د.عبدالماجد عبدالقادر : «سيخة» المرابحة!!!
وهنا يأتي مكمن الخطر في أن البنوك قد تنسى دورها المنوط بها في تنمية الأرض وتعميرها وفي خدمة المجتمع وتخطئ تماماً عندما تعتقد أنها اشترت جراراً وباعته لشخص آخر وليذهب إلى الجحيم لكي يقوم بكسره لآخرين أو رهنه أوتخزينه دون أن يقوم بدوره في الإنتاج ليفيد كل البيئة الاقتصادية.. وقد تتعسف بعض بيوت التمويل فتقوم باحتجاز وحبس الجرار واللوري عندما يفشل صاحبه في السداد وهي بهذا في حقيقة الأمر تقوم بحبس وتعطيل وسائل الإنتاج عن المجتمع الذي لن تقوم لها قائمة إلاّ بتحريك موارده.. مثلاً أحد البنوك يحتجز حوالى ثلاثمائة شاحنة لأحد رجال الأعمال فقط لأنه تعثر في أحد الأقساط أو لأنه تعثر في دفع كل الأقساط.. وهي بهذا تحرم البيئة الاقتصادية من توفير الخدمة لنقل مئات الآلاف من الأطنان وتحرم شركات البترول من استهلاك ملايين الجالونات من الوقود وقد تحرم آلاف السائقين والعمال من أعمالهم ومئات الموظفين.. وهي بهذا الفعل تقوم «بتخريب» الاقتصاد الوطني دون أن تعي ثم تقول إنها تساهم في دفع عجلة التنمية وإنها تحافظ على «قروش» المودعين وتنسى أن المودعين ما هم إلا المجتمع نفسه.. وبالطبع فإن سبب هذه الكارثة هو استعمال القوالب النظرية الإسلامية في التمويل بمفهوم غربي ربوي لا يعرف كيف يستصحب معه البعد الاجتماعي والأخلاقي لتنمية الأموال.
يا جماعة.. والله العظيم. ليس المهم هو صيغة التمويل أو الربح ولكن المهم أن نستوعب المعاني الأخلاقية في مفهوم أسلمة التمويل والتي تراعي المصلحة العامة.. ليس مهماً أن يربح البنك الفلاني أو التاجر الفلاني ولكن المهم أن يتم تحريك وسائل الإنتاج لخدمة الناس كلهم.. مثل آخر واقعي يحدث لإحدى شركات إنتاج الزيوت والتي يملك أصحابها مصنعاً للصابون.. ومصنع الصابون تعثر في سداد أقساط .. ولأن مصنع الصابون تظهر فيه أسماء نفس أسماء مالكي مصنع الزيوت فإن البنك الممول قد أوقف التمويل للزيوت. ولهذا السبب فإن إنتاج الزيوت قد توقف ووكلاء توزيع الزيت في الأبيض والدمازين والقضارف وعطبرة وبورتسودان توقفوا مثلما توقف المشروع الزراعي الذي ينتج المادة الخام.. يعني هذا أن التأخر في سداد الأقساط قد أوقف كل الأنشطة المجاورة لمصنع الصابون وشرّد العمال والمزارعين وفتت النسيج الاجتماعي.
وفي ظل هذا المفهوم «الإسلاربوي» سيكون من الضرورة أن يكون القائمون على أمر التمويل أكثر استيعاباً لحاجات المجتمع وتأثيرها التراكمي الضار على حركة الإنتاج في حالة تعطيل وحجز وحبس وسائل الإنتاج وحبس أصحابها.
قبل أيام ذكر لي رجال الأعمال «حمدان الحلفيان» أنه طلب من البنك أن يتم تمويله «بسيخة» المضاربة وأنه لا يرغب في التعامل عن طريق تطبيق «سيخة» المرابحة.. وبالطبع فإنّ الرجل يقصد صيغة «بالصاد والغين وليس السين والخاء».. وقد كان ما قاله مثاراً للضحك والتندر.. ذلك لأن الرجل موغل في القروية والأمية ولكن الله أعطاه سعة في الرزق والله على كل شيء قدير.. وأخيراً شكراً للسيد النائب الأول لرئيس الجمهورية بالابتعاد أو على الأقل التقليل من استعمال «سيخة المرابحة».[/JUSTIFY]
د.عبدالماجد عبدالقادر
صحيفة الإنتباهة
يا جماعة: طالما أن برنامج التمويل مشكلة التمويل الاصغر موجه لخدمة الفقراء فحلة يسير : فقط وجهوا مال الله (الزكاة) بكامله لتمويل مشروع التمويل الاصغر لتصرف للفقراء والمساكين والعاطلين في شكل قروض حسنة ميسرة بفئات معقولة وأقصاط مريحة تمكنهم من إلاستثمار الحلال. نظام التمويل الحالي أو أسوأ من المرابحة وربما يندرج تحت تجارة المال وبارباح عالية تفوق ارباح القروض الربوبة في كثير من البلدان الاجنبية. المسألة تحتاج لوقفة متأنية ونية صادقة لمواجهة الفقر في بلادنا.