منى سلمان
خرج ولم يعد حتى الآن !!
يا عيال .. أجروا ألعبوا بعيد خلوني انسمع خلق الله الماتوا ديل .. تُب على دي ولدة!!
وما زلنا نحتفظ بذكرى واحدة من لواذمنا المضحكة وهي (هي تُب)، وذلك عندما قام التلفزيون بتصوير حبوبة كبيرة السن مقاس تسعين في مرحلة متقدمة من الخرف، كانت قد عثرت عليها الشرطة وأحضرتها لإستديو، ويبدو أنهم أجلسوها على مقعد لتصويرها بعد الأخبار، وما أن بدأ التصوير حتى قامت من مقعدها وصارت تجوب جنبات الأستديو هربا وربما خوفا من الكاميرا، ولكن المصور أصر على ملاحقتها حتى إلتفتت إليه في ضجر وأشاحت له بيد بينما تقبض يدها الأخرى على طرف التوب لتثبته على رأسها وقالت:
هيي تُب .. تُر يا جنا لي غادي !!!
لست أدري لماذا أوقف التلفزيون خدمة عرض (الرايحين) على الهواء .. هل لأن الناس صارت تخرج ثم تعود الآن؟؟ أم لأن من يخرج ولا يعود الآن لا يتكلف أهله عناء البحث عنه بعد ما الله ريحهم منو؟
حكت لنا أستاذتنا في الثانوي أن إبنها المراهق كان يتزمر دائما من طريقة معاملتهم له ، وكان يهددهم بالهرب من المنزل حتى يضطروا للاعلان عن اختفائه في التلفزيون ولكنه كان يداعبها قائلا:
عليك الله يمة وكت أطش وتعلنوني في التلفزيون .. أوعى تقولوا اخدر اللون!
فقد كان أسمرا بينما بقية اخوته ينعموا بالون الاصفر القمحي.
أما عن اطرف مواقف ضهابتي الشخصية والتي يعلم بها القاصي والداني، ذلك الموقف الذي حدث لي في أيامي الأولى بالاسكندرية، فبينما كنا لا نزال في شقة الاستقبال التي يؤجرها اتحاد الطلاب ليستقبل فيها الطلاب الجدد قبل توزيعهم الي السكن، غادرت الشقة مع بقية الزميلات في الصباح (معاكم .. معاكم) إلى الكلية، وبعد قضاء اليوم في التسجيل وإجراءت القبول، قررت الزميلات الذهاب إلى السوق ولكنني فضلت العودة للشقة لشعوري بالإجهاد والنعاس .. سألوني في تشكك:
بتعرفي ترجعي الشقة براك؟؟!!
أومأت في ثقة مؤكدة لمعرفتي فقد سبق لي عدة مرات أن خرجت وعدت مع المجموعة ومع مشرفات الطالبات في الشقة، وبسب إصراري وافقوا على تركي لاعود وحيدة بعد أن أركبوني الترام وذكروني بالنزول في (محطة الإبراهيمية) ثم التوجة شرقا لجهة البحر والسير حتى شارع(…) عمارة رقم (…).
نزلت في الإبراهيمية في (أمانتي الله) وتوجهت شرقا (زي الترتيب) .. وبس!!
ديك يا الروحة .. فقد دخلت في حالة طششان شبكة عسير .. نسيت اسم الشارع ورقم العمارة وإختلطت علي الشوارع وتشابهت علي غنماياتها وبقيراتها وغلبني البسويهو .. صرت أجوب (واخيط) في الدروب طالعة .. نازلة على غير هدى، وذلك لأنني لم أكن أعرف كيف أعود للكلية، ولا أعرف بالضرورة مقر اتحاد الطلاب بل لا أمتلك أي رقم تلفون لاي أحد في اسكندرية ..
واصلت السير بين الطرقات لاكثر من ساعة أصابني فيها الرعب والإرهاق وراودتني خيالات صورتي الحا تطلع مع اعلان (خرجت ولم تعد حتى الآن) والتي تخيلت أنهم سيعلنوها في نشرة تسعة المصرية حتة واحدة .. فخفق قلبي بعنف وحدثت نفسي:
وآآ شيل حالك بالبلدان يا بت سلمان!!
وفي عز الضيق لاح الفرج، فبينما كنت أسير رافعة رأسي لأتبين اشكال العمارات لعلي أهتدي لشكل العمارة (هولتي)، إذا بي ويا لسعادتي الغامرة ألمح على إحدى البلكونات فستاني الأخضر يرفرف كراية السلام على الحبل، فقد كنت قد غسلته في الصباح ونشرته على البلكونة قبل مغادرتي للكلية ..
حمدتا الله .. وشكرت الله .. ومن ذنبي إستغفرت الله .. تنهدت في ارتياح وقلت لنفسي:
أحيي يمة!! .. أريدك يا فستان محبوبي الغالي (ما نمشي بعيد .. اشتراه لي أبوي)!!
لم تنتهي الأزمة برؤيتي للفستان وبالتالي عثوري على العمارة، فقد كانت بلكونتي تطل على الشارع الخلفي وبالتالي كان علي الإجتهاد مرة أحرى بالدوران حول الشارع لاصل لواجهة العمارة والدخول إليها .. ودي براها كمان قوّمت نفسي دابن لميت فيها!!!
[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
والله يا بت سلمان مشتاقين..وين الغيبة؟؟
إذا لم تصب ذاكرتي بالخرف فقد كان مقرإتحاد الطلاب السودانيين بالإسكندرية 86-1988م بشارع اللخمي بإتجاه البحر من محطة إسبورتج الصغرى .