رأي ومقالات

الطيب مصطفى : اقتلعوا الحركة الشعبية قبل فوات الأوان (3 ــ 3)

[JUSTIFY]إذا كنا قد بيَّنَّا في مقالَينا السابقَين أنَّ جنوب السُّودان يتقلَّب في برميل بارود يُوشك أن ينفجر واستشهدنا بما أوردته المنظَّمات والشخصيَّات الغربيَّة المتيَّمة بحب الجنوب بمن فيهم (مجموعة أصدقاء جنوب السُّودان) التي تضم روجر ونتر ومنظمة الأمم المتحدة ورئيسة بعثتها الولهى والعاشقة للجنوب هيلدا جونسون وغيرهم بل إن الإدارة الأمريكيَّة التي تُعتبر الأب الشرعي لدولة جنوب السُّودان قالت في بيان صادر عن السفارة الأمريكيَّة في جوبا (إنَّ الحكومة الأمريكيَّة تشعر بخيبة أمل عميقة لأنَّ الجيش الشعبي تقاعس عن حماية المدنيين في المناطق المعرَّضة للخطر في ولاية جونقلي كما أنَّ حكومة الجنوب لم تحقق أيَّ تقدُّم في تنمية الجنوب فضلاً عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان).. إذا كنا قد أفَضْنا في شرح ذلك وتحدَّثنا عن الشق الآخر المتعلِّق بالصراعات التي تفتك بالدولة الوليدة بما في ذلك الخلافات المتصاعدة بين قيادات الحركة الشعبيَّة فإنَّ المرء ليعجب كيف يجوز أن نسمح لدولة صغيرة توشك أن تنهار ويعترف قادتها بفشلها الذريع في إدارة الحكم ويطالبون بتنحي حزبها الحاكم عن إدارتها.. كيف يجوز لدولة على شفا الانهيار أن تعيث بأمننا القومي وتحتل أرضَنا وتدعم المتمردين الذين يهدِّدون بلادَنا ويروِّعون شعبَنا في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟!

إنَّه العجز وربِّ الكعبة بل إنها الغفلة عن تحديد الكيفيَّة التي نتعامل بها مع دولة جنوب السُّودان.. تلك الغفلة التي جعلتنا نضيِّع أكثر من خمسين سنة من عمر السُّودان قضيناها ونحن مستمسكون بحمل كاذب تعلَّقنا به وعلَّقنا عليه كل آمالنا.. حمل كاذب بجنين سراب زرعناه في خيالنا وسمَّيناه (الوحدة) صرفنا عليه دماءَ قلوبنا وأهدرنا فيه مواردَنا ودمَّرنا به ماضينا وحاضرَنا ونوشك أن ندمِّر به مستقبلَنا جرَّاء أخطاء فادحة لا نزال نرتكبها.
عجز عن رسم إستراتيجية للتعامل مع عدو مبين وشيطان مريد يحمل مشروعاً بل إستراتيجيَّة لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ظلَّت تعمل على استئصالنا هويةً ووجوداً ولا يزال دعاتُها يعملون على إنفاذها من خلال تنظيماتهم السياسيَّة ومسانديهم في الداخل والخارج.
يا سبحان الله.. الحركة الشعبيَّة التي تحتل أرضَنا وتعمل على إلحاق الأذى بنا وتُروِّع مدنَنا وقرانا وتستنزف مواردَنا هي التي تُحتضر وتكاد تموت جرَّاء الخلافات التي تُمسك بخناقها بدون أي تدخل منا!!

أخبار الأمس تتحدَّث عن انشقاق وشيك يُهدِّد الحركة وعن حركة جديدة تحمل اسم (الحركة الشعبيَّة الحديثة) يقودها باقان أموم كبير أولاد قرنق وراعي مشروع السُّودان الجديد بعد مصرع عرّابها الأكبر قرنق كما تتحدَّث عن تحرُّك يقوده سلفا كير يحاول من خلاله الاستقواء بعدو الأمس لام أكول قائد حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي.. تملمُل خطير يقودُه عدد من القيادات الناقمة على سلفا كير وفيهم بالطبع مشار وتعبان دينق وحاكم البحيرات الذي عُزل مؤخراً كول ماريال ودينق ألور وبقيَّة أولاد أبيي وكوستا مانيبي وعدد آخر من الجنرالات هذا فضلاً عن الحرب التي تدور رحاها في بعض الولايات المهمة مثل جونقلي.
إذن فإن الأرض تميد من تحت أقدام سلفا كير وبالرغم من ذلك يواصل الجيش الشعبي اعتداءاته علينا ويحتل المشروعات الزراعيَّة ويروِّع مواطنينا ولا يزال يحتل ست مناطق من أرض السُّودان هذا بالإضافة إلى ما يحتله عملاؤه في الجبهة الثوريَّة المكوَّنة من قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة التي (سمكرت) في جوبا على حد تعبير الفريق أول محمد عطا.
إننا نحتاج إلى أن نرسم إستراتيجية جديدة في التعامل مع دولة جنوب السُّودان تقوم على مبدأ العزَّة والكرامة بدلاً من حالة الخنوع والانبطاح التي ظلَّت تلازمنا على مدى الخمسين عاماً الماضية بدءاً من مرحلة استمطار الماء من سراب الوحدة وجني العنب من أشواك الزقوم وانتهاء بمرحلة استجلاب السلام من ضرع الحركة الشعبيَّة الذي لا يُنتج إلا الدماء والأشلاء.
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) هذا قول ربّنا سبحانه لا قول المنبطحين الذين لا يعرفون معنى العزَّة والكرامة.

إنها المرجعيَّة التي تبنَّتها الدولة قولاً لا فعلاً حين أعلنت عن حاكمية الشريعة الإسلاميَّة ولكن متى كانت الشريعة قولاً لا فعلاً ومتى كان الإيمان مجرد (ما وقر في القلب) بعيداً عمَّا يصدقه العمل؟!
اقتلعوا الحركة الشعبيَّة فوالله إنها تكاد بدون تدخل منا أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.. اقتلعوها من حكم الجنوب قبل فوات الأوان لتنعموا بسلام دائم مع من يخلفها ممَّن يحرصون على الجوار الآمن واعلموا أنَّ تحرير جوبا هذه الأيام من الحركة الشعبيَّة بكل رموزها بمن فيهم سلفا كير رغم اختلافه مع باقان وأولاد قرنق.. أنَّ تحرير جوبا أسهل بكثير من تحرير كاودا وأن الطريق نحو كاودا وأن القضاء على الجبهة الثورية يمر عبر القضاء على الحركة الشعبيَّة في جوبا وبعدها وعندها سيعلم موسيفيني أن اليد التي طالت جوبا بمقدورها أن تقتلعه من حكم يوغندا.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

‫2 تعليقات

  1. أتدري لماذا يصمون أذانهم عن كل نصح ؟ لأنهم نسوا الله
    هذه واحدة من مبشرات أو قل تحذيرات الصادق المصدوق سيد ولد آدم “صلى الله عليه وسلم” حين ذكر خمس يترتب عليها خمس منها أن تنزع المهابة من قلب عدونا لأنهم تركوا الله وركنوا إلى البشر فوكلهم الله للبشر

  2. هذا الخال لا يمل السياحة في التفكير الرغائبي او ما يعرف بالتفكير بالتمني بالقضاء على الجنوب وافناءه ليهنأ الشمال، متناسيا ان مشكلته ليست مع الجنوب وحده وبالتالى ستظل المشكلة قائمة الى ابد الابدين طالما كان الظلم وغياب العدل والحرية والمساواة، هو مقبض الانقاذ للامساك بالسلطة. يا الطيب لاسلكي السودان مشكلته داخلية بين ابناء الوطن الواحد .. ووصفة الحل بسيطة (الحرية للجميع + سيادة القانون بالعدل والمساواة + حل مشكلة دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق الشرق) ومن بعدها فلا الجنوب القديم ولا الحديث سيتدخل في امورنا. ولكن المصيبة هي ان وصفة الحل تلك فيها فناء الانقاذ التى تحتكر الحرية والعدل والمساواة وحتى حق الانقلاب على النظام لمحازبيها من الحركة الاسلامية والكبت والقمع والظلم لمن عارضها. وهكذا تفتح الحركة الاسلامية الباب واسعا للتدخلات الخارجية ابتداء من دعم الحشرة الشعبية للتمرد وليس انتها بتمخطر الاثيوبيات في ابيي وشقراوات اليونميد اللائي يجالسن الوالى كبر في الفاشر الكبير دونما حجاب للبحث في امر اطعام وايواء ضحايا الجنجويد بمعسكرات زمزم واب شوك وكلمة وخليك ممن قتلوا بجبل عامر علي يد قبائل التحالف الحكومي وبسلاح الحكومة .. المشكلة عندنا والهروب بها الى الجنوب لن يقدمنا خطوة اى الامام