تحقيقات وتقارير

المبعوث الامريكى للسودانين دون بوث مهام قديمة برؤية جديدة

أعلنت الولايات المتحدة الامريكية الخميس المنصرم رسميا تعيين مبعوثها الخاص الجديد للسودان وهو السفير دون بوث ، وقد اضاف اليه وزير الخارجية الامريكى جون كيرى صفة المسؤول المحنك في السلك الدبلوماسي .
وفى خطاب للرئيس اوباما ووزير خارجيته فأن المبعوث الجديد للسودان وجنوب السودان أخذ اختياره وقتا طويلا من التفكير لجهة اختيار الشخص المناسب لهذه المهمة وقال جون كيرى وزير الخارجية الامريكى : قد بادرت أنا والرئيس أوباما وفريق الأمن القومي إلى استثمار طاقة كبيرة في التفكير بمن هو الشخص المناسب ليتولى منصب المبعوث الخاص الجديد للرئيس أوباما إلى السودان ودولة جنوب السودان ، وذلك لأننا ندرك مدى أهمية التزام أميركا في المساعدة على خلق الظروف الملائمة لتحقيق السلام والأمن الدائمين في السودان ودولة جنوب السودان
واضاف كيرى : أن تعيين السفير دون بوث، المسؤول المحنك في السلك الدبلوماسي، يمثل إضافةً مهمة إلى فريقنا الدبلوماسي، حيث سيحمل معه ما يقارب من ثلاثة عقود من الخبرة في العمل على حل بعض التحديات الأكثر إلحاحًا في أفريقيا، وآخرها كان منصب سفيرنا في أديس أبابا، إثيوبيا.
ويرى كيرى ان تعيين الرئيس للسفير بوث مبعوثًا خاصًا لنا يؤكد التزام الولايات المتحدة الدائم تجاه شعبي السودان ودولة جنوب السودان، وضمان تحقيق السلام فيما بينهما وضمن بلديهما.
وقال : أن بوث يعلم مدى الأهمية المحورية لهذه اللحظة بالنسبة للمنطقة، وهو مصمم على المساعدة في ضمان أن تكون هذه لحظة للمضي قدمًا بدلا من الانزلاق إلى الوراء مرة أخرى إلى دوامة العنف والنزاع وانعدام الثقة .
السفير دونالد بوث والملفات الشائكة :-
يعتبر السفير دون بوث هو المبعوث الامريكى الثامن للسودان ، والثالث بالنسبة لاوباما فقد سبقه فى عهد اوباما السفيران اسكوت غريشن ، والسفير برنستون ليمان فى مايو 2011 والذى تنحى عن منصبه فى ديسمبر من العام 2012 ، وخلال فترة ليمان سلف بوث لم تستطع الخرطوم الوصول الى شىء مماوعدت به الادارة الامريكية فالعقوبات الاقتصادية لازالت ماثلة ، وجهود التطبيع ترجع الى الخلف ، ولازال السودان فى قائمة الدول الراعية للأرهاب رغم الادلة الداحضة التى قدمتها الحكومة .
أذن هل يستطيع بوث الدبلوماسى المحنك النجاح فيما فشل فيه سلفه ، خاصة وان
ليمان نفسه اعترف وهو يهم بمغادرة المنصب ان انعدام الثقة بين الخرطوم وجوبا هو السبب وراء تعثر تنفيذ اتفاقية التعاون الموقعة في أديس ابابا بين البشير وسلفاكير وأكد المبعوث الامريكي في مؤتمر صحفي بالخرطوم ، ان السودان وجنوب السودان لم يصلا بعد الى مستوى من الثقة يكفى لتنفيذ التفاهمات المبرمة بينهما . واشار المبعوث لضرورة تنفيذ الترتيبات الامنية طبقا للاتفاق قبل استئناف ضخ النفط وفتح الحدود امام الحركة التجارية بين البلدين .
وشدد المبعوث على ضرورة وقف الاشتباكات وانتهاء العنف على حدود البلدين قبل البدء فى عملية الترسيم . كما اكد المبعوث الامريكي ، إن استعادة الثقة بين السودان وجنوب السودان سيكون صعباً ما لم ينته التمرد في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق ، مشيراً إلى أن الطرفين لم يصلا للحد الكافي من الثقة التي تؤهلهما لتنفيذ هذا النوع من الاتفاقيات .
ويشير مراقبون ان حديث ليمان حقيقى من جهة ولكن لايبرر فشله فى المهمة .

أذن تركة مثقلة ورثها السفير بوث عن سلفه ليمان وهو مطالب فى النجاح فى كل هذه المهام لجهة ان جنوب السودان يمثل اهمية للأدارة الامريكية اكثر من تلك التى يمثلها السودان لذلك ان تنفيذ اتفاقيات التعاون الموقعة فى اديس والسماح بانسياب النفط وانقاذ اقتصاد الدولة الوليدة من الانهيار بالأضافة الى حسم قضية ابيى هى اهم اوجه مهمة المبعوث الجديد ، انظر الى اوباما وهو يقول : كمبعوث خاص لي، سوف يتولى السفير بوث قيادة الجهود الأميركية للضغط على الطرفين من أجل تطبيق اتفاقات 17 سبتمبر الموقعة في العام الماضي، وتسوية المسائل العالقة بينهما، بما في ذلك ما يتصل بالحدود الدولية، والوضع النهائي لأبيى، وتأمين التدفق غير المنقطع للنفط. كما سيتولى أيضًا قيادة جهودنا في إيصال النزاعات في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور إلى نهاية سلمية، وتعزيز نظام الحكم الشامل للجميع، والاحترام الكامل لحقوق الإنسان في الدولتين .
ويبدو ان ثقة اوباما فى بوث كبيرة ويعول عليه لجهة طى كل هذه الملفات خاصة وان اختياره جاء بعد تفكير عميق وخيارات كثيرة كان بوث افضلها ، انظر الى اوباما يصف بوث : السفير بوث هو من أكثر الدبلوماسيين الأميركيين خبرة، ولديه خبرة واسعة في المساعدة على تعزيز السلام ومنع نشوب النزاعات في أفريقيا، ومن بينها أحدث منصب له كسفيرنا لدى إثيوبيا. وبفضل مواهبه الدبلوماسية الكثيرة، ومعرفته العميقة للقارة، وقوة تصميمه التي لا تتزعزع، فإنني واثق من أن السفير بوث سوف يدفع المصالح الأميركية قُدمًا من خلال السعي إلى إحلال سلام قوي ودائم بين وداخل السودان ودولة جنوب السودان .
وزير الخارجية جون كيرى من جانبه يؤكد ان العلاقة بين السودان وجنوب السودان بالنسبة له ولرئيسه مسألة شخصية أذ يقول : أنا أعلم أنها قضية شخصية بالنسبة للرئيس أوباما ولزميلتي سوزان رايس. لقد رأيت بنفسي الجهود التي يستثمرها الرئيس وحكومته في العمل من أجل المساعدة في تحريك المنطقة قُدمًا. فعندما كنت عضوًا في مجلس الشيوخ، أتيح لي شرف دعم الجهود الدبلوماسية التي أفضت إلى استقلال جنوب السودان، وشاهدت على الأرض قبل الاستفتاء التاريخي طوابير طويلة من الناس تقف من أجل التصويت على أفضل وسيلة للحياة .
ويستطرد كيرى فى ارسال رسائل مبطنه واخرى صريحة عن اهمية جنوب السودان ويهدد مقوضى السلام : لم يصوِّت أي أحد من هؤلاء الناس الشجعان على إنشاء دولة فاشلة أو للعودة إلى العنف الذي ابتليت به أوطانهم لفترة طويلة جدًا. فإذا ما وضعت الدولتان مصلحة شعبيهما أولا من خلال نظام حكم يشمل جميع الناس بصورة ديمقراطية، ويحمي حقوق الإنسان، ويخلق الفرص الاقتصادية، فإنهما ستتمكنان من إحراز تقدم في تحقيق المستقبل الذي يستحقه شعبهما، إنها فترة مهمة وحاسمة ، ويزيد : تستطيع الخرطوم وجوبا اختيار طريق السلام والازدهار، أو يمكنهما العودة إلى الوراء .
الحكومة السودانية وأحلام التطبيع :-
لاتنفك الحكومة السودانية تحلم بعلاقات متميزة مع سيدة العالم رغم الياس العام من استحالة ان ترضى امريكا فى ظل شروطها المتجددة والمتحركة يوما بعد يوم ، وهاهو وزير الخارجية على احمد كرتى يعلن قبول الحكومة لقرار اوباما بتعيين بوث ويعرب لنظيره الامريكى وهو يبلغه عبر الهاتف باسم المبعوث الجديد للسودان وجنوب السودان يعرب عن امله فى أن ينصب تركيز المبعوث الامريكى الجديد على اصلاح العلاقات الثنائية بين البلدين وان يسعي لتحقيق قدر من التطبيع يفضي الى إيفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها السابقة برفع اسم السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للارهاب وإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة من جانبها على الخرطوم .
لكن وحتى لايكبر الامل ونتأكد ان الموضوع محض ابتزاز من اشنطن للخرطوم لنعد قليلاً الى يوم 12يناير 2011 وهو وقت تعيين المبعوث السابع برنستون ليمان أذ وعدت الإدارة الأمريكية وقتذاك برفع اسم السودان من قائمتها للدول التي تعتبرها راعية ل«الإرهاب» اعتباراً من يوليو من ذات العام، إذا قبلت الخرطوم بنتائج الاستفتاء الخاص بتقرير مصير الجنوب.
وقال مبعوث أوباما للسودان وقتها برنستون ليمان: في حال جرى الاستفتاء بشكل جيد، وفي حال اعترفت الحكومة السودانية بنتائجه، فإن الرئيس باراك أوباما سيعلن نيته البدء في عملية سحب السودان من قائمة الإرهاب .
وأضاف: إنها عملية تأخذ بعض الوقت، ولكن في حال كان هناك التزام في إطار الاستفتاء، فإن الأمل هو في أن يلبي السودان جميع الشروط كي يتم عمل شيء ما في يوليو المقبل.
وتشترط واشنطن أيضاً من أجل شطب السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب – وهي القائمة التي تضم أيضاً إيران وسوريا وكوبا، وكوريا الجنوبية، أن تمتنع الخرطوم عن تقديم أي مساعدة مباشرة أو غير مباشرة للحركات الإرهابية .
العقوبات الاقتصادية :-
مع اقتراب هبوط المبعوث الامريكى الجديد فى الخرطوم برزت مطالبات برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان حيث سبق ورفعت هذه العقوبات بطريقة آحادية عن جنوب السودان ، حيث طالب مجلس احزاب حكومة الوحدة الوطنية المبعوث الامريكي الجديد للسودان وجنوب السودان بالسعي لدي الادارة الامريكية لرفع الحظر الاقتصادي المفروض ضد السودان كخطوة جادة تمهد الطريق لاصلاح علاقة البلدين .وقال الاستاذ عبود جابر الامين العام للمجلس إن رفع الحظر سيفتح الباب امام انجاح مهمة المبعوث لاحداث تفاهمات تفيد شعبي البلدين ، مجددا رفض المجلس للحظر احادي الجانب .
لكن خبراء ودبلوماسيون واقتصاديون ورجال اعمال تحدثوا في ورشة عمل فرص الاستفادة من الاستثناءات في العقوبات الاقتصادية الامريكية علي السودان والتي نظمتها وزارة الخارجية الاربعاء المنصرم استبعدوا رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية عن السودان في هذه المرحلة وقللوا من اهمية الجهود الدبلوماسية لرفع العقوبات في ظل التشدد الامريكي في هذا الصدد .
وقال السفير رحمة الله محمد عثمان : ان المسؤوليين الاميركيين يتعللون في لقاءات مع الحكومة بانها لم تطلب منهم التعاون في مجالات تتوفر فيها فرص التعاون والتعامل .
واشار الى ان بعض المؤسسات السودانية نجحت في كسر العقوبات عبر التعامل المباشر مع المؤسسات ورجال الاعمال ابرزها شركتي كنانة وسوداتل وقال ” الولايات المتحدة الاميركية تتحمل نصيبا من خسائر تلك العقوبات وافسحت المجال لدول اخرى “.
مدير الادارة الامريكية بوزارة الخارجية محمد عبدالعزيز التوم قال : ان العقوبات الاقتصادية الاميركية على السودان ابطأت نمو الاقتصاد ونقص التمويل الخارجي وقوضت من حصوله على اعفاء لديونه الخارجية واوضح بانه من الصعب التراجع عنها لانها اجيزت بواسطة الكونغرس الاميركي.
رئيس مجلس ادارة الصمغ العربي تاج السر مصطفى أشار الى ان العقوبات اثرت سلبا على التحويلات المالية لشركة الصمغ العربي بفرض قيود على تحاويل الشركة موضحا ان الولايات المتحدة الاميركية عملت على كبح السودان من تصدير الصمغ العربي وذلك بالاعتماد على استيراده من دول اخرى وتشجيع دول الجوار على انتاجه وتهريبه من دارفور او ايجاد بدائل له .
ودعا المتحدثون خلال فعاليات الورشة الي اللجوء لوسائل بديلة لتجاوز الامر تشمل التعامل المباشر مع رجال الاعمال والمؤسسات الامريكية عبر القطاع الخاص السوداني والترويج لمفهوم ان المواطن السوداني هو المتضرر الأول من العقوبات .
السفير دونالد بوث فى سطور :-
والمبعوث الجديد من مواليد «1954» حاصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بوسطن، قبل أن يحصل على الماجستير في دارسات الأمن القومي من كلية الحرب القومية الأمريكية ليلتحق فور ذلك بالخارجية، وعمل السفير بوث في ليبيريا وزامبيا ومستشارًا اقتصاديًا في أثينا، ومسؤول العلاقات الدولية في مكتب الشؤون الأوربية الشرقية، وضابط مكتب شؤون مصر ومكتب شؤون الشرق الإفريقي، وعدة مناصب في سفارات ﺑﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺎ، ﻏﺎﺑﻮﻥ، ﻭﺑﻠﺠﻴﻜﺎ
وبحسب اوباما نفسه فأن السفير بوث واحد من أكثر الدبلوماسيين الامريكيين خبرة مع تجربة كبيرة في تعزيز السلام والحد من الصراعات في قارة أفريقيا بما في ذلك عمله الاخير كسفير للولايات المتحدة في اثيوبيا”.
وأشار البيت الأبيض للسيرة الذاتية الطيبة التي تميِّز المبعوث الجديد، كما أعرب عن تمنياته في أن ينقل الواقع في المنطقة للمستوى المطلوب.
أذن لابد ان امريكا علقت آمالا كبيرة على المهمة التى اختارت لها سفير بهذه المواصفات ، ولذلك بوث فى هذه المرحلة مطالب بالنجاح بمافشل فيه سلفه ليمان وهو تحقيق الاستقرار وخلق الثقة بين البلدين ، لكن مراقبين يشككون فى اجندة المهمة الظاهرة ويحاولون الاشارة الى المهمة الاساسية لبوث هى انتزاع ابيى وضمها لجنوب السودان بعد أن مهد له مقترح امبيكى وتبنى مجلس السلم والامن الافريقى للمقترح الطريق لسيناريو ضم المنطقة الى جنوب السودان ، ولذلك لم تأتى ابيى فى خطاب اوباما اعتباطا ولكنه اراد الاشارة الى ان ابيى الآن من اول اولويات الادارة الامريكية وان المصالح الامريكية تقتضى ضم المنطقة الغنية بالنفط الى جنوب السودان حتى تسهل الاستفاده منه .
تقرير / منى البشير