قير تور
مع الأئمة مرة أخرى
المهم يقال بأن أحدهم ركب القطار وهو آخذ (الحيطة والحذر) من اللصوص خاصة وهو يتحرّك من الخرطوم عائداً إلى قريته التي طال منها. وحسب الرواية الشعبية فهذا الشخص كان يعرف جيداً بأن عيون اللصوص تظل مستيقظة في محطات القطار وتعرف كيف تنال مرادها. وعليه فبعدما تأكد تماماً من تأمين موقفه وهو واثق من حملة التفتيش الذي ستطاله ليلاً، نام دون إكتراث بعواقب الاستمتاع بالنوم داخل المدن المزدحمة في ذلك الزمان، وفعلاً حدث ما كان يتوقعه فلم يكن الشخص الذي صاحبه طوال زمن الرحلة سوى من يريد معرفة مكان النقود وفي الليل قام ذلك بتفتيش الجيوب وفتح الشنطة وكل مكان متوقع دس النقود فيه وصل يد المرافق إليه.. والمسافر مستمتع بنومه كان المرافق يفشل كل مرة وعندما يتحرّك هذا متقلباً في نومه يجري إلى فراشه.. المهم اعترف اللص في إحدى المدن بهزيمته النكراء امام هذا المسافر لكن ليس للشخص المستهدف إنما وقف مع أحد زملاء (مهنته) فقد أدرك بأنه قد تخطى حدود ونطاق منطقته ولذا فهو وقف مع زميله شارحاً له (الزول دا عندو قروش كتير وانا ما قدرت اعرفها ختاها وين ولازم تتابعو وانا من هنا برجع مع القطر).. وفعلاً التقط هذا قفاز متابعة المسافر. والمراقب الجديد بمجرد استماعه لزميله تحرك بسرعة ولبس أجمل الثياب البيضاء فعلى الرأس عملة تكفي طولها وعرضها ثوب امرأتين وعلى الكتف شال أكثر بياضاً، وأما حديثه فجميل ابتدره بنصح المسافرين داخل الغرفة التي يجلس فيها صاحبنا الحذر وقال “يا اخوانا اعملوا حسابكم. البلد دي فيها حرامية صعبين وخطيرين وكل زول يفتح عيونو كويس”… قال هذا وهو مركز نظره على صاحبنا.
لم يخب ظن المتكلم في قصده من النصيحة فقد أتته ردة الفعل سريعاً وذلك عندما لمس صاحبنا في حركة تلقائية منه “رأسه وتحسس وضع العمة جيداً” وهنا أدرك المتحدث بأن المسافر أخفى نقوده في العمة الملفوفة على الرأس وفقاً لما أبداه من الحرص الشديد على هذا الجزء من الجسم.
المهم هذا لم يقف طويلاً جرى ورمى بالملابس الأنيقة ولبس ملابس أخرى وانتظر زمن تحرك القطار وعندما سمع صوت صافرة القطار إيذاناً بالتحرك جاء مواجهاً الشباك الذي عليه صاحبنا وهو يحمل بطيخاً للبيع وساوم فيه المشتري الذي اتفق معه وتصنَّع هذا التأخر عن القطار ليقوم ذاك بإخراج رأسه من القطر فكان أن قفز هذا على العمة وجرى!!
والقصة رغم أنها قديمة لكنها لا تزال تحكي التعاضد والوقوف مع بعض يبديها لصوص وقطاع طرق لبعضهم بعضاً في مهنتهم غير الشريفة، لكم هذا حريٌّ بأن يكون عليه دعاة المعروف.
سقت المثال أعلاه وأنا ما زلت متحيّراً من موقف ائمتنا الأجلاء الذين طفقوا يصدرون الفتاوى في صفقة لاعب كرة قدم، ولم اسمع أحدهم يفتح فمه سواءً مؤيداً أو منتقداً موقف مؤذن وإمام مسجد تم إقالته لأنه انتقد معتمد محليته. وكذلك لم اسمع تعليقهم حول رأي المعتمد بفصل (الدين عن السياسة).[/ALIGN]
كلام الناس – السوداني – العدد رقم 1069 – 2008-11-4