رأي ومقالات

الطيب مصطفى : خُـذُوْا حِــذْرَكُمْ

[JUSTIFY]في وقت يملأ فيه التفاؤل كثيراً من قيادات المؤتمر الوطني والحكومة بل والأحزاب والنخب السياسيَّة بعد أن أحكم سلفا كير قبضته على الأوضاع في جنوب السُّودان باتِّخاذ قرارات جريئة أقدم عليها في وقت واحد وإجراءات قويَّة قام بها ضدّ كل مراكز القوى التي كانت تشكِّل عقبة كؤودًا أمام أي محاولة لإصلاح العلاقة مع السُّودان… في وقت التفاؤل هذا تأتينا أخبارٌ مزعجة مناقضة تماماً لحالة التفاؤل التي سادت الساحة السياسيَّة خلال الفترة الأخيرة ومن ذلك مثلاً إعلان سفير دولة الجنوب في السُّودان عن أنَّ بلاده ترتِّب لقيام استفتاء أبيي في أكتوبر القادم ثم كذلك الأنباء الأخرى حول قيام الجيش الشعبي بفرض حظر على منطقة جودة الفخار التابعة لمحليَّة الجبلين بولاية النيل الأبيض.

يا سبحان الله!! من أعلن الخبر الأخير هو معتمد الجبلين أحمد الطيب الذي قال إن قوة قوامها (100) ضابط وجندي من قوات الجيش الشعبي قامت بذلك الفعل العدواني وأغلقت المدارس بالمنطقة ومنعت المزارعين من ممارسة أعمالهم بل وفرضت رسوماً على المواطنين بلغت (400) جنيه!!
بالله عليكم هل من (حقارة) أكبر من ذلك وهل من هوان نعاني منه أو بلغناه أعظم من ذلك؟! (100) عسكري من الجيش الشعبي يفعلون بنا كل هذه الأفاعيل على مرأى ومسمع من جميع سكان المنطقة بل ومن حكومة الولاية والجيش السُّوداني والشرطة والدفاع الشعبي الذي احتفل قبل أيام في ولاية النيل الأبيض وبالقرب من المنطقة المحتلَّة!!
الأدهى والأمرّ أنَّ عضو مجلس تشريعي الولاية عن دائرة الجبلين والقيادي بالمؤتمر الوطني موسى فضل الله عقد مؤتمراً صحفيّاً قال فيه إنَّ الجيش الشعبي أبلغ المواطنين ــ بعد أن احتلَّ المنطقة ــ بأنَّ جودة الفخار أرض جنوبيَّة وأن على الشماليين (الأجانب) دفع رسوم إقامة كما فُرضت أجرة أرض بواقع (150) جنيهًا للفدان وبعد أن أُغلقت المدارس الثانويَّة والأساس والمركز الصحي نُزعت لوحات العربات وأُبدلت بلوحات دولة الجنوب وحذَّر الرجل من حدوث مجاعة جرّاء الحصار المضروب على المنطقة بسبب عدم توافر المواد الغذائية!

ما فرى كبدي وفقع مرارتي وبرى جسدي أنَّ المعتمد تحدَّث عن أنَّ كلَّ ذلك الاحتلال والاستعمار والإذلال حدث بمائة جندي من الجيش الشعبي في منطقة حدوديَّة تعاني أصلاً من تجاوزات دولة الجنوب.. مائة جندي يفعلون كل ذلك بمواطنينا وكأنَّه لا توجد دولة ولا يوجد والٍ ولا جيش أو شرطة ولا حكومة أو دفاع شعبي…
أعجب كيف نصدِّق أنَّ دُويلة جديدة خرجت من ضلع السُّودان العريق تتجرَّأ وتفعل بنا كلَّ ذلك ليس في جودة الفخار لوحدها وإنما تحتلّ ست مناطق أخرى باعتراف مدير جهاز الأمن الفريق أول محمَّد عطا هذا علاوة على ما يفعلُه عملاؤها من الجبهة الثوريَّة بقيادة الحلو وعقار والرويبضة عرمان.
ومن جانب آخر تأتينا الأنباء تترى عن تحرُّشات أخرى تتعلق بمنطقة غالية من أرضنا العزيزة هي أبيي التي فرَّطنا فيها خلال المفاوضات وبعد أن كانت أرضًا شماليَّة أصبحت الآن بين عشيَّة وضحاها في مهبِّ الريح وها هو سفير الجنوب من داخل الخرطوم يتطاول في استفزاز غريب ويُعلن عن قيام استفتاء أبيي في أكتوبر بدلاً من أن يترك الأمر لقيادته في جوبا!!
من أجل ذلك نعطي نحن في منبر السلام العادل الفرصة لأهل الوجعة وأصحاب الأرض الحقيقيين من مواطني أبيي وليس لمن لم يرَوا جنوب كردفان حتى اليوم ومَن لا يعلم بعضُهم هل هي جزء من السُّودان أم من بوركينا فاسو.. نعطي الفريق مهدي بابو نمر والأستاذ عبد الرسول النور فرصة للرد ــ من خلال ندوة كبرى تُقام الإثنين القادم ــ على إدوارد لينو الذي هدَّد وتوعَّد وعلى غيره من دينكا نقوك: دينق ألور ولوكا بيونق وفرانسيس دينق وغيرهم ممَّن يُسعِّرون الحرب ويسعَون لفرض أمرٍ واقع في المنطقة ينزعُها من هُوِيَّتها وتاريخها.

الله وحده يعلم كم نتوق إلى اليوم الذي يسود فيه السَّلام بين السُّودان ودولة جنوب السُّودان بعيداً عن الاحتراب لكن ذلك لن يكون على حساب سيادته الوطنيَّة ولن يكون من خلال التنازل عن ذَرَّة من أرضنا العزيزة.
إنَّ أكثر ما يُزعجُني بحق وحقيقة أنَّ الخريف قد أوشك على الرحيل وأعلم يقيناً أنَّ الجبهة الثوريَّة تُعِدُّ العدَّة لشنِّ حرب جديدة كالتي خاضوها حين روَّعوا أب كرشولا وأم روابة وغيرهما وذلك بغرض تقوية موقفهم التفاوضي أو للوصول إلى الخرطوم وإقامة مشروعهم العنصري لإعادة هيكلة الدولة السُّودانية وفقًا لمفهوم مشروع السُّودان الجديد فهلاّ أعددنا العدة لمواجهة المخطَّط اللئيم ــ بل والعمل على تحرير كاودا وبقيَّة المناطق المحتلَّة من أرضنا العزيزة!!
في وقت يهدِّد فيه إدوارد لينو ويتوعَّد بأنَّهم ماضُون نحو إجراء الاستفتاء حتى لو أدَّى ذلك إلى الحرب يُعلن فيه والي جنوب كردفان الجديد أنَّه مستعد للتفاوض مع قطاع الشمال مُعطيًا ذلك القطاع والجبهة الثوريَّة إشارة سالبة بأنَّ السُّودان يُعاني من الهزال والضَّعف الشديد بما يجعله يستجدي السَّلام بأيِّ ثمن بالرغم من أنَّ أرضَه محتلَّة!![/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد

  1. [CENTER]من يهن يسهل الهوان عليه **** ما لجرح بميت إيلام[/CENTER]

    أخشى أننا أصبحنا نردد مقولة الطيب صالح من أين أتى هؤلاء ؟ !
    من أين أتى هؤلاء الذين لا يحسون وإذا أحسوا لا يتحركون ، وإذا تحركوا فلمزيد من الهوان …نزعت الهيبة من صدور أعدائهم …كأنهم خشب مسندة

    سيفشلون وستذهب ريحهم وسيشمتون بنا الأعداء ، فأسأل الله أن نكون وقتها تحت باطن الأرض لا ظاهرها