[ALIGN=CENTER]
[/ALIGN]
[ALIGN=JUSTIFY]حوار/ غادة أحمد عثمان: إتخذت قضية دارفور منحى آخرَ بعد المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية ووجد وقف إطلاق النار بدون شروط من جانب الحكومة قبولاً دولياً واسعاً واعتبره المجتمع الدولي خطوة للإتجاه نحو السلام الذي كان ولوقت قريب بعيد المنال ولكن رغم التفاؤل وإمكانية حل مشكلة دارفور إلا أن الدكتور فاروق أحمد آدم القيادي بالمؤتمر الوطني رئيس لجنة المياه والأراضي بالمجلس الوطني وأحد أبناء دارفور أكد في حوار أجريته معه على أهمية الحوار الشعبي وأن عدم إستصحابه ضمن توصيات مبادرة أهل السودان من شأنه أن يجهض المبادرة والتي قد تنجح في إيقاف الحرب وتقسيم الثروة والسلطة إلا أن الصراعات بين القبائل متجددة دوماً بسبب التداخل الجغرافي وما لم توضع لها الحلول الجذرية لن تكون هناك أية فائدة وتطرّق الحوار للعديد من الملفات الساخنة والقضايا التي تؤرق أهالي الإقليم المضطرب أمنياً ، فإلى مضابط الحوار: بداية الدكتور فاروق هل تتوقع أن يشارك د. خليل إبراهيم في المبادرة القطرية حسبما ألمح في تصريحاته مرحباً بها؟ أتمنى أن تسير الأمور على النحو الذي يمكن لأخواننا حملة السلاح وبالذات دكتور خليل والأخ عبد الواحد أن يحضروا إلى الدوحة والمشاركة في المفاوضات. قرر القائمون على أمر مبادرة أهل السودان إستصحاب توصياتها لدولة قطر فإلى أي مدى يمكن أن تدعم التوصيات المبادرة القطرية أم أنها قد تجد الرفض من قبل الرافضين لأبوجا؟ التوصيات هي عامة وشملت نواحي إجرائية وإدارية وتنموية وأخرى تتعلق بقضايا خاضعة للتفاوض وبالتالي هي توصيات شاملة وكنت أتمنى لو كانت محصورة أو على الأقل مبوبة بصورة أدق لتساهم بشكل أفضل ولكنها في النهاية جهد وطني شكل رؤى وخيارات مختلفة ومفيدة لكلا الطرفين في الحوار المثمر و تقارب الرؤى. وهل تتوقع للمبادرة النجاح؟ بالتأكيد هي نجحت في أن تجذب مختلف ألوان الطيف السياسي وقدمت تجربة جديدة لم تمارس من قبل وبالتالي شكلت إضافة نحو مسيرة السلام في دارفور. نلاحظ أن عودة العلاقات السودانية التشادية إرتبطت بشكل مباشر بموافقة خليل إبراهيم على التفاوض وكلما تقارب البلدان نجده قد إزداد مرونة في مواقفه فهل يمكن أن يتراجع الدكتور خليل في اللحظات الأخيرة إذا ما تجدد توتر العلاقات بين البلدين؟ العلاقات السودانية التشادية هي أعمق من ذلك بكثير وبالتأكيد هناك قضايا ورؤى هي التي أثرت في هذه العلاقات وأتمنى أن تكون عودة العلاقات فرصة لدراسة هذه القضايا الثنائية و قضايا الحدود المشتركة والتداخل القبلي والمشاكل الأمنية ولذا فالعلاقات ثرَّة وغنية وعميقة التاريخ ولكنها تعاني الكثير من المشكلات وأتمنى أن تكون عودتها مدخلاً حقيقياً وفرصة جادة لإستكمال الحوارات العميقة لهذه القضايا. عودة العلاقات بين السودان وتشاد وعودة السفراء والمبادرة القطرية ومبادرة أهل السودان ، هل تعتقد أن هذه الخطوات يمكن أن تشكل الأرضية الصلبة لإمكانية طي الملف أم أن هناك منقصات غير واضحة قد تؤثر بشكل أو بآخر خاصة وأنك قلت إن توصيات المؤتمر لم تدقق وجاءت فضفاضة؟ كل هذا الحراك يخدم بعضه بعضاً ويسير في الإتجاه الصحيح ولكن بالتأكيد يحتاج إلى تعميق والإرتقاء به لمحاصرة كل المشكلات الأساسية وبالتالي هناك جهود مطلوبة في هذا الإتجاه لإستغلال هذه السانحة بصورة تؤمن السير للأمام ولا تكون هناك أي فرصة للعودة للوراء. لماذا لم يتم إشراككم بشكل أوسع في مبادرة أهل السودان وهل صحيح أن إنتماءكم السياسي للمؤتمر الوطني هو السبب؟ لا هذا ولا ذاك ولكن واضح أن التمثيل في المبادرة كان حزبياً وتمثيلاً للإدارة الأهلية والرموز الوطنية وهذه الفئات الثلاث كان لها تمثيل مقدر وبالتالي فالمسألة ليست وجهة نظر شخصية بل مؤسسات وكيانات لابد أن تكون موجودة ووجهة نظرها لازم تعبر عنها. ما تعليقك على الخلافات بين الحركات الموقعة على أبوجا مثلاً الباشمهندس مادبو وإسماعيل الأغبش ومناوي وتيراب مما ألقى بظلال سالبة على إتفاقيات أبوجا ؟ الخلافات مؤسفة ونتمنى أن يتمكن الإخوة المعنيون من محاصرة هذه المشكلات والبناء على ما يجمع وليس على ما يفرّق حتى يتمكنوا من تمتين صفهم وتوحيد كلمتهم ولي ملاحظة في هذا المقام فقد لاحظت أنه وعندما تقع مشكلة ما وبالذات عند الحركات وكما وقع في شرق السودان فالكثيرون يهبون لمد يد العون ومساعدة هذه الأطراف لمحاصرة خلافاتها ولكني لم أشهد هذا بالنسبة لإخوتنا في دارفور وبالتالي أناشد القوى السياسية وحكماء المجتمع السوداني في أن يبذلوا جهداً تجاه مساعدة هؤلاء الإخوة لمحاصرة مشكلاتهم لأن توحيدهم يصب في إتجاه حل قضية دارفور. هل تعتقد أن السبب هو عدم النضج السياسي وعدم القدرة على التعامل مع الواقع وقضاياه أم أن القبلية هي التي أثّرت على تصفية الحسابات الواضحة والتي وجدت متابعة؟ كثيراً ما ينتابني شيء من الإشفاق على هؤلاء الإخوة لأنهم جاءوا في ظرف عصيب ويتعاملون مع قضايا وموضوعات ومشكلات معقدة جداً وبالتالي هم في حاجة لمساعدة الآخرين لأن الذي يجري.. مقاطعة: أي نوع من المساعدة تقصد؟ مساعدتهم لحصر خلافاتهم وألا يمتدوا بها إلى الصراعات الحادة وأحياناً تكون صراعات عسكرية على مستوى الميدان وهذا بالتأكيد خصم عليهم وعلى الوضع العام في دارفور وبالتالي أتطلع للقوى السياسية لئن تنظر لهذه الخلافات من منظار أنها لا تساعد في الإسراع بحل قضية دارفور وبالتالي أتمنى أن يكون هناك جهد من القوى السياسية للتوسط لحثهم على إدارة الحوار بينهم وحصر خلافاتهم والوصول إلى كلمة سواء بينهم. ولكن دكتور لم تجب عن السبب الذي جعل هؤلاء الموقعين حديثاً يشتبكون بالأيدي ويهددون بالسلاح في سابقة لم يشهدها أي تيار سياسي فهل القبلية هي المؤثرة أم أنه إنعدام النضج السياسي؟ نقدِّر نضج هؤلاء الإخوة و خبرتهم ولكن الساحة في دارفور معقدة وبالتأكيد هناك الكثير من العوامل الشخصية والإجتماعية و السياسية التي تؤثر في صناعة القناعات وترتيب الأولويات وتحديد الولاءات وبالتالي عموماً الموقف معقد وأنا أشفق عليهم من هذه الزاوية لأنه لا يمكن أن يتم السلام في دارفور إلا بجميع أبنائها وأينما أجد أن هناك فرقة أو خلافاً حاداً يؤثر فيهم أحزن على ذلك كثيراً لأن من شأنه أن يؤخر عملية السلام في دارفور. الإقليم يضم أكثر من عشرين حركة وقبائل متعددة من المستحيل أن يوافقوا على حاكم واحد فكيف يمكن أن تعالج هذه المسألة التي جاءت ضمن توصيات مبادرة أهل السودان؟ التجربة برهنت على أنه ليس من المستحيل أن يكون هناك حاكم سواء إن كان لدارفور كإقليم أو ولايات بدليل أن من يحكمون دارفور الآن هم من أبنائها ولكن لدي إحساس بأن تناول قضية الإقليم قد تم في جو من الإستقطاب والفعل ورد الفعل وكنت أتمنى أن يتم تناول هذه القضية المهمة بشيء من الموضوعية ومواجهة الحجة بالحجة ومقارعة المنطق بالمنطق بأن يبحث الناس في إطار علمي حول جدوى وتبعات أن يكون هناك إقليم لأهل دارفور من عدمه وكنت أتصور من خلال هذا الحوار العلمي الموضوعي الجاد كأن يمكن أن يصل الناس إلى رؤية سيتفق عليها الناس بقيام الإقليم أم لا ولكن الأمر كله قد تم طرحه في إطار من الإستقطاب الحاد وأخشى أن يؤثر مثل هذا الجو على الحوار الذي يمكن أن يدور حول هذا الموضوع أو أن يؤثر على المفاوضات نفسها فبدلاً من أن يكون موضوع الإقليم موضوعاً للحوار يكون موضوعاً لتسجيل المواقف وهذا ما أخشاه. هناك حديث عن أن الصراع في مجمله والهدف من قيام دولة الجنوب هو الصراع حول الموارد المائية وحتى أن المصريين تدخلوا للحفاظ على هذه المسألة وزيارة الرئيس مبارك تعزِّز هذا القول والخوف من التدخل الإسرائيلي في المنطقة بشكل عام ولا يخفى على أحد الجهود الإسرائيلية في هذا الجانب فما تعليقك؟ من مقتضيات الصراعات والتحديات التي تواجه السودان هي الموارد ومن بينها وأهمها المياه وهذا صراع واستهداف قديم ولكنه تكاثف في الفترة الأخيرة وربما يتصاعد في المراحل القادمة باعتبار أن الكثيرين يظنون أن العهد القادم سيكون عهد صراع على المياه وهذا من جانب ولكني لا أحبذ أن أربط وحدة السودان بمسألة وحدة السودان بالموارد والمياه ولأن يقوم جهد الأشقاء وعلى رأسهم الإخوة المصريين من هذا المنطلق ومبررات وحدة السودان هي أعمق من مسألة المياه وكثير جداً من الدول ترتبط بنهر واحد ولكن ليس بينها من العوامل القوية التي تحقق الوحدة فيما بينهم ووحدة السودان تقوم على العوامل الحضارية والتاريخية والجغرافية والإجتماعية والثقافية وهذا السودان كأنما خلقه الله ليكون وحدة واحدة منذ أمد بعيد وكأنما النيل واحد من العناصر التي تجذب الشعوب والكيانات الإجتماعية نحو بعضها البعض وبالتالي أتمنى أن يرتقي جهد الأشقاء إلى أبعد حتى يتسنى تحقيق وحدة قوية وطوعية في السودان. هل صحيح أن هناك أفراداً دأبوا على الاعتداء على الأراضي الحكومية حيث نسمع كل مرة عن إلغاء للتصاديق لأفراد فكيف تتعاملون مع التجاوزات التي تتم؟ قضية الأراضي كبيرة ومعقدة تشكل تحدياً في الوقت الراهن وكنا نتمنى أن تفرغ مفوضية الأراضي من صياغة رؤية ومن ثم مشروع قانون للأراضي تتم إجازته بواسطة المجلس الوطني لحل الكثير جداً من الإشكالات في مسألة الأراضي والآن هناك تحدٍ كبيرٌ يواجه المشروعات الكبرى ونحن نعيش مرحلة النهضة الزراعية ومشاكل أخرى تواجه النهضة الصناعية والمشروعات الكبرى مثل السدود وإنتاج الكهرباء والبترول . هذه كلها ترتبط بشكل أو بآخر بنوع من النزاع فى الأراضي سواء بالمجتمعات المجتمعية أو بالأفراد وبالتالي هذه قضية مهمة قد أشار إليها الأخ نائب رئيس الجهمورية أبان تقديمه لمشروع النهضة الزراعية بوضوح كبير وظللنا نناشد الأجهزة المعنية للإهتمام بهذا الجانب والمدخل الأساسي له هو إجازة مشروع قانون قومي حول الأراضي ينظم بعدها كيفية التعامل مع الأراضي ونوعية الملكية وإلخ.. وهذا أمر مهم جداً وكذلك مسألة أخرى مهمة تواجه الناس وهي قضية التعويضات وهناك نماذج كثيرة جرت على مستوى مشروع سد مروي ومطار الخرطوم ومشروع الجزيرة وإشكال الأراضي و الحواكير في دارفور وغيرها من المناطق وواضح أن هناك نماذج متفاوتة ولا يوجد نموذج أو رؤية مشتركة للتعامل مع مثل هذه القضايا وهذا التفاوت من شأنه أن يخلق إشكاليات في المستقبل . وبذا هذه قضية مهمة خاصة وأن الأراضي أصبحت ثرّة ومهمة في هذه الأيام وبالتالي نتمنى أن تفرغ مفوضية الأراضي من صياغة قانون يقره البرلمان. بالنسبة لمجهودات الصلح التي تتم بين القبائل في دارفور كل فترة ثم تتجدد المعارك ألا تعتقد أن الصلح هنا صوري ومسكن فقط بدليل تكرار الحوادث فما هو في نظرك العلاج الأمثل للمشكلات القبلية التي إتضح أن الحكومة لا علاقة لها بها؟ العلاج الحقيقي للمشكلات القبلية و بالذات في دارفور هو أن يكون هناك حوار شعبي بين مكونات دارفور الإجتماعية ليفضي هذا الحوار إلى إقرار سلام إجتماعي من شأنه أن يشكل أرضية للسلام السياسي وهذا الترتيب في رأيي مهم جداً وقد طرحته في نظرية اسميتها نظرية الحوار الشعبي كمدخل حيوي لمعالجة أزمة دارفور . ومثل هذا الحوار هو حوار قَبْلي أي قبل وقوع الصراع وهو من شأنه أن يهيئ المناخ بحيث لا يقع الصراع ولكن الذي نشهده الآن من مصالحات قبلية متواترة هو نوع من الحوار البعدي أي بعد أن تقع المشكلة وإذا ظللنا على هذا النهج سنظل ندور في حلقة مفرغة والحل الجذري في تقديري هو الحوار الشعبي بالمواصفات و المعطيات التي طرحتها وهي نظرية مكتملة وأرجو أن توفر لكي تُنشر إن شاء الله.
صحيفة اخر لحظة[/ALIGN]