رأي ومقالات

حيدر المكاشفي : هرشك تاكل لحم كرشك

لا أخفي ولعي الشديد وإهتمامي البالغ بالأمثال السودانية والتراث الشعبي السوداني الذي أنتجته هذه الأمة الفسيفساء عبر العصور، والذي يدل على عراقة وأصالة بائنة رغم ما عليه هذا الشعب اليوم من حال ومآل يستحق أفضل منه بكثير، لولا أن حكامه ونخبته على مرّ الحقب كانوا أقصر قامة من عظمة هذا الشعب، فأدمنوا عليه ممارساتهم الفاشلة وأقعدوا بمسيره، وتلك سيرة أخرى ضاجة بالآلام والمآسي والحسرات. هذا الولع بهذا التراث الغني هو ما سمرّني تماماً أمام كلمة القاها أمس الزميل الأستاذ محمد محمد خير، وقد أفرحني أنه القى لها بالاً ووعد بقتلها بحثاً لسبر غور جذورها وأصلها وفصلها ومدلولها، تلك هي «هرشك» كتبها هكذا ولم يكملها «هرشك تاكل لحم كرشك» والتي درج أهلنا على القذف بها في وجه من يظنونه صاحب «عين حارة» إذا ما أثنى على شيء أو أبدى اعجابه به، اعتقاداً منهم أنها ستدرأ عنهم ما قد يصيبهم من مكروه جرّاء هذا الثناء والاعجاب غير المرغوب فيه، وبالطبع لا يفوتني في هذا الصدد أن أحمد الله على سلامة الزميل وزوجته بنجاتهما سالمين من الحادث المروع الذي تعرضت له سيارتهما ولا أقول سيارته جرياً على ما اعتاده محمد محمد خير في تعظيم شراكته الزوجية، ولكن الغريب أن هذه التميمة القولية «هرشك» لم تدرأ الحادث تماماً عن الزميل حين القى قبل أسبوع منه في وجه من «نجهه» بالقول «إنت ما بتكبر وعربيتك ما بتقدم»، ربما فقط خففت آثار الحادث فلم يصابا بسوء والمثل يقول «الجاتك في مالك سامحتك» والله أعلم..

العين والحسد باب واسع تصعب الاحاطة به في مثل هذه الكلمة العابرة، غير أن أغرب ما استوقفني وحيرّني فيه أن بعض أهل البوادي في السودان يقولون بعفوية عند التهنئة بمولود جديد «إن شاء الله محسود»، وهم بهذه التهنئة العجيبة إنما يتمنون نجاحه في المستقبل وأن يؤته الله الفلاح والسداد والنجاح الذي سيحسده عليه الناس، ومما يستوقف أيضاً في سيرة الحسد، تلك المقولة المنسوبة للعلامة الراحل البروف عبد الله الطيب طيب الله ثراه والتي تقول إنه قال إن كل القبائل المشهورة بالحسد لدى العرب استقرت في السودان إبان هجرتهم إليه، وهي مقولة في غاية الحساسية تحتاج إلى فحص إما لتأكيد نسبتها للبروف أو نفيها عنه، ومن الطرائف التي تروى كذلك أنه عندما منحت ملكة بريطانيا السيد الامام عبد الرحمن المهدي لقب سير sir، أغاظ ذلك أحد أتباع الجناح الآخر فقال مبخساً اللقب لمن تباهى به عليه من جماعة جناح أم جكو «والله إذا كان سيدك فلان أدوهو سير يكون سيدي علان أدوهو الجلد كلو»، ومن أشهر مقولات الحسد الحديثة تلك التي جرت على لسان الدكتور عوض الجاز وزير الطاقة الأسبق والحالي حين كثر الحديث حول البترول وأنه لم يترك أثراً على حياة الناس فأغاظه ذلك فقال بغضب «أتركوا النقة، النقة تبطل النعمة»… عموماً ليست «هرشك تاكل لحم كرشك» هي وحدها ما أنتجه العقل الجمعي السوداني لمجابهة عيون الحاسدين، وإنما حفلت تراثيات الحسد وأدبياته عندهم بكم كبير من التمائم اللفظية والعينية التي لا يخلو منها بيت، وهذا ربما ما يرجح مقولة البروف عبد الله الطيب، والله أعلم…
3 بشفافية
حيدر المكاشفي
صحيفة الصحافة

‫4 تعليقات

  1. [SIZE=5]ماهذا السخف تنسب الحسد لامة بكاملها انت واحد منها وربما انت حاسد كبير تعتقد بأن كل الناس حساد مثلك (إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه).
    تلصق هذه الصفة الذميمة اجارنا الله منها بكل أهل السودان الطيبين ولا تستثنى منها احد ولا تأتى لنا دليل قاطع بما تظن كل هذا لكى تجامل شخص واحد وحتى هذا الشخص انت الصقت به هذه الصفة الذميمة.
    ولا بس عايز تسود عمودك بأى كلام (دى صحافة ولا سخافة )؟!!!.[/SIZE]

  2. كلام البروف في اغلب الظن صحيح,وعلي سبيل لقب سير (التركي ولا المتورك)المقولة الشهيرة لي زعيم احد الاحزاب بان السلطة يخلوها لي الاجنبي ولا يخلوها لي منافسن الاخر شوفتة كيف .

  3. والله جد مع الاسف السودانين عينهم حارة ونحن نتكلم على الاغلب ولا نجمع .. وبروف عبد الله الطيب اكيد كلامه ما جاء من فراغ..بل هو حقيقة.. شخصيا عن تجربة كلامه مليون % صح !!

  4. كلام البروف بيكون صحيح 800% ياخي ما شفنا ناس حاسدين ذي الشعب السوداني __ في ابسط شي تجد اقرب الناس اليك يحسدك ويبغضك _ اعوز بالله من شر الحاسدين