رأي ومقالات

محنة المعارضة السودانية ( 1 )

[JUSTIFY]والأسئلة التي تطرح في حضرة المعارضة السودانية الحزبية كثيرة ومتناسلة كأمعاء شريط كسيت فاسد سحبه أحد الصبية فالتف حول يديه وعنقه وقيد أرجله وكاد أن يسقط، دعونا نبدأ بأخفها وأقلها حرجاً وحده، فهل كانت أحداث أم دوم الأخيرة هي أحداث سياسية محضة كانت ستقود إلى تغيير النظام دعك من إسقاطه وهزيمته؟ فلماذا إذن تبنتها الأحزاب وناشطو تلك الأحزاب وجعلوها بقدرة قادر منشطاً فائراً وراتباً أخذ مدار الأسبوعين الماضيين وهم يتحدثون عن النظام المغتصب وأهالي أم دوم (المناضلين الأشاوس)؟!!

لماذا تكثر المعارضة أصلاً من تبني مثل هذه الأحداث وتحضنها إلى صدرها وترفعها فوق رأسها ثم تسير بها المسافات الشاسعة وتزحم بها الفضاء ضجيجاً؟ هل كثرة حالات التبني هذه تدل على حالة عقم مستعصية يعاني منها الجسد المعارض؟ هل انحناء هذا الجسد المعارض لالتقاط كل حدث ونسبته إلى يوميات المعارضة يدل على أن الرحم المعارض قد أزيل منذ زمن ومن ثم هو في حالة يقين صوفي عميق بعدم القدرة على الإنجاب مهما تكاثر الملقحون ومن ثم فالطريق الأقصر هو هذا التبني؟ ومن أين تضمن المعارضة أن يتوافر الحد الأدنى لدي هؤلاء المتبنين من البر والوفاء وعدم الخذلان؟ كثيرة هي المواقف والأحداث التي تسرع المعارضة الحزبية إلى تبنيها ثم سرعان ما تخذل تلك الأحداث هذه المعارضة .. خروج سكان حي طرفي يقاومون آلات الهدم وإعادة التخطيط التابعة للولاية سرعان ما تتقافز في دفاتر المعارضة كحدث طوفاني قادم يكنس النظام بعيداً، خروج أسر تلاميذ مدرسة حكومية احتجاجاً على إجراء خاطئ من قبل إدارة التعليم الحكومي يتحول عند مظان المعارضة إلى فعل ثوري لن يتراجع بدك قصور النظام ثم تخيب الآمال في كل مرة ويعود الجميع للنوم إلى حين إشعار حدث سطحي وهامشي آخر.

نعم أعرف سيرد راد أن هذا السلوك للمعارضة هو سلوك معروف في أدب التكتيك والتضييق على الأنظمة بتبني وإظهار وإعلان شأن كل الأخطاء الحكومية لإثارة الحنق والغضب عليها وربما إرباكها وكسر حواجز الخوف لدي المواطنين وتشجيعهم على المغاضبة والرفض والاحتجاج .. كل هذا مفهوم لدي في إطاره المقصود ولكنه قول مردود عليه أيضاً، فالاحتفاء بالعوامل الثانية والعناصر المساعدة في غياب المشروع الأساس سيقود فقط إلى ما يسميه علماء الاجتماع السياسي بظاهرة التنفيس الجماعي ومردود ذلك التنفيس يكون لصالح تثبين ركائز الأنظمة أكثر من خلخلتها وستجد الأجهزة الحكومية نفسها في حالة نشاط ذهني يومي وهي تتعامل مع إشكالات عادية يومية تكسبها المزيد من الثقة في نفسها وتكسب مسرحها ورجالاتها الكثير من الحيوية في التعامل مع قضايا المواطنين وقد يقربها هذا أكثر منهم بدلاً من المباعدة التي ترتجيها المعارضة الحزبية وكل هذا يعد بحساب النقاط كسباً للحكومة لا خسارة لها.

محنة المعارضة السودانية تبدو أكثر عمقاً من هذا وهي تعيش على فتات الأخبار والهمز واللمز الذي تتناقله مجالس المدينة وهي أحاديث معجونة بماء التمنيات والرغبات أكثر من كونها حيثيات حقيقية وواقعية يمكن البناء عليها بل تبدو المحنة أعمق عندما يكتشف الكثير من النشطاء الحزبيين أن النظام يستمد عناصر قوته وشهور بقائه المتطاولة بغمس يده والتمسح بزيت الكثير من الأسماء والرموز القائدة داخل صفوف المعارة.

صحيفة الخرطوم
حسن إسماعيل[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [SIZE=5][B][COLOR=undefined]أجمل مقال أقرأه فى حياتى يُشخص حال معارضتنا والتى أصبحت حقاُ متلقية حجج وفقط حيث أصبحوا يحسبون كل صيحة فى مدينة أو قرية أو حتى زقاق بأنها القاضية على النظام ولهذا يتبنى هؤلاء هذه الصيحات أملاً فى تحقيق مكاسب من وراءها هم عاجزين عن تحقيقها بأنفسهم ، إنها مهزلة وأي مهزلة ، شكراً للأستاذ حسن إسماعيل ونقول لمن لا يعرفونه فهو من قادة الشباب فى حزب الأمة القومى وكاتب صحفى معرف .[/COLOR][/B][/SIZE]