خطوة مربكة: الوقت يمضي.. فأيّ مستقبل ينتظر أبيي بعد الاستفتاء الأحادي؟
رغم أنف الجميع قام دينكا نقوك باستفتائهم ونفذوا ما في رأسهم، دون أن يلقوا بالاً للبيانات التي تصدر من قبل الاتحاد الأفريقي أو مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي تعوّل عليه الحكومة السودانية كثيراً فى حلّ قضاياها، ولم يكترثوا حتّى للبيان الصادر من مفوضيّة الاتّحاد الأفريقي التي تعبّر عن رأي القيادات الأفريقية حتى فى غيابهم، لتجيء النتيجة الحاسمة بزعمهم؛ أبيي جنوبية بنسبة (98%).
في الوقت نفسه بدت الحكومة السودانيّة وكأنّها مكتوفة الأيدي، إثر متابعتها لإجراء الاستفتاء فى المنطقة بصورة منظّمة وطبيعيّة، لدرجة استغرب معها بعض المراقبين عدم تعرّض الاستفتاء لأيّ توترات أو مضايقات، سواءً من قبل الحكومة السودانية، أو من المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي، ولا من قبل مجلس الأمن الدولي، الذي بذل في بيانه الأخير رفضه لإجراء استفتاء أحادي الجانب، ما جعل التساؤل قائماً؛ ما الذي يجري؟ وهل قضيّة أبيي أضحت لا تعني شيئاً بالنسبة للحكومة السودانيّة؟
المسيريّة من جهتهم أطلقوا تهديدهم الرامي لإقامة استفتاء أحادي في منطقتهم وكفى.. العمليّة برمّتها تبحث بالطبع عن فرصة الشرعية، وإزاء المسألة تبدو ثلاثة سيناريوهات محتملة التحقّق في هذا الملف، القضية.
أول السيناريوهات يتمثل في رفض حكومة الجنوب لهذه النتائج وقبول المجتمع الدولي.. في هذ المسار ستكون جوبا قد فتحت حينها على نفسها أبواب جهنّم، خاصّة وأنّ المجتمع الدولي لم يصدر بياناً يدين فيه الإجراء الأحادي، إنّما اكتفت مبعوثة الاتحاد الأوروبي روزلند، باستنكارها لما تنويه المسيريّة من ردّ فعل، بإجراء استفتاء أحادي، وقالت روزلند إنّ على الطرفين الالتزام بما اتفقا عليه، ما يدل على ملمح قبول من الاتحاد الأوروبي بهذا الإجراء، بجانب قبول الاتحاد الأفريقي بصورة مبطّنة.. السيناريو حال مروره بهذا الشكل ستكون حكومة الجنوب بموجبه قبالة أسوأ كوابيسها، بفقدان تعاطف المجتمع الدولي وأبناء الدينكا، ما يمهّد لإطاحتها، وبالتالي تكون خسرت المعركة بسبب وقوفها مع الخرطوم، ويكسب أبناء دينكا نقوك مطمحهم وما سعوا إليه، محقّقين بعضاً من أمنياتهم المستحيلة.
سيناريو قبول الجنوب لنتائج الاستفتاء يبدو محتملاً هو الآخر، كون أبناء الدينكا حاولوا وضع حكومة جوبا أمام الأمر الواقع، بحيث لا يكون هناك مجال لرفض العمليّة، خاصة بعد البيانات التي توصف بـ(الضعيفة) من قبل مجلس السلم والأمن الأفريقي، واجتماعه الطارئ الأخير بخصوص تأجيل السودان لزيارة المجلس لأبيي، فالوقت غير مناسب حسب الردّ الحكومي..
الملاحظ أنّ المجلس لم يطالب ولم يجتمع من أجل إصدار قرار قويّ يمنع من خلاله أبناء الدينكا من المواصلة في إجراء استفتائهم، وهي فرضيّة سبر غورها المحلل السياسي، محمد لطيف فى تتبعه للمسألة الأيام الماضية بالزميلة (الخرطوم)، حيث أورد ما مفاده أنّ البيان فهم كأنه يوافق بطريقة غير مباشرة على هذا الاستفتاء.
ثمّة سيناريو عالق يتحدّث عن أنّ دولتي ما بعد الانفصال، لربّما محّصتا المسألة ونظرتا فيها من زاوية وضع المسيريّة والدينكا إزاء مسؤوليتهما والوصول للحلول بينهما دون تدخل الحكومات، باعتبار أنّ الحكومتين فشلتا في إيجاد حل مرضٍ في الفترة الماضية، وهي فرضيّة قفزت بموجبها التفاهمات الاقتصاديّة وقضايا التعاون إلى واجهة الطاولة الرئاسيّة إبان الزيارات المتبادلة للقادة بين العاصمتين في الفترة الأخيرة.
حسناً؛ ضمن الملف يمكن أن نقرأ حراكاً دبلوماسياً دشّنه علي كرتي وزير الخارجية فجر أمس (الجمعة) بعد مغادرته إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، للقاء المسؤولين في الاتحاد الأفريقي لبحث قضايا السودان والتطورات الأخيرة في المنطقة، وما صاحبها من استفتاء أحادي.
الحراك الدبلوماسي يستهدف بالطبع إجلاء المواقف التي خلفها الإجراء، بالإضافة إلى تناول تأجيل زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى أبيي في (26 – 27) أكتوبر الماضي، والتشاور حول الموعد الجديد المضروب يومي (5 – 6) من الشهر الجاري، بالإضافة للتشاور حول الأجندة التي سيتم طرحها خلال الزيارة.
إذاً، في انتظار مخرجات الزيارة، ووفقاً للوقائع على الأرض، فمن المرجّح حال تحقّق بعض هذه السيناريوهات أو حضور أيّ مقاربات أخرى بديلة أن تكون درجة التوتّر بين المسيريّة والدينكا نقوك على أشدّها، وهو ما ينذر بإحماء طبول الحرب، وحضور شبح التدخّل الدولي المرفوض من قبل حكومة الخرطوم طوال الفترة الماضية.. ليبقى السؤال: الوقت يمضي.. فأيّ مستقبل ينتظر المنطقة ؟
صحيفة اليوم التالي
أميرة الجعلي
ع.ش
((إنّما اكتفت مبعوثة الاتحاد الأوروبي روزلند، باستنكارها لما تنويه المسيريّة من ردّ فعل، بإجراء استفتاء أحادي، وقالت روزلند إنّ على الطرفين الالتزام بما اتفقا عليه، ما يدل على ملمح قبول من الاتحاد الأوروبي بهذا الإجراء، بجانب قبول الاتحاد الأفريقي بصورة مبطّنة.))….
…، وفي نهاية الأمر سيقبل الإتحاد الأوروبي ، و(ماسك العصاة من الوسط) الإتحاد الإفريقي وكمان لجنة أمبيكي( التي لم تكن يوماً محايدة)وذلك واضح من إصرار روزلند في قولها :على الطرفين الإلتزام بما إتفقا عليه!!
وسؤالنا هنا :هل ما قام به دينكا نقوك هو ما تمّ الإلتزام به الطرفين؟ ومعروف موقف الغرب والصهيونية من مساندة جنوب السودان المسيحي ضد السودان ، وما رفض حكومة جنوب السودان لهذا الاستفتاء إلا ذرٌّ للرماد في العيون ومسرحية لا يجب أن تنطلي على الجميع، وحكومة السودان تسعى لفتح المعابر للتجارة بين البلدين ، كأن الأمر خلاص بقى( لبن على عسل) بينما ستظل عقدة أبيي كما قيل مسمار جحا، ونضيف أنها ستكون شوكة الحوت التي لن تنبلع ولن تفوت.خاصة بعد رفع روزلند العصاة في وجه المسيرية ومن بعدهم حكومة السودان. والشئ المؤسف هو كيف فرّض الوفد المفاوض في تضمين أبيي وطرحها بهذه الصورة التي سيكون فيها ضياعها. والخوف الأكبر أن تنزلق أبيي كما انزلقت الفشقة وحلايب وشلاتين، وحينها لا ينفع الندم ولا ضرب السكليبة وطق الكواريك.