أبيي … « مساران » أحدهما إلى الجحيم !!
بات جليًا أن قضية أبيي الآن تأخذ مسارين، الأول عقلاني يتبناه الرئيسان عمر البشير وسلفا كير، ويدعمه الإتحاد الإفريقي، وبعض القوى الدولية مثل روسيا والصين وبريطانيا التي أعلنت رفضها صراحة لاستفتاء أبيي، والثاني «عاطفي» متهور وغوغائي، يسعى إلى إشعال فتيل الحرب وتقف وراءه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الدولية، وفيما يلي هاكم الحيثيات والأدلة:
المسار الأول «السلمي»قبل انفصال الجنوب كانت مؤسسة الرئاسة هي النقطة التي تصل عندها أزمة أبيي ذروة الخلاف فتحال القضية إلى الرئيس البشير ونائبه الأول سلفا كير ميارديت عندما يصل فريقا التفاوض إلى الطرق المسدودة، فيحدث بعض الانفراج وتنخفض حمى التصعيد، والآن يلاحظ أنه كلما اجتمع الرئيسان ظهرت بوادر انفراج في الأزمة، واتسعت فرص الحل كما يتراءى لعدد كبير من المراقبين، لكن سرعان ما تنقلب الأمور رأسًا على عقب وتعود القضية إلى مربع التوتر والتصعيد الإعلامي والسجال السياسي الذي من خلاله يمارس دينكا نوك وأبناء أبيي في الحركة الشعبية أمثال دينق ألور، وإدوارد لينو الضغوط المكثفة على الرئيس سلفا كير بينما يمارس بعض المسيرية من خلال بعض التصريحات «الحربية» الضغوط أيضًا على الرئيس البشير، وبإمعان النظر في هذا المسار يدرك المراقب السياسي رغبة الخرطوم وجوبا «الرسميتين» في الوصول إلى تسوية سلمية لهذا الملف الشائك، خاصة وأنهما قد توصلا إلى قناعة تامة بضرورة إنهاء أي توتر بين البلدين والالتفات إلى التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي لاستقرار «حكومتيهما» على الأقل، ولعل الناظر إلى هذه القضية من هذه الزاوية يدرك أن الجهود الدبلوماسية في البلدين تمضي بهذا الاتجاه… لكن هذا المسار العقلاني الذي يبدي رغبة واضحة في التسوية السلمية يواجه عدة عقبات أبرزها على الإطلاق التحركات التي تزيد من حدة التوتر التي يقوم بها أبناء أبيي في الحركة الشعبية وهي تحركات تسعى لتلغيم الأجواء وتسميمها فضلاً على الضغوط التي يمارسونها على الرئيس سلفا كير من خلال الحشود والتظاهرات وتعبئة مواطني المنطقة ودفعهم كوقود لإشعال الحرب، ولعل خطوة إجراء الاستفتاء الأخيرة وتزويرها لتصل نسبتها إلى «99.9% » إلا واحدة من التحركات التي تغذي اتجاهات الحرب، كما يواجه هذا المسار خطر بعض «التدابير» الدولية الخبيثة التي تسعى بأي شكل إلى تحقيق تبعية أبيي للجنوب على افتراض مزعوم يشير إلى أن المنطقة تطفو على بركة من النفط… عقلاء المسيرية
ولا شك أن هذا المسار السلمي يحظى بدعم بعض القوى الدولية التي رفضت أشكال التصعيد وأدانت أسلوب الحرب والحشود وشجعت الرئيسين البشير وسلفا كير على الحل السلمي مثل روسيا والصين وإخيرًا انضمت لهذه القوى بريطانيا من خلال موقفها الرسمي الذي أعلنت فيه رفضها القاطع للاستفتاء الأحادي حيث أعلن السفير البريطاني بالخرطوم بيتر تيير، رفض بلاده القاطع، للاستفتاء أحادي الجانب الذي قامت به عشائر «الدينكا نقوك» مؤخراً. وحذر من تفاقم الأوضاع في منطقة أبيي، وأشار في الوقت نفسه إلى أن العملية السلمية هي الطريق الوحيد الذي يمكن السير عليه، لافتاً إلى ضرورة دعم الاتحاد الإفريقي لحل أزمة إقليم دارفور من خلال اتفاق الدوحة للسلام، وبالطبع هناك قوى إقليمية تعزز هذا المسار وترفض التصعيد مثل الاتحاد الإفريقي الذي أعلن على الملأ رفضه نتيجة الاستفتاء وحذر من خطورة السير في هذا الاتجاه… المسار السلمي أيضًا يبدو أكثر وضوحًا عند ناظر المسيرية بابو نمر الذي نفى وجود أي اتجاه من جانب قبيلته لإجراء استفتاء مماثل، وقال في هذا الخصوص «فعلها الدينكا وقلنا إنه أمر غلط، فكيف نقوم بعمل ذات الخطأ. إذا فعلنا ذلك فكأننا اعترفنا باستفتائهم». وأعرب في ذات الوقت عن ثقته في قدرة زعماء المسيرية والدينكا، بحضور الأجاويد من أهل السودان، وبإشراف الرئيسين، أن يتوصلوا لحل للمشكلة خلال يوم واحد. وتابع ناظر المسيرية: «نحن خلفنا دولة نحترم قراراتها واتفاقاتها، ولسنا مثلهم، وأبيي «أُمّنا» ولن نخربها كما فعل الدينكا من قبل مرتين».
المسار الثاني «الحربي»المتابع للمسار الثاني الذي أسميناه «عاطفي» في مقابل الأول العقلاني، هذا المسار يعتمد على أسلوب الحشود والتعبئة والتصعيد الإعلامي والعسكري، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو إجراء استفتاء أحادي غير قانوني ومخالف للأعراف الدولية، وفرض نتيجته بالقوة والحشود والضغوط ومحاولات الاعتداء والتخويف والترهيب، على الاتحاد الإفريقي، والضغط على سلفا كير الذي بدا مسايرًا لهذه الضغوط كما يبدو ذلك في الخبر التالي الذي أوردته وكالات الأنباء أمس الأول:« قرر رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت إرسال مبعوثه الشخصي إلى نظيره عمر البشير في الأيام المقبلة لمناقشة الوضع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، في أعقاب الاستفتاء غير الرسمي الذي أجرته عشائر قبيلة «دينكا نقوك» نهاية الشهر الماضي، وأعلنوا فيه ضم المنطقة إلى دولة الجنوب.
وقال دينق مدينق، نائب رئيس اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي من جانب جنوب السودان، إن وفداً من اللجنة العليا للاستفتاء ومجتمع أبيي قاموا بتسليم كير نتيجة الاستفتاء، موضحاً أن كير أوضح أن الاعتراف بالنتيجة يكون عبر اتفاق مع الرئيس عمر البشير. وتابع مدينق قائلاً: «وعدنا الرئيس سلفا كير بإرسال مبعوثه الخاص حاملاً رسالة شخصية منه إلى البشير للاتفاق حول نتيجة الاستفتاء»، مشيراً إلى أن الرئيسين كانا قد اتفقا على عدم عودة الحرب بين المسيرية ودينكا نقوك حتى لا تحدث مواجهات بين البلدين. وأوضح أنه طالما أن الاستفتاء كان سلمياً، فإن كير سيرسل مبعوثه الشخصي إلى الخرطوم في وقت قريب. وإذا رفض البشير، سيقوم كير ببعث رسالة إلى الاتحاد الإفريقي يوضح فيها ما جرى في أبيي، ووعد بأنه سيبذل كل الجهود مع البشير لوضع حل نهائي في المنطقة.
وكشف مدينق عن أن كير سيطرح نتيجة الاستفتاء على مجلس الوزراء في اجتماعه المقبل، وسيقدمها إلى حزب الحركة الشعبية الحاكم للاتفاق حولها. وقال إنه إذا وافق الحزب على نتيجة الاستفتاء فإن الحكومة لن ترفضها، باعتباره «الحزب» يشكل الأغلبية. وأوضح أن اللقاء تطرق لمنع جوبا أجهزة الإعلام الرسمية من تغطية ما يجري في أبيي من أحداث مهمة وتاريخية، قائلاً إن مجتمع أبيي يقدر موقف كير، لكنه غاضب من تجاهل تلفزيون الدولة الرسمي للاستفتاء.». كما أن محاولة الاعتداء على وفد الإتحاد الإفريقي القادم إلى أبيي، وحدها تشكل أكبر دليل على أن دينكا نوك ومن ورائهم أبناء أبيي في الحركة الشعبية يريدون فرض الأمر الواقع على المنطقة وإشعال فتيل الحرب هناك إسهامًا في تعزيز التدابير الرامية إلى وضعها تحت الوصاية الدولية.
أمريكي وراء الحجابكما سبقت الإشارة أن هذا المسار تقف وراءه بعض القوى الدولية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية التي تؤيد إجراء الاستفتاء بل لم يستبعد أن يكون مقترح الاستفتاء الذي تبناه أمبيكي ثم سحبه وتراجع عنه هو في الأساس مقترح أمريكي عارضه الاتحاد الإفريقي ورأى أنه مخالف للقانون، مخالف للمادة «8» من لوائح مجلس السلم والأمن الإفريقي ولم يجد بعد ذلك أمبيكي بدًا من التراجع عنه، ولعل ما يشير إلى أن المقترح أمريكي هو دعم واشنطون له حيث صرحت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بدولة الجنوب في وقت سابق سوزان بيجي بأن بلادها سوف تضغط على حكومة السودان لقبول مقترح الاستفتاء في أكتوبر وقبول نتائجه وطلبت السفيرة الأمريكية في وقت سابق أيضًا من حكومة السودان تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2046، والذي دعا لانسحاب القوات من منطقة «أبيي»،. وقالت السفيرة الأمريكية في جوبا وقتها «إن على الخرطوم سحب قوات الشرطة من «أبيي». كما قامت السفيرة الأمريكية بزيارة أبيي بتاريخ 3/7/2012م. ثم قامت الولايات المتحدة في 30/7/2012م بقيادة حملة تحذير دولية ضد السودان «ليبذل مزيدًا من الجهود نحو تحقيق السلام خلال أسبوع»، وإلا تعرض لمواجهة عقوبات مجلس الأمن التي قد تفرض عليه.
الحلول المحتملةوعمومًا فإن الموقف الإفريقي والدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية يعول كثيرًا على الأرضية المشتركة بين الرئيسين البشير وسلفا كير ما لم يستجب أحدهما أو كلاهما للضغوط الظاهرة على الصعيدين الدولي والمحلي لتسوية هذه القضية الشائكة، ومن المتوقع أن يصل الطرفان إلى حلول وسطى تميل إلى تقسيم المنطقة بين المسيرية والدينكا أو جعل المنطقة منطقة تكامل اقتصادي وتعايش وتمازج اجتماعي بين سكان المنطقة ومنح سكانها الجنسية المزدوجة وهي حلول تم طرحها بعد انفصال الجنوب مباشرة، وتحظى بتأييد بعض القوى السياسية مثل المؤتمر الشعبي وبعض قيادات المؤتمر الوطني، ولكنها في نفس الوقت مرفوضة من أغلبية أهل السودان باعتبار أن أبيي سودانية مائة بالمائة ولا شأن للجنوب بها.
صحيفة الإنتباهة
أحمد يوسف التاي
ع.ش
الجنوب انفصل بمواردة البشرية والطبيعية والبترولية الخخخخ وسوف يتبعة بيع مناطق شمالية داخل حدود 1956 للصالح الجنوب عنترية ورجالة كدة ذلك نتيجة غباء ساستنا