بيانات ووثائق

نص خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة إحتفـالات البـلاد بأعيـاد البلاد بالذكرى ( 53 ) للإستقـلال والذكرى ( 54) للاحتفالات باعياد الجيش

[ALIGN=JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين..وعلى أصحابه وعلى رسل الله أجمعين .

. الأخوة والأخوات

. المواطنون الأوفياء.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا نحصي على ربنا الثناء والحمد والشكر أَنْ وهب لنا وطناً عزيزاً كريماً واسع الماعون.. عظيم الموارد والكنوز الظاهرة والباطنة بأرضه المعطاء وأنهاره الجارية وشعبه الودود الأبي.. وبتاريخه الضارب في القدم.. وبحضارته التي أسهمت في الحضارة الإنسانية بسهم كبير.. لقد أورثنا الله تعالى هذه الأرض وجعلها أمانة في أعناقنا.. نحافظ عليها.. نعمرها بالخير والبركات.. ونحرسها من مطامع الأشرار.. ونفديها بالغالي والمرتخص.. ونسير بها سير أهل العزة والإباء والشمم حتى نسلمها لأجيالنا من بعدنا أعزَّ ما تكون. الأخوة والأخوات.. نستلهم في هذا اليوم الوطني ذكرى الاستقلال الذي نالته بلادنا في اليوم الأول من العام 1956م بعد معارك مستمرة للبقاء.. والاستبسال والاستمساك بالشرف الوطني.. منذ معركة كرري وما بعدها.. وثورة اللواء الأبيض.. وحركة الضباط السودانيين في عام 1924م.. ونستذكر مجاهدات الشهيد عبد القادر ود حبوبة.. والشهيد علي عبد اللطيف.. والشهيد عبد الفضيل ألماظ.. وثورات السحيني في دارفور.. والميراوي في جبال النوبة.. وانتفاضات الدينكا في البحيرات.. والنوير في أعالي النيل.. وما نتج عن كل ذلك من مذابح وفظائع قمع بها الاستعمار نضال الشعب الحر الأبي ظناً منهم أن جودة السلاح وضراوته كافية لإخماد ثورات الأحرار.. نعم أيها الأخوة والأخوات.. علينا أن في هذا اليوم نستذكر مجاهدات خريجي السودان عبر مؤتمرهم العتيد الذي جمع حوله شعب السودان وتشكلت في رحمه الحركة السياسية النشطة التي ظلت تعمل لإنهاء الحكم الأجنبي لبلادنا.. وذاقت في ذلك ألواناً من الكيد والإرهاب والسجن والتعذيب إلى أن كتب الله تعالى للفئة القليلة الصابرة الغلبة على الفئة الكثيرة الطاغية.. فأسفر عن مجاهداتِهم فجر استقلال البلاد في وقت كانت فيه معظم أفريقيا تئن تحت وطأة الاستعمار الأجنبي الذي امتصَّ ثمارها بعد أن قهر ثوارها.. التحية للزعيم الأزهري ورفقائه الأحرار الذين رفعوا علم البلاد في أول يناير 1956م رمزاً لسيادة البلاد وعزتها واستقلالها.. التحية لنواب البرلمان الذين صاغوا قرارهم التاريخي بخروج المستعمر واستقلال البلاد.. والتحية للزعماء الأوفياء الذين ساندوا الحركة السياسية وعضدوها لنيل الاستقلال.. والتحية والفخر والاعتزاز بشعب السودان الأبي الذي توحد خلف قياداته السياسية وأعطى ولم يبخل في سبيل نيل بلاده العزيزة لكرامتها واستقلالها. إن احتفالنا بهذا اليوم تعبير عن فرحتنا الوطنية.. تُرسل فيه جموع الشعب السوداني رسالة للعالم واضحة الدلالة قوية التعبير.. والتعبير عن الفرحة بدأته القوات المسلحة التي التزمت منذ فجر الاستقلال جانب الشعب الذي منه خرجت..فبذلت في سبيل الحفاظ على أمنه واستقلاله الدماء العزيزة الغالية.. وقدمت الشهداء أرتالاً جيلاً بعد جيل.. دون بخلٍ أو مَنٍ أو إستكانة.. وما زالت تمسك بسيف العزة والحسم ترهب به كل من تسوّل له نفسه المساس بمقدرات الأمة.. أيها الأخوة والأخوات.. نحن وأنتم نسجل في دفتر الوطن للقوات المسلحة الباسلة ولقوات الشرطة الأمنية وقوات الأمن اليقظة وكل القوات النظامية فخرنا وتقديرنا لما تقوم به من تأمين حياة أهل السودان وبسط الأمن والنظام في أصقاع السودان الواسعة..ولا غرو فإنها خرجت من أصلابهم.. وظلت درعاً للوطن ورمزاً خالداً للتضحية والفداء.. والوحدة القومية… التحية لهم ولشهدائهم الأبرار الذين ارتوت الأرض بدمائهم.. فأنبتت الزرع والزهر والطلع والبترول.. والتحية لهم وهم يستعرضون قوَّتهم المرهوبة في هذا اليوم المجيد.. والتحية للمواطنين الأوفياء الذين جاءوا من كل فجٍ للاحتفال بهذا اليوم ولإعطاء هذا الاحتفال بُعداً قومياً.. الأخوة والأخوات.. لم تزل المهام علينا كبيرة.. والواجبات عظيمة.. للحفاظ على هذه البلاد من مكر الماكرين.. وتربص المتربصين.. وكيد الطامعين.. الذين لا يزالون يكايدوننا ويناصبوننا العداء الظاهر والباطن.. أملاً في اختلال أمورنا.. واضطراب أحوالنا وتفرق صفوفنا.. وما زال الاستعمار القديم يلبس كل يوم وجهاً جديداً يريد به الدخول إلى بلادنا.. وما يزال يطمع في إيجاد أصابع له من داخلنا تُعينه على تحقيق أهدافه الخبيثة. وما زلنا نرابط في مواقع الصمود.. ونبذل كل جهودنا لبناء الوطن.. وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعبه.. وما مسيرة السلام التي وُلدت بعد عسرٍ إلا محطةً من محطات جهودنا لاستقرار البلاد.. فقد أصبح إخواننا الذين كانوا يحاربوننا بالأمس في الجنوب والشرق والغرب شركاءَ لنا في مسيرة الوحدة الوطنية.. ملتزمين بما أمضيناه من اتفاق سلام.. وسائرين في طريق البناء الوطني بالتعاون وليس بالمواجهة.. إن شراكتنا مع الحركة الشعبية ومختلف القوى السياسية الفاعلة ما تزال قوية وماضية نحقق بها مستحقات السلام.. ونعبر بها إلى بر الأمان.. إننا بهذه الشراكة وبمشاوراتنا المستمرة مع الجميع قد حققنا هدفاً غالياً بملتقى أهل السودان لحل مشكلة دارفور.. ونؤكد مرةً بعد مرة التزامنا بمقررات هذا الملتقى..والاجتهاد في تنفيذها وقد بدأنا فعلاً بتوقيع عقود لتنفيذ مشاريع تنموية هي الأكبر في تاريخ السودان خدمةً للاستقرار في بلادنا.. وجمعاً لكلمة أهل السودان والسعي بها لتغذية المبادرة العربية الأفريقية بقيادة دولة قطر.. ونحن إذ نُشيد بجهود دولة قطر الصديقة فإننا نتابع معهم جهودهم لإقناع حاملي السلاح للجلوس إلى طاولة المفاوضات إنهاءً لمشكلة دارفور فلا بديل للحوار مهما تطاولت أيام الخصام واستعر أُوَار القتال.. وعلى ذات النهج فإننا ندعوا جميع القوى السياسية للاستعداد للمرحلة القادمة.. مرحلة الرجوع إلى الشعب.. وتجديد التفويض منه لحكم البلاد عبر الانتخابات العامة الحرة النزيهة.. كما نصَّ على ذلك الدستورُ الانتقالي , وفاءً للعهد مع شعبنا.. ونحدد التزامنا بمضاعفة الجهد لتهيئة كل الظروف المناسبة لذلك.. وحل المشاكل التي تعترض سبيلها.. ونرجو أن تُوَّفق المفوضية القومية للانتخابات في وضع الجدول الزمني لقيام الانتخابات بعد أن بدأ الدخول الفعلي في أعمال الانتخابات بقيام المفوضية نفسها.. كما نرجو أيضاً لمجلس شئون الأحزاب أن يُعين الأحزاب السياسية على استكمال الخطوات الإجرائية استعدادا لخوض الانتخابات بإذن الله الأخوة والأخوات.. نستقبل اليوم عاماً جديداً.. نسأل الله أن يجعله عامَ خيرٍ ورخاءٍ وبركةٍ علينا.. نبذل فيه جهودنا لاستكمال ما بدأناه من مشروعات كبرى.. ففي بداية هذا العام بإذن الله ستدخل الطاقة المولَّدة من سد مروي في الشبكة القومية لنحقق بها مزيداً من التنمية في بلادنا.. ونأمل في نهاية العام أن تدخل أيضاً محطات أخرى للطاقة الحرارية في الشبكة القومية وأن تمتد الشبكة عبر كردفان إلى دارفور. ونستكمل عدداً من الطرق القومية أهمها البدء في المرحلة الثالثة من طريق الإنقاذ الغربي لربط كردفان بدارفور.. وربط دارفور بالميناء البحري.. ونبذل جهودنا في دعم النهضة الزراعية وإخراج الزراعة من التقليد إلى مصاف الإنتاج الزراعي العلمي.. الرابط لاقتصادنا مع الاقتصاد الإقليمي والدولي وفق معاييرنا وقيمنا التي أثبتت قدرتها في مواجهة الصعاب الاقتصادية التي تعاني منها الكثير من الدول ولتحقيق أمننا الغذائي وأمن العالم من حولنا.. فان جهداً مضاعفاً نتوقعه من علماء ومزارعي بلادنا.. ونطمح في هذا العام إلى استثمار قدراتنا العلمية والتقنية ونتائج بحوثنا العلمية في تطوير ساحاتنا الاقتصادية والاجتماعية.. وفي تحديث الخدمة المدنية وربطها بالنظم الحديثة للمعلومات.. وتدريب العاملين تدريباً متقدماً في المجالات كافة.. إننا بهذه الجهود نمهد لاستقبال المزيد من الاستثمار الصديق الذي نفتح له الأبواب مشرعةً للدخول مطمئناً إلى بلادنا للمساهمة في نهضتها الكبرى.. ولابد لنا أن نشكر المبادرين الذين جاءوا في زمن العسرة للسودان وظلوا يحملون معنا هم البناء والنماء.. ولابد من شكر إخوتنا الأشقاء المستثمرين من المملكة العربية السعودية ومن دولة الإمارات العربية والأردن ومصر والكويت وسوريا وتركيا وماليزيا وإيران وجنوب أفريقيا.. وكل الدول الصديقة التي ولجت مجال الاستثمار في السودان.. وتظل علاقتنا بالصين نموذجاً للاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والقدرة على قهر المستحيل.. الأخوة والأخوات.. سنظل نرسم سياستنا الخارجية وفق ما أعلناه سابقاً من اكتساب صداقة جميع الدول.. وربط العلاقات القوية معها.. وخاصة دول الجوار الأفريقي.. والجارة الشقيقة تشاد.. قناعةً مِنَّا أن حُسن العلاقات مع الجيران يمهد للاستقرار في المنطقة.. ويكسب بلادنا صداقةَ شعوبٍ مُقرَّبةً إلى قلوبنا.. وأن التوتر لا يجلب إلا الشر والتخلف والضياع.. وسيمتد هذا النهج ليشمل علاقاتنا مع جميع دول العالم إن شاء الله.. إن استعادة العالم لاتزانه ضرورةٌ قصوى لاستقرار هذا الكوكب الذي لا يحتمل مزيداً من الظلم والطغيان والجبروت والاعتداء على الشعوب المستضعفة.. وإن من واجب الأمم المتحدة وصُنَّاع القرار العالمي أن يسعوا لإطفاء بؤر التوتر الذي تسعى به بعض الفئات الضالة المتنفذة في الغرب.. وتقود به العالم إلى الدمار الشامل.. وإن الدرس المستفاد من السنوات القليلة الأخيرة هو أن توأم التعددية الحزبية في الأقطار هو تعددية قطبية على نطاق العالم.. فإن كان الحوار لا القتال هو طريق التصدي للتحديات القطرية.. فإن الحوار لا الطغيان هو وسيلة التصدي للتحديات العالمية.. إن الظن بأن استهداف الأمم المستضعفة بالمكائد والعقوبات والضغوط سيحقق المزيد من الرخاء والنصر للمجتمع الغربي عامة.. أو دول بعينها.. فيه وَهْمٌ كبير كشف عنه نتائج العدوان في العراق.. وأفغانستان وفلسطين التي لم تجلب إلا البوار والعجز والانهزام للدول المعتدية.. ولم تجلب سوى الانهيار الاقتصادي والركود والإفلاس والخسران.. بل إن العالم لم يشهد في تاريخه فترة أشد حرجاً من هذه الفترة..إن أي نظام عالمي لا يقوم على أسس العدالة والمساواة بين الأمم واحترام مصالحها وخياراتها هو نظام يستعيد تجارب الاستعمار بكل كوارثه ومآسيه التي ستظل وصمة في جبين أصحابها من القوى الاستعمارية.. وإن ما يجري في غزة من إبادة جماعية لا تميز بين صغير أو كبير ولا بين مقاتل أو مدني.. وأن ما يحدث هناك من انتهاك يومي لحقوق الفلسطينيين.. واستباحة لدمائهم وما نراه من سياسات الاستيطان التي يصُم المجتمع الدولي آذانه عنها لهي عبرةٌ وتذكرةٌ لنا بأن الاستعمار بكل قبحه ومخازيه ما يزال يعيد إنتاج رواياته القديمة بعناوين جديدة.. إننا ننادي بنظام جديد في العالم يقوم على مبادئ الاحترام والتعاون والمودة.. وستكون أيدينا ممدودة لمثل هذا النهج في كل حين.. ولكننا في الوقت ذاته نحذر من التمادي في السياسات الخرقاء التي لا تعود لأصحابها إلا بالفشل والحسرة والندم.. إن شعب السودان العظيم شعبٌ مؤمنٌ بربه.. متوكلٌ عليه.. صابرٌ فيما يصيبه.. عازمٌ على ما يصلحه.. قادرٌ بقدرة الله لتحقيق أهدافه.. باذلٌ في ذلك جهده وعرقه.. صابرٌ محتسبٌ.. مستبشرٌ وواثقٌ.. ثقةٌ لا يتطرق إليها الشك بنصر الله العزيز.. ” فلتحيا ذكرى الاستقلال مناسبة نجدد فيها العزم على أن لا عودة لعهود الذل والهوان تحت وطأة الاستعمار بكل أشكاله.. ” ولتحيا ذكرى الاستقلال مناسبةً نجدد فيها التزامنا نحو السلام ونحو بناء جبهة داخلية قوية وصامدة.. ” ولتحيا ذكرى الاستقلال مناسبةً نعزز فيها الوعد ببناء أسباب القوة المادية والمعنوية في المجتمع.. ” ولتحيا ذكرى الاستقلال مناسبةً نطلق فيها التحذير لكل عدوٍ متربصٍ باستقلالنا ووحدتِنا.. (وَعَدَ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلوا الصَّالِحَات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِم أَمْناً ) صدق الله العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. والله أكبر والنصر للسودان الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير.
المصدر :smc[/ALIGN]