تحقيقات وتقارير

مغتربون .. رغم أنف العوائق!!

في زمن قياسي وبشكل سريع استطاعت قضية المغتربين أن تضع نفسها في صدارة اهتمامات كل السودانيين بالداخل والخارج متجاوزة دائرة الجدل لما تشكله قضاياهم المصيرية من حساسية، فالمهلة التصحيحية التي أعطتها السلطات السعودية للعمالة الوافدة إليها جعلت منها مادة دسمة تصدرت كل الصحف ووسائل الإعلام في تلك البلدان التي خرج منها الكثير من عمالتها طلباً للرزق بالمملكة العربية السعودية، وهذا الوضع جعل كل ولاة الأمور لهذه الجاليات يسعون لحل قضاياهم، واستطاعت قضية تصحيح أوضاع المغتربين أن تقتحم أسوار مجالس هذه الدول السياسية والتنفيذية، وأن تشغل حيزاً كبيراً من كلام المتحدثين فيها، ويتبين ذلك من خلال المواكبة الإعلامية الأخيرة حولها، والتي شابتها الكثير من الشوائب لتبني وسائل الإعلام لها وفقاً للشائعات لا على المعلومات، وعلى العواطف لا على الحقائق، ونجد أن كثيراً منها مال إلى جانب الأخذ بخلاصة واحدة، وهي أن السعودية تضايق المغتربين وتريد التخلص منهم، وعلى أساسها بُنيت التحليلات والتأويلات مما أدخل القضية من غير أبوابها.
وبالعودة إلى أصل القضية نجد أن درجة الاهتمام التي أولتها الحكومة السودانية للمهلة التصحيحية الممنوحة من قبل خادم الحرمين الشريفين للعمالة الوافدة للمملكة لم تولها الاهتمام المطلوب منها أو حتى المتعارف عليه، خاصة أن هذه القرارات أوجدتها دوافع مرتبطة باتخاذ قرارات متعلقة بالتحديات الداخلية للسعودية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تصب في مصلحة أبناء البلد والمغتربين معاً، إذن الأمر ليس قراراً سياسياً كما يعتقد البعض.
كما نجد أن هناك سمة ثالثة صبغت المواكبة الإعلامية تجاه موضوع المغتربين، هي أن معظم التناولات كان منها الإيجابي والسلبي، وهو ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، فقضية المغتربين تتطلب تضافر الجهود الملموسة والتنفيذية والأقلام ذات التأثير القوي، لأن مثل هذه القضايا لا تعالج بواسطة الإعلام فقط، وامتلاء الساحة بأقلام متعددة يتطلب الوضع منها أن تتعامل مع القضية بشيء من الوطنية والحيطة والحذر في طرحها، لأنها تمس كيانات سودانية بالخارج تجرعت من ظلمات الغربة والاغتراب وذوي القربى المتمثلين في أجهزة الدولة المعنية بحل مشكلاتهم وقضاياهم.
وما يعانيه المغتربون السودانيون من شد وجذب وحيرة في كيفية توفيق أوضاعهم بالمملكة العربية السعودية بعدما لم يجدوا ظهيراً يعينهم ويقف من وراءهم ويشد من أزرهم، هو أمر محزن وغير منطقي، ويجعل الكثير منهم يتطلع الى الوجود في الغربة بالرغم من عقباتها، والسعي إلى غربة جديدة تحمل طموحات جديدة ومآسي استوطنت دواخلهم وأرواحهم.

رباب علي
صحيفة الانتباهة

تعليق واحد

  1. تسلمي يارباب من جد ماسه لامثيل لها اتمنى ان الجهات تنظر لمغترب بروح الانسانيه وليست بروح المصلحه