منى سلمان
عن الرايحة نحكي : كوس .. كوس .. يا إبليس !!
لماذا تبحث عن درهمك هنا ما دام قد فقدته في مكان آخر ؟
أجاب: لأن هذا الشارع مضاء بينما الذي فقدت فيه الدرهم مظلم !!
ولعلنا كنا نتعامل بنفس فهم (جحا)، عندما نفقد بعض دراهمنا أو حاجيات لعبنا، حيث كنا نقوم بجمع التراب ونصنع منه تلة صغيرة ونغرس في أعلاها (قشة مقشاشة) رفيعة، ثم نضغط بالاصبع قليلا في أعلى قمة التلة حتى نصنع حفرة صغيرة نملأها بشيء من اللعاب، ثم نبدأ في تحريك الأصبع حركة دائرية حول قاعدة تلة التراب ونترنم بتعويزة غريبة تقول:
كوس .. كوس .. يا إبليس
ما حقي .. حق الناس
يوم العيد بضبح ليك جدادة وديك
ونظل ندور بأصبعنا حول التلة الصغيرة ونضيق الدائرة في كل دورة حتى تتساوى التلة بالأرض، دون أن نجد داخلها ضالتنا التي تكون قد (راحت) في مكان بعيد عن تلك التلة الترابية كحال درهم (جحا) ..
لم أكن أدري ما هي الحكمة التي كانت تدفعنا للبحث عن (رايحتنا) داخل خشم بقرة تلة التراب، والتي نكون قد كوّمناها بأيدينا ونعلم تماما أنه لا يوجد في داخلها شيء !! ولكن بعد أن كبرت وصرت أعقل الأمور وأوزنها بميزان المنطق .. ده لو فيها منطق !!
ربطت بين تلك الطقوس (التفتيشية)، وبين كلام كنا نسمعه من أمهاتنا عندما يفقدن شيئا فجأة بعد أن كان تحت أبصارهن .. مثلا، عندما تضع الواحدة فيهن السكين التي كانت (تقوّر) بها البامية على طرف الصينية وتذهب لقضاء بعض أمورها المطبخية، وتعود فتجد أن السكين قد إختفت فجأة من على الصينية، وتبحث عنها (صلقط ملقط) فلا تجدها .. حينها تجلس في استسلام وتسلم بأن:
(إبليس بيكون شال السكين عشان يرضّي بيها مرتو) !!
وعندما سألت (أمي) ذات مرة عن معنى تلك الترضية، شرحت لي بأن هناك فهم قديم متوارث من الحبوبات يفيد بأن (إبليس) اللعين يقوم دائما بسرقة أشياء ربات البيوت وأدواتهن المطبخية لكي يسترضي بها زوجته النكدية كثيرة الحرد، ولعل إبليس اللعين كان (ما شايل مشالو) ويقصّر في شراء مستلزمات البيت للمدام، وعندما يتعرض لـ (زرّة) المرا النقناقة يسارع بخطف أدوات ربات البيوت المسكينات ليسترضيها بها ويتجنب خوتة الدماغ .. بيني بينكم بيكون معذور لأنو نقة نسوان الإنس كيف حالا خليكم من نقة نسوان الجن ؟!!
أقول ربطت بين طقوس تفتيشنا عن (الرايحة) في كومة تراب من صنع أيدينا، وبين خرافة سرقة إبليس للأشياء، فعلى أساس هذا الربط يمكن تفسير تلك التعويذة الغريبة التي كنا نرددها بأنها محاولة منا لـ (تحنيس) إبليس، حتى يقوم بإعادة حاجتنا من زوجته ويحشرها لنا داخل تلك التلة حتى نتمكن من إيجادها !!
شوف بالله ؟ أتارينا كنا فظيعين من زمان !!
وحتى لا تتسلل إليكم الظنون عن قناعاتي ومعتقداتي ويقول قائل منكم:
(منى دي بقت بتاعة ملاوزات) .. أعود لأعيد أمور روحان (الرايحة) لنصابها، وإرجاعها إلى السبب الحقيقي وهو ببساطة النسيان، أي أن ربات البيوت الملخومات دائما بكثرة المشاغل والتكاليف، عادة ما يقمن بتغير مكان الشيء (الرايح) بأيدهن ثم ينسينه ويراودهن بعد ذلك إعتقاد بأنه قد اختفى فجأة وشالو إبليس !!
ماذا وإلا .. إن كانت ذلك تلك الخرافة كذلك، فهذا يعني أن زوجة إبليس التي تسكن في مطبخي من النوع المحب للتونة بالطماطم ! لأنني أعاني بصورة يومية من روحان فتّاحة العلب عندما أهم بفتح علبة التونة لفطور العيال، وبعد أن يعيّني (النكتي والبحتي) في جميع أركان المطبخ (أقش) الموضوع في طرف (مساعدتي) المسكينة وأناديها صائحة:
يا عرفة .. غطستي مفتاح الصلصة وين؟
فتجيبني في هدوء: قآآآاعد في محلتو !
فأغالطها وأدعوها لتحضره بنفسها .. وفعلا تدخل إلى المطبخ وتنحني على الدولاب لحظة ثم تعتدل وتمد يدها بالمفتاح بعد أن تخرجه من نفس المكان الذي كنت (أنكت) فيه لمدة ساعة .. تناولني له ونظرة عينيها تقول (آه يا مرا يا خرفانة) !
فأتناوله مقطوعة اللسان وأكتفي برفع حاجبي عاليا من الحيرة وأهمس لنفسي:
ده كلو من وائل و… (مرة وائل) شكيتم علي الله والحق عزّ وجلّ !![/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
ولكن يا “منى” هناك أثر يقول إنّ ذلك بالفعل من عمايل أولاد “بسم الله الرحمن الرحيم”لينكدوا على المسلم فيخفون الأشياء ،لذلك ينبغي أن يردد الإنسان الأدعية المأثورة ليجد “الرايحة”طبعا”الجماعة” إياهم أهون عليهم تلقي “رايحتك”وما تكسبي أجر “الدعاء”.
وبالفعل حدثت قصة مع أحد الأئمةعندما جاءه رجل يحكي له أنه قد دفن مبلغا من المال ونسي مكانه ، فنصحه الإمام أن يصلي مئة ركعة ، وبالفعل ما أن شرع الرجل في الصلاة حتى تذكر المكان ، فرجع إلى الإمام وأخبره ،فقال له ذاك “الشيطان”ذكرك مكان المال لأنه أهون عليه أن تجد المال ولاتكسب أجر الصلاة ،لماذا لم تكملها شكرا لله .
وتحياتي لمساعدتك “عرفة”التي توفر لأستاذتنا وقتاتقضيه في الكتابة.