مرضى الفشل الكلوي.. مظاهرات لا تخشاها الحكومة
المظاهرات الوحيدة التي لا تخشاها الدولة ولا تحاول التصدي لها هي تلك التي يقوم بها مرضى الفشل الكلوي بين فينة وأخرى حين تتراكم السموم في أجسادهم النحيلة المتحول لونها إلى السواد، حين لا يجدون ماكينات للغسيل بدلاً عن تلك المتعطلة والمتراكمة أمام بوابات مراكز الغسيل بالمستشفيات، إضافة لمشكلات أخرى متعلقة بالغسيل ألقت بثقلها على أجسادهم المنهكة بسبب المرض وتكاليف العلاج والغسيل الغالية، حيث بات معروفاً أن الفشل الكلوي من الأمراض التي تؤدي لإفقار الأسر.. لم تهتم الدولة حين أغلق المرضى بعض الكباري والطرق.. لم تهتم بالنظر إليها لأن أصحابها أضعف من أن يهددواعرشاً أو يطالبوا برحيل النظام لأنهم ويا لهفي عليهم يخرجون وهم ينشدون البقاء وتمسكاً بالحياة التي يهددها المرض «الغتيت» وهي لا تكلف الحكومة ثمن البمبان الذي تفرق به المظاهرات.
مراكز غسيل الكلى ظلت في حالة معاناة دائمة من نقص ميزانيات التسيير رغم التصريحات التي تعلن في الصحف عن توفيرها من قبل وزارة المالية من بند العلاج المجاني إلا أن الواقع والشكاوى التي نسمعها من المرضى بحكم ترددنا الدائم على مستشفيات أمراض الكُلى تنبئ بأن ليس هناك شيء من تلك التصريحات على أرض الواقع من نقص ميزانيات التسيير التي توفرها وزارة المالية من بند العلاج المجاني، فالمالية دائماً لا تلتزم بصرف استحقاقات المراكز مما يؤدي لدخول كوادر المراكز في غسيل، والأجمل في الأمر أن الكوادر الطبية التي تقوم بعمليات الغسيل في تضامن رائع منها مع المرضى تنفذ الإضراب ولكنها من حيث لا تقصد تضر بحياة المرضى فتوقف الغسيل بالرغم من أهمية عمل المراكز بصورة مستقرة لارتباط ذلك بحياة المرضى.
الغسيل الوسخان بعض اختصاصيي الكلى عبروا لـ «الإنتباهة» عن قلقهم من تخفيض عدد مرات الغسيل من ثلاث لمرتين بحجة ضعف الإمكانيات، وقالوا إنه يلزم لكل مريض قصور كلى ثلاث مرات غسيل كلوي بالدم بالأسبوع وتكون كل جلسة غسيل كلى «4» ساعات على الأقل، ووصفوا ما يتم من غسيل للمرضى بأنه كـ «الغسيل الوسخان» إذ أن المرتين لا تكفيان لتخلص الجسم من السموم، مما يعرض حياة المرضى للخطر. وطالبوا الدولة ممثلة في وزارتي المالية والصحة بالنظر للقضية من ناحية كونها تتعلق بحياة «بشر» لا حول لهم ولا قوة.ماكينات شحيحة ومتعطلة لم يقف الحد عند نقص عدد مرات الغسيل بل تشتكي ماكينات الغسيل المتوافرة من الأعطال الدائمة، وكم من مريض أمضى يومه في مظلات الانتظار بالمستشفيات والمشيدة من «الزنك» فتفور وتمور من السخانة رؤوسهم المثقلة. الجدير بالذكر أن بعض تلك المظلات ضنت عليها إدارات المراكز أو وزارة الصحة لاأدري بمجرد «مروحة» تجود بهوائها الشحيح على رؤوس المرضى الذين تتداخل وردياتهم بسبب أعطال مفاجئة تصيب الماكينات القديمة، فيمضون يومهم بالكامل لحين خلو إحداها بسبب غياب أحد المرضى من الوردية، أو وفاة أحدهم حسب روايات المرضى الذين استطلعناهم . في مركز الشهيدة سلمى الواقع أعلاه موجود بمركز الشهيدة سلمى للغسيل، وقد اشتكى المرضى من تعطل الماكينات لعدم توافر المستهلكات الطبية. وقال المريض بالفشل الكلوي طارق عبد الباقي بمركز الشهيدة سلمي «مشكلتنا مع إدارة المركز بالرغم من تفهم الإستاف الطبي العامل بالمركز إلا أن الإدارة قامت بإغلاق مكتب خاص بالمرضى يتم فيه حفظ ملفاتهم ومناقشة مشكلاتهم ومساعدة بعضهم في مسألة نقص الأدوية، وقال إن المكتب ليس ملكاً للمستشفى، إضافة إلى أن الإدارة قامت بتخفيض عدد الغسلات وإلغاء الوجبة التي كانت تعطى للمريض بحجة نقص الميزانيات.. لا بد من نشاط للجمعية لاستجلاب الدعم». في مستشفى الخرطوم وأوضح عوض الكامل مريض آخر بالفشل الكلوي بمستشفى الخرطوم ءن هنالك نقصاً في الأدوية خاصة المعالجة لهرمون الدم والهيبارين، ومشكلة أخرى تتعلق بعدم وجود المهندسين لتشغيل الماكينات، فقد تم استجلاب أربع ماكينات جديدة من الصين لم تجد من يقوم بتشغيلها ،مشيراً إلى أن الكلوي المستخدمة للغسيل صغيرة «مقاس أطفال» إضافة إلى أن الماكينات رديئة وغير صالحة للعمل، وفي حالة أعطال مستمرة، والأسرة المستخدمة في الغسيل معطلة، كما تم إيقاف الوجبة التي تعطى للمرضى نسبة لعدم أيلولة المركز لمستشفى الخرطوم، رغم أن الغسيل يشعر المريض بالجوع الشديد، ويفقد كمية من الدم أثناء الغسيل، وقال طارق إن المركز مليء بالحشرات «الجنادب»، وطالب المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى بتسجيل زيارة للمركز. في مستشفى أحمد قاسم رغم أن مستشفى أحمد قاسم قد حظيت بشهرة أكثر من رصيفاتها من المستشفيات فيما يتعلق بالزراعة والغسيل، إلا أن الوضع فيه لا يختلف كثيراً عما سبق ذكره، وأول ما تقع عليه عيناك عند مدخل مركز الغسيل هو الماكينات المتعطلة والمتراصة بإهمال، وقد كثرت الشكاوى من إستاف الغسيل والمرضى على حد سواء. فالمرضى عادة ما يحاولون التخلص من سموم أجسادهم فلا يجد بعضهم غير إستاف الغسيل لينفثوها في وجوههم بعد تعطل الماكينات التي كانت تقوم بهذه المهمة، ولم تتوافر أسبيرات لصيانة الماكينات المعطلة. السيستم «بايظ» المريض صلاح سليمان قال إن الغسيل الذي يجري لهم غير مجدٍ لأن الماكينات تتعطل أثناء الغسيل ويتم تحويل المريض لماكينة أخرى قديمة ويهدر دم المرضى وأحياناً يغسل لهم لمدة ساعتين فقط، ومرتين في الأسبوع رغم أن المطلوب «3» غسلات لمدة «4» ساعات وهم في الأصل «تعبانين وأدوية الغسيل محدودة» يوفرها المحسنون وليس وزارة الصحة. وأردف: «قبل أيام قالوا السيستم بايظ المرضى كلهم استفرغوا فاضطروا يغيروا السيستم». وتساءل «لماذا لا يغيرون الماكينات. كنا عشمانين في ناس نفرة دعم مرضى الكلى وياريت ما يكون مظهر ساي بل لوجه الله تعالى».
اختفاء الهيبارين من صيدليات التأمين يحتاج مريض الكلى الذي تجرى له عملية الغسيل لعقار يسمى الهيبارين يمنع تجلط الدم في الماكينة أثناء الغسيل، وهذا العقار لا يوجد سوى في صيدليات التأمين، ولكنه أخيراً اختفى من تلك الصيدليات حتى تلك الملحقة بمستشفيات الكلى نفسها، وتجاوز قيمة الدواء الـ«50» جنيهاً يصعب على مريض الكلى الحصول عليها، إذا أضفنا لها تكلفة نقله بسيارة أجرة ومصاريف فطوره هو ومرافقه، وبما أن الدواء غير متوافر في الصيدليات فإن المرضى يعتمدون مبدأ«الفقرا انقسموا النبقة» فيعطي بعضهم بعضاً وحتما سيحتاج من أعطوه لأن يعطي يوماً ما وقد ذكر المريض الطاهر أنه يشتري الهيبارين من جيبه ولا يكلف نفسه المريضة عناء «التلتلة» في صيدليات التأمين الفارغة، ولكنه يجد صعوبة في الحصول عليه حتى بـ «قروشو»! حقن الإبريكس أما حقن الإبريكس التي تساعد على رفع نسبة الدم الضئيلة لدى مرضى الفشل الكلوي، فهي غير متوافرة أيضاً في صيدليات التأمين ويتجاوز سعر حقنة الإبريكس خارج التأمين الـ«80» جنيهاً، وقالت إحدى المريضات بمستشفى أحمد قاسم إن المستشفى كان يقوم بتوزيع الحقن مجاناً إلا أن عبء شرائها الآن انتقل للمرضى أنفسهم، وهذا ما لا طاقة لهم به رغم رغبتهم الملحة في البقاء. بطاقات الولايات مرضى الفشل الكلوي من الولايات لديهم شكاوى أخرى نقل لنا بعضاً منها المريض معتز محمد الذي تحدث لي وهو يرغي ويزبد قائلاً : «أنا عندي بطاقة أقاليم بصرفوا لينا حقنة حقنة وناس الخرطوم بصرفوا ليهم الصرفة كاملة! عاوز أعرف الفرق بينا وبين ناس الخرطوم شنو؟ ديل بشر ونحن ما بشر؟ الإبريكس والهبارين والحديد.. والله العظيم معاناة ما بعدها معاناة.
وتذهب المريضة ماريا إلى ما ذهب إليه معتز فتشتكي من الماكينات المتعطلة والهيبارين الذي يمنح لهم بـ «القطارة» وهي لا تملك ثمن «المساسقة على صيدليات التأمين» فاستغنت عنها، وأردفت «وقفوا مننا الحقن ومرات نرجع بلا غسيل ومرات نغسل «3» ساعات فقط بدلاً عن 4».
وفرنا الماكينات اتصلنا على مدير المركز القومي لعلاج وجراحة الكلى الدكتور محمد سابق ونقلنا له الشكاوى السابقة فقال المركز استقبل «76» ماكينة إضافة لـ «38» أخرى ما زالت في الموانئ، وأكد أن السيسترات يتم تدريبهن لمدة «7» أيام على تشغيل الماكينة رغم أن شاشتها مجهزة للتشغيل تلقائياً. وقال سابق لـ «الإنتباهة» أن وزارة المالية أوفت باستحقاقات المراكز حتى شهر أغسطس المنصرم. وبخصوص عدم توفر أدوية الغسيل بمراكز التأمين الصحي قال: «ده ما شغلنا اسألوا ناس التأمين» كان ذلك قبل إغلاق الصحيفة، وقد علمنا أن الماكينات تم توزيعها على المراكز، ولكن مازالت هناك شكاوى من تعطلها المستمر. الجدير بالذكر أن مرضى الكلى قاموا بإغلاق بعض الشوارع المؤدية لمراكز الغسيل احتجاجاً على تعطل الماكينات وعدم توفر أدوية الغسيل في صيدليات التأمين الصحي مما يضطرهم للشراء بأسعار مرتفعة. «أسباب الخيري» بالأمس أغلق مرضى الفشل الكلوي بمركز «أسباب الخيري» بكافوري مدخل كوبري القوات المسلحة بالخرطوم أمس احتجاجاً على عدم إجراء عمليات غسيل الكلى بالمركز منذ يوم الثلاثاء الماضي بسبب تعطل ماكينات الغسيل بالمركز، مما أثر سلباً على صحتهم، وقال منتصر سليمان أحد ذوي المرضى أن إدارة المركز أفادتهم أن هنالك مشكلة في التمويل بلغ حجمها «250» ألف جنيه، علماً بأن عدد المرضى المتلقين للعلاج بالمركز يبلغ «74» مريضاً، وأكد شهود عيان لـ «الإنتباهة» أن هنالك مرضى آخرين بالفشل الكلوي قاموا بإغلاق مداخل كباري بحري في نفس الوقت لذات الأسباب. نفرة دعم مرضى الكُلى نشطت إدارة القنصليات بوزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الصحة ممثلة في المركز القومي لعلاج وجراحة الكلى فيما أسمته «نفرة دعم مرضى الكلى» وقامت بتوزيع بعض أدوية الغسيل مجاناً، ولكن لم يستمر ذلك طويلاً وربما كان ذلك بسبب غياب مصادر التمويل، ونرجو أن تمتد أيادي المحسنين لدعم مرضى الكلى الذين استبشروا خيراً عندما قرأوا خبر النفرة، فيد الحكومة وحدها أضعف من أن تمتد لتنقذ أرواحاً تتشبث بالحياة رغم ضيق فسحة الأمل عندها.صحيفة الإنتباهة
تحقيق: هويدا حمزة ــ عواطف عبد القادر
ذكر بروفيسورالطيب زين العابدين في حديث لسودانيايل منشور بتاريخ 2/يوليو/2013 ((بدأنا تصديرنا للبترول عام 1999م الى ان انفصل الجنوب احصي دخل بحوالي 55 مليار دولار ، كل الصادرات السودانية منذ الاستقلال الى يومنا هذا لاتساوي نصف هذا المبلغ ،اين صرفت الحكومة هذه المبالغ؟ لم تصرفها في التعليم ولا في الصحة ولا الزراعة،قال لي دكتور عبد الوهاب عثمان عندما كان وزير مالية لم نصرف دولار واحد على الزراعة،تم الصرف على ابراج ومشروعات اخرى واهدرت هذه الأموال))