منى سلمان
مشاهدات .. ده (مترو) كم ؟!!
كان الجزء القريب من البوابة مخصص للجلسات الأسرية ففيه مجموعة من المناضد والكراسي صفت تحت ظلال الأشجار الوارفة .. أسندت ظهري (الناشف) على مسند الكرسي و(استمخيت)، أتحسس بروحي لطافة الجو وبرودة الظل مع روائح الأزهار المنعشة، ثم تلفت تلقائيا أتفحص الجالسين من حولي .. امرأة تجالس صغارها وحيدة، تصرخ على هذا وتشد ذاك من يده لتقرصه (جضّوم) على خده، ربما لارتكابه جريرة اللعب بإخلاص و(ذمة)، وبجوارها تزاحم ركب لرحلة عائلية كبيرة دخلت لتوها فتدافع الأطفال لحجز الكراسي، وحملت النسوة الأكياس وترامس الشاي وحافظات المياه وانهمكن في ورجقة حتى تخالهن سربا من طيور (بجا بجا) حطت فجأة على المكان، بينما وقفت الصبيات على جنب (يكشّفن) المكان ربما بحثا عن (جكس) تواعد معهن سرا .. هكذا كـ حال البنات في استقلال فسحة الرحلات ..
ثم التفت إلى يميني لأجد شابة يافعة تجالس شابا يلبس جلبابا وعمة وينتعل شالا على كتفيه، توقفت قليلا أراقب لبسة الشاب البلدية وحدثت نفسي بأنها لا تناسب المقام ولا المكان، فمن الواضح أن الجلسة في إطار لقاء عاطفي وربما فسحة خطيبين، فلا حداثة سنه ولا حالة كونه في حديقة عامة يتلاءم مع لبسه، ولو لبس الجينز مع قميص شبابي لكان أفضل .. زجرت نفسي بـ (هسي انتي مالك ومال كده ؟ يلبس العاجبو)، كدت أشيح ببصري عنهم لولا رؤيتي لـ (حركة) منه أثارت ريبتي، فقد مد يده على امتداد المنضدة ثم رقد واسند رأسه على كتفه ليتمكن من النظر مباشرة في عيني من يجالسها، ثم بدأ يتكلم بحديث يبدو انه توسل ورجاء تفوح منه جرسة (أموت ليك وتدفنيني) رغم أنني لم أتمكن من سماعه، قبل أن أشيح بنظري مرة أخرى رايته يحاول الإمساك بيدي الفتاة مواصلة لمحاولة التحنيس، ولكنها زجرته بعنف وسحبت يدها بعيدا وهي تتلفت لمن حولها خجلا من حركاته ..
كنت قد تناولت دموع الرجال قبل أيام، ووعدت بالعودة لهذا الموضوع لاحقا، وفي الحقيقة لم ارصد بكائيات الرجال المباحة فقط في ميدان الغرام، إلا تمهيدا لتناولي لذاك المشهد الذي رأيته في الحديقة ولولا إلحاح العيال علي بالمغادرة، ربما لفكرت جادة في التوجه لطاولة ثنائي العشق لأسأل الفتاة (مالك يابت أمي على الوليد ده جهجهتي حنانو؟) وربما دخلت واسطة خير بينهم، فـ (حركات) ذلك الشاب العاشق والذي كان يذوب وجدا كـ (آيس كريم وضع تحت أشعة الشمس)، كانت لترشحه لمنصب كبير البكايين دون منافس، فقد كان يتراجف ويتكبكب ويتذلل بصورة غريبة حتى على شباب اليوم الذين لا يمانعون من ممارسة البكاء في محراب المحبوب جهارا نهارا .. يا حليل زمن (ورا البسمات كتمتا دموع بكيت من غير تحس بيا)، فقد بكى ذاك المسكين حتى حنّ من بكائه الطير في سماه، بينما جلست الصبية رزينة .. تقيلة (جلّة) وغير آبهة بعذابات قتيلها ..
حقيقة كنت احمل قناعة بأن شباب اليوم تفشى بينهم الاستهتار بعواطف البنات، وانهم يمارسون عليهن الألاعيب والخداع نتيجة لفقدانهم الثقة في شقّهن الحلو، للتهمة التي التصقت بهن من أنهن يتلاعبن بعواطف الشباب وتحتفظ كل واحدة بعدة احبّة .. سف ولف وخدمات وخيرهم الذي يتقدم للزواج ..
كان من الممكن أن اعتبر صاحبنا حالة شاذة، لا تصلح لبناء قاعدة لفهم جديد لولا اصطدامي بعدها بأيام بـ (كيس) اشد وطأة، فحدثت نفسي بـ (ما بدهاش بقى) فلابد من تقصي هذه الظاهرة الجديدة، فقد كنا قبل أيام ننتظر (ابونا) داخل السيارة عندما تغشى بنا السوق العربي ليتناول غرضا ما، كان الشارع مكتظا بـ (الفرّاشة) والباعة الجائلين والمتسولين وعابري الطريق، بينما أطلقت أجهزة الكاست في أكشاك بيع الأشرطة، مجموعة متنافرة من أصوات الأغاني اختلط فيها حابل (وردي) بنابل (القلعة) وبينهما شدت البلوبلو .. كنت استعين كعادتي على قضاء الوقت بمراقبة الناس، حين انتبهت لشاب كان يقف على بعد خطوات من العربة مستندا الى بوابة دكان مقفل .. كان يحمل موبايلا في يده ويتحدث عبر السماعة هامسا وسط كل تلك الضوضاء، لم يكن ليستوقفني لولا رؤيتي له يتمرصع ويتكي رأسه ذات اليمين وذات اليسار كـ( جدادة طقّاها سمير- مرض الجداد) وقد بدت عليه سيماء التلف عشقا، لم تمر برهة على مراقبتي له حتى حمل سلك السماعة وبدأ في تقبيله في وله عجيب .. أجي يا بنات أمي .. ده مترو كم ؟!!
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
[SIZE=7]انتي جادة ولابتهظري وين في بت سودانية واحد يبكي عشانها انتي ماعارفة البنات عندنا هنا الولد اذا عبرها بطيــــــــــــر من الفرح لانهن محرومات وانتي ماشايفة انحنا قاعدين نلعب بي البنات ديل كيف[/SIZE]
[SIZE=2][SIZE=3]سف ولف وخدمات وخيرهم الذي يتقدم للزواج ..
اللهم أجيرنا من من زي ديل
بالمناسبة فضحتي سر مواعيد البنات في الرحلات[/SIZE] [/SIZE]