هدف عسكري في مرمى الحكومة ليعود إلى المبارة مرة أخرى!
ولكن الحقيقة الأسطع وضوحاً هي أن الحركة الشعبية التي يقودها الآن الثلاثي (عقار وعرمان والحلو) لا تملك الأوراق التي كانت في يد قرنق ولا تمتلك مقدرته على صناعة المفاجآت ومباغتة الخصوم!
كان متوقعاً اختيار كادوقلي من قبل الحركة كهدف عسكري، لتحسين الموقف التفاوضي، ولكن من الواضح أن استخدام الكاتيوشا يعبر عن الضعف أكثر من القوة والعجز أكثر من المقدرة!
استخدام الكاتيوشا يوضح وجود عجز في التحرك الفاعل تجاه الأهداف المهمة عبر عمليات عسكرية تقوم بها قوات الجيش الشعبي!
الكاتيوشا سلاح فردي دعائي يثير الرعب والفزع وسط المواطنين ولا يحقق متغيرات عسكرية على أرض الواقع، وإن كان في مرات يستخدم كممهد لهجوم قادم..!
واستخدام الكاتيوشا بطريقة عشوائية يصيب المدنيين الأطفال والنساء وتتضرر منه الحركة الشعبية أكثر من الحكومة السودانية!
السبب في ذلك بسيط جداً ، وهو أن أول ما تصيب قذائف الكاتيوشا تصيب خطاب الحركة الشعبية القائم في الاساس على مناصرة قضايا مواطني المنطقتين.
لا يمكن أن يبرر المنطق أن تسعى جهة ما لاحياء قضايا محددة عبر قتل أصحابها..!
ستحتاج الحركة الشعبية لمجهود أخلاقي خارق لتبرر التجاءها لتحرير رسائل سياسية بدماء من تقول إنهم مناصروها في كادوقلي.
استخدام الكاتيوشا ضد المدنيين ومطالبة سكان كادوقلي بإخلاء المدينة ليتحولوا إلى نازحين يضعف استخدام الورقة الإنسانية في الخارج من قبل الحركة الشعبية قطاع الشمال، فلا يمكن أن تصنع الماسأة في كادوقلي، ثم تذهب لتذرف الدموع عليها في واشنطن!
ومع هذا، لم تكن الحكومة موفقة في اختيار كادوقلي كواحدة من المدن التي ستقام بها بطولة سيكافا لكرة القدم!
الخطوة لا تخلو من التهور، سقوط صاروخ واحد في كادوقلي أثناء مباريات سيكافا سيكتسب زخماً إعلامياً يؤكد نقيض ما ترغب فيه الحكومة!
الحكومة باختيارها لكادوقلي وضعت نفسها في موقف حرج، الاستمرار في تنفيذ القرار مغامرة غير محسوبة العواقب، والتراجع عن الخطوة سيمنح قوة للدعاية المضادة التي تسعى لتأكيد عدم وجود أمان في كادوقلي لا للمواطنين ولا للزائرين!
diyaaeldin رئيس تحرير صحيفة السوداني

تعليق واحد