منوعات
شغالين إعلانات وتأمين (قصص) و(أدروب).. كمسنجية بنكهة خاصة
الامر لم يقتصر على (السعي) والنداءات بل في احيان كثيرة يدخل في مناقشات ضاحكة مع سائقي المركبات والركاب.
شجعني مرحه على الاقتراب منه وسألته عن حكايته، فابتسم وقال:”جيت الخرطوم وانا عمري 15 سنة. مرة كنت قاعد جنب حافلات بري جا عمك الكمسنجي قال لي انا ماشي افطر اقيف هنا وقول بري ناصر ومن اليوم داك ولحدي هسي وانا شغال كموسنجي”.
قصص تميز عن الكومسنجية التانين بحاجات تانية غير المرح، فهو زول اعلانات درجة اولى و(يقبض) حقه اول بأول؛ فيقصده اصحاب المحلات التجارية ويطلبون منه ذكر محالهم التجارية في اطار ندائه المتكرر حتى تشتهر زي دكان الجاسوس ودكان الباهي بتاع الروب.
ويضيف (قصص) أن امرأة من الصحافة كانت لديها مناسبة فسألتني “يا ولدي انت دكان الروب البتقولو دا صحي ولا كلام ساي”، فقلت لها :”صحي وارح هسي اوديك”، ويزيد (قصص) “طوالي سقتها لدكان الباهي بتاع الروب واشترت كفايتها، ومن يومها الباهي خصص لي خمسة ارطال لبن يوميا”.
ويكشف (قصص) عن أن عمله جعله يعرف النشالين معرفة تامة ويقول أنهم ياْتون حين تكون الزحمة في ذروتها. لذلك يلجأ هو لحيلة بسيطة لتنبيه الركاب وفى ذات الوقت تأمن له جانب (الحرامية) فيقول بصوت عال: “البلد دي ملغمة. الناس تعمل حسابها” ثم ابتسم وبدأ يحكي لي قصة ” مرة شوفت ليك نشال وانا اصلا بعرفو متابع شابة، زولك خلاها تقعد في المقعد وقعد يحوم حول الحافلة، جيت للبت قولت ليها يابت اقفلي قزاز الشباك وهي كانت بتلعب بالموبايل قامت ادتني ليك نهرة وقالت لي انا ما فاضية ليك انت داير ليك موضوع معاي!، بعد شوية زولك خطف ليك منها الموبايل وخلى ليك خشمها ملح ملح”. قصص يشير الى أن احد اللصوص هدده بالقتل إن حذر الناس منهم الا انه لا يبالي ويفعل ما يمليه عليه ضميره.
ادروب والمطفر
ومن (شروني) ذهبت الي (السلمة البقالة) لمقابلة أدروب الكموسنجي المحبوب، اخبرني احد (الكماسرة) انه زول طيب، وحسن التعامل، ويراعي حركة السير فلا يلح في طلب (جنيه) النمرة الا إن كانت الامور متعثرة، ويتدخل رفيقه في الحديث ويشير الى أن ادروب يتوسط في كثير من الاحيان لفض الاشتباكات بين الركاب و(الكماسرة).
اقتربت من (ادروب) بطاقيته الحمراء التى تقيه اشعة الشمس عرفت أن اسمه عبده ادريس وشهرته (ادروب) ذكر لي انه يصرف نفسه من عمله حتى يتسنى له مواصلة الدراسة، وتعرف عنه امانته. اقتربت منه وحادثته بدا حذرا بخلاف (قصص) الا انه رويدا رويدا اندمج في الحديث.
يحكي ادروب أن احدى السيدات (نست) حقيبة سفرها في الحافلة بعد أن ترجلت منها عند محطتها فانزعجت كثيرا لان بها مبلغ مليوني جنيه وموبالين، فذهبت لأدروب الذي كان كموسنجي تلك المحطة الوسيطة فهدأْ من روعها وذهب بها للكفتريا واحضر لها ولاطفالها (بارد) يخفف لها فجيعتها؛ وشرع في الاتصال بأحد تلك الهواتف المحمولة، فلم يأتهم رد، لاحقاً اكتشف سائق الحافلة امر الحقيبة وعاود الاتصال برقم ادروب الظاهر على سجل المكالمات التي لم يرد عليها واخبره بأن الحقيبة في الحفظ والصون فذهب له ادروب واحضر لها الشنطة.
قال لي عبده أن خطهم الاساسي (الحاج يوسف مايو) احيانا في ناس بركبوا غلط وانحنا بنقوم نوجههم التوجيه الصحيح؛ وحكى لي قصة الطفل صالح علي حمد الذي وجده حافي القدمين يرتدي عراقي وسروال، فسألته: يا ولد انت جاي من وين؟ رد عليه باللهجة الكردفانية المميزة “انا مُطفر” والتي تعني تائه. فعرف منه انه جاء من حمرة الشيخ عن طريق الخطأ فذهب به عبده لشرطة امن المجتمع بالمقرن.
الخرطوم: محمود مدني: صحيفة السوداني
[/JUSTIFY]