حوارات ولقاءات
البروفيسور “الحبر يوسف نور الدائم” وحوار عن الوضع السياسي الراهن
البروفيسور “الحبر” كان متحفظاً في الحوار وأحياناً مطالباً بأسئلة محددة رغم أن الأسئلة محددة، ولكن في النهاية قدناه بطريقتنا وإلا كنا أنهيناه، لأن عدم التجاوب كان أحياناً واضحاً رغم موافقته على الحوار معه بمكتبه داخل قبة البرلمان، وهناك حوار آخر يتطرق إلى جوانب أخرى من حياته، ولكن من وجهة نظره يعتقد أنها ثرثرة فيما لا فائدة كدخوله المدرسة، وعلى يد من قرأ القرآن، وهل يحفظ القرآن، وهل يدخن، ومن الذي جنده لحركة الإخوان المسلمين وأصدقائه بالبرلمان.
{ كيف تنظر إلى الوضع السياسي الراهن في ظل الاستهداف من قبل الحركة الشعبية (قطاع الشمال).. وهل من أسباب ودوافع لهذا الاستهداف؟– طبعاً الأسئلة من هذا القبيل تكون محتاجة إلى مختصين في السياسة يجوا ويوروك القراءة في الوضع السياسي الآن. { ولكن يا بروف أنت رجل سياسي؟
– سياستي أنا بعرفها إن كنت سياسياً أم لا، فإذا كانت لديك أسئلة محددة أسألها. { في أسئلة محددة أكثر من كده يا بروف؟
– هذا سؤال محدد يا بروف.. لقد رفضت الحكومة الجلوس مع (قطاع الشمال).. فلماذا تراجعت الآن وقبلت بالحوار؟
– بالنسبة لي إذا قال الإنسان شيئاً لا بد أن يلتزم به، وإذا التزمت به لا بد أن أنفذه كما هو، الآن هناك بعض الضغوط على الناس فاضطروا للتعامل مع (قطاع الشمال)، ولكن بالنسبة لي مسألة الحوار مع ناس حملوا السلاح غير مجدٍ. { هل نوقف الحوار معهم؟
– أنا مع الذي يحمل السلاح لا بد من الرد عليه بنفس السلاح، أما الإنسان الذي يريد التشاور والتحاور والأخذ والرد نتعامل معه بهذا الأسلوب، لذلك أقول إن الإنسان الذي يأتيك بصاروخ أو بندقية أو كلاشنكوف أو غيره وأنت تريد أن تقابله بغصن الزيتون فهذا عندي نوع من العبط، لذلك ينبغي أن أتعامل معه بنفس أسلوبه. { ولماذا كان استهداف (أم روابة) و(أبو كرشولا).. هل الحركة (قطاع الشمال) تريد أن تروع الآمنين في المدينتين لتدخل المفاوضات وهي في موقف قوة؟
– إذا كان هناك محللون سياسيون يقومون بتحليلات لمثل هذا التفاوض الذي يجري بين الحكومة وآخرين، وهؤلاء يريدون رفع سقف التفاوض لأنهم كلما ضغطوا تمت الاستجابة لهم، وإذا قلنا لن نفعل كذا وعدنا لنفعل، فهذا نوع من أنواع الضعف، لذلك هؤلاء يريدون أن يرفعوا سقف التفاوض، وأنا هنا أسأل هل (قطاع الشمال) هم من دولة الشمال أم من دولة الجنوب، هذه مسألة لا بد أن يكون فيها وضوح، فنقول يا “ياسر عرمان” يا “عبد العزيز الحلو” يا فلان، هل أنتم مع حكومة الشمال أم مع حكومة الجنوب وما هو وضعكم الآن؟. { هل تعتقد أن حكومة الجنوب فعلاً رفعت يدها تماماً من (قطاع الشمال)؟
– هكذا يقولون، وهذا هو الشيء الظاهر، لكن Under The Table جائز تكون هنالك اتصالات، لكن الشيء الظاهر والمعلن يقولون إنهم رفعوا أيديهم تماماً عن (قطاع الشمال)، وأنا في شك من ذلك. { لماذا استهدفت (أم روابة) و(أبو كرشولا) بالذات؟
– أي إنسان في قلبه ذرة من الوطنية والإنسانية والإيمان لا يمكن أن يفعل الفعل الذي فعلته الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، فمواطنو (أم روابة) و(أبو كرشولا) آمنون في مناطقهم ومستقرون وهم يعيشون في منطقة ليست منطقة حرب أو قتال، وتأتي هذه الحركة وهي تحمل من السلاح ما تحمل وتفتك وتنهب وتقطع الكهرباء والمياه، فهذا فعل لا يقوم به من له أخلاق أو إنسانية أو غيرهما. { هل تعتقد أن دولة الشمال قصرت تجاه رعاياها؟
– لقد سمعنا أن هناك معلومات قد توفرت للجهات المسؤولة ولكن لم نتعامل معها بصورة جادة، هذا الموضوع يخضع للدراسة، أي مسؤول قصر في القطاع الذي يتولاه ينبغي أن يُسأل عن هذا التقصير، لذلك نطالب كل إنسان أن (ينجض حشته) وبهذا التعبير فالحكومة التي لا تستطيع الدفاع عن مواطنيها فلتذهب غير مأسوف عليها. { أنتم داخل هذا البرلمان..
– ماذا تقصد بـ(أنتم)؟ { أنا أقصدك أنت كعضو داخل هذا البرلمان.. فقد طالبتم بأن يمثُل وزير الدفاع أمام البرلمان لتقديم تقرير عن الذي حدث.. هل ستحاسبونه؟
– لقد طالبنا وزير الدفاع أن يمثُل أمام البرلمان منذ الأسبوع الماضي ليدلي بما لديه من معلومات وكيف وقعت تلك الأحداث، وكيف تسير هذه القوى المسافات الطويلة دون أن يعترضها أحد، هذه أسئلة مطلوب الرد عليها وإن كان هناك ثمة تقصير فلا بد من المحاسبة، لذلك أي حدث كبير كالذي حدث في (أم روابة) و(أبو كرشولا) قد تصل المحاسبة والمساءلة فيه لدرجة الإقالة أو المحاكمة، وقد تصل لأية درجة من الدرجات. { أنت كعضو داخل البرلمان.. هل تطالب برفع الثقة عن وزير الدفاع جراء الذي حدث؟
– الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” وزير الدفاع حتى الآن لم يمثُل أمام البرلمان، وإلى أن يأتي ويقدم حيثياته سيتم النظر فيها ويقيِّمها. { البرلمان أحياناً في القضايا التي تهم المواطنين.. مثلاً عندما تقدم الميزانية من وزير المالية ومنها حالة رفع الدعم عن المحروقات ينبغي أن تقفوا مع المواطن ولكن نلاحظ العكس؟
– هذه اتهامات قد تكون صحيحة وربما تكون خطأ، لأننا في حالة الميزانية ورفع الدعم وقفنا ضدها، والناس قالوا فيها كلام كثير ولم ينفذ، وهناك حديث كثير يقوله البرلمان ولكن ربما الجهة التنفيذية لا تنفذه. { كثر الحديث عن الفساد وأنت كعضو في البرلمان ما هو دوركم؟
– هناك جهات مسؤولة عن الفساد كالمراجع العام وهو يقوم بتقديم تقريره ويقول هناك اختلاسات في كذا، كما أن هناك جهات تحاسب المفسدين. { وما هو دوركم كنواب؟
– البرلمان دوره في إجازة القوانين والتشريعات ومراقبة ما هو في حدوده، وهناك جهات أخرى لها الصلاحيات.
{ إذا أعدناك إلى الحركة الإسلامية أو حركة الإخوان المسلمين منذ بداياتها وأنتم جزء منها.. الآن بعد استلام الإنقاذ السلطة وتم التطبيق الإسلامي.. هل تعتقد أن هناك مأخذ على الدولة وأنت جزء منها؟
– أنا جزء من شنو؟ { أنت جزء من الحكومة؟
– جزء من الحكومة. { أنتم لديكم ممثل في الحكومة؟
– من نحن؟ { أنتم الإخوان المسلمون.
– مَْن مِنْ الإخوان المسلمين ممثل في الحكومة. { كان الدكتور “عصام أحمد البشير”.
– كان عصام! { تسأل “عصام” إذا كانت لديك أسئلة ليه.. ألم تعرف “عصام أحمد البشير”؟.
{ عرفت ترككم.
– وماك عارف أنا { أعرف أنك رفضت موقع المرشد؟
– لم أرفض، ولكن الجماعة ليها أساليبها. { نحن نتحدث الآن عن الدولة الإسلامية ونهج الإخوان منذ البداية الوصول إلى السلطة.
– مقاطعا:ً في حزب في الدنيا لم تكن له رغبة في الحكم؟. { نود معرفة وجهة نظرك حول التطبيق الإسلامي في السودان؟
– أي حركة من الحركات تسعى في سبيل تنفيذ ما عندها من شعارات وما عندها من قيم، فمن الناحية النظرية الوصول إلى السلطة هذا هدف من الأهداف، كيف تحافظ على هذه السلطة هذا جزء، ماذا تفعل بهذه السلطة وهذا هو المحك هنا! فأية حركة سواء أكانت شيوعية أو بعثية تسعى لهذين الهدفين، الهدف الأول الوصول إلى السلطة والهدف الثاني المحافظة عليها، والإسلام عنده شيء زائد عن ذلك، ماذا تريد أن تفعل بهذه السلطة، وهذا المجال الذي يكون فيه أخذ ورد وما يخضع للتقييم، ونظرة الناس ليه، هل الناس الذين بلغوا هذه السلطة قدموا الأنموذج الصالح الذي يشار إليه مثلاً حركة إسلامية وكذا، هل استطاعوا أن يفعلوا هذا؟ هذا سؤال عايز قدوة عايز مثال، فنحن بعيدون عن هذا الأنموذج، وقد تكون هناك بعض المبررات وبعض الأسباب كقولهم المسافة طالت بيننا وبين الحكم، والآن نحن نواجه ومستهدفون، هناك كلام كثير يقال في هذا الاتجاه، وهذا يخضع لتقييم الناس ونظرتهم، فالمعلومات الآن أصبحت متاحة للجميع لكن تحليلها هو الإشكال. { هل يمكن أن تهتدي دول الجوار بهذه التجربة؟
– يمكن أن تكون في بعض الجوانب جوانب مشرفة جداً، ويمكن أن تهتدي بها. { مثل ماذا؟
– مسألة الحريات، الآن لدينا عدد كبير من الصحف ويمكن أن تكون أكبر مما يجب، وفي تقديري أنا الكمية الموجودة الآن من الصحف أكثر مما يجب. { هل الآن توجد حرية كاملة للصحافة؟
– حرية كاملة غير موجودة وما مطلوبة، فالحرية المطلقة غير موجودة. { وما هو المطلوب؟
– المطلوب إذا تجاوزت ووضعت يدك في يد عدو، فهذا يعتبر خيانة كبرى وتفضي ما تفضي إليه، فالفساد وغيره إذا حاولت معالجته معالجة موضوعية فهذا هو المطلوب، ولكن إذا كانت هذه مجرد إثارة لتلفت النظر عشان تبيع جريدتك، هناك أناس يدمرون البلد ليجد الشخص (قرشين ثلاثة)، لذلك أعتقد أن الإصلاح ليس مسألة سهلة، فالإصلاح يبدأ من البداية وكيف نوجه الناس. { هل اختلت الموازين في توجيه الناس؟
– والله ما عارف أسئلتك دي. { يا بروف أنت تتحدث عن البداية وعن التربية وتسعون إلى قيم ومثل وأخلاق؟
– مقاطعاً.. أنت ألا تعلم أن هذا الإنسان مهما بذل معه من جهد في سبيل التربية أنه يمكن أن يتعامل تعاملاً غير.
مقاطعاً مرة أخرى.. وكأنه يعترض على السؤال؟ { نقلنا البروفيسور “الحبر” إلى الجنوب مرة أخرى وسألناه.. هل الاتفاق الذي وقع مع حكومة الجنوب مؤخراً.. هل سيفضي إلى سلام دائم؟
– إن الاتفاق الذي وقع بين الطرفين إذا ما نُفذ التنفيذ الكامل وتم الالتزام به التزاماً صادقاً ربما ما تم التوصل إليه من توافق على بعض المبادئ سيكون فيه خير للطرفين الشمال والجنوب ويفضي إلى الاستقرار وتبادل المنافع. { هل تعتقد أن زيارة رئيس الجمهورية إلى الجنوب جددت الثقة؟
– هذا هو المطلوب والمرجو، لأن الثقة انعدمت أكثر من مرة وخرقت الاتفاقات، فإذا التزم الناس بما توصلوا إليه بإذن الله سيكون هناك نوع من الاستقرار في البلدين. { ذكرت أن (قطاع الشمال) استخدم السلاح لذلك لا بد أن يواجه بنفس السلاح.. إذاً كيف الحل؟
– المسألة الطبيعية أن تواجه عدوك بنفس السلاح الذي يستخدمه، فمن لم يزد عن حوضه يهدم، لذا نطالب بدعم القوات المسلحة وتسليحها تسليحاً يمكنها من مواجهة عدوها، والقوات المسلحة هي صمام الأمان لهذا الوطن، لذلك لا بد من تأهيلها وتدريبها من أجل الوحدة والاستقرار. { هل هذا يعني ليس بالإمكان الوصول إلى اتفاق معهم؟
– كأنك تتحدث ونحن دعاة حرب، فهذا شيء مفروض علينا، فهؤلاء جاءوا وهم يحملون السلاح، قتلوا الأبرياء وروعوا الآمنين ودمروا المدن، ففي ظني أن (قطاع الشمال) لا وزن له، فهؤلاء متمردون حملة سلاح فماذا تنتظر منهم، وهذا ما يسمى بـ(قطاع الشمال) لا خير فيهم. { الآن هناك حديث كثير عن رئيس الجمهورية وعن فترة رئاسة أخرى له وهو يقول (كفى).. فما هي وجهة نظرك أنت؟
– لا بد أن نكون عمليين ونحن الآن في معركة من غير معترك، بمعنى أن الوقت لم يحن فمن الناحية النظرية كل شخص يود تقديم نفسه لهذا المنصب، وهذا المنصب ليس حكراً على جهة، وفي الانتخابات الماضية تقدم عدد كبير لهذا المنصب، ولكن يجب أن نترك الأمر لوقته. { لكن إذا أصر الرئيس على موقفه من البديل؟
– الساحة مليئة بالساسة الذين يملأون المنصب. { ما هي مؤهلات الحاكم؟
– أولاً السن وليس التوريث، ثانياً أن يكون مسلماً بمعنى ألا يأتي في بلد الإسلام شخص غير مسلم يريد تولي المنصب، ثالثاً أن يكون على قدر من العلم. صحيفة المجهر السياسي
صلاح حبيب[/JUSTIFY]