منوعات

الحاجة فتحية محمد داؤود سرّ العلاقة.. و(أمومتها) للرئيس البشير

[JUSTIFY]على الرغم من أن علاقتي بأسامة داوؤد حديثة، الا أنني بعد رحيل والدي الذي كانت تربطه علاقات خاصة باسامة داؤود وكان دائماً ما يزوره ويسأل عنه وعن أحواله، كان علّي أن أواصل مشوار التواصل والعلاقة الحميمة بين والدي وأسامة داؤود وكنت أزوره في مكتبه (نمره 2) وهو مكتب والده القديم الذي حافظ عليه كذكرى لرجل عظيم وقامة سودانية، تدرّج في حياته، وشغل عدة وظائف متنقلاً بين ولايات السودان المختلفة، برفقة زوجته وأم أولاده الحاجة (فتحية محمد داؤود العمدة) التي أثبتت فعلاً.. لا قولاً أن (وراء كل عظيم أمرأة) حيث امتدت عظمتها بعد رحيل الزوج إلى أبنائها كمرشدة ومعلمة، شغلها الشاغل هو النجاح والتعليم الذي عرفته، باعتبارها أول أستاذة في الولاية الشمالية، وهي خريجة من معهد المعلمات، ودارسة في مدارس «حلفا» قبل التهجير، وفي الخرطوم بعده، ويذكر الناس لها قيادتها للمظاهرات ضد التهجير لاعتراض الأهالي على بناء السد.
وأنا في سرادق العزاء جالساً لأعزي أسامة داؤود وأخوانه ولأخفف عن أسامة حزن وفراق الأم الذي جربته ولايزال وسيظل علقمه وغصته في حلقي إذا برجل ضرير من أهالي غرب السودان، كبير السن، يسأل ويبكي (وين أسامة؟ وين معتصم؟ داير أميرة وأيمان.. فوقف أسامة احتراماً واجلالاً وعانقه، وبكى الرجل! وبكى أسامة، ثم أتى أخوانه أيضاً وعانقوا هذا الرجل.. فضولي جعلني أسأل أسامة عن هذا الرجل فقال لي:» أنه كان يوماً يعمل مع الوالدة، وبعد أن كبرت سنه ظلت علاقته معها ممتدة ومتواصلاً معها، لاكتشف بعدها عظمة هذه السيدة.
وعلمت من مصادري، أنها «ربّت» و«خرّجت» أبناء هؤلاء الذين كانوا يعملون معها، لأتفاجأ أنهم كُثر ومن أنحاء السودان المختلفة شمالاً وغرباً وجنوباً وشرقاً.. ليشكلوا أمبراطورية (فتحية) الذين علمتهم، وربتهم، وكانت تلحُّ على أهاليهم ليعلِّموا أبنائهم، حتى وصل بعضهم إلى الدرجات العلمية العليا.
الحاجة «فتحية» تنقلت مع زوجها «داؤود عبداللطيف» في محافظات السودان المختلفة ،حينما كان محافظاً لولايات الاستوائية، وشندي، والخرطوم، ليصبح بعدها وزيراً للإعلام وبعد (رحيله الُمر) تفرغت هذه السيدة إلى تربية الأبناء والبنات.. وكيف لا تفعل ذلك ! وهي ابنة العمدة محمد داؤود الذي ورث العمودية حينها، بعد جيل في منطقة «وادي حلفا».
الحاجة «فتحية» التي أنجبت وربت، ورتبت حياة أبنائها خاضت تجربة (حرق الحشى) وهي رحيل كبير بيتها وأبنها الكبير (أمير) الذي جعلها تكون أكثر إصراراً على مواصلة المشوار مع بقية أخوانه، لقوة إيمانها بالله والموت، فلقد عوّضها الله بالابن البار، ورجل الأعمال أسامة داؤود، والمهندس معتصم ثم أمير، ودكتورة إيمان والمهندسة أميرة. وهي أمٌ لأكثر من 71 حفيداً وحفيدة- بسم الله ما شاء الله-.
السيدة فتحية لم تشغلها الثروة وتغيرها، فلقد ظلت طوال حياتها تحتفظ بعلاقات متزنة مع الجميع من الأغنياء والفقراء ومن قمة المجتمع ومن قاعة باعتبارهم سواسية كأسنان المشط في نظرها، تجلهم وتقدرهم جميعاً ، لتكون (ماعوناً) وخيراً وبركة للجميع.
ظل بيتها مفتوحاً و«تكيّة»، أبوابه بدون حراس وبدون (هدف) من يدخله يجد فيه أن الحياة بسيطة، ويعرف أن الدنيا فانية بحكم العقلية الجبارة التي كانت تفكر بها السيدة الراحلة فتحية العمدة، والتي أصرّت وهي في عزِّ مرضها أن تزور أهلها موقنة أن هذه الزيارة قد تكون الأخيرة إلى وادي حلفا، مشاركةً أهلها، وجذورها ليلتين كاملتين، واختاروها ملكة نوبية متوجة، ليس لأنها زوجة داؤود عبداللطيف، أو لأنها والدة أسامة وأخوانه، بل لدورها الثقافي والتربوي والاجتماعي والديني الممتد لأهالي النوبة في الشمال والجنوب.
الحاجة فتحية جاذبة، وتمتلك أمومة متدفقة، حجمها أكبر من أسامة وأخوانه والأحفاد، فتربطها علاقة ودودة مع «الرئيس البشير» الذي تبسّط في علاقته معها، ويحبها أسوة بالحاجة «هدية» والدة الرئيس، حيث كان الرئيس يعاملها معاملة الأبن لأمه، ومن هنا.. كان التوادد والتواصل الذي جعله يكسر البرتكول الرئاسي ليصل إلى والدته، مخترقاً الصفوف ليحيها ويقريها السلام تعبيراً لدورها ودور أبنائها.
الحاجة الراحلة فتحية كانت أماً حقيقية للسيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الشيخ «علي عثمان محمد طه» زميل المرحوم «أمير» في مدرسة الخرطوم الثانوية، والدكتور عبدالرحمن إبراهيم، حيث ظل الشيخ «علي» مداوماً على مواصلتها بعد رحيل أمير، مرتبطاً بها، متأثراً لرحيل صديقه وزميله، وكيف لا يتأثر وقلبه أيضاً ناصعاً حنوناً يشبه الصحابة في علاقاته وصداقاته.
الحاجة فتحية ارتبطت بعلاقات واسعة مع نساء المجتمع الصحفي، وكانت كثيرة الجلوس معهم تجادلهم في السياسة والثقافة والتربية، وكل مناحي الحياة المتعلقة بالمجتمع السوداني، وكانت تحب وتود الدكتورة «بخيتة أمين» بصورة عجيبة، وكانت تمازح والدنا الراحل «سيد أحمد خليفة» وتقول له:» شلوخك دي شلوخ محسي ما بتاعت شايقية»!.. «ضاحكة.. باسمة» كعادتها مع الجميع.
بيت الحاجة الراحلة فتحية استقبل «عبدالحليم حافظ»، «وشادية» في الخمسينيات والستينيات، وأغنية الفنانة شادية الشهيرة (ياحبيب عُد لي تاني) بدأت مراسم تلحينها في بيتها. الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل وفي كتاباته أشار إلى اللقاءات التي كانت تتم مع داؤود عبداللطيف في منزلها وتحدث عن كرمها وبشاشتها واستقبالها لهم. فلقد كانت طاهية ماهرة «يدها طاعمة» خصوصاً في الوجبات السودانية مشهورةً بطهي (الضلع) و(الفتة) التي كانت حديث كل من دخل بيتها وتذوق هذه الأكلة مشيداً بها، يجعل الذين لم يتذوقوها نادمين متحسرين و(أنا منهم).
والدي سيد أحمد خليفة كانت تربطة علاقة وطيدة بالمرحوم داؤود عبداللطيف، وكان قريباً منه، وبالتالي من المرحومة التي كانت حريصة على احترام واستقبال كل من تربطه علاقات بزوجها، في وقت كانت فيه المرأة السودانية أسيرة للمطبخ وممنوعة من دخول الصوالين، وكانت سيدات المجتمع يُعدُون بأصابع اليد.
هذه السيدة برهنت على الوحدة الوطنية بطريقتها وأسلوبها الخاص، فلقد ظل بيتها مثالاً لهذه الوحدة، وكذلك بيوت أبنائها (خلية نحلة) وحركة وحياة دؤوبة لكل أبناء السودان من الجنوب ومن الغرب، ودارفور، ومن جبال النوبة.. حيث كانت تحرص على تربية هؤلاء القادمين من أقاصي السودان وتعلمهم وكأنهم «أسامة» و«معتصم» و«إيهاب» وتعلِّم أبنائهم ليصبحوا الآن اليد اليمنى لأبنائها في أعمالهم الضخمة، خصوصاً مجموعة دال.
وأخيراً، كانت المرحومة الحاجة «فتحية» موقنة لفكرة الموت وتعلم أنه حق، ولديها عقيدة قوية أن الحياة باطلة، وأن الموت آت لا محالة.. ومن هنا كانت تهتم جداً بأمر مدافن الموتى (المقابر) ويشغلها إقامة الأسوار والحفاظ على حرمة الموتى، وكانت تجلس أحياناً في ناصية مقابر فاروق تتأمل الموتى أيماناً وتحيةً واحتراماً لمن سبقوها.
أعلم أخي «أسامة داؤود» أن هذا النوع من المقالات لا يعجبك، وأعلم أن وقته قد جاء متأخراً، وكان لزاماً علينا أن نكتبه قبل رحيل الوالدة لنكرمها ونتحدث عن طهرها ونقائها قبل (الرحيل المر).. ولكن شاءت إرادة الله أن تتأخر، وهكذا نحن دائماً يفجعنا الموت، لنذكر محاسن موتانا بعد الرحيل.
اللهم ارحم الحاجة «فتحية» واعطيها حسنات بقدر ما أعطت لأمتها وأهلها، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة، ولا تحرمنا أجرها، ولا تفتنا بعدها، واجعل البركة في ذريتها وفي أبنائها وبناتها، وارحم كل موتانا وموتى المسلمين.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

يوسف سيد أحمد خليفة : صحيفة الوطن [/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. ظل الشيخ «علي» مداوماً على مواصلتها بعد رحيل أمير، مرتبطاً بها، متأثراً لرحيل صديقه وزميله، وكيف لا يتأثر وقلبه أيضاً( ناصعاً حنوناً يشبه الصحابة في علاقاته وصداقاته.)
    ياخي إنت منافق وكسار تلج بطريقة وسخة جدا … المرحومة ربنا يتقبلها وىحسن اليها في الخرة بقدر احسانها في الدنيا … والله المرحوم والدك لو موجود كان خجل من كلامك ده يمين بالله طممت بطني وطرشت ليك عديل … إختشي علي دمك …

  2. بسم الله الرحمن الرحيم نسأل الله لها الرحمة والمغفرة ويجعل الجنة مثواه ويلهم ذويها الصبر والسلوان الجميل ونسال الله أن يرحم موتانا ويشفي مرضانا فإن المسلم بعد الموت لايصح إلا الدعاء والدعاء مخ العبادة والمولى عز وجل يحب أن يتذلل له العبد المسلم بالدعاء والتضرع .. أما إطلاق صفة النفاق فهي كبيرة ولفظ النفاق ورد في القرآن الكريم وجزاءه كبير جزاء الظالمين وينبغي لنا أن نحسن الظن بالناس ويهمنا حسن اخلاق الناس أما أسرارهم فيعلم الله عز وجل بها وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله قال أرونا حسن أخلاقكم أمام أسراركم فعلمها عند الله فإنني آمل من الجميع عدم إطلاق فظ النفاق على المسملين مهما كانت الظروف لأن لفظ النفاق من صفات الظالمين والكافرين ويكفي أن وردت سورة كاملة في القرآن باسم المنافقين.
    قال تعالي (تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الأرض ولافسادا والعاقبة للمتقين) نسلأالله أن يحسن عاقبة كل من قرأ هذا المقال

    النيل العوض الحليو
    ولاية الجزيرة ـ قرية السوريبة

  3. بعد كل الاعمال والسيره الحسنه للمرحومه الحاجه فتحيه تم تكريم الحاجه الفضلى وداد بابكر يجائزه عربه ولا عالميه ماعارف – غايتو بلد عجيييييييييييييييب ونفاق غريييييييييييييييييب