سياسية

الاتحادي الأصل وأصوات نشاز

[JUSTIFY]من حين لآخر وكما يقولون بحسب الظروف تخرج أصوات من قيادات الحزب الاتحادي الأصل بزعامة الميرغني تقول إن الحزب (يجري تقييماً شاملاً لمشاركته فى الحكومة)!

ومع أن الاتحادي يبدو معذوراً كونه يعاني من عدم تنسيق تصريحات قادته، وكونه الحزب الأكثر تشتتاً فى الساحة السياسية إلا أن الحزب -للأسف الشديد- ولربما دفعت الأحداث الأخيرة عقب قرارات الإصلاح الاقتصادي التى أطلقتها الحكومة السودانية، الحزب لكي يبدأ بتدبير أمره ولكن بالمقابل فإن الحزب الاتحادي الأصل -كشريك فاعل- جرت مشاورته، كما جرى النقاش فى كافة أروقة الحكومة بحضور وزراء الحزب وهم جزء مهم من المنظومة التنفيذية الحاكمة ومن ثم فهم مسئولون مسئولية سياسية وأخلاقية بطريق مباشر عن القرارات المتخذة.

ولعل الأمر الغريب أن القرارات فى حد ذاتها لم تكن المشكلة، فهي فى خاتمة المطاف رؤية اقتصادية اختارت بموجبها الحكومة السودانية الخيار الممكن والأفضل؛ فقادة الحزب الاتحادي ووزرائه فى الحكومة عددهم غير قليل وهم فى وزارات فاعلة ومؤثرة بدءاً بوزارة (الوزير الأول) متمثلة فى رئاسة مجلس الوزراء التى يتولاها القيادي بالحزب أحمد سعد عمر وانتهاءاً بوزارات التجارة والمالية وغيرها من الوزارات السيادية الهامة.

إذا كانت مخاوف الاتحادي الأصل نابعة من ما جرى من أحداث فإن المسئولية الوطنية والأخلاقية تحتم عليه أن يبقى على خيارته السياسية وأن يصر على اختياراته التى بموجبها ارتضى المشاركة.

الأمر الثاني إن من الطبيعي أن تواجه أي سلطة حاكمة رفضاً لسياساتها واحتجاجاً على قراراتها، فهذا من صميم الممارسة الديمقراطية والاتحادي الأصل يزعم باستمرار عراقته فى الممارسة الديمقراطية فكيف به (يتململ) فقط لأنه شعر بأن الشارع قد خرج مناهضاً لقرارات الحكومة؟

إن رسوخ القرارات الإصلاحية الأخيرة نابع من أنها قرارات لا مفر منها واستطاعت الحكومة السودانية بعزيمة صادقة أن تواجهها بتحدي لا فكاك منه ولا محيد عنه. ومن المؤكد أن اليسار المتخفي داخل الحزب -و لا حاجة لنا هنا للتفصيل بشأنه- ظل صوته عالياً وكره المشاركة فى الحكومة ولكنه لم يستطع أن يحول دون مرور طوفان قرار المشاركة، ولهذا فإن الاتحادي مطالب بأن يكون على قدر التحدي، فقد أكبر الجميع فيه انبراؤه لتحمل المسئولية الوطنية ومشاركته فى الحكومة العريضة على اعتبار أن القضية ليست قضية من يحكم، ولكنها قضية كيف وعلى أيِّ أساس يُحكَم السودان، وعلى أساس أن إدارة شأن البلاد هو شرف وطني كبير، خاصة فى الظروف التى تعيشها البلاد وما تواجهه من حروب ومحاولات تآمر يعلم القريب والقاضي أنها تستهدف الدولة السودانية بأكثر مما هي تستهدف السلطة الحاكمة.
وعلى ذلك فإن الإتحادي الأصل مطالب بالكف عن التردد ومحاولة (الهرب) فى أول اختبار سياسي، ففي النهاية فإن المضمار الوطني لا يسجل فى سجله بطولة إلا لمن وقف منافحاً عن اختياراته وإرادته الوطنية.

سودان سفاري[/JUSTIFY]