تحقيقات وتقارير

مبروك محلية الخرطوم حولت مباني المجلس التشريعي لملعب كرة قدم خماسيات.. أوقفوا هذا العبث!!

[JUSTIFY]السادة القراء متابعي صفحة الرأي تحت الضوء.. لقد تناولت عدة مقالات عن الحكم المحلي عامة وولاية الخرطوم خاصة، ومحلية الخرطوم على وجه الخصوص، وذلك لأنني مؤمن بأهمية وضرورة هذاالحكم في بلادنا الواسعة المتمددة، وقد أسهبت في المقارنة بين النظرية والممارسة، بين المباني والمعاني، بين التنمية وعدالة التوزيع، بين الاستراتيجية والترشيد، وأخيراً قلت بكل صراحة إن الحكم الاتحادي والولائي لا يرشد ويصلح إلا بصلاح الحكم المحلي..
قد تفردت بلادنا بالحكم المحلي التصاعدي، دون سائر دول العالم التي تمارس الإدارة المحلية، والفرق بينهما شاسع، فالحكم المحلي يعني السلطة الشعبية والتنفيذية بمشاركة شعبية عن طريق الاختيار لمواقع المشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة بالخدمات والتنمية لضمان توزيعها الصحيح وعدالتها ومتابعتها ومراقبتها، كما اتفق كل علماء الإدارات والاستراتيجيات على أن التنمية لا يمكن نجاحها ومتابعتها إلا من القاعدة.
أما الإدارات المحلية ذلك النظام الذي طبقه والي الخرطوم منذ قدومه بحذافيره، بعد أن أفرغ الحكم المحلي من مضامينه، واختار شقاً واحدًا وهو المعتمد الذي يجمع كل السلطات في يده، وقد أخلى المحليات من الرقابة والمتابعة، وتوالت المشاكل من كل الجهات رحم الله الامام الشافعي الذي قال «ما حك جلدك مثل ظفرك».. وابتدعوا أنماط من الكلمات والمظلات مثل التشاركيات التي لم ترَ النور إلا في الأحياء التي يقطنها الأغنياء.
وفي ذات الوقت ألغوا تشاركيات أصحاب العمل، وليت الحكام الجدد يدركون أن هذه المحليات اقتطعت من أكباد مواطنيها وأسست بنيات أساسية، وأصول ثابتة، هم الآن لا يعرفون قيمتها ومعانيها الحضارية، فقد أقامت محلية الخرطوم مباني مفخرة ذات معاني، أولها مبنى الحكومة التنفيذية في أبوجنزير على أربع طوابق، سمغ في قلب الخرطوم ليؤكد للعالم أجمع أن الشعب قادر على إحداث التنمية، فأرسلت الولاية أحد الابرهات معتمداً على الخرطوم وهدم هذا المبنى في يوم وليلة، كأنه لم يزر بلاد العالم عربها وعجمها ليرى مقرات الإدارات المحلية، هذا المبنى المفخرة زارته كل الوفود من العالم ومن الأمم المتحدة في برامجها التنموية، كان قد إكتسب كل شهرته عندما اختيرت محلية الخرطوم عاصمة للثقافة العربية.
والآن أحبتي بكل أسى تحولت مباني المجلس التشريعي المحلي الى ملعب خماسيات، هذا المبنى الذي يؤكد المعنى الحقيقي للحكم المحلي في شقه الشعبي، وتاريخياً كان هذا المبنى داراً للعمل الوطني ومجلس مدينة الديوم الشعبي في العهد المايوي منحه الأخ الضكر مهدي مصطفى الهادي الذي أحب أهل الديوم لمشاركتهم الشعبية واكمال مدارسهم (ابتدائي ومتوسط وثانوي) قبل غروب شمس السبعينيات ردّ الله غربته وشفاه.. كان محباً للذين يبذلون الجهد والعرق ويمثلون النسيج الإجتماعي الحر بالرغم من تعدد قبائلهم، ثم تنازلت منه الديوم ليصبح مقراً لمجلس محلية الخرطوم وسط، ثم بعد دمج المحليات أصبح مباني لبلدية الخرطوم، ثم أصبح محافظة الخرطوم على أيام المحافظين أهل البلد على رأسهم الأستاذ محمد علي أحمد، ثم هاشم هارون أحمد ثم أخيراً د.محي الدين الجميعابي، ثم أصبح المجلس التشريعي لمحلية الخرطوم برئاسة خبير الحكم المحلي د. الشيخ البشير أبوكساوي في أيام أول معتمد الخرطوم امرأة الأستاذة حكمات حسن سيد أحمد ويطلق عليها أهل الخرطوم (رائدة التنمية) والتي رأت أن المبنى قد هرم وشاخ، فكونت لجنة فنية لدارسة تصدعه وأصدرت قرارها دون تردد بإعادة التشييد على أحسن طراز، وفعلاً أجيزت الخرطة التي احتوت على مباني المجلس من عدة طوابق ملحقة معه مكتبة عامة، ومبنى الوحدة الإدارية لمدينة الديوم العريقة، ودخل موازنة 8002م وبالفعل بدأت الشركة المنفذة وتوقف العمل نسبة لأن الجهاز التنفيذي لم يخل المجلس تماماً وتسليمه للشركة مما حدى بالمجلس بأن يكوّن لجنة للمتابعة، وقد بدأ العمل الجاد في موازنة 9002م وخرجت الأعمدة من قواعدها الخرسانية وفي بداية 0102م أصدر والي الخرطوم حل المجالس التشريعية في الولاية وانقطعت المتابعة، وما صدق اخواننا التنفيذيين ذهاب المجلس فأهملوا المبنى بل ضيعوا المعنى عندما حولوه لأمكان تجميع المخالفات واسترجاعها لأهلها بعد دفع الرسوم فكانت هذه أول ضربة المجلس الذي كان يحمي المواطنين أصبح مكاناً لسخطهم ومن من، من بائعات الشاي والكسرة والملاح.. فكانت الطامة الكبرى أن حولوا المجلس لملعب خماسيات كرة القدم، وحزن الديامة وأهل الحكم المحلي على أيام كان فيها هذا المقر لخدمة الفقراء والمساكين وتجهيز المجاهدين وتفويجهم الى مواقف القتال، ومكاناً لخلافتهم وإعلان استشهادهم وأعراسهم ويصبح أخيراً (ملعب) استثماري أمراً في غاية الأسف أن يصدر قرار تحويل المجلس الى ملعب من رجل إداري كنت ولا زلت أحسبه من جيل الإداريين الحقانيين الذي نال دراسات عليا وخبرات، بل دفع ثمناً لها إبعاده من قلب المعركة الادارية الى أطرافها ، ذلك هو الصديق د. أحمد عبدالحق فأسندوا له إدارة الاستثمار، ثم أجروا المياه من تحت أقدامه بأن تبعوا الاستثمار الى إدارات الوحدات الجغرافية، وأقول إن هذه الحكاية لا تشبهك!!! ولا الرواية كلها تشبه الخرطوم ولكن في غياب أبوشنب لعب أبو… وما كنت اتصور حقد التنفيذيين على التشريع يصل لهذه الدرجة.. لكن أبوكم آدم سن المعاصي وعلمكم مفارقة الجناني..
وأسوأ ما في الأمور المبررات غير المقبولة بأنه ملعب مؤقت وأن المحلية جلبت ملاعب كثيرة من الصين (ولية جابو الحمير قبل ما يعرفوا محل الاوتاد).. هذا في حد ذاته عدم التخطيط والاستراتيجية يعني ملاعب بارت وانعدمت الاراضي لاستيعابها.. كلها لا تبرر تحويل جزء من المجلس التشريعي الى ملعب خماسيات.. هذه بيعة رخيصة بثمن بخس، لمعاني كبيرة أهدرت فيها كل القيم والمكاسب لهذه المحلية.
هذه صرخة قوية من الديامة إحذروا غضبهم.. وإذا خلاص قنعتوا من هذا المبنى أرجعوه لأهله، وإلا وإلا..
وصدقوني لن ولم ولا أترجل عن هذه الصرخات حتى أصل أعلى مسؤول في دولة السودان الفتية.. وأخيراً مبروك عليكم يا محلية تحويل المجلس الى ملعب.. بالله عليكم هذا استثمار.. بالمناسبة هذا الملعب يقع في الديم وسط وعلى بعد ثلاثمائة متر يوجد ميدان خماسيات آخر أصلو هذا الديم أصبح برشلونة..!!.

عبد القيوم التركي: صحيفة الوطن [/JUSTIFY]