رأي ومقالات

ربـيع عبـدالـعـاطـى: لم يعد هناك مجالٌ لجماعات عسكرية، تتخذ من صهوة دبابة وسيلة للسلطة


كان السودان أنموذجاً فريداً في محاولات شعبه نحو التحول الديمقراطي في مجال الحريات وشؤون السياسة، وما تزال ثورة أكتوبر 64 وثورة رجب في أبريل من العام 1985، من الثورات التي يشار إليها بأنها ثورات أحدثت تغييراً دون إراقة دماء أو مواجهات بين عسكرٍ وشعب أدت إلى حدوث تضحيات بمثل تلك التي شاهدناها في مصر وليبيا وما يجري في سوريا وما حدث بتونس واليمن، أضف إليه ما نراه من انتكاسات ونكوص على الأعقاب كان ثمنه مواجهات وصدامات كما لو أنَّ التحول الديمقراطي ليس طريقاً يؤدي إلى محطة لا تقبل الرجوع القهقرى، فهو تحول قابل للانتكاس والارتداد، وهنا تكمن أعظم التضحيات وأخطر الآثار.
والتحول الديمقراطي قد يكون سلساً، دون إراقة دماء أو مخاشنات تؤدي إلى عكس صورة قميئة بين مستبدٍ مستأسد يود الركوب على رءوس الناس بإرادة مفردة، وشعب يتوق نحو حرية تتيح له اختيار من هو مناسب لقيادة سفينته وتدبير شأنه، والتعامل مع قضاياه وفقاً للأمل المعقود ، والثقة في منح التفويض والتخويل.
وقد تكون على مقربة من المبالغة والمثالية، إن لازمنا الاعتقاد بأن التحول من حكم عسكري قابض إلى نظام ديمقراطي حر، لا يكلف ثمناً، ولا يؤدي إلى تضحيات.
ولقد نجحت ثورة أكتوبر الشعبية، عندما قدَّم الشعب شهداء، وفار تنور الرغبة الجماهيرية، مجبراً الفريق إبراهيم عبود على حل مجلسه العسكري طواعية، ويسلم الأمر إلى حكومة مدنية، وحينها عاد العسكر إلى ثكناتهم نافضين أياديهم من السياسة وألاعيبها وما يحيط بها من خطأ وخطل تصاحبهما برك من دماء وظلم، كانوا هم السبب الأوحد في حدوثه بركوب الصعب، وحمل الشعب قهراً للسير في اتجاهات الكبت والتسلط والاستكبار.
والتحول الديمقراطي ـ في زماننا هذا ـ أصبح أمراً لازماً ـ أوجبته تطورات العصر أولاً، وفرضته درجات الوعي الصاعد ثانياً، ولم يعد هناك مجالٌ لجماعات عسكرية، تتخذ من صهوة دبابة وسيلة إلى الولوج قسراً لمجلس وزراء أو سدة رئاسة، وسيثبت التاريخ للزمن القريب الآتي، بأن تنصيب الرؤساء بفعل قوة جيش لجب أو أمنٍ مركزي ـ عالي السطوة والقوة والجبروت، سيكون تنصيباً لملك على عرشٍ لا يستحقه ـ ذلك لأن الملك الذي يدخل قصراً ليس بقصره لا يشبه إلا ذلك الفرعون الذي خدعته نفسيته المريضة، وزعم بأنه يرتدي أفخم الثياب وأزهاها، وكان الطفل هو الذي أفصح بحقيقة لم يجرؤ عليها كبار القوم بأن قال انظروا إلى ذلك الملك العريان.
ولا طريق للتحول الديمقراطي، إلا بطريقين:
ـ إما طريق العنف والدم، والمصادمات وفوهات البنادق.
ـ أو طريق التفاهم والسلاسة والمشاركة، واحترام عقول النَّاس وعدم تسفيه ما يراه الآخرون من آراء.
د. ربـيع عبـدالـعـاطـى-الانتباهة


تعليق واحد

  1. الجيش السوداني جيش أصيل وليس مخترق من استخبارات أجنبية كمصر وتركيا وغيرها والشعب السوداني متميز عن الآخرين؛ فنحن لا نتوقع أن يقوم ضابط سوداني أصيل بانقلاب ليرهنه لأمريكا أو إسرائيل أو أية دولة أجنبية؛ وقد كانت تجربة المرتزقة أيام نميري ام 1976 واضحة في ذلك عندما رفض السودانيين الغزو على الرغم من كراهية نميري وحكمه؛ ولذا فإن ثورة أكتوبر عام 1964 كانت سابقة للربيع العربي ب 50 عاماً. هذا هو الفرق في المستوى السياسي والأخلاقي والنفسي للسودان وباقي العرب والأفارقة؛ يا هو دا السودان..

  2. وين نحن من ثورة اكتوبر والانتفاضة لقد تغيير السودان كثيرا لان انسان السودان في ذلك الزمان واعي ومتركز في العاصمة والحكومات لم تكن لها ايدولجيهات ممنهجة وان كان لها اتجاهات يسارية او يمينة وكان وقتها العام محكوم بقطبين يساري وراس مالي ولكن الفكر الذي دخل علي السودان جديد من نوعه اصطحب معه كل الممارسات السابقة لكي يبقي في السلطة الي الابد بالرغم ان قد لا ننكر علية الديمومية اذا كان يستحق ذلك ولكن للاسف انقلب علي عقبية واصبح كالملك الجمهورى التعبير الذي يحلوا للحكومات الجمهورية المستمرة كالنظام الملكي لا تتغير الا من داخلها كالشطرنج يتحرك وزير او والي من والي بعد امضي النظام في التمكين في اعوامه الاولي من كل مفاصل الدولي واقتصاد السوق الحر فاصبح المواطن داير حول نفسة مكبل بقوانين التمكين وولقمة العيش اختلت كل الموازين السمحة التي كان يمتاز بها المواطن السوداني