قصة آرش دوزيه ، كما يرويها مؤلفها خبايا العملية الفاشلة لتهريب يتامى دارفور الى فرنسا
خلال يونيو، نظمنا عدة اجتماعات للتنوير فى جميع انحاء فرنسا.وقابلنا المئات من الاسر، التى اوضحنا لها مشروعنا ودوافعنا وطموحنا .غالبية من التقينا بهم، التحقوا بهذا المشروع لاعتبارات انسانية. وكل العائلات التى ارتضت ان تقف الى جانبنا ، كانت واعية للرهانات والمشاكل الادارية والقضائية، التى ستواجهها العملية.فاذا وصلت العملية الى نهاياتها، فستكون تلك ثورة فى عالم الدبلوماسية ،كما فى عالم المنظمات الطوعية ،غير الحكومية.غير ان لهذه الثورة ثمن .بالنسبة لنا ، فانه يجب ان ندرك التحديات الفنية والسياسية لمثل هذه العملية ، لان الاسر لن تكون سوى بداية طريق طويل للاعتراف والاقرار بحق اللجوء لهؤلاء الاطفال القادمين من الجحيم.
كانت اميلى تصر على التاكيد على المخاطر !
نحن ندرك ان فى مثل هذه العملية، ستواجهنا مجازفات ومخاطر على الارض.فنحن نعرف ان من بين المتمردين والجنجويد والقوات الامنية الحكومية، من لا يمكن اعتبارهم مجرد فخاخ او اعداء ، يمكن تجاهلهم .وكذلك فى اوساط المنظمات غير الحكومية، والبعثات الدبلوماسية. خلال الاجتماعات التى نعقدها مع الاسر المتطوعة ، كانت اميلى تصر على التاكيد على المخاطر ، التى تواجه العملية .وتحاول ،بقدر الامكان، فتح عيون تلك العوائل على دقة وحراجة موقفها ،ودورها ، والحقيقة الصعبة ، التى تنتظرهم عندما يصل الاطفال الى فرنسا. فهناك تعقيدات الاجراءات، والبطء الادارى، ومخاطر القرارات التعسفية ، التى يمكن ان تصدرها السلطات الفرنسية، ومخاطر رفض اسر الاطفال او اصدقائهم . وقد حرصت اميلى دائما على ان تستخدم لغة مباشرة .”فتبنى طفل اسود من قبل اسرة بيضاء ، لن يكون امراً بلا نتائج، اواثار، من اى نوع…بعثتنا على الارض تواجه شتى الاحتمالات، لكن بقاءها هناك لن يطول.انما هى بضعة اسابيع ….وانتم يقع عليكم تغيير التاريخ..” وكانت عادة ماتكرر القول ” اننا لانحاكم احدا، ولا نجبر احدا..للالتحاق بهذا المشروع. فاذا كنتم تريدون ان تتراجعوا، فافعلوا ذلك الآن.لان بعد ذلك ، عندما ياتى الاطفال،فانه لن يكون ثمة مجال للتراجع .هؤلاء الاطفال ، هم الان يعيشون فى جحيم دارفور،وليس ثمة مبرر لان نجعلهم يعيشون جحيما اخر..”
ازاء احاديثنا الواضحة المحددة، فان بعض العائلات قد تراجعت، وتخلت عن المساهمة فى المشروع ، بتبنى اطفال. لكن الغالبية بقيت على التزامها، ومايتصل بذلك من رهانات.واخيرا ،فان مايقارب 300 عائلة، تقابلت فى اجتماعاتنا ، وافقت 260 منها ،على الارتباط فى شبكة طارئ لاستقبال الاطفال .وهذه الشبكة ستركز منذ يوليو 2007 على انشاء منظمة، بموجب قانون عام 1901 تحت اسم “كوفود” COFOD، وهو اختصارلــ” تجمع العائلات لاجل استقبال الاطفال اليتامى من دارفور”. ويختص التجمع باستقبال الاطفال، وحمايتهم، وبذل كل المساعى القضائية والادارية، لاجل الحصول على حقوقهم ،ووضعهم القانونى، ( خصوصا حق اللجوء ،وفقا لمعاهدة جنيف لعام 1951).بجانب تأكيد التعاون بين الاسر.
وبعد ان تمكنت من التحقق، بعناية ، من خلال عدد من المحامين ، بشأن قانونية مشروعنا، من وجه نظر القانون الدولى ،وايضا، فيما يخص الاجراءات الادارية ، المتعلقة باستقبال هؤلاء الاطفال فى افضل الشروط ، فقد توجهنا لا صدار ميثاق للالتزام ، والذى يعرف دور كل طرف: آرش دو زويه، التى تنفذ العملية على الارض، و”كوفود” ، التى تتابع الاجراءات الادارية، وتنفيذها ، والاسر المستقبلة او المتبنية ، التى تأخذ طوعاً ، اولئك الاطفال، تحت مسؤوليتها.
سباق المقاتل
قبل اطلاق العمليات فى سبتمبر ، صيف عام 2007 سيكون صيفاً ، فان المرء لن يشك فى ان سباقا حقيقيا يدخله المناضل من اجل الاكتشاف والتعرف على التحديات اللوجستية للعملية. كريستوف ،الذى كان له جهده المحدد فى المساعدة، لايمكن الاستغناء عنه. فبين شهرى مايو ويوليو ، عملنا دون توقف لتنظيم العملية، والقيام بعمليات الشراء، وتجهيز المعدات ،والتفكير فى الاحتياجات التى تلزمنا، وغير ذلك .فقد تبقى شهران فقط، لحل كل المعادلات، وذلك كان تحديا حقيقيا، لكن، لاننا كنا مدفعين بهذا العمل، فقد بدا ان طاقتنا غير قابلة للنفاد. وقد تعرضت اميلى، بالفعل، الى ملاحقة متصلة من قبل الاسر،من بينها من كانت تريد ان تشارك فى احد اجتماعاتنا ، وتلك التى تطرح المئات من الاسئلة بالتلفون او بالايميل،واخرى اشتركت فى اجتماعاتنا ، و نفد صبرها ، وتريد ان تبدأ العملية الآن.وفى الوقت الذىاستطاع فيه كريستوف، ان يد الاجابات المناسبة، لكل اسئلتى الفنية او اللوجستية ،و كانت اميلى تجيب على كل اسئلة الاسر، وطلباتها، فاننى قد كرست نفسى ،بصورة خاصة، للجانب السياسى من العملية. فالسياسة هى حقل الغام . اعرف ذلك جيدا. لكنها حقل لايمكن الاحاطة به، او حصره فى نطاق مشروعنا، اذ ان النتائج لن تكون محايدة . فنحن نأمل ان نصنع ضجة اعلامية غير مألوفة، بحيث ان فى نهاية المطاف، تتحرك الامور، فيبادر المجتمع الدولى وعلى راسه فرنسا، ليقرر وقف المجازر، التى يتعرض لها المدنيون الابرياء فى دارفور.
لقد بدأ مشروعنا يتحول الى ان يكون واحدا من العناوين البارزة فى الصحف اليومية فى الاقاليم، وقد تلقى كل اعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ ،معلومات ،عن طريق الايميل ، حول مشروعنا الطموح، واصبح اسم آرش دو زويه ،يتردد ويتداول فى كواليس الوزارات.
فى اول يوليو، اتصل بى المستشار السياسى للوزير، برنار كوشنير ، الطبيب الفرنسى الاكثر شهرة فى الاعلام ، والذى اصبح منذ مدة قصيرة ، وزير الشؤون الخارجية. برنار كوشنير ،هو مؤسس احد اشهر المنظمات الطوعية الطبية. وقد طرح، قبل ثلاثين عاما، مشروع انقاذ يخص اللاجئين الفيتناميين ، الذين اطلق عليهم “ناس المراكب” ، وقد بكى امام كاميرات العالم، عندما حدثت مجزرة رواندا التى وقف المجتمع الدولى حيالها سلبيا وغير مبال..وبصفته كوزير ، فانه قد التزم بوضع دارفور كأولولية له.وفى يونيو 2007 ، اقترح إنشاء “ممر انسانى” ، لتقديم المساعدات للضحايا فى دارفور . وعلى الرغم من سقوط مشروعه، ورفضه من قبل المجتمع الدولى، بمجموعه، الا انه بدا مهتما بقضية دارفور.لكل هذه الاسباب، فان الوزير كوشنير، بدا لى انه المفاوض السياسى المناسب. اذ من غيره يمكن ان يتفهم دوافعنا، وتصميمنا لانقاذ اطفال دارفور من خطر الحرب؟ فهو ، ايضا،خلال ازمة بيافرا، قد اعلن ان حياة طفل لايمكن ان تقدر بثمن ، وانه مستعد لمقايضة الاطفال مقابل بنادق الكلاشنيكوف، اذا كان ذلك هو المخرج الوحيد ، من ذلك الجحيم.
هكذا اذن توجهت ،بحرص كبير للالتقاء بمستشار كوشنير، فى الرابع من يوليو، فى مكاتب الخارجية ، كى دورسيه،وقد اوضح لى المستشار رغبته فى ان يعرف اكثر عن مشروعنا، الذى اصبح مثار الاحاديث فى اروقة الوزارات والبرلمان، بجانب، رغبته فى التأكد بانه لن يكون هناك اى مخاطر تتهدد وزارته. وقد اوضحت له دوافع عملنا، والنهج الذى سنتبعه، بدون الدخول فى تفاصيل ، بكل تأكيد. ففى هذا الوقت ، ستبقى السرية هى افضل حماية، فى هذا المشروع المحفوف بدرجة عالية من المخاطر.
وبعد ان استمع الى فى حوالى ساعة من الوقت ، وانا استعرض مشروعنا واحاجج واحاجج بشأنه، شرح لى المستشار وجهة نظره. فهو يجد المشروع مثيرا من الناحية السياسية ، اذ ان برنار كوشنير، وزير الخارجية ، قد حلم بمشروع لمسارات انسانية لدارفور، لكنه فجأة وجد نفسه غير قادر على انفاذ هذا المشروع. ولذلك فان مشروعنا ، سيعيد احياء مناقشات حية داخل مجلس الامن الدولى .اذ سيعطى الفرصة لوزير الخارجية ، للتدخل من جديد، فى موضوع دارفور.وتمنى المستشار ،ان يعرف ،بالتالى ، ما اذا كان مشروعنا سيبدأ قبل ام بعد انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، فى 19 سبتمبر ،لكننى حرصت على عدم اجابته ، حول هذه النقطة، بالتأكيد على اننى ساخبره خلال بضعة ايام، قبل العملية ، لاجل ان ترتب الوزارة اوضاعها ، ويكون الوزير فى وضع يمكنه من التعامل مع الحدث.
وبدروه، ابلغنى المستشار بمخاطرة مهمة، تتعلق برد فعل السودان .فالحكومة السودانية ، كما اوضح لى ، ستحتج بشدة على اختطاف اطفالها، بواسطة الغربيين.ولن تتردد فى ان تجد عائلات ، حتى لوتدفع لها، من اجل ان تأتى لتبكى امام كاميرات التلفزيون، بان البيض سرقوا اطفالها.وسيعمل السودان، بكل تأكيد على حشد الاقطار الافريقية،وخاصة اقطار الجنوب ، لمهاجمة هذه النيوكلونيالية او الامبريالية الغربية،وقد اوضحت له باننا قد تحسبنا لذلك، ووضعناه فى الاعتبار. ففى مواجهة ردود فعل حكومة الخرطوم ، فاننا قد اعددنا انفسنا لمواصلة العملية فى مختلف اوجهها، من خلال صحفيين ، سيقومون بعرض المصير المحزن الذى ينتظر اولئك الاطفال ، اذا لم يتم تقديم المساعدة لهم.
اما فيما يتعلق بايجاد ازمة عالمية ، واتاحة الفرصة لبرنار كوشنير ، من اجل التدخل لدى المجتمع الدولى من جديد لوقف المجازر، فهذا هو بالضبط احد الاهداف الرئيسية لعمليتنا.
وقد ختم مستشار كوشنير مقابلتنا، بتوضيح انه لن يعارض عمليتنا، الا انه ليس من المتوقع ان يدعمها بوضوح، لان ذلك سيضعه فى موقف سياسى محرج..
لكنه اكد لى ، فى المقابل، “السلبية المرحبة” للخارجية ،والتى ستسمح لنا بالتصرف وفق ارادتنا .وفى تحذير اخير من جانبه قال:انتبهوا ، ففى حالة فشل عمليتكم ، فلاتنتظروا اى دعم سياسى ، فسيكون هناك كثيرون فى مواجهتكم.وهو مايمثل جملة اسطورية ، وردت فى مسلسل ” المهمة المستحيلة”، وتقول”فى اى وقت تم القبض عليك او على احد عملائك، فان الدولة ستنكر انها تعلم اى شيئ عن تصرفاتك..”… وهذا امر واضح.
فى منتصف يوليو، وعن طريق اتصال من قبل احدى الاسر، دعيت للغداء مع ملحق برلمانى ، مهتم للغاية بمشروعنا،ويتمنى ان يربطنى مباشرة بمستشار فى قصر الأليزيه. وهو امر لايمكن للمرء ان يتمنى افضل منه.
خلال الغداء الذى تم فى منزله، قدم لى هذا المسؤول البرلمانى مستشار الاليزيه، والذى هو مساعد كاترين بيقار،احدى اقرب مستشارى رئيس الجمهورية. وكما فى كل مرة، قمت بعرض المشروع، واجبت على الاسئلة ، واقمت الحجة على اهميته. وقد اهتممت، منذ البداية، بان اعد له ملفاً حول آرش دو زويه. وحول المشروع المتعلق بعملية دارفور.وبعد عدة ساعات من النقاش الحى ، اقتنع مستشار الاليزيه، بسلامة الاساس الذى يقوم عليه مشروعنا، ودوافعنا وقدرتنا على تنفيذ مثل هذه العملية الاستثنائية. واخبرته بالمحادثة التى اجريتها فى الخارجية” كيه دورسيه”، مع مستشار برنار كوشنير.وجاء رد فعله سريعا :”لا. يجب ان لاندع هذا اليسارى ،كوشنير، يحصل على مجد مثل هذه العملية.يجب ان نضع سيسيليا ساركوزى فى مقدمة المسرح.” فحضور سيسيليا ساركوزى، مع وصول الاطفال للتراب الفرنسى، سيكون كرتا رئيسيا سياسيا رابحا ،يمكن من تسهيل استقبال الاطفال، والترتيبات الادارية ،المتصلة بوضعهم كطالبى لجوء، فضلا عن تكثيف الاعلام حول العملية. فهى الان فى وضع ايجابى، بعد نجاحها فى مسألة الافراج عن الممرضات البلغاريات. واعلنت ،سيسيليا ساركوزى، لمن يريد ان يسمع، بانها تتمنى ان توظف طاقتها فى العمل الانسانى، لمصلحة الاطفال.
وقد تعهد مستشار الاليزيه ، ان يمرر الملف ، مع مذكرة شخصية الى سيسيليا ساركوزى، عن طريق كاترين بيقار Catherine Pegard،التى لاينقصها ، نظرا لوضعها فى الاليزيه ، ان تطلع الرئيس مباشرة . لم تتح لى فرصة مقابلة كاترين بيقار او سيسيليا ساركوزى ، لكن ، فى بداية اغسطس، اكد لى المستشار ان الملف قد وصل”.
فى نهاية يوليو،وجدت راما ياد ، R ama Yadeسكرتير الدولة لحقوق الانسان ،نفسها داخل مشروعنا. فالى جانب وقوفها على خط مستقيم مع بعثة التبنى العالمية ،فضلا عن تعرضها – بوضوح – لضغوط لوبيات التبنى والمنظمات الانسانية الاخرى ،فقد اعلنت، راما ياد، للصحف ان مشروع آرش دو زويه ينتهك القواعد الدولية للتبنى.وقد اخذت موعدا عاجلا لمقابلة مدير مكتب راما ياد، فى اليوم التالى.خلال هذه المقابلة ، التى حتمتها تصريحات راما ياد، فى الليلة السابقة، استجوبنى مدير المكتب ، حتى لا اقول، انه طلب منى ايضاحات حول مشروعنا،فى اطار مفهوم للعلاقات الانسانية ، مثل التى لايجدها، المرء الا فى الوزارات او السفارات.وقد اوضح لى ، من ناحية اخرى، ان راما ياد قد عقدت اجتماعا ، امس ، مع ابرز المنظمات الانسانية، وان الوضع فى دارفور ليس مأساويا ، بالشكل الذى تحاول بعض اجهزة الاعلام تصويره. ومن جهة اخرى، فان عمليتنا ليست متوافقة مع معاهدة لاهاى، بشان التبنى الدولى. وقد حاولت ان اوضح له بانه بخلاف تحققى من الوقائع على الارض- فى ابريل الماضى- فان هناك العديد من القرارات الصادرة من الامم المتحدة، وتقارير الخبراء الدوليين الصريحة والمنذرة بشأن الفظائع التى ترتكب بحق سكان دارفور من المدنيين، والذين هم، بلاشك، ضحايا لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، ارتكبها نظام الخرطوم.
فهناك فجوة واضحة بين الافادات الصادرة من المنظمات الانسانية البارزة ، الليلة الماضية، بمافيها المنظمات الاممية، وقرارات مجلس الامن الدولى ، الذى توقع منذ زمن بعيد ، نشر قوات دولية لحفظ السلام، لاجل حماية السكان المدنيين، بعد خمس سنوات من المجازر.
وقد لخصت، ايضا، مثلما فعلت قبل شهرين ، بان مشروعنا الخاص بانقاذ اطفال دارفور، يتسق مع الاعلان العالمى لحقوق الانسان، وكذا مع تلك المتعلقة بحقوق الاطفال، ويتسق، خاصة ، مع معاهدة جنيف لعام 1951 ، حول الحق فى اللجوء لضحايا الحرب. وان مشروعنا ليس خاصا بالتبنى، كما تحاول ان تصوره بعض المنظمات، لكنه موجه لانقاذ الاطفال من الخطر.ونحن نتدخل ، اذن ، فى اطار معاهدة جنيف لعام1951، وليس فى اطار معاهدة لاهاى لعام 1993.
كنت اتخيل، ان سكرتيرة الدولة لحقوق الانسان ،ستكون حساسة للغاية تجاه معاناة السكان الدارفوريين اكثر من مصالح لوبيات التبنى. لكن ذلك كان خطأ. ولتأكيد ذلك، انه فى نهاية يوليو، بعد ثلاثة اشهر من تعيينها، كانت اولى الاحاديث ، التى ادلت بها سكرتيرة حقوق الانسان، هى تلك التى انتقدت فيها بشدة منظمة آرش دوزويه ثلاث مرات. لكن لم تصدر منها كلمة واحدة ، تتعلق بالجرائم ضد الانسانية ، التى ترتكب فى دارفور، والتى تمت ادانتها من قبل كل الخبراء.
ولان ماجرى لم يكن اكثر من حوار طرشان مع رئيس مكتب راما ياد ، وحتى يكون اقل طولا، فقد قطعت المقابلة بعد ثلاثين دقيقة. اميلى ، التى كانت تنتظرنى فى الخارج ، لم تندهش لدى رؤيتى اخرج بتلك السرعة ، والتى ليست ليست اسرع من الكيفية التى تمت بها المقابلة.هناك كثير من الناس سينزعجون من عمليتنا،ومع ذلك يجب توقع ردود افعال عدائية من هذا القبيل.”
من حيث المبدأ، فقد اخبرت قناة اتصالى بقصرالاليزيه، باننى قد كنت للتو فى الخارجية، ” كيه دورسيه”، والذى سيخطرنى بعد يومين ، بان راما ياد، سيتم ابدالها بكاترين بيقار، التى قالت له بوضوح ان ملف ارش دوزويه تتم متابعته بواسطة الاليزيه، وان سكرتيرة الدولة لحقوق الانسان، ليس لها ان تتدخل فى هذا الملف.”
وقد بدا ان صراع مصالح قد نشأ بين الاليزيه والكيه دورسيه.مع ان “مسألة ” ارش دوزيه، ليست الا فى بدايتها!
فى الرابع من يوليو ، راى مستشار برنار كوشنير ، ان ثمة فرصة يتيحها مشروعنا ، ، قبل موعد 13 يوليو ، مع رئيس مكتب راما ياد، التى استلمت منذ 9 يوليو، راية اقلية باريس بشأن ماتعتبره ” ممارسة غير قانونية تتعلق بتسهيل انشطة تبن”. وهى اشياء، تذكرها رئيس مكتب راما ياد، عندما قلتها له خلال مقابلتنا يوم 31. اول اغسطس . كنت مدعوا بواسطة كتيبة المهرجان، ولكى اجيب على مدار اربع ساعات على كل اسئلتهم. وقد انهى القائد ذلك اللقاء، وهو يشير الى انه قد فهم دوافع عمليتنا، وانه بحكم موقعه، معنى بمحاربة تهريب الاطفال، وهى ممارسة موجودة ، للاسف، وانه يرى بلمحة سريعة – و بناء على خبرته، باننا لانحمل ملامح مهربى الاطفال. وانه يعتذر قليلا، عن واجب البحث والتحقق من سلوكنا فى هذا الجانب. لكنه اوضح ان هذا الطلب جاء من الخارجية. وانه مضطر لارسال تقرير كامل. ولكن لازالت هناك اشياء تنتظر .بالنسبة لى ،فان الموعد سيطول ويمتد، لان موعد العمليات قد اقترب ، والخطط تضغط.
ولاجل تكملة المساعى السياسية الضرورية، لعمليتنا ، فقد اتخذنا من جانبنا بعض التحوطات المتعلقة بالنظام القضائي. فمنذ البداية، استشرنا العديد من المحامين ليؤكدوا لنا قانونية عمليتنا ، لكننى كنت اريد الذهاب ابعد من ذلك. عبر احد قدامى الصحفيين ، مقرب من وزارة العدل، بعثنا ملفا كاملا، بخصوص عملنا ،الى رشيدة داتى Rashida Dati ، لاطلاعها ، ولكن ايضا، لدعوتها لتنضم الينا ،عند وصول اطفال دارفور، من اجل دعمهم . فبوجودها ، وحده، يمكن تسهيل وتسريع الاجراءات الادارية، التى تنتظرنا. فهل وصلها الملف ؟
لقد تخيلنا ، منذ وقت بعيد، بان الوصول سيكون فى مطار ريمس فاترى، وهو مطار، كنا قد هبطنا فيه بطائرة شحن انسانية، خلال عام 2006 ، اثر الهزة الارضية ، التى ضربت يوجياكارتا فى اندونيسيا. وهو مطار حديث لحد بعيد. يتمركز عمله بصورة رئيسية فى انشطة الشحن، اذ تتوفر فيه على الاقل ممرات ،تستقبل بين الحين ولاخر طائرات من ذلك النوع. كما ان المكان مناسب لعمليتنا ،وسهل الوصول ،كما انه خال من الازعاج الذى عليه مطار رواسى.
وبناء على تقديراتنا لوصول الاطفال فى منطقة ريمس ، قامت صوفى سوفى وراشيل، العضويتين فى تجمع الاسرة المستقبلة، بتكثيف الاتصالات مع السلطات المحلية .كما قامتا باجراء مقابلات مع خدمات العون الاجتماعى ، فى مجلس الطفولة العام فى مارن، والذى ابدى تجاوبا مع المشروع ، ورد ايجابا، فيما يخص الاحتياجات المستقبلية ، عند وصول الاطفال.وقد قابلتا ، ايضا ، عددا من القانونيين ، منهم قاضى الاطفال فى ريمس ، الذى سيكون مسؤولا ،من الناحية القضائية، عن التقرير بشان عائلات الاستقبال المؤقت لليتامى، طالبى اللجوء. كانت كل ردود الافعال ، تجاه مشروعنا لانقاذ يتامى دارفور، ايجابية.
لذلك فان الموقف عند وصولهم سيكون معقدا ولاسابقة له. فى وقت يبدو فيه ان الجميع جاهزون لتقديم كل ماهو ضرورى فى جانب المساعدة لانجاحه؟ كل حسب موقعه ، لاجل تسهيل وصول واستقبال واستضافة هؤلاء الاطفال.
SMC
تأليف : اريك بروتو
ترجمة : عبد الله رزق