رأي ومقالات

ضياء الدين بلال : معلومات لا تقال إلاّ تحت إجراءات مشددة

[JUSTIFY]سَبَقَ وذكرتُ من قبل أنني أتابع باهتمام المجهود الذي يبذله الأستاذ الصحافي محمد علي صالح في ترجمة الوثائق الأمريكيّة الخاصّة ببدايات حكم الرئيس جعفر نميري.
وتضمّنت الوثائق الرسائل المتبادلة بين سفارة واشنطن بالخرطوم والخارجية الأمريكية ومكاتب المخابرات.
أكثر ما أثار انتباهي في تلك الرسائل المفرج عنها بعد أكثر من ثلاثين عاماً من تداولها، أنها حوت معلومات بالغة الحساسية، تعد من المحرمات الاجتماعية.
معلومات لا تقال في العادة إلاّ تحت إجراءات مجلسية مشددة.
لا يستطيع في السودان شخصٌ أن يصف شخصية عامة بأنها «زير نساء» أو أنها «مجهولة النسب» إلاّ إذا ضمن أن كلماته تلك لن تعبر آذان سامعيه إلى آخرين.
السفراء الأمريكان في تلك الفترة لم يدخروا لحماً حياً لساسة الخرطوم.. فأرسلوا لخارجيتهم معلومات تصل إلى آخر نقاط المسكوت عنه.
معلومات اقتحمت السجلات الخاصة لأبطال المسرح السياسي السوداني.. ولم تقف على ذلك، بل أخضعت حتى أصحاب الأدوار الثانوية والكومبارس، لتنقيب قاسٍ في سيرتهم الذاتية..!
السفارات في الخرطوم – أمس واليوم وغداً – تبذل من الجهد أقله في جمع المعلومات.. لا تحتاج لجواسيس محترفين أو أجهزة تنصت بارعة الالتقاط.. لأنّ أدق المعلومات وأخطرها يتم الحصول عليها على قارعة مجالس الليل وثرثرات النهار!
الأسرار في السودان تحفظ في خزائن من زجاج.. تسهل رؤيتها بوضوح.. ويسهل الحصول عليها بيسر!
الاستعراض بالمعلومات من أوضح خصائص الشخصية السودانية.
السوداني – كما انتبه – د. محمد عبد اللّه الريح منذ وقت مبكر، يجد في نفسه حرجاً عظيماً في الاعتراف بعدم المعرفة.. وللتدليل على ذلك كانت قصة حسّاس محمد حساس الدرامية، في اختراع اسم وهمي راح يسأل من طرف عن منزله.
ولأنّ السودانيين لا يعترفون بعدم المعرفة، ظلوا يتبرّعون بالمعلومات عن الشخصية الوهمية (متى رحل وأين يسكن الآن؟).. وحسّاس يريد أن يصل بالأمر إلى حده (ليشوف آخرتا مع سعد الدين إبراهيم).. ينتقل من مكان إلى آخر مع إفادات المعينين إلى أن وجد لشخصيته الوهمية بيتاً ومسكناً، رجلاً بشنبات عراض وصوت غليظ.. يقول له: (مرحب اتفضّل نعم أنا فلان)..!
وللصديق الأستاذ عادل إبراهيم حمد ملاحظة ذكية وهي أن السودانيين يحصلون على المعلومات بسرعة، ويطلقونها بأسرع ما تيسّر، وإذا لم يتمكّنوا من الحصول عليها يصنعونها كإشاعة يصعب دحضها بعد ذلك، حتى في حال حضور المعلومة الصحيحة.
ولعادل أمثلة في ذلك تؤكد ما ذهب إليه..! رسائل السفير الأمريكي بالخرطوم لخارجيته في مستهل السبعينات كما حملت كثيراً من المعلومات الفضائحية عن الرجال والمواقف الجادة، إلاّ أنّها لم تخلُ من طرائف وسخرية لاذعة.. حيث قال في إحدى رسائله إنّ الرئيس «يشرب الخمر ويحاول التوقف عن السجائر» وإنه يريد أن يتعلّم الحكم من خلال سيطرته على السلطة..!
فكرة كشف الوثائق السرية للدول بعد مرور حقب زمنية محددة، فكرة عظيمة، رغم كل شيء، لأنّها تسهل كتابة التاريخ بصورة أقرب للحقيقة.
والأهم من ذلك أنها تضع الرجال في مقامهم المستحق.. فكثيرون في غياب عيون التاريخ ورواصد الزمان يسهل عليهم الهروب من ماضيهم، وركوب قطار المستقبل دون دفع ما عليهم من متأخرات.. ويستطيعون أن يأكلوا في أكثر من خريف وعلى كل الموائد، دون أن يكونوا في حاجة لغسل أياديهم ما بين المائدة والأخرى!

صحيفة السوداني [/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. هو في عسكري مابشرب خمرة ، والخمرة عندهم معناها الرجالة وكان مابتشرب انت ماراجل. كل حكام السودان العسكريين عاقروا الخمر في حياتهم.. وخلوها مستورة ياودبلال.

  2. فعلا وحقيقة اي سوداني تتعرف عليه في خمسه دقائق تعرف انه اتزوج وزوجته اسمها فتحيه وعندو ثلاث اولاد وبنت شاطرين ولدوهم في رويال كير وانه سبق ان طلق زوجته لانها بتشرب شيشه مع جاراته .. وان لديه قطعة ارض اشتراها بدون اوراق بواسطة محامي كبير اسمه…. وسجله ليهو ولان هو باني بقرض من البنك الاسلامي بعد ان ضمنو ودخالو الشغال في البنك والمستعد يخدمك …
    وسيقول لك عن مغامراته وانه يشتغل محاسب او موظف وان مؤسسته ومديره مصري كلب حقير خصم منه يومين لانه ذهب لزواج بت خالته في استراحه رقصت فيها بت عمتو لما الناس علقوا على امكانياته وفكر يصالح مديروا المصري كان يلقى ليها فرصه في شارع الهرم

  3. [SIZE=3]الخوف ان يكون ما حصل للسلطة الفلسطينية يحدث عندنا اليوم , وهو ان يتم تسجيل لفضائح الوزراء وابتزازهم بها اذا لم ينفذوا ما يطلب منهم[/SIZE]