رأي ومقالات

عبير زين : أقرع الواقفات!

تتعاقب على الإستثمار الأجنبي في السودان سِلسة من الإخفاقات والخيبات المتواصلة إذا لا زال تدفق الإستثمار الأجنبي شحيحاً ويعود ذلك إلى عدة عوامل أهمها بالطبع تذبذب الإستقرار الأمني والتلويح بعصا الحرب الأهلية والإنشطار التي لا تُشجع ابداً على إستقطاب رؤوس الأموال الأجنبيه لأنها تعتبر مُخاطرة غير مأمونة النتائج، فرُغم الإنفتاح الكبير للسودان على العالم ورغماً عن تعدد المجالات التي تستوعب وجود رؤوس أموال وافدة إلا أنه لا زال يُعاني مِن شُح الإستثمار الأجنبي الذي (على قِلته) ينمو في بيئة طاردة جداً بسبب المعوقات الكثيرة التي تعترض طريق دخوله ولذلك فإنه يضمحل يوماً بعد يوم حتى أنه تقلص إلى 231 مشروع فقط هي جُملة المشاريع المُصدقة لمستثمرين وشركات أجنبية لهذا العام! دولة في حجم ومساحة السودان تتميز بتعدد و تنوع مواردها الطبيعية والبشرية وتمدد مساحاتها الشاسعة و في ظِل حاجتها الحقيقية للإستثمار إلا أنها وفى كثيرُ من القطاعات لا زالت بكراً لم تمتد إليها يدُ الإستثمار بعد، و لا تنعم إلا بحِفنة من المشاريع الإستثمارية كان للقِطاع الصِناعي فيها نصيب الأسد بينما لم يجنِ القِطاع الزراعي إلا الفُتات بمحصلة سبعة مشاريع بلغت تكلفتها 545 مليون دولار!

السودان بحاجة لفتح أبوابه أمام الإستثمارات الأجنبية وخاصةً في القِطاع الزراعي الذي لا زال يصحو وينام على حِلم أن يصبح السودان (سلة غذاء العالم) ذلك الحلم الذي لم يتحقق حتى الآن رغم وجود كل المقومات التى تؤهله لذلك مِن توفر المياه والأراضي الصالحة للزراعة، إذ تقف أمامه معوقات تنظيمية وادارية وإجرائية يصطدم بها المستثمر ويأتي فى مقدمتها ضعف البُنى التحتية خاصةً في مجالات النقل وخدمات الميناء ووجود اشكاليات متعددة في ملكية الاراضي وارتفاع أسعار وقود عمل الآلات الزراعية، اضافة الى الشِق الإجرائي الذ يعتبر كارثة الإستثمار فى السودان مِن صعوبة الحصول على التصديقات والاوراق الرسمية و التوهان في دهاليز المؤسسات والمصالح ودفع الرسوم المتعددة للإجراءات التي تمتاز بسرعة سلحفائية كافية لتعطيل المشاريع وإحباطها إذا يواجه المستثمر مشكلة سوء الخدمات وارتفاع تكلفتها.

كل تطور لابُد أن يعقبه تخطيط دقيق ودراسة عميقة تحسُباً للنتائج سواءً رِبحاً أو خُسارة خاصةً في مجال الإستثمار الأجنبي، فما زالت زئبيقة المعلومات تشكل عائقاً للاستثمار اذ أنه يستعصي جداً الحصول على معلومات دقيقة عن السوق السودانية أو فرص الاستثمار المتاحة و نُدرة الدراسات البحثية هذا مع إرتفاع تكاليف الانتاج وانتشار معدلات الفساد المالي والاداري، كُل هذه المعوقات تجعل من الإستثمار في السودان ضرباً مِن المُخاطرة المجنونة خاصةً مع تذبذب السياسة النقدية والتمويلية.

مع تكالب كل تلك العوامل فإنه من الصعب إستقطاب إستثمارات أجنبية فى الظروف الحالية، وما تبقى لنا مِن أملٍ مُعلقاً بنجاح الإستثمارات الموجودة حالياً في الساحة خاصةً فى القطاع الصناعي الذى يستحوذ على جُل المُبادرات الموجودة، إذ لابد من تحسين بيئة الإستثمار وذلك بدعمها بالتخطيط والدراسات الواضحة وتحسين متطلبات الإستثمار بإعادة النظر في إرتفاع الضرائب وتكاليف الإنتاج و كسر بيروقراطية الإجراءات والتعامل بشفافية تامة مع الإستثمارات الموجودة والاستفادة القصوى منها لئلا تتسرب لاحقةً بمن فرّ قبلاً.

همسات – عبير زين

تعليق واحد

  1. [B]شكراً أستاذة عبير فقد أصبت كبد الحقيقة وقمت بتشخيص داء الإستثمار في بلادنا الحبيبة. فانتشار معدلات الفساد المالي والاداري والذي يسمى مجازاً بالتسهيلات وتذبذب سعر الصرف هما أساس المشكلة ومكمن الداء ، ورغم تقديرنا لمجهودات الدكتور مصطفى عثمان في راب الصدع ولكن متى يكف الدولار عن صعوده المستمر حتى لا نلوذ نحن بالفرار .[/B]