اهانة السيسي للشعب المصري ..
إذا ما تأملنا في خطاب الفريق السيسي وشهادته التي قدمها للشعب كبراءة ذمة من دم الاخوان ومن واكبهم وهو يسرد تفاصيل محاولاته المستميته لإقناع الرئيس مرسي بحل سلمي للأزمة، فإنه يلاحظ مجموعة من المغالطات والتناقضات الواضحه فيما ورد على لسانه ونورد منها ما يلي: لقد قال الفريق انه اجتمع مع الرئيس لمدة ساعتين في اليوم الذي سبق الخطاب، الذي ألقاه الرئيس وأنه أفصح له بالضبط عن تصوراته الإستراتيجية لما يجب أن يقال في ذلك الخطاب.. وهو بهذا يعترف أنه كان يملي على الرئيس ما يتوجب عليه أن يقوله في خطابه، وهذا دليل على أنه تعامل مع الرئيس بصفته الآمر الناهي وليس بصفته الوزير المرؤوس من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة.. بعكس ما قاله في نفس الخطاب من أنه أكد للرئيس محمد مرسي أنه هو والجيش تحت إمرته هو، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وكونه يمثل إرادة الشعب الذي انتخبه عبر صناديق الإقتراع، مع أنه اليوم يعتقله في مكان مجهول ما يعني أنه نكث بعهده الذي قال انه تعهد له به.
قال الفريق السيسي أنه فوجئ بالرئيس يقول في خطابه كلاماً غير الذي اتفقا عليه وأنه اكتفى بوضع يده على ذقنه في حالة من التأمل والإستغراب.. بينما أظهرته الكاميرات وهو يصفق للرئيس مع المصفقين بعد انتهاء الرئيس من بعض فقرات الخطاب!
لقد قال الفريق انه بعث برسالة للرئيس مرسي من خلال محمد سليم العوا يقترح فيها إجراء استفتاء الشعب على بقاء مرسي في الرئاسة وهو ما نفاه العوا جملة وتفصيلا على الملأ، حين أكد أنه لم ينقل أي رسالة بين الطرفين لا من قريب ولا من بعيد.
الأغرب من هذا كله أن يقوم الفريق السيسي بسرد روايته للشعب بكافة أطيافه بمن فيهم النخب القيادية والمثقفة ولا يجد من المحامين أو القضاة من يقول له انه خالف أبسط أبجديات الإحتكام عندما صرح لنفسه بأن يروي قصته كما حلا له بينما قام بحرمان الطرف الآخر من الوجود وأنكر عليه أبسط حقوقه المتمثله بالحصول على فرصة للدفاع عن نفسه ليقوم الفريق بهذا السلوك بتقديم عينة نموذجية لطريقته في التعاطي مع الآخرين عندما يكون هناك خلاف بينه وبين من سواه.
ما أوردناه في هذا السياق لا يجب أن يجعلنا نَعلَقْ في هذه الحيثيات التي أصبحت من الماضي رغم أهميتها ومع أنها كانت من الأسباب الرئيسية للخسائر البشرية والمعنوية والأخلاقية التي تكبدتها مصر منذ الحظة الأولي للإنقلاب، لأن الأهم من هذا كله هو ما يحمله يوم الجمعة من أخطار مدمرة على مصر وعلى المنطقة كون الفريق قد دعى إلى حالة من الإرتطام العنيف بين فئتين من الشعب الواحد مع إعلانه عن تحالف الجيش وقوات الأمن مع إحدى الفئتين ضد الفئة الثانية التي أصبغ عليها تهمة الإرهاب لكي تستباح دماؤها من قبل قوات الأمن والبلطجية بإسنادٍ من الجيش بشكلِ يفوق كثيراً تلك العينات التي رأيناها أمام الحرس الجمهوري وغيرها من الغارات البطولية التي كانت بهذا العنف قبل أن تصدر هذه التصريحات التي ستعطيهم كل ما يحتاجون من الأسباب لإرتكاب جرائم حرب وما سيجره ذلك على مصر من قابلية الولوج في مستنقع الحرب الأهلية المدمرة لا قدر الله.
لا أظن أن الفريق السيسي سيرتكب مثل هذا الخطأ الشنيع وأظنه سيلجأ إلى محاولة إزالة العقبات من أمام خارطة طريقه التي جنحت واتضح أنها تسطدم بصخور إصرار الفريق الآخر على الصمود في الميادين لأن غارات الأمن والشبيحة قد نالت من بعض أجساد هؤلاء ولكنها لم تنجح في إرهابهم لكي يفضوا هذه الإعتصامات التي صمدت ما يقارب الشهر دون كللٍ أو ملل.
أمام هذا الإستعصاء على تنفيذ الخارطه، ولأن الفريق السيسي لا يملك مرونة مرسي كونه عسكريا وقد صرح أنه لن تكون هناك عودة عن خارطة الطريق فإنني أتوقع أن يلجأ إلى إعادة استعمال السلاح القديم الذي تمسك به مبارك من قبل، وتعهد مرسي أنه لن يُستعمل مرةً أخرى، وبالرغم من أن إغماده كان المطلب الأول لثورة 25 يناير غير أن قيادات المعارضة الثورية وشيخ الأزهر سيصدران له فتوى بشرعية إشهاره من جديد.
تداعيات غير محسوبة سوف تدفع كافة التيارات الإسلامية إلى الكفر بالديمقراطية وسيؤدى ذلك بالكثيرين إلى الجنوح إلى العنف المضاد الذي يبدو أنهم يُدفعون إليه دفعاً لعل هذا العنف أن يقنع الغرب بأن النظام المصري الجديد ضروري من أجل مقاومة الإرهاب وبالتالي الحصول على دعمه وإغماض عينيه.
القدس العربي
زياد علان العينبوسي نيويورك
يا جماعة فكونا من المصرييييين ديل دا شان داخلي لا دخل لنا فيه على الاطلاق