الإصلاحات الاقتصادية تحتاج لقرارات سياسية واجراءات جراحية حاسمة
وطالبوا المؤتمر الوطني باتخاذ سياسات اقتصادية إصلاحية حقيقية وإلا أن يتنحوا ويتركوا البلاد لجهة أخرى تحكمها.. ووصفوا الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها الدولة مؤخراً بالوهمية، والتي لا تصلح لإدارة النشاط الاقتصادي بالبلاد.. وشدد عضو الجمعية والخبير الاقتصادي يسن حسن بشير على إيجاد قرارات سياسية جراحية حاسمة لحل الأزمة الاقتصادية باعتبار أن جذورها سياسية..
وقال إن اتخاذ القرار السياسي يتم دون إدراك لإبعاد الحالة الاقتصادية في إشارة منه لتضخم الأجهزة الإدارية بسبب الترضيات السياسية.. وقال إن وزير المالية الاتحادي علي محمود يتعامل مع الأزمة الاقتصادية بعقلية حسابية وليس بعقلية اقتصادية.. موضحاً لدى مخاطبته المنتدى الأسبوعي للجمعية والذي جاء بعنوان «القرارات الاقتصادية المتوقعة وتأثيرها على المستهلك».. إن العجز في الموازنة ليس بالضخامة التي يتحدث عنها الوزير في زيادة المنصرفات، التي قال إنها بلغت 106% لم يكن هناك تفصيل لها في الميزانية، كما أن الميزانية نفسها لم تشمل رسوم البترول التي تم دفع جزء منها للدولة.. مشيراً إلى أن بيان وزير المالية أمام البرلمان الأسبوع الماضي لم يتناول العجز الناتج عن دعم المحروقات.. وقال إنه أساساً ما في دعم، ولكن لابد من القول إن الحكومة تريد بيع المحروقات داخل الدولة بنفس السعر الذي تبيع به للدول الأخرى.. كما أن البيان لم يذكر إيرادات الذهب والمعادن الأخرى.. وقال يسن إن مفتاح التنمية في أي بلد يأتي عن طريق العلاقات الدولية ، ونحن فقدنا هذا المفتاح بتأييدنا لدول معادية لدول الغرب، مطالباً بتوجيه جميع إيرادات البترول والذهب والمعادن الأخرى لتنمية القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.. كما لابد من تحديث قطاع الثروة الحيوانية للمنافسة في الأسواق العالمية، منادياً بالإسراع بتفعيل التجارة مع دولة الجنوب، وذلك للفائدة الاقتصادية الكبرى التي ترجع للدولة والمواطن، داعياً الدولتين الابتعاد عن الحماقة السياسية، كما طالب بتحسين العلاقات الجوهرية مع المحكمة الجنائية.. وقال إن ملفها سيظل مفتوحاً للأبد، لذلك لابد من التعامل معها باحترافية، لأن رفضنا لها يعني أننا ضد المجتمع الدولي، وهذا ما يخلق لنا مشاكل نحن في غنى عنها، وقال: على الدولة أن تقدم تنازلات مع الحركات المحاربة داخل البلاد، باعتبار أن الحرب استنزاف للموارد وتفاقم للمشكلة الاقتصادية.. مشيراً إلى تأجيل التنمية في مناطق دارفور إلى أن يستتب الأمن فيها، مبيناً أن سياسة عبد الرحيم حمدي التحريرية في العام 1992 وجهت ضربات قاضية للقطاع الخاص بإنشاء شركات حكومية أدت إلى إغلاق عدد من المصانع والشركات الخاصة.. موضحاً أن جزءاً كبيراً من الكتلة النقدية في الجهاز المصرفي بعد سياسة التحرير أصبحت خارجه، مؤكداً أن الاقتصاد الحر لا تتخلى فيه الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية، مضيفاً أن الدولة ضيقت فرصة التقدم اقتصادياً خلال سنوات البترول وحتى انفصال الجنوب.. موضحاً أن الآثار الاقتصادية خلفت ركوداً بالأسواق يصل إلى حد الكساد، مما يؤدي لتقليل إيرادات الدولة.. وقال إن زيادة وقود الطائرات أدى إلى خسارة وصلت إلى حوالي 800 ألف دولار يومياً.. مشيراً إلى أن الوسائل المفتعلة لدعم المواطن كزيادة المرتبات والدعم الاجتماعي لم تحل الإشكالية، مطالباً الدولة بإصدار عدد من القرارات لحل المشكلة الاقتصادية كأن يعود السودان لستة أقاليم وأنه يجب إلغاء مجلس الولايات باعتباره مجلساً وهمياً وليست لديه قيمة كما يجب أن يكون للرئيس نائب واحد، وأن يتم إلغاء المستشارين ويجب إلغاء وزراء الدولة، ويرجع العمل في الوزارات إلى الوكلاء فقط.. مبيناً أن هناك أجساماً لا أساس لها كالسلطة الانتقالية، والنهضة الزراعية، والتي يكون الصرف عليها أكثر من الصرف على وزارة الزراعة.. معتبراً أن الحوافز التي قد تكون أحياناً أكبر من المرتبات نوع من الفساد المقنن، وتحايل بالقانون على أكل مال الدولة.. منادياً بتقليص التمثيل الدبلوماسي في السفارات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.
ومن جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي غازي عبد الرحمن طه أن إجراءات وزير المالية الأخيرة ليست إجراءات إصلاحيه، بل قصد منها الوزير حل مشكلة العجز في الموازنة.. وقال إن الخلل الحاصل في البلاد منذ العام 1992 سببه أن الدولة تبنت سياسة السوق الحر بطريقة غير سليمة، مؤكداً أن الإجراءات لم تحل مشكلة للدولة، بل زادت العجز، متوقعاً أن يأتي وزير المالية بعد شهرين ويقول عايز يرفع الدعم مرة أخرى، فيما انتقد اقتصاديون سياسات الدولة ووصفوا السياسة الاقتصادية المتبعة «بالعشوائية» ولا تمت لسياسة التحرير الاقتصادي بصلة وطالبوا بإعادة النظر في النظام الفيدرالي للحكم، باعتباره مكلفاً جداً وينهك الاقتصاد.. بالإضافة إلى إعادة حكم الأقاليم على أن يتم تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، بجانب أهمية تقليص الظل الإداري داعياً بإلغاء عدد من الهيئات والمجالس والوظائف الإدارية تتمثل في الإبقاء على نائب واحد لرئيس الجمهورية، وإلغاء وظائف المستشارين الرئاسيين، بجانب إلغاء مجلس الولايات، بالإضافة إلى الاستغناء عن منصب وزير الدولة وحل جميع الهيئات الجانبية التي وصفها بالوهمية مثل السلطة الانتقالية مع أهمية تقليص التمثيل الدبلوماسي، وضرورة اتخاذ سياسات واضحة تجاه حل المشكلات الأمنية بكل من دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان.. بالإضافة إلى اتفاقيات توقف الحرب وضرورة إيقاف الترضيات السياسية.. وقالوا إن مصلحة البلاد تتطلب تحسين العلاقات الدولية مع جميع الدول دون استثناء، وأن تكون مصلحة البلاد مقدمة على ما سواها وأن القرارات الأخيرة أدت إلى ركود السوق وكساد.. مما أدى إلى تقليص دخل الدولة من العائدات والرسوم وأدى إلى انكماش في الاقتصاد مشيرين إلى أنه إذا تمت زيادات جديدة فإن الوضع سينهار تماماً بل يصبح كارثياً.
صحيفة آخر لحظة
تقرير :أميمة حسن
ت.إ[/JUSTIFY]