شاب مصري في سيرك بالخرطوم يرفض إنهاء العرض رغم إصابته في عينه
وبما أن أولادي من عشّاق السيرك لما يجذبهم من ألعاب ومغامرات بهلوانية تستهويهم!! وإذا بعيناي تدمعان عندما ضرب هذا الشاب عينه باحد اطباق اللعبة فالطبق الطائر كاد يخترق عينه اليسرى.. وهذا لم يكن السبب، لأنها إصابة مهنية، ولكن ما دعمت عيناي له وقد استمر هذا الشاب في العرض «النمرة»!! وبمسحة خفيفة على عينه المصابة كلما سنحت له الفرصة.. ولكن نمرته شيقة ودقيقة حيث تتخللها حركات الأطباق الطائرة والأخرى المتسلّقة.. وفجأة بدأت قطرات الدم تتدافع من حاجبه.. ولكنه مُصر على اتمام نمرته.. حتى أصبح الأمر مثيراً للشفقة.. والجمهور بدا وكأنه يشجعه شخصياً وليس مهنياً بالتصفيق الحار، حتى دخل زميل له يطالبه همساً بأنهاء النمرة للعلاج، ولكنه رفض رفضاً تاماً التوقف، بل كان يرسم الابتسامة تلو الأخرى حتى جاءه زميله بمناديل.. ليمسح قطرات الدم!!
فهذا الشاب المؤدي يعشق عمله لدرجة التضحية بدمه.. وجلست مندهشاً والجمهور يصفق.. والأطفال سعيدون، والبهجة تعم كل المكان.. فالتحية له على درس العزيمة الذى أيقظنى من نعسة الرخاء.. وتحية اخرى لرجلى الأعمال الشابين السودانيين اللذين خاطرا بما يملكان لعل الله يعوضهما بعد أن ضاقت بهما أعمالهما، فهما مثال لكل سودانى يمر بضائقة في قوته او عمله.. فابتكرا هذه الفكرة الفزّة لأنهما.. نظرا لنصف الكوب المليء !! ، والسودان لديه الكثير مثلهما.. فهنيئاً لهما وهنيئاً لشباب السودان بهما.. أما أنا فسأرجع لهمي الأوحد الآن لأتساءل لماذا نحن أهل وأولاد النيل فرقاء.. وفقراء؟.. أهو قدر مكتوب أم عملٍ معمول؟ فلو تخيلنا فقط أن هذا البطل يمتهن الزراعة.. فلاح أو عامل.. وأرضه بور أو مصنعه معطل.. هل كان ينتظر حتى تأتى حكومتنا بالوسيلة المعجزة؟.. أم كان سيبكي على حوائط المسجدين لينال شرف القبول من «الأنكل سام»؟؟ استيقظوا يا مَن بيده الأمر، فإن أهل وادي النيل لن ينتظروكم كثيراً.. وانهضوا وكسروا أسوار الإنجليز.. قبل أن نقول نحن كلمتنا الأخيرة.. وإلى اللقاء فى عرض آخر في سيرك الحياة.
وفقنا الله وإياكم لما هو الحق.
أشرف عبد العزيز
صحيفة الانتباهة