تحقيقات وتقارير

القادم أسوأ بحسب الإرصاد .. والحكومة مأزق الأمطار والسيول يـزداد!!

[JUSTIFY]لا زالت تداعيات هطول الأمطار وجريان السيول التي ضربت أرجاء واسعة من البلاد تسيطر على المجالس وتشغل حيزا كبيرا من اهتمامات العامة إذ لم يعد الأمر قاصرا على ما حاق ببعض المناطق التي تأثرت بالسيول والأمطار بل تعداه مستمدا من الحكمة الشعبية «الجفلن خلهن أقرع الواقفات» حيث تشير التوقعات الجوية ومعلومات الإرصاد إلى أن القادم أسوأ الأمر الذي جعل الجميع يضع يده على صدره خشية التأثر بقادم السيول أو الأمطار وربما الفيضان في المناطق على جانبي النيل وروافده الأساسية والجانبية فإن صدقت توقعات الإرصاد والحال على ما هو عليه من انعدام التحوطات الرسمية والشعبية فإن ثمة مخاطر جمة سترخي سدولها ببعض المناطق يصعب تحديدها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية على الجموع التي يتوقع انضمامها إلى ركب المتأثرين بالموجة الأولى من السيول والأمطار بالعاصمة والولايات الذين لم يفق الغالبية العظمى منهم من هول الصدمة وفداحة الخسائر الأمر الذي يفتح الباب واسعا على مصراعيه لإطلالة سؤال كبير عن حجم التحوطات والموانع التي يفترض أن تتخذها الحكومة بغية تفادي ما حدث ببعض المناطق التي أوشكت أن تمحى من الوجود جراء السيول والأمطار وسوء التصريف.
فبمنطقة الكرياب بمحلية شرق النيل التي أوشكت أن تصبح أثرا بعد عين جراء السيول والأمطار يقول محمد طاهر الحسن إن ما لحق بمنطقة الكرياب ومرابيع الشريف وغيرهما من الأحياء بالعاصمة المثلثة والقرى ببعض الولايات لاسيما ولاية الجزيرة التي تأثرت مناطق عدة بها من السيول والأمطار الغزيرة التي ضربتها كفيل بحفز الحكومة والجهات الرسمية والشعبية والطوعية أن تعمل وسعها في تفادي وقوع المزيد من الضحايا البشرية والخسائر المادية بمناطق أخرى تشابه التي منيت بخسائر في الأرواح والماديات من جراء تهدم المنازل وفقدان المأوى فأضحوا بين عشية وضحاها أعضاء رسميون في عداد المتشردين وأضاف الحسن إن الحكمة تقتضي الاستفادة وأخذ العبرة مما حدث للمناطق المتأثرة بالسيول والأمطار لئلا يلحق ما حاق بهم من أضرار مناطق أخرى يمكن بقليل من الجهد الحكومي تفادي وقوعها وختم الحسن إفادته إلينا بأن الشواهد وجميع الإرهاصات التي تسيطر على الموقف الرسمي والشعبي الآن تشي بأن ضعف الإمكانيات والافتقار إلى الرؤية السديدة والإستراتيجية القومية أبرز السمات التي تظلل سماء الحكومة وفضاءات منظمات المجتمع المدني التي فضحت محنة السيول والأمطار سوأة الغالبية العظمى منها فجردتها من رداء التطوع ومرامي الإنسانية وأبدلتها بغطاء تحقيق المنافع الشخصية والمآرب الذاتية فعدد المنظمات التي نزلت إلى الميدان وطفقت في تقديم العون ومد المساعدة للمنكوبين لا يحتاج إلى دليل أكثر دمغا لزيف كثير من المنظمات المدنية والواجهات الطوعية.
وغير بعيد عن إفادة الحسن وبحي الكلاكلة القطعية جنوبي الخرطوم يقول عبد الباقي منصور إن سوء التصريف والافتقار إلى المصارف الجيدة التي تحمل مياه الأمطار إلى الجهة الغربية حيث يجري النيل الأبيض قاد إلى تكدس المياه بباحات الطرق حتى فاضت ولم تجد بدا من التحامل على جدران أسوار المنازل لدرجة اضطر معها أصحابها إلى إغلاق منافذ وفتحات إخراج المياه من المنازل إلى الشارع خشية حدوث العكس بأن تلج مياه الشارع إلى المنازل وأضاف منصور ان معظم الشوارع بمنطقة الكلاكلة لاسيما القطعية وأبو آدم ظلت مغلقة الشوارع لا سبيل فيها إلى مرور السيارات إلا عبر الوحل والطين والمياه التي أسنت مع مرور الأيام وأبان أن ما حدث لم يتم تلافي آثاره والعمل على منع وقعه إذ لم ير المواطنون عربة تردم أو مهندسين يعملون وسعهم في تمهيد الطريق أمام المياه لتجري وفقا لطبوغرافية الأرض المنحدرة من الشرق إلى الغرب حيث يجري النيل وحذر منصور من مغبة تجاهل الجهات الرسمية لما يحدث لأهل الكلاكلة وأن تتكاسل حتى ينقضي الخريف دون اكتراث لما يورثه لأهل الكلاكلة من ويلات وخسائر يمكن بقليل من الجهد الحكومي تفادي وقوعها وتقليل الفتق على الراتق قبل اتساعه في ظل التحذيرات المتكررة التي يبعث بها القائمون على أمر هيئة الإرصاد الجوي جراء هطول المزيد من الأمطار وجريان السيول وربما صاحبهما دفق من الفيضان فهل من مجيب؟
أما على صعيد الخبراء فيقول البروفيسور عصام بوب لا زالت تقارير الإرصاد الجوي لا تفتر عن بث المزيد من النشرات الحاوية والمبطنة بكثير من التحذيرات والإشارات لأخذ الحيطة والحذر من القادم من السيول والأمطار والفيضانات المتقدمة اعتمادا على ما توضحه معاييرهم وأجهزتهم الفنية وأضاف بوب إن خريف العام الجاري أعاد الحياة والذكرى لوديان لم تزرها مياه الأمطار لما يربو عن خمسين عاما حسوما من بينها وادي الآمور الذي ينحدر من جبال البحر الأحمر ويصب في نهر النيل وكذا وادي المقدم الذي فاض ولم تتورع مياهه عن التهام المزارع المشيدة في بطن حوض الوادي بواسطة الأجيال الحديثة من الشباب الذين يجهلون كونها من صميم رقعة وادي المقدم وأضاف بوب ومن شرقي النيل قدمت وديان من مسافات بعيدة تزيد عن 400 كيلومتر وأن الاحتمالات ما زالت مفتوحة لاستقبال مزيدا من السيول والأمطار بحسب ما جرى لسان القائمين على أمر الإرصاد الجوي ويواصل بوب أن أكثر ما يدعو للأسف أن السلطات الرسمية ما زالت عاجزة وستظل عاجزة عن تفادي وقوع المزيد من الخسائر ونشوب الأزمات والاكتواء بنيران الكوارث لجهة افتقار الجهات الرسمية أية خطط آنية لتخفيف أثر ما لحق من أضرار أو خطط تعمل على تلافي وقوع الخسائر قبل وقوعها في المدى المتوسط والبعيد مثل العكوف على إعداد دراسات ورؤى فنية وهندسية لإمكانية الاستفادة من مياه السيول والأمطار عبر تجميعها في حفائر أو حجزها بإقامة السدود «حصاد المياه» أو تفادي البناء في أراضي الوديان ومجاري السيول التي تم تحويلها في بعض المناطق إلى خطط سكنية.
ويواصل بوب يضاف إلى ذلك يفترض أن تتمتع أجهزة الدفاع المدني بامتلاك رؤية واضحة المعالم تؤهلها لمواجهة ودرء الكوارث وتخفيف وقعها والعمل على منعها وأن هذا الهدف لا يتحقق في نظر بوب إلا عبر بسط مقومات ومعينات مادية تعمل على تأهيل الدفاع المدني فنيا وتقويته بشريا عبر التأهيل ورفع القدرات في التعامل مع الأزمات بجانب ضرورة تضافر جهود كل الجهات المعنية وذات الصلة بشأن درء الكوارث ومنع وقوعها عبر خطط ووسائل واضحة المعالم بيد أنها للأسف يقول بوب غير موضوعة في الحسبان وبناء على الواقع الماثل وما هو متوقع يقول بوب إن القادم سيكون أسوأ حال هطول أمطار إضافية أو قدوم سيول أو زيادة معدلات النيل فعندها سينضم إلى جيوش المتأثرين أرتال من المتضررين وختم بنداء للحكومة «الجفلن خلهن أقرع الواقفات» مع ضرورة العمل على جبر الجافلات.

محمد صديق أحمد: صحيفة الصحافة[/JUSTIFY]