أ.د. معز عمر بخيت

جنون البقر البشري: هل عدم تقبل النقد أحد الأسباب؟

جنون البقر البشري: هل عدم تقبل النقد أحد الأسباب؟
المعروف أن جنون البقر مرض يصيب المخ فيتحول إلى عضو إسفنجي الشكل مما يؤثر بشكل خطير على الجهاز العصبي ويحدث فراعات كثيرة بالمخ تجعله أشبه بالغربال. هذا المرض تم اكتشافه في الأبقار بسبب تحول عاداتها الطبيعية في الأكل حيث تأكل العلف المكون من العشب إلى أن حول الإنسان العلف لخليط من بقايا الطعام المكون من البروتين الحيواني وهو أمر ضد الطبيعة لأن مثل هذه المواد الحيوانية تحتوي على أنواع من البروتينات والفيروسات لا تتلائم مع طبيعة الماشية النباتية فينتج هذا الخلل بالجهاز العصبي ويصبح المخ هكذا مليئاً بالفراغات.

عندما تصاب الأبقار بهذا المرض يحدث لها تحول في السلوك وتقوم بحركات لا إرادية وخلل في التناسق العصبي الحركي وينتهي بالموت حيث لا علاج له حتى الآن.

تم اكتشاف مرض جنون البقر عام 1986م في بريطانيا حين اطعمت الماشية هناك بمواد ملوثة بمادة تعرف بالبريون وجدت في بقايا الخراف الميتة المصابة بالجرب (سكرابي) وهو علة مشابهة لمرض جنون البقر تصيب الأغنام. وقد فرم المزارعون لحوم تلك الأغنام وخلطوها بعلف الماشية وهذه المادة تنقل العدوى بين البقر وبين البشر الذين يأكلون لحم الأبقار المصابة حيث تم اكتشاف انتقال المرض للبشر عام 1996م حين سجلت عشرة حالات ببريطانيا في ذلك الوقت وتم تعريف المرض باسم مرض كروتزفيلت جاكوب (CJD) Creutzfeldt- Jakob Disease. وهو أيضاً مرض قاتل يصيب الجهاز العصبي حيث يؤدي إلى حالة متطورة من الجنون مصاحبة بنوع من الصرع ينتهي بالموت خلال عام.

وفي سبيل العلاج من هذا المرض القاتل تم استخلاص مضادات من خلايا متطابقة جينيا في فئران مصابة بالجرب قبل تطور أعراض المرض قد تسهم في الشفاء من مرض جنون البقر البشري حيث تمكنت هذه المضادات من إيقاف المرض لدى فئران التجارب. وعلى الرغم من أن التوصل إلى علاج فعال وناجع لهذا المرض ما زال بعيداً من أن يتحقق لكن أصبحت التجارب القائمة الآن على الخلايا الجذعية تحمل الآمال الكبرى في الشفاء من هذا الداء ومن أمراض أخرى كثيرة لم تزل مستعصية على الأطباء.

والخلايا الجذعية التي دار حولها الكثير من اللغط حول العالم وألقى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خطابه الشهير عنها لأسباب يطول ذكرها، هي خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام و لا تشابه أي خلية معينة ولكنها قادرة على تكوين خلية متخصصة بعد عدة انقسامات في ظروف بايولوجية معينة. توجد أنواع من الخلايا الجذعية وتعتمد قدراتها المختلفة على العمر الجنيني الذي تستخلص منه هذه الخلايا.
فهناك خلايا لها القدرة على صنع كائن حي كامل (الكاملة القدرة) وهناك خلايا تستطيع عمل عضو بالجسم مثل الكبد والقلب والكلى والبنكرياس والجلد، إلخ (الكلية القدرة). أما النوع الثالث من الخلايا الجذعية (البالغة) فهو القادر على إنتاج خلايا متخصصة فقط مثل الخلية العصبية لكنه لا ينتج كائن حي أو عضو كامل.

ورغم أن مرض جنون البقر ظل محصوراً في مكان واحد في العالم إلا أنه فيما يبدو قد انتقل وتحور وأصاب بعض الأشخاص في بلدنا الطيب رغم مقاطعة اللحوم الأخيرة! جنون البقر الحديث أصبح يصيب ضعفاء النفوس الذين تجلبهم طرق الواسطة للعمل في أماكن عامة وهم غير جديرين بها مما يجعلهم يتعرضون للنقد فتصيبهم عند أول تحدي نقدي حالة أشبه بلوثة جنون البقر التي وصفناها أعلاه. ولدى هذه الكائنات القدرة على نقل العدوى لذوي القربى والأصدقاء فيجدون أنفسهم في دائرة الصرع هذه فتصيبهم حالات من التشنجات العضلية مصاحبة بالزبد وعض اللسان وإغماءات في بعض الأحيان. وهي حالة قد أصابت لوثتها العديد من الشخصيات الهلامية التي تناولتها الأقلام الجادة بالنقد في الآونة الأخيرة وهو في اعتقادي نقد هادف وبناء ولا يتعدى حدود تقصيرهم في الأداء وبغرض المصلحة لا أكثر، لكن لم يدر بخلدي أنه سيؤدي بهم الأمر لمثل هذا الحال خاصة وأن لي تجربة نقدية تجاه إحدى الشخصيات التي تعرضت لها مؤخراً بنقد بسيط عبر مقال رائع فجن جنونها حين أرغت ثم ازبدت ثم دمدمت ثم نطحت بضع نطحات عرجاء مؤكدة إصابتها بلوثة من جنون البقر.
وحيث أن العلاج الوحيد الذي به بعض الأمل في مثل هذه الحالات هو العلاج بالخلايا الجذعية أجد نفسي مضطراً بل مسئولاً عن إيجاد خلية جذعية ملائمة لعلاج تلك الشخصية المسكينة من حالة الخبل هذه وأن أتوقف عن ممارسة النقد لأشخاص كهؤلاء ضعفاء و لا أمل في تطوير أدائهم ولا رجاء فيهم أصلاً. فمن المفترض على كل من يتحمل القيام بأي عمل أن يكون قادراً على إصلاح أخطائه المهنية والإدارية وعلى مواجهتها بالشجاعة الكافية والتوازن المطلوب بدلاً من الهرج والمرج والرقص على طبول الوجع والكبرياء الزائفة، والأهل والأصدقاء قيام. كما يجب أن يكون لديه استعداداً فطرياً وتدريبياً مكتسباً على تقبل النقد حتى وإن كان لاذعاً و ألا يتجه لشخصنة الأمور والخروج بها من إطارها لما يؤدي به لمثل هذه الحالات من جنون البقر تعود سلباً عليه في حياته وفي أدائه المهني.

مدخل للخروج:

علِّمنا أن نرسم شكل المشوار .. ونقود كتائب نهضتنا في زمنٍ صعبٍ غدّار.. علِّمنا شكل ثوابته كي نشدُد عصب الإصرار.. علِّمنا أن الأغنية ستحارب كل الأشرار.. علِّمنا صبراً ينقصنا و طريق الخير فنختار.. بين الأحلام و إن وهبت للناس جنون الأبقار..
معز البحرين
عكس الريح
[email]moizbakhiet@yahoo.com[/email]

تعليق واحد

  1. اكيد اي حاجه خارجه عن المالوف بتؤدي للجنون دي مافيها شك وكذلك اي حاجه يدخل الانسان يدوا فيها اكيد بتخرب ومابتنفع الاقليل منهاولهذا لازم نخلي الاشياء لطبيعتها والعيش لخبازوا, البتاكل علف ندعها لحالها وبدل ما ندخل اشياء غريبه عليها اذا كنا قاصدين التسمين ممكن نعمل ليها خداع طبيعي ذي الدجاج ونفتح ليها النور طول اليوم وتصدق وتبقي تاكل حتي تسمن ونكون قفلنا باب الرياح التي تاتي بما لاتشتهي السفن.وكذلك النقدوكثير من الناس يكتب من اجل الكتابه وما النصيحه وكلما ذاد النقد وطلع من حدوده اكيد بيعمل جنون واذا شخص تهمك مصلحتوا اكيد بتنصحوا في الخفاء بدون تشهير وسياسه الكلام ليك ياالمطير عينيك بتجيب وراءها الجمل ما بيعرف عوجه رقبتوا ولي الجمل ماشي والكلب ينبح ولي البيتوا من قزاز ما يرمي الناس بالحجاره وهلم جره من هذا القبيل.وبعد داك اكيد بتعمل حاله جنون صعب وجود علاج ليها فالوقايه احسن من العلاج بالصمت وباب لاتهرق بما لاتعرف وما كل زول بيعرف المادارك مالامك ولي ماكداااا!!!!