تحقيقات وتقارير

النيلين على طاولة بيع بنك المغتربين..هل يصلح ما أفسده تجار العملة

آليات عديدة انتهجتها الحكومة لجذب مدخرات المغتربين من بينها منح حوافز وتسهيلات لتحويل المدخرات بإلغاء الرسوم على التحاويل ، وتسليم مبالغ التحاويل النقدية داخل البلاد بالعملة الصعبة للمستفيدين ، وطرح مشروعات استثمارية لجذب مدخرات المغتربين الى جانب انشاء بنك للمغتربين لخدمة هذه الشريحة وتفعيل دوره في الاقتصاد الوطني ، بينما أوصى المؤتمر العام لرؤساء الجاليات السودانية بالخارج، والذي عقد بالخرطوم في الاسبوع الماضي، بضرورة إنشاء بنك للمغترب، يسهم في جذب تحويلات المغتربين، وتوفير عملة صعبة للتنمية، واستيعاب مشاريعهم، وطالب المؤتمر بترفيع جهاز المغتربين إلى وزارة.

وفي ذات السياق وافق الرئيس عمر البشير، على بيع بنك النيلين للمغتربين، مؤكداً حرص الدولة على تقديم كل التسهيلات لتوظيف أموالهم داخل البلاد ، واعرب البشير خلال لقائه بالجالية السودانية مساء الأحد الماضي بالعاصمة النيجيرية، للمشاركة في أعمال القمة الإفريقية الخاصة بأمراض الإيدز والسل والملاريا، عن أمله في أن يهتم المغتربون باستثمار أموالهم في السودان لدفع عجلة الاقتصاد وقال البشير: إن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد تسير نحو الأفضل، رغم كل ما يقال عن أن الهجرة الخارجية أصبحت كبيرةً، موضحا بأن التعدين الأهلي للذهب، والهجرة العكسية الواسعة من الدول الإفريقية والآسيوية إلى السودان تدل على أن هناك نشاطاً اقتصادياً في طريقة تحسين الأوضاع، آملا في أن يهتم المغتربون باستثمار أموالهم في السودان لدفع عجلة الاقتصاد.

وفي السياق اوضح د.عز الدين ابراهيم وزير المالية السابق والخبير الاقتصادي المعروف ان بنك النيلين بنك كبير من حيث الاصول، وأضاف: نأمل ان يكون للمغتربين المقدرة على شرائه، وأشار الى وجود فرع لبنك البركة للمغتربين،وابدى عز الدين استغرابه لعدم وجود فروع للبنوك السودانية بالخارج، إلا اليسير الذي لا يذكر مقارنة بدولة في حجم السودان، وأضاف د.عز الدين في حديثه لـ(الرأي العام): ما يؤدي الغرض المطلوب وجود فرع واحد على الاقل للبنوك والصرافات السودانية بدول المهجر، وليس قيام بنك للمغتربين بالداخل، مبينا ان لبنك النيلين فرعا بأبوظبي ولكنه على نطاق ضيق، واضاف:هنالك صرافة ابوظبي بمجمع عفراء بالخرطوم، وناشد بقيام فروع للصرافات السودانية بالخارج، واكد ان وجود فروع لبنوك سودانية بالخارج يسهل عمليات التحاويل، خاصة للدولار في ظل الحظر الامريكي، حيث بالإمكان ان تصبح التحاويل داخلية من بنك لآخر، وتسهل بذلك عملية الحركة لتدخل اموال المغتربين السوق الرسمي، ونتفادى الحظر الامريكي، وتابع: لكن تبقى الاشكالية في سعر الصرف وليس قيام بنك او انشاء فروع، نسبة لاختلاف السعر بين الرسمي والموازي، ولابد ان يكون الفرق بسيطاً، حتى تستطيع البنوك والصرافات منافسة تجار العملة والسماسرة، واشار الى دور يقوم به سماسرة العملة بالسودان يصعب على البنوك القيام به، وهو ايصال المبالغ المالية المحولة عبر مكاتب في الخارج لذوي المغتربين في منازلهم، بجانب فارق يومي الجمعة والسبت حيث يتوقف عمل البنوك، في حين ان الحركة التجارية والتعامل بالمال لا يعرف العطلات، اضافة لذلك فان البنوك تتلقى عمولات على التحاويل، وتفرض اخرى على دفاتر الشيكات وغيرها، بينما السماسرة يقدمون الخدمة مجانا، وعلى الرغم من التعامل بالبنوك اكثر ضمانا لتداول المال من التعامل عبر الوسائط الاخرى، الا ان الفارق الكبير في سعر الصرف بين البنوك وتجار العملة دفع الكثيرين الى التعامل خارج الجهاز المصرفي مما اضر بالاقتصاد السودان كثيرا.

واضاف عز الدين: لسنا ضد قيام بنك للمغتربين، ولكن من الافضل ان يسهم المغتربون في البنوك القائمة اصلا، ومساعدتها في فتح فروع لها بالخارج بمساعدة ومساهمة من بنك السودان، خاصة بالمملكة العربية السعودية ان اتيحت الفرصة نسبة لكثافة المغتربين السودانيين بالمملكة، وعلى ضوء ذلك يمكن ان يديروا التجارة وعمليات التحاويل من خارج السودان والى اي بلد آخر، وطالب عز الدين الدولة بتنشيط ما يسمى بالقطاع المختلط، حيث يكون شراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، بجانب ان هنالك مؤسسات بإمكانها الدخول في ذلك مثل الضمان الاجتماعي، وعلى الدولة ان تشجعها وتدخل في ذلك وتطالب الآخرين بالدخول معها، مؤكدا ان ذلك افضل وأسهل من قيام بنك للمغتربين، وافيد للاقتصاد السوداني.

من جانبه قال د. حافظ ابراهيم الخبير الاقتصادي ان اموال المغتربين الطائلة تدخل البلاد بصورة غير مقننة، ومعظمها تدار خارج الجهاز المصرفي عبر مكاتب داخل وخارج السودان، الا القليل منها الذي يأتي عبر الصرافات والبنوك التجارية متعددة الاغراض، وأكد ان ذلك يؤثر سلبا على الاقتصاد السوداني، وتكون جهود الاقتصاد متفرقة وليست حزمة واحدة، واضاف: وجود بنك متخصص للمغتربين يعمل على جذب اموال السودانيين بالخارج، ويحقق عائدا نقديا اجنبيا كبيرا، يمكن الاستفادة منه في شراء (مستلزمات) الاستيراد، كما يسهم في وجود نقدي يساعد في الاستثمار الداخلي والبنية التحتية، ويقلل الاستدانة من خارج الجهاز المصرفي، ويضمن لهم وصول اموالهم، وبذلك يحدث انتعاش في الاقتصاد، ويتراجع التضخم، ويستقر سعر الصرف، وتتراجع الاسعار.

وتشير (الرأي العام) الى أن بنك السودان المركزي قد أصدر في ابريل الماضي توجيهاً لكل المصارف بالعمل على تشجيع السودانيين العاملين بالخارج لتحويل أموالهم ومدخراتهم ومصروفاتهم عبر المصارف، من خلال تبسيط الإجراءات المتعلقة بالتحويلات من الخارج، واستلام المستفيد للتحويل بالعملة الحرة دون دفع أي رسوم. وطالب التوجيه بعدم إلزام المستفيد باستلام ما يعادل بالجنيه السوداني، وأن يتم السحب النقدي من الحسابات بالنقد الأجنبي بحرية تامة وعدم فرض أي رسوم عند السحب النقدي من تلك الحسابات. ووجَّه البنك المصارف بحسن إدارة سيولتها بالنقد الأجنبي دون الاعتماد على البنك المركزي في توفير النقد الأجنبي (بنكنوت)، ودعا المصارف إلى مراعاة التقيُّد بضوابط قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال د. أزهري الطيب الفكي الناطق الرسمي باسم بنك السودان المركزي إن التوجيه يأتي في إطار سياسة البنك لتشجيع وجذب التحويلات الواردة من الخارج وحرية استخدامات حسابات النقد الأجنبي.

صحيفة الرأي العام
بابكر الحسن

تعليق واحد