رأي ومقالات

أحمد يوسف التاي : تماسيح السياسة

[JUSTIFY]أول كذبة، بل أكبر خديعة، يمارسها أهل السياسة على عامة الناس هي التأكيد لهم في الميادين العامة عبر الخطابات الجماهيرية أنهم ليسوا طلاب سلطة، وأنهم يؤمنون بأن السلطة هي وسيلة للحكم الرشيد ولتحقيق رفاهية الشعب والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والظلم، والدفاع عن مكتسبات الشعب وحماية مصالحه وأن السلطة هي أمانة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من أداها بحقها… هذه تقريبًا هي أبرز العبارات الرنانة التي تشكل القاسم المشترك لخطابات كل القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وعلى نطاق واسع جدًا في العالم ولا سيما عالمنا العربي والإسلامي… لكن في واقع الأمر أنهم طلاب سلطة بل مستعدون للموت «شهداء سلطة» في سبيل الوصول إلى الكرسي وبشتى الوسائل من تزوير وشراء الأصوات ومداهنة وخداع وانقلاب عسكري وتحالفات مشبوهة وطلب العون من الشيطان الرجيم والمخابرات الأجنبية… وهم أيضًا يؤكدون أنهم يؤمنون بأن السلطة وسيلة للحكم الرشيد ورفاهية الشعوب والعدالة ومحاربة الظلم والفساد كما يزعمون والواقع المرير يقول إنهم يقولون كل ذلك بأفواههم ما ليس في قلوبهم فأكثرهم عندما يضعون السلطة تحت «إبطهم» ستكون السلطة وسيلة لحماية المفسدين ولتحصين ممارسات الفساد وحمايته بالقانون وليس لمحاربته كما يزعمون، وستكون وقتها السلطة مطية لتحقيق نزوات الحكام وذوي السلطة، وإفقار الشعوب وتجويعها وليس لرفاهيتها كما يكذبون ويفترون الكذب على خلق الله، إمعانًا في سياسة «جوِّع كلبك يتبعك» لأنهم بحاجة لأن يظل الشعب تابعًا ومغيبًا وليس من مصلحتهم انتشار الوعي الشعبي الذي هو بمثابة صداع نصفي يخشاه الحكام الفاسدون… هم يقولون الحكم والسلطة وسيلة لحماية مكتسبات الشعب وحقوقه ومصالحه، لكن الواقع يشير بوضوح إلى أن مصالح الشعوب ومكتسباتها تأتي في آخر سلم الأولويات بعد استثمارات الحكام و«التمكين» لهم ولأسرهم وعوائلهم وأصهارهم وأقربائهم ووسلة لجمع المال الحرام… أما حديثهم المكرور والمملول عن أن السلطة هي وسيلة للحكم الراشد وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الرعية فهو مردود عليهم لأن الواقع يكذّب كل هذه الهرطقات فالسلطة عند الكثيرين منهم وسيلة للحكم الفاسد وإطالة عمره بالمناورات والتاكتيكات والمماطلات والضرب تحت الحزام وإضعاف الخصوم بوسائل غير مشروعة… ومع ذلك أجدهم صادقين فقط في قولهم: «إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة» ورغم علمهم التام بهذا المآل المخزي الفاضح إلا أنهم لا يأتونها بـ «حقها» إمعانًا في مخادعة الله وأنفسهم والناس أجمعين ولكن الله خادعهم لا محالة وهم في غمرة لا يشعرون.

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. والله أصبت عين الحقيقة ، وهذا هو بالضبط ما يحدث في السودان وعلى كل المستويات،، أشكرك ولا فُضّ فوك، لهذا فلننتظر ما ورد في أخبار اليوم عن المحاكمات التي ستتناول قضايا الفساد والتي بدأت بقضية الأوقاف والآن قضية الأقطان وهلم جرا ، وعسى أن تكون بداية نهاية الفساد والإفساد الذي انتشر كالسرطان .ويمكن ينطلق السودان بعد أن تنظف النفوس .