رأي ومقالات

بأي ذنب يُستَهدف العلماء – مأمون حميدة مثلاً

هذه ليست المرّة الأولى التي يتعرض فيها عالم كبير للاستهداف ومحاولة تشويه صورته، إن لم نقل اغتياله الفكري والعلمي، عن طريق إثارة الغبار المفتعل حول قراراته، ومحاولة إظهارها بأنها مخالفة لما أعتاده الناس في كثير من الأمور، فقد تعرض الدكتور عبد الله الطيب- رحمه الله- لأبشع من ذلك بكثير من بعض طلابه الجاحدين لفضله، إبّان عمله بجامعة الخطوم حتى خرج من السودان مغاضباً، ولكن نصره الله عليهم ولو بعد حين. ولو كنت في مقام البروفيسور مأمون حميدة لما قبلت بأن أكون وزيراً على الإطلاق، ناهيك عن وزير ولائي، حتى ولو في ولاية الخرطوم نفسها. فتاريخ الرجل حافل بحيث يجعله أحد رموز السودان العلمية؛ فيكفي أنه قد شغل منصب مدير جامعة الخرطوم، علاوة على أنه طبيب وأستاذ جامعي له مكانة علمية لا ينكرها إلا مكابر أو حاقد، فقد (ربى أجيالاً كثيرة من أساتذة الأطباء وطلابه). فلماذا يقبل بأن يزج بنفسه في معترك العمل التنفيذي، ومستنقع السياسة الآسن، حتى يعتدي عليه أحد الأطباء الصغار محاولأ طعنه أمام أعين الناس دون تقدير لمكانته وموقعه أو حتى سنه -أطال الله في عمره. وأنا لست في مقام توجيه شيء من اللوم للبروفيسور مأمون، ولكنني أرى أن المهمة التي أوكلت إليه أدنى من مقامه، ومكانته العلمية بكثير جدًا، وكان من الممكن أن يقوم بها أحد طلابه الذين تخرجوا على يديه ونهلوا من علمه الوافر.

وإن كان البعض لم ترق له أراء البروفيسور مأمون حول بعض القضايا، فذلك أمر لا يفسد للود قضية، ولا يستدعي التشهير والخصومة، والعداوة وما يتبعها من عراك في غير معترك، وانكار فضل الرجل والتقليل من شأنه، ولا يتوقع أن يصل إلى درجة الإعتداء الجسدي السافر، فكلنا يعلم أن موقفه من مجلس التخصصات الطبية مثلاً قد استند على رؤية علمية وواقعية لها ما يسندها من خبرة الرجل وطول باعه في هذا المجال. وقد أوردت بعض الصحف ماقاله في هذا الصدد (اهتمامي بالمجلس الطبي ظل قائماً لالتزام أخلاقي ومهني ومسؤولية تجاه الأجيال القادمة في تلقي تدريب يرتفع إلى المستوى العالمي، وقد لاحظنا مع بقية الاختصاصيين تدني مستوى التدريب)، وهذا لعمري موقف يجب أن يحمد لهذا الرجل القامة؛ لأن التدريب قد أصبح أحد مرتكزات إتقان العمل وإجادته خاصة في المجالات التخصصية مثل الطب. ومما هو معلوم عن الدكتور مأمون حميدة أنه رجل(صارم الإلتزام الأكاديمي والطبي) وله مواقف مشهودة طوال مسيرته العلمية والأكاديمية، فلا غرو أن يطالب بتحقيق أعلى درجات التأهيل والتدريب في هذا المجال الحيوي.

أما فيما يتعلق بتجفيف المستشفيات المرجعية التي آلت لولاية الخرطوم، فالبروفيسور مأمون حميدة بحكم عمله وتخصصه، ليس غريباً على تلك المواقع، فقد خبرها منذ أن كان طبيب أمتياز في بداية السلم الوظيفي؛ فهو لذلك يعلم داءها ودواءها، وله من السلطات التقديرية، والمخولة له كوزير، ما يسمح له بالسعي لإصلاح وضعها أو نقلها أو تغيير حالها، وتحسين الخدمات الطبية التي تقدمها للجمهور، حتى تكون بالمستوى الذي يليق بوضعها في عاصمة البلاد وواجهتها الحضارية، الخرطوم. فقد قال في لقاء أجري معه ما نصه:(ليس هنالك تجفيف لأي مستشفى.. ولكنها إعادة وظائف لهذه المستشفيات بما يتماشى مع خريطة صحية مدروسة ومتفق عليها بين علماء التخطيط بالإدارة الصحية والسياسسين.. ثم لم تكن هنالك مستشفيات مرجعية، ولكن كانت هنالك مستشفيات عامة تقوم في جزء كبير من عملها بما يقوم به أي مركز صحي بأقصي حي من العاصمة). هذا كلام ليس فيه غرض شخصي كما يدعي البعض، وإنما هو واقع معاش يعلمه القريب والبعيد، وكم مرة أشتكى المراجعون من تردي الحالة العامة لتلك المستشفيات التي صارت، وبشهادة كثير من الأطباء، مصدراً لنقل الأوبئة عن طريق الإصابة ببعض أنواع البكتريا الضارة في كثير من أقسامها، ولهذا فإنني استنكر بشدة ما ذهب إليه بعض الذين كتبوا عن هذه الإجراءات قائلين بأنها إنما تمت (لأمر في نفس يعقوب).

إن من عيوبنا -نحن السودانيين- أننا (نريّس ونتيّس) بمعنى أننا نضع الشخص في موقع المسئولية ثم نبدأ في إنتقاد ما يتخذه من قرارات؛ ولذلك يصاب كثير من المخططين والتنفيذين بالإحباط، وقد تفشل خططهم من جراء ذلك وتظل البلاد تتخبط في التخلف، وتدفع الأجيال المتعاقبة ثمن تلك المواقف السلبية غالياً. ولكن حسبنا أن الدكتور مأمون حميدة رجل ذو شخصية قوية ولا يلجأ لتغيير مواقفه إلا إذا رأى حقاً واضحاً ومنفعة ظاهرة للناس لابد من تحقيقها. واستشهد هنا بما جاء على لسان أحد الذين خبروا الدكتور مأمون عن كثب فقد قال في حقه:(الدكتور “مأمون حميدة” ربان، يقود سفينة الإصلاح في بحر أمواجه متلاطمة، وهومن أولئك الأفذاذ الذين يحسدهم زملاؤهم قبل غيرهم، لجمعه التميز والنجاح الفني، فهو من أشطر الأطباء وأكثرهم حكمة وحصافة، لذلك تنطلق وراءه سهام الكيد والاتهامات في مسعى حثيث لتحطيمه). ولا تخلو محاولات استهداف دكتور حميدة من بعض الأغراض السياسية لجماعات المصالح التي ترى أن الإصلاح سيضر بمصالحها وهي لذلك لا تريد الناس أن يقولوا كلمة الحق لأنها مرة- فقد قرر السيد الوزير نقل بعض المستشفيات إلى أطراف العاصمة حتى تكون في أماكن يصل إليها المراجعون بسهولة؛ وهذا هو الهدف الحقيقي من هذا التحرك الذي أثار كل هذا الغبار المفتعل الذي ظل عالقاً فوق رؤوس الذين يحاربون النجاح والإصلاح, وصدق من قال في حق الدكتور حميدة( أنه رجل ينطقه العلم ويلجمه الحلم وهو من الذين تفاخر بهم البلاد) ولذلك فإن رجلاً في مقامه لا يلتفت لعواء الذئاب الغبراء.

محمد التجاني عمر قش
[email]gush1981@hotmail.com[/email]

‫8 تعليقات

  1. الخ الكريم محمد التجانى لك التحيه على كتابة هذه السطور القصيره فى الاشاده بالاستاذ العالم مأمون حميدهز انا لم اتشرف بالتمذه على يديه لكنى من المتابعين لانشطته وحسب اعتقادى ان البروفسير مأمون اول من دعى الى احترام والمحافظه على حقوق المرضى ضد تغول القله من الاطباء وانا ادلى بشهادتى هذه عن خبره طويله بالعمل خارج السودان فى مؤسسات طبيه مرموقه وما يدعو اليه البروفسير مامون هو ما ادى الى تطور وتقدم هذه المؤسسات.
    الله لا تقولوا هذا منافق والله العظيم انا لا اعرف البروفسير مامون وهو لن يعرفنى وليست لى حاجه عنده.
    والله من وراء القصد

  2. محمد التجاني عمر قش
    فيكفي أنه قد شغل منصب مدير جامعة الخرطوم، علاوة على أنه طبيب وأستاذ جامعي له مكانة علمية لا ينكرها إلا مكابر أو حاقد، فقد

    بس عشان كده هو (احد رموز السودان العلمية)
    والله انا خجلان ليك…..عينة الكتابة دا بقت نمط ثابت ومعروف…
    عليك فكنا بلا رمز بلا غم
    امشي الزيتونة ولا امشي كمبيوتر مان عشان تعرف الانسانية يا شيخنا
    ارحم نفسك عليك الله

  3. مشكلة مامون حميدة انه يعتقد انه الوحيد الزي يفهم في السودان …بالاضافة الي جشعه المادي والزي يشهد به حتي القربون اليه…فهل يعقل ان لا تتضارب مصالحه الاستثمارية…مع موقعه…وهنالك الكثير من الشواهد تدل علي انه اساء استخدام موقعه في انشاء صيدلية خارجية بمستشفي الزيتونة بعد الغائه لقانون الصيادلة الزي لا يسمح بقيام صيدلية في وجود اخري علي بعد 200 متر(هزا اول قرار يصدره في الوزارة)…بالاضافة الي الاراضى التي نهبها من الدولة بوضع اليد حول الاكاديمية

  4. مهما قلت نحترم رأيك ولكن تصفية المستشفيات التعليمية الكبيرة أمر مرفوض وهو امتداد لبيع أصول البلد وخاصة في المنطقة من الخرطوم.

  5. [SIZE=5][SIZE=5]لانختلف ان مامون حميدة له من العلم الكثير لكن ذلك لايمنع ان يكون الرجل متواضع وذو خلق لكن للاسف العلم مااثر عليه نهائى فاخلاقه سئية فى التعامل مع الناس وتكبر وافتراء على الخلق وغير متواضع نهائى
    وعندما كان مدير جامعة الخرطوم طرد منها بسبب تعامله مع الطلبه هناك
    اتمنى ان يكون رجل يقدر مكانته العلمية وان يكون متواضع
    فمن تواضع لله رفعه[/SIZE][/SIZE]

  6. يا أخى محمد التجانى تزكيتك للرجل نحن لا نعترض عليها فهذا هو رأيك فيه عكس اراء كثير من الشاهدين على تعاملات الرجل مع الناس

  7. ينصر دينك … كتبتة كل ما يدور في خواطر الفاهمين الوضع الصحي في السودان و اسباب تردية … و آسف للذين يفتون فيما لا يعلمون … آسف للذين يخوضون فقط مع الخائضين .. آسف للذين يعملون بمنطق السطحية .. آسف لاصحاب المصالح الشخصية من قرارات البروف من اعلاميين و سياسيين و للأسف الشديد و اطباء …آسف للحاسدين و الحاقدين المتفرجين علي الاوضاع المتردية و يهتفون لمن يزيد من ترديها و يشتمون في من يحاول مجرد محاولة للاصلاح … اي جشع تتحدثون عنه ؟؟؟ هل اصبح النجاح جشع .. و هل انا اذا استثمرتة شوية فلوس و درت علي الدهب بعد التعب و السهر و التخطيط و المعاناة سأصبح في نظركم جشعا؟؟؟ .. الاطباء و الممرضين و الصيادلة و غيرهم الاتخرجو من جامعة حميدة اذا حسبنا دخولهم السنوية التي يدرونها علي انفسهم و علي اسرهم تساوي 100 ضعف ما يدرة البروف من الجامعة …ديل لو ما فضل الله سبحانة و تعالي و اسرهم الدفعت رسوم دراستهم و البروف و جامعتو كان مصيرهم شنو ..؟؟؟ .. راجل ناجح يمتلك افضل جامعة للعلوم الطبية و افضل مستشفي خاص و يجي واحد يقوليك قفل الصيدليات عشان يفتح صيدلية !!!!! عفوا عفوا !! فتح صيدلية جنب الزيتونة دا حلمي انا و حلمك انت ما حلم البروف … البروف حلمو اكبر من كدة شوية ،،، تحياتي

  8. مقال منصف في حق رجل عظيم هو بروف مامون حميدة ظل يخدم السودان وابناء السودان وكل مايتعرض اليه من اذى واساءة هو متوقع لان الاصلاح طريق شاق وهذه سنة كل المصلحين في هذا العالم بما في ذلك الانبياء الذين لقوا ما لقوا من الاذى