تحقيقات وتقارير

سلفاكير .. موسم قطع الرؤوس الكبيرة !

[JUSTIFY]وسط غيوم متلبدة في سماء جوبا نفخ رئيس دولة الجنوب سلفاكير بالأمس هواءً ساخناً لإطفاء الشمعة الثانية لميلاد الدولة بعد انفصالها من السودان والأوضاع ليست علي مايرام والصراع السياسي في اعلي درجاته بجانب وجود حالة استقطاب حاد بين التيارات التي تقود البلاد جعلت من سلفاكير مؤخراً يبدأ سلسلة من الضربات علي العديد من القيادات لم تميز بين الهدو والصديق أخرها قبل أيام القرار الذي أصدره سلفا بعزل والي ولاية الوحدة تعبان دينق عبر مرسوم جمهوري وعين جوزيف نقوق حاكماً مؤقتاً للولاية، وجاء المرسوم مقتضباً ليوضح أسباب إعفاء تعبان من منصبه وهو يعد أخر الرؤوس الكبيرة التي أسقطها سلفاكير بالضربة القاضية هذه الأيام.
بالأمس خرج تعبان وكشف أسباب عزله ترجع الي ملابسات حول رحلته الأخيرة للولايات المتحدة ووصف القرار بانه غير دستوري وقال قاي في خطابه عقب أداة صلاة نظمتها كنيسة المشيخية وفقاً لصحيفة سودان تربيون ان الرئيس سلفاكير ميارديت لديه شكوك ان رحلته الأخيرة الي واشنطون كانت من اجل الاجتماع بمسؤولي الإدارة الأمريكية للدفع بدعم ترشيح نائب رئيس دولة الجنوب رياك مشار للانتخابات الرئاسية المقبلة ونفي قاي اجتماعه بمستشار الأمن الوطني سوزان رايس فيما أشار رئيس الحركة الشعبية بمنطقة لير فرانكو ديو الي ان إقالة قاي كانت نتيجة لبعده من قضايا مواطني ولاية الوحدة.
الرجل القوي تعبان ابن قبيلة النوير المقاتلة انضم في بداية الكفاح المسلح للحركة الشعبية في العام 1984م ودخل مثل اغلب قادتها لكتيبة النخبة وهي جاموس التي خرج منها أشرس مقاتلي وقادة الحركة الشعبية وهو يقال عنه بأنه الرجل الذي ينفذ السياسة بالبندقية ونحن اليوم نسرد سيرة الرجل لارتباطات وعلائق كبيرة بين إقالة الرجل والسودان لأنه كان حاكماً لولاية حدودية مع السودان وهي كانت مدخل الصراع هجليج طوال الفترة الماضية بالإضافة لعلاقة الرجل بقيادة الحركة الشعبية شمال وخاصة ياسر عرمان الذي كان يدعمه بشكل قوي في الانتخابات الرئاسية السابقة.

لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون الرئيس سلفا كير ميارديت قد اخرج قرار إقالة تعبان دينق بهذه السهولة دون حسابات دقيقة جداً لأنه يعرف ان تعبان رجل قوي ولا يستسلم بسهولة وفي هذا يجب ان ننظر بالاتجاهات الستة لهذا القرار خاصة ان تعبان كان يوصف لفترة قريبة بأنه رجل سلفاكير لدي قبيلة النوير التي يوضع لها مائة حساب وانه موجود ليواجه اية تحركات لرياك مشار لذلك سلفاكير كان يصر علي ان يكون مركز قوة سياسية وقبلية ليكافح أي تمرد لمشار خاصة ان الرجلين لديهما خلفية عدائية بدأت منذ توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام التي أتت بتعبان برفقة مشار للخرطوم إلا أنها انتهت لان الصراع انتقل بمنافسة تعبان المرشحة لولاية الوحدة انجلينا زوجة مشار حيث استطاع ان يسقطها مع وجود تحفظات علي نزاهة الانتخابات.

خيارات الإقالة احتمالات لا ثالث لهما لاقالة سلفاكير المتعجلة لتعبان دينق أولهما مرتبط بالصراع الدائر بشكل قوي بين مراكز قوة في دولة الجنوب خاصة وان سلفاكير مع اقتراب الانتخابات أصبح يتهمه البعض بتوسيع نفوذه وانه لا يريد التخلي عن كرسي الرئاسة وانه يريد ان يبسط الشمولية علي الدولة ولذلك يريد ان يطيح بالرؤوس الكبيرة التي يمكن ان تشكل له مصدر قلق خاصة تيار ما يعرف بـ”أولاد قرنق” الذي بدا يتداعي بشكل مرتب.

الاحتمال الثاني ان الجنرال سلفاكير يريد ان يبني علاقة مستقرة مع السودان وان يوقف بشكل جدي أي دعم لمقاتلي الحركة الشعبية شمال وهو يعلم ان تعبان دينق يعتبر الممول الرئيسي لهذه القوة المقاتلة وولاية الوحدة تعتبر اكبر ممر لقوات الحركة والجبهة الثورية للدخول للأراضي السودانية بجانب خط الإمداد والإخلاء المفتوح مع ولاية تعبان دينق وان الأخير رفض مؤخراً دعوات سلفاكير بوقف الدعم في إطار الضغوط التي يتعرض لها من الخرطوم بعد وقف ضخ النفط وان تعبان دينق يرفض قطع الإمداد عن رفاقه الذين تربطهم به علاقة وثيقة وهذا الموقف يتفق معه جنرالات كبار في الجيش الشعبي بعد التخلي عن مقاتلي الحركة في الشمال وفي هذا يقول المحلل السياسي أبو عبيدة عبد الله ان إقالة تعبان دينق لا يمكن فصلها عن الزيارة التي تمت مؤخراً لرياك مشار للخرطوم والشروط التي وضعت أمامه خاصة طرح أسماء بعينها تقوم بامداد مقاتلي الجبهة الثورية بالسلاح وفي مقدمة هذه الجهات والي ولاية الوحدة تعبان دينق الذي لديه تاريخ اسود مع الخرطوم فهو شديد العداء لها ويؤمن بضرورة إزاحة حكم الإنقاذ من السلطة حتي تقوم علاقة جيدة مع دولة الجنوب وهو لذلك يقاتلها بشدة ومن مشجعي سلفاكير علي الهجوم الذي تم علي منطقة هجليج وهو من قاد تلك العملية حيث ظهرت تسجيلات صوتية بصوت تعبان يعطي تعليمات بضرورة إحراق آبار النفط قبيل الانسحاب والخرطوم في أي ملف تعرضه علي سلفاكير عن دعم الجنوب للمتمردين يكون تعبان دينق في المقدمة وانه بإزاحة تعبان عن الولاية الحدودية التي تعتبر مصدر القلق في العلاقة بين الخرطوم وجوبا يأمل الكل ان تبدأ صفحة جديدة.

ويضيف عبد الله خلال لـ( السوداني) ان هنالك جانب آخر للأمر وهو صراع الأجنحة داخل الحركة الشعبية بين التيار الاستقلالي الذي يدعو لضرورة العمل علي بناء دولة الجنوب ويري ان الارتباط مع قطاع الشمال يعرقل بناء الدولة وهو تيار يجد الدعم من الخرطوم بالتأكيد وهو تمثله مجموعة من الولايات المتحدة الأمريكية.

التيار الأخر يقوم علي أكتاف أولاد قرنق بقيادة باقان اموم ودينق الور ويوجد به أيضاً تعبان دينق ويكافح سلفاكير قبيل الانتخابات لكي يضع حداً لهم لذلك سارع في شن الحرب عليهم مؤخراً ونجد ان هذا التيار يدعو لمواصلة دعم مقاتلي الحركة الشعبية في الشمال والمنقذ الحقيقي لهذا الدعم تعبان دينق باعتبار ان لديهم موارد كبيرة من أموال البترول وهو في ولاية إستراتيجية وهي ولاية الوحدة ويعادي رياك مشارولذلك هذه الإقالة تعتبر تحالفاً مرحلياً بين سلفا ومشار والأول مهد لهذه الإقالة بعد ان انزل كل ولاة الولايات الحدودية المعاش في الجيش الشعبي وسحب منهم الرتب العسكرية وفصل أي تعامل بينهم وجنرالات الجيش بجانب إجراء عملية تنقلات واسعة في قيادات عسكرية مهمة تعطي الولاء لتعبان دينق حيث من المتوقع ان يجري ما جري لتعبان للولاة رزق زكريا وملونق.
ترشح مشار سلسلة مترابطة من الجبهات فتحها سلفاكير ميارديت مؤخراً هو ينظر الي ان كرسيه يهتز من قبل نائبه رياك مشار الذي ينافسه وتيار اولاد قرنق الذي يعمل علي توتير العلاقة مع السودان.
بدا سلفاكير المعركة مع نائبه مشار مبكراً حيث اصدر قراراً جرد بموجبه الثاني من صلاحياته التنفيذية ومع الإبقاء علي مهامه الدستورية المنصوص عليها في دستور جنوب السودان وان حديث المجالس في جوبا يتداول بشأن صراع خفي بين الرجلين مع اقتراب الانتخابات المقبلة.
وخرج نائب رئيس دولة الجنوب رياك مشار للعلن واعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في العام 2015م وقال مشار في مقابلة مع قناة الـ(بي بي سي) بمناسبة الذكري الثانية لاستقلال بلاده انه يامل في قيادة بلاده ومعالجة التحديات بنجاح بجانب مقابلة تطلعات شعب الجنوب وقال مشار ان الرئيس سلفاكير ميارديت اخذ ما يكفي من الوقت كرئيس وانه بحلول الانتخابات القادمة سيكمل عشر سنوات في منصبه لافتاً الي انه تجنباً للديكتاتورية والاستبداد وتجديداً لشباب الحزب وتعزيز الديمقراطية يتعين علي الرئيس ألا يقضي في منصبه أكثر من عشر سنوات.
وبين هذا وذاك أصبح المجتمع الدولي يراقب الأوضاع بحذر شديد خاصة إذا نظرنا الي تحذيرات رئيسة بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان هيلدا جونسون من مصاعب تطبيق الإصلاحات السياسية وتعزيز المؤسسات العامة وان هنالك إعاقة للتقدم السياسي بالبلاد.
سقوط اخر وفي القائمة التي يستهدفها سلفاكير هذه الأيام كوستا مانيبي ودينق الور اذ قام بتقديمهما للمحاكمة وسحب حصانتهما ومنعهما من السفر بدون اذن مسبق باتهامات تتعلق بالفساد لدرجة ان باقان لم يستطيع السكوت عن هذه الخطوة وهو يري ان تياره يستهدف فيوضح النهار حيث قال باقان وقتها ان دوافع الرئيس في اتهام مانيبي والور كانت سياسة وحذر من ان هذه الطريقة ستتسبب في كوارث للدولة الجديدة وزاد هي أمراض قديمة ستتسبب في كوارث للدولة الجديدة وأشار باقان الي ان من قدمهم الرئيس للمحكمة يعارضون ترشحه للرئاسة مرة أخري.

وقال اموم ان مانيبي غير مسؤول من تحويل حوالي (8) ملايين دولار في حساب بنكي خارج البلاد بطلب من الوزير دينق الور وحذر اموم من ان مثل هذه القرارات ذات الدوافع السياسية ربما تولد التوتر والعنف.
الرأس الكبير البعض يري ان الخطوة القادمة ستطال الرأس الكبير باقان اموم لأنه أصبح المهدد الأكثر قبولاًلمنافسة سلفاكير علي الرئاسة ولذلك اخرج سلفا في وجهه كرت الفساد حيث خرجت تسريبات بأن رئاسة الجمهورية ستحيل الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم للتحقيق في قضية ملكية شركة “فيفاسيل” للاتصالات.
باقان بدوره بدا المعركة مع سلفاكير مبكراً بتسديد انتقادات لاذعة له وقال أول أمس خلال ندوة عن مصير دولة الجنوب ان حزبه فشل في تجربة حكم البلاد في العامين الماضيين وأضاف ان ضعف البرامج الاقتصادية والأمنية والخدمية هو الذي ساهم وبصورة كبيرة في فشل التجربة الماضية.
كل هذه الانتقادات التي قالها باقان يعرف ان المقصود منها سلفاكير باعتباره في دفة القيادة طوال العامين الماضيين بعد الانفصال حيث أضاف قائلاً ” في اعتقادي الشخصي لزاماً علينا كحركة شعبية مراجعة أنفسنا ولابد من التقييم لأننا فشلنا في كثير من الأشياء”.
اقوي الانتقادات سددها باقان بتسديده السهام الي سلفاكير بالقول ان قرار تقديم كوستا مانيبي وزير المالية الموقوف بسبب التحقيقات لشبهة فساد مالي ومعه وزير مجلس الوزراء دينق الور دوافعه كانت سياسية.
التخلص من الخصوم وفي تقرير حديث بموقع (ساوس سودان نيشن) كتبه اجاك بول اعتبر قرارات رئيس دولة الجنوب سلفا بسحب الحصانة من وزير شؤون مجلس الوزراء دينق الور ووزير المالية كوستا مانيبي هو جزء م خطة مثيرة للاهتمام تكشف جانباً من صراع السلطة داخل الحركة الشعبية.
ويري كاتب التقرير ان سلفاكير استخدم قضية الفساد للتخلص من القيادات التي اعتقد أنها تخلت عن دعمه في الصراع الدائر بينه وبين نائبه رياك مشار وباقان اموم لافتاً الي أن إيقاف الوزيرين متعلق بالمعركة الدائرة حاليا داخل ماكينة الحركة الشعبية أكثر من أنها قضية فساد مشيراً الي ان سلفاكير يعمل حالياً علي تمهيد الطريق لاستبعاد القيادات التي أعلنت سحبها لدعمه أو التي ظلت صامتة ولم تبد تأييدها له وتأتي في هذا الإطار التضحية بتعبان دينق وإقالته من ولاية الوحدة.
آخر السلسلة البعض يري ان سلفاكير قد وضع خطة واضحة المعالم تبدأ بالعمل علي تثبيت حكمه وبسط سلطانه في الدولة الوليدة تقوم علي المستوي الداخلي بإسكات المجموعات التي تري انه لا يصلح لقيادة دولة الجنوب وانه لا يؤمن بمشروع السودان الجديد وهو شرع في هذا الأمر بشكل عملي بالتخلص من الور ومانيبي وهو يتحفز للقضاء علي باقان بذات الكروت السابقة الفساد حتي يوضح لمواطن الجنوب الذي أصبح ساخطاً بان رجالات الحركة باعوا المشروع ويسرقون قوتكم من أموال البترول.
سلفاكير أيضاً يسعي أيضاً لبناء تحالف خارجي قوي وهو يعلم انه بدون حدوث استقرار مع الخرطوم لن يتمكن من هذا الأمر ولذلك شرع في التمهيد للأمر بترتيب الولايات الحدودية وعزل تعبان دينق نموذجاً في طريق إبعاد الأشخاص المشاكسين من تلك الحدود مع الشمال والسعي لفك الارتباط مع مقاتلي الحركة الشعبية في الشمال دون حرق هذا الكرت المهم بشكل كامل ولكي يثبت للخرطوم انه يمكن ان يتعاون معها والخرطوم أيضاً قد تسانده في معاركه القادمة بالعمل علي إنعاش الجنوب اقتصاديا بفتح الحدود.
هي لعبة خيوط معقدة يريد سلفاكير أن يديرها بحكمة ولكن في أي وقت يمكن تتحول لشبكة ليسقط فيها الجنرال نفسه.

صحيفة السوداني
سحر أحمد[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. بسم الله
    و الله اكبر
    وجعلنا الله و اياكم من عتقاء الله من النار ف شهر الغفران
    مقال جيد جدا
    وجب علي حكماء السودان التفكير جيدا واتخاذ القرار
    سلفاكير يريد العوده الي حضن السودان
    دي فرصه تاريخيه للاخذ بيد سلفاكير
    و تقويته ضد اولاد قرنق و اعداء السودان
    اموم و تعبان و دينق الور من اجل عدم الانقلاب عليه مستقبلا
    الان جاء الوقت لحضن سلفاكير و ارسال الدعم
    من مختلف الدعومات
    و من اجل جعل سلفاكير رجل السودان الاول ف الجنوب
    و ابرام اتفاقيات مشتركه و توجيه شركات السودان لبناء الجنوب
    و القضاء نهائيا ع التمرد و الحشرات الثوريه
    لا اله الا الله
    الله اكبر
    و لا نامت اعين العملاء