رأي ومقالات

الطيب مصطفى : دعونا نتفاءل هذه المرة!!


[JUSTIFY]الخبطة الصحفيَّة الموفَّقة التي أتحفنا بها المبدع فتح الرحمن شبارقة في «الرأي العام» حينما اصطاد د. لام أكول بين يدي الزيارة المرتقبة لرئيس الجنوب سلفا كير ميارديت حملت كثيراً من التفاؤل أنَّ دولة الجنوب مُقبلة على تطوُّر سياسي كبير تبدَّت إرهاصاتُه في التغيير الهائل الذي شهدته الساحة السياسيَّة الجنوبيَّة بعد الانقلاب السياسي الذي قام به سلفا كير وأحدث به عمليَّات جراحيَّة هائلة في المشهد الجنوبي.

ما كنتُ أظنُّ أنَّ سلفا كير يمتلك من القوة والنفوذ ما يمكِّنه من إحداث كل ذلك التحوُّل فقد ثبت أنَّ مَن كنا نظنُّ أنَّهم أسود رابضة في انتظار التهام السلطة في الجنوب وابتلاع سلفا كير ليسوا أكثر من نمور من ورق فباقان وأولاد قرنق الذين كنا نظنُّ أنَّهم ورثوا كل نفوذ زعيمهم التاريخي بكل بريقه وسطوته على الحركة والجيش الشعبي وكذلك أولاد أبيي الذين يُعتبرون جزءاً من أولاد قرنق ثم مشار المتطلِّع إلى زعامة الحركة الشعبيَّة وحكم الجنوب معتمداً على تأييد وولاء عريض في قبيلته العريقة والكبيرة «النوير».. كل هؤلاء اتَّضح أنَّهم أضعف مما كنَّا نظنُّ فقد أثبت سلفا كير أنَّه يتمتَّع بقوة هائلة، ودهاء كبير أدهش الجميع ونستطيع أن نقول الآن بكل ثقة في وصف سلفا كير إنَّه «رجل الجنوب القوي» بعد أن كان الجنوب عبارة عن مجموعات ومراكز قوى متناحرة.
نعود إلى حوار شبارقة مع لام أكول الذي تأتي أهميَّتُه من كونه أُجري مع زعيم المعارضة البرلمانيَّة في جنوب السُّودان وأحد أهم الرموز السياسيَّة الجنوبيَّة ذات الثقل والوزن الكبير ليس باعتباره زعيماً لحزب يُعتبر الأقوى بعد الحركة الشعبيَّة وإنما بخبرته السياسيَّة ودوره التاريخي في حركة «النضال» الجنوبي.

لام أكول الأكاديمي البارز يختلف عن معظم القيادات السياسيَّة الجنوبيَّة فـي أنَّه صاحـب رأي وليس «YES MAN» وهي ميزة نادرة في السُّودان وفي جنوب السُّودان بصورة خاصَّة حيث يخضع معظم الناس لضغوط الترغيب والترهيب لكن ما يميِّزه على غيره من الساسة الجنوبيين جميعاً أنَّه صاحب استقامة وصدق يندر أن تجده في عالم «ساس يسوس» ويكفي خلافُه الشهير مع قرنق وكذلك إصرارُه على أن يلتزم بالقَسَم الذي أدَّاه عندما عُيِّن وزيراً لخارجيَّة السُّودان خصماً على حصَّة الحركة الشعبيَّة في شراكتها مع المؤتمر الوطني خلال الفترة الانتقاليَّة حيث دفع الرجل ثمن ذلك الالتزام وخرج من المنصب الرفيع بل أزيدكم كيل بعير عن خلق لام أكول الذي لا يشرب حتى الشاي والقهوة ناهيك عن الخمر والتدخين وبقيَّة المكيِّفات!!
أهمّ ما في الحوار أنَّ الرجل رحَّب بالتغيير السياسي الذي أجراه سلفا كير وأعلن عن استعداده للمشاركة في الحكومة بناء على برنامج مُتَّفق عليه مضيفاً أنَّهم يحاولون الآن «دعم الحكومة كي تستمر في هذا الاتجاه الإصلاحي الذي نراه مبشِّراً لكنه يحتاج إلى ديمومة» ولم ينسَ الرجل الحديث عن الحرب على الفساد وهو أمرٌ حظي من سفا كير خلال الفترة الأخيرة باهتمام كبير ولا يوجد من هو أكثر تأهيلاً خاصَّة من الجانب الأخلاقي والسيرة الذاتيَّة والخبرة من لام أكول الذي يُعتبر من أذكى من تخرَّجوا في جامعة الخرطوم «كليَّة الهندسة» ومن أطهر الساسة على مستوى السودان.

لا أشك لحظة أنَّ سلفا كير لم يَختَر موعد زيارته للسُّودان في هذه الأيام عبثاً فالرجل جاء بعد أن نظَّف الجنوب من كل خمائر العكننة التي تُعكِّر صفو العلاقة بين السُّودان وجنوب السُّودان. صحيح أنَّ هناك ملفَّات عالقة منها اتِّخاذ خطوات أكثر صرامة مع الجبهة الثوريَّة لكن الأهم أنَّ المناخ أصبح مواتياً للمضي قدماً نحو استكمال بقيَّة الملفَّات العالقة وليس أهم في سبيل ذلك من عقد صفقة بين سلفا كير ولام أكول الرجل المؤمن بأهميَّة الجوار الآمِن بين السُّودان وجنوب السُّودان.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد