هل أصبحت سوريا شأنا داخليا أميركيا ؟
قد أتفهم لجوء أي طرف من أطراف النزاع في أي بلد كان، إلى مجلس الأمن لطلب المساعدة في التحقيق في أي نزاع أو خلاف دولي، أو طلب إزالة أي خطر يتهدد السلام أو اتخاذ إجراءات عسكرية ضد أي معتدٍ على أي بلد. قد أتفهم ذلك لأن مجلس الأمن هو الجهة المسؤولة عن حفظ السلام والأمن الدوليين وفقا لمواثيق الأمم المتحدة والملتزمة بمبدأ مسؤولية الحماية وبطبيعة الحال حماية الشعوب المعرضة لجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية أو أي عمل عدواني آخر.
كما أنّ عرض تقرير خبراء التفتيش الأمميين بشأن استخدام السلاح الكيماوي في سورية، على مجلس الأمن لدراسته، أمر ضروري يجب تفهمه قبل اتخاذ أي قرار أو وضع خطة أو إجراء وخصوصا تدخل عسكري.
قد أتفهم الأخذ بعين الاعتبار استطلاعات الرأي التي أجريت في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، قبل توجيه أي ضربة عسكرية ضد النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية. فشعوب هذه البلدان تربّت على أسس الديموقراطية وتؤمن بها وتقدر مبادئها، وبالتالي تشكل استطلاعات الرأي هذه، رأياً عاماً يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار إذا ما توفّرت الأسباب الكافية لإدانة جهة ما، ووُجدت البراهين القانونية والحجج المنطقية والإنسانية، للتدخل عسكرياً.
قد أتفهم توفير جامعة الدول العربية غطاء سياسياً عربياً لعملية عسكرية تقودها قوات عربية من خارج مجلس الأمن. فالمحافظة على أمن المنطقة العربية وسلامتها في مختلف المجالات، من أهداف نشأة الجامعة العربية. كما أن الموافقة على تدخل عربي ضد سورية تحت مظلة الجامعة العربية ودون تفويض من مجلس الأمن ولو اعتبر انتهاكا للقانون الدولي، أمر من الممكن تفهمه لما لرابط الدين والعروبة والدم من قدرة في إثارة غريزة الدفاع عن الأمة العربية، وحلّ النزاعات والمساهمة في وقف الحروب ووضع حدّ للعنف في العالم العربي.
كل ذلك يسهل استيعابه وتفهمه من أجل وضع حدّ للمجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري الأعزل. أما ما لم أتمكن من تفهمه حتى الآن هو كيفية تحويل القضية السورية إلى قضية أميركية داخلية يحاضر فيها رئيس متردد رافض لخيار الحرب، يرغب في الحصول على إجماع ورضا جميع الأطراف للتملّص من المسؤولية في ما بعد.
انتظار الرئيس أوباما موافقة الكونغرس، الذي ربما كان عليه أن يتذكره قبل «حشد الأساطيل» ووضع المنطقة بأسرها بحالة تأهب، بدأ يشعرنا بأنّ مصير الشعب السوري الذي استنزف العنف الشرس كل طاقاته وقواه، معلّق بين الحسابات السياسية والانتخابية لنواب الكونغرس وبين تردّد رئيس الدولة الأعظم في العالم و بين مجلس الأمن العاجز عن اتخاذ قرار يضع حداً لجرائم وحشية نُفذت بأسلحة غير مشروعة وأدت إلى إرهاق الشعب السوري والضمير الإنساني.
و لو نجح مجلس الأمن في اتخاذ القرار الذي كان يجب أن يتخذه تحت عنوان التدخل الإنساني والتضامن مع ضحايا استخدام السلاح الكيماوي، لما كان الشعب السوري يعلق آمالاً على أي تدخل عسكري ينهي مأساته، حتى من دون تغطية دولية قانونية. فالشعب السوري يعلق آمالاً على أي طرف يأخذ قراراً لحلّ المسألة السورية حتى و لو اتخذ القرار نائب واحد في مجلس العموم البريطاني أو سناتور لا يعرف أين تقع سورية على الخريطة؟.
الرأي العام الكويتية
رولا فاضل