قير تور

المأتم وعلاج المريض

[ALIGN=CENTER]المأتم وعلاج المريض [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]قديماً قال أحد كبار الدينكا قولاً إذا وفقت في ترجمته فهو يقول (يا رب أصبني بوعكة اعرف بها أحبائي) ويقال بان ذلك الشخص عندما كان يتحدث إلى الموجودين معه قال بأن زمن المرض والعلاج يميز تماماً بين الصديق الصدوق والعدو والحاقد وغير المهتم بك، فمن يهمه الأمر يصلك مهما كانت الظروف صعبة او حتى على الأقل يعرف ما حدث إن حالت الظروف دون وصوله إلى مكان وجودك.
والوقت الذي تحدث فيه ذلك الشخص بهذا الكلام يختلف ناسه عن ناس اليوم فالزمن لم يتغير لكن ظروف الناس هي التي تغيرت، ولا أدعي باطلاً بأن الزمن تغير كما نقول كثيراً عندما نريد تبرير ما بنا من سلوك بدر منا. فقط ما لم يتغير هو أن الإنسان هو نفسه الإنسان الذي يولد ويعيش سعيداً او تعيساً، غنياً او فقيراً، ويمرض ويشفى ويموت.فلم يولد حتى اليوم الذي يتحدث معنا وهو يعلم أنه لن يموت فالموت نهاية حتمية لنا جميعاً، ومن العجائب أن البعض يخافون منه فيحاولون تكذيب وقوعه بدلاً من الإستعداد له لأن وقته غير معلن لاي مخلوق.
عفواً سادتي فليس موضوعنا التحدث عن الموت وما بعد الموت لست واعظاً يصلح لمثل هذه الأمور، يكفيني فقط التطرق لمسألة نعيشها ونحن أحياء سواء عايشه البعض منكم أو سمعه من أحدهم. وهذه المسألة هي ما لاحظته إهتمام مقلوب الإتجاه والزمن.
ومقال اليوم تحديداً أوجهه لأهلي الدينكا الذين،حسب رأيي أظنهم، تخلوا عن الكثير من عاداتهم الجميلة، وإكتسبوا عيوب الآخرين بدلاً من نهل المميز من القبائل الأخرى.ومن تلك الأشياء التي أعيبها على أهلي هو عدم الإهتمام بالمريض أثناء فترة العلاج.
لاحظت في مرات كثيرة عندما يكون هناك شخص مريض سواء كان يتعالج في المستشفى أو في المنزل اللامبالاة التي يبديها البعض من الأهل وهنا لا أقصد بالضرورة الوصول إلى مكان المريض فلكل شخص ظروفه المحيطة به، لكن حتى أن البعض لا يتفضلون بالسؤال عن أقرب الناس إليه رغم توفر وسائل الإتصال في الوقت الراهن. ومن الأشياء الصعبة التي يعيشها كل شخص دخل مركز علاج هي المصاريف المرتفعة التي يقوم بها أهل المريض.
ونفس الشخص الذي نراه وكأنه بدون أصدقاء وهو مريض في المستشفى او في البيت، نتفاجأ بالحضور الكثيف ايام المأتم.بل أن الأمر أكثر غرابة إذا علمت أن البعض يقومون بإطالة ايام المأتم لسبب بسيط جداً هو إنهم يريدون ذبح الثيران وقد صارت المآتم مكان لإبراز الفخر والإعتزاز.والصرف والبذخ اللذان صارا يصاحبان المآتم لو كانا يصرفان على المريض لكانت النفوس على الأقل ترتاح لأن الإجتهاد لإنقاذ حياة أفضل من إسراف في منزل البكاء والعويل.وما هي الفائدة التي ننالها إذا قام الأهل بتنظيم جيد للمأتم؟.
النقود والمصاريف التي تصرف في المأتم والجهود التي يبذلها كل من يزر المريض او من لم يكلف نفسه بالسؤال عنه عند حياته اراه نوعاً من الرياء وهي غير مفيدة.[/ALIGN]

كلام الناس – السوداني – العدد رقم 1083 – 2008-11-19